بيانات صينية تعزز التعافي وتنعش اليوان

الصناعة والإنفاق يقودان العودة... وتوقعات جيدة للخدمات والتجزئة

سجلت مبيعات التجزئة الصينية نمواً لأول مرة هذا العام  ما يشير إلى أن التعافي الاقتصادي يكسب قوة دافعة (إ.ب.أ)
سجلت مبيعات التجزئة الصينية نمواً لأول مرة هذا العام ما يشير إلى أن التعافي الاقتصادي يكسب قوة دافعة (إ.ب.أ)
TT

بيانات صينية تعزز التعافي وتنعش اليوان

سجلت مبيعات التجزئة الصينية نمواً لأول مرة هذا العام  ما يشير إلى أن التعافي الاقتصادي يكسب قوة دافعة (إ.ب.أ)
سجلت مبيعات التجزئة الصينية نمواً لأول مرة هذا العام ما يشير إلى أن التعافي الاقتصادي يكسب قوة دافعة (إ.ب.أ)

تسارع الإنتاج الصناعي للصين بأكبر وتيرة خلال ثمانية أشهر في أغسطس (آب) الماضي، فيما سجلت مبيعات التجزئة نمواً لأول مرة هذا العام، ما يشير إلى أن التعافي الاقتصادي يكسب قوة دافعة مع بدء تحسن الطلب على نطاق أوسع من أزمة جائحة كورونا. كما انحسرت وتيرة تراجع سنوي في استثمارات الأصول الثابتة خلال الفترة بين يناير (كانون الثاني) وأغسطس، بفضل تحفيزات موسعة من بكين. لكن السلطات لا تزال قلقة بشأن التوقعات نظراً لزيادة المخاطر الخارجية، لا سيما التوتر بين الصين والولايات المتحدة. لكن تصريحاً صدر من بكين الثلاثاء، ربما يشير إلى أن هناك جهوداً لتقليل التوتر التجاري، إذ قالت وزارة المالية الصينية إنها ستمدد إعفاء قائماً من الرسوم لستة عشر منتجاً أميركياً من الولايات المتحدة؛ من بينها زيوت التشحيم ومصل اللبن ومسحوق السمك لمدة عام.
وحصلت المنتجات على إعفاء من رسوم عقابية فرضتها الصين على منتجات أميركية ضمن تدابير مضادة للبند 301 من القانون الأميركي. وأضافت الوزارة أن التمديد سيستمر حتى 16 سبتمبر (أيلول) 2021.
ويكتسب التعافي في الصين قوة دافعة بعدما كبلت الجائحة الاقتصاد، حيث تعزز بدعم من الطلب المكبوت وتحفيزات حكومية وقوة الصادرات على نحو غير متوقع.
وقال تينغ لو، كبير خبراء الاقتصاد المعنيين بالصين لدى نومورا في مذكرة للعملاء، إن «الطلب الخارجي القوي واستمرار التعافي من الجائحة والطلب المكبوت... كل هذا أسهم في بيانات النشاط القوية في أغسطس. ونتوقع مزيداً من التعافي، وإن كان تدريجياً، في قطاع الخدمات، وتحسناً حثيثاً في مبيعات التجزئة، ونمواً كبيراً في استثمارات الأصول الثابتة».
وكشفت بيانات من مكتب الإحصاءات الوطني الثلاثاء، أن نمو الإنتاج الصناعي تسارع إلى 5.6 بالمائة في أغسطس على أساس سنوي، وهي أسرع وتيرة في ثمانية شهور. وتوقع محللون استطلعت «رويترز» آراءهم نمواً بنسبة 5.1 بالمائة مقارنة مع 4.8 بالمائة في يوليو (تموز).
كما فاقت مبيعات التجزئة توقعات المحللين، حيث حققت نمواً نسبته 0.5 بالمائة على أساس سنوي، وأوقفت موجة تراجع استمرت سبعة أشهر، وخالفت توقعات بعدم تحقيق نمو.
وفي يوليو الماضي، تراجعت المبيعات 1.1 بالمائة، لكن ثقة المستهلكين زادت في الآونة الأخيرة بفعل إنفاق على شراء السيارات والتسوق المعفي من الضريبة. وكشفت البيانات أن مبيعات السيارات زادت 11.8 بالمائة في أغسطس على أساس سنوي، فيما قفزت مبيعات منتجات الاتصالات 25.1 بالمائة.
وتباطأ التراجع في استثمارات الأصول الثابتة، حيث انخفض 0.3 بالمائة بين يناير وأغسطس على أساس سنوي، مقارنة مع توقعات بتراجع 0.4 بالمائة، وآخر أكبر نسبته 1.6 بالمائة في الشهور السبعة الأولى من العام.
وبالنسبة للسلع الأولية، سجلت الصين إنتاجاً قياسياً في الصلب الخام والألومنيوم في الشهر الماضي، بفضل تعافي الطلب من قطاع التشييد وانتعاش مبيعات السيارات.
وذكرت «بلومبرغ» أن البيانات تشير إلى أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم يتعافى من التباطؤ الذي سجله خلال الربع الأول من العام الحالي، بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، في الوقت الذي ما زالت فيه دول كثيرة تعاني من تفشي الفيروس وإجراءات الإغلاق لوقف انتشاره وانكماش الاقتصاد.
وأسهمت إجراءات التحفيز المالي وقوة الصادرات الصينية أولاً في زيادة الناتج الصناعي، في حين أن نمو الإنفاق على مبيعات التجزئة يظهر أن الطلب الاستهلاكي الخاص في الصين بدأ أيضاً يسترد خسائره المسجلة في بداية العام الحالي في ذروة جائحة كورونا في الصين.
وإثر نشر البيانات الصينية، قفز اليوان الصيني لأعلى مستوى في 16 شهراً مقابل الدولار الثلاثاء، خصوصاً مع هبوط الدولار الأميركي مع تحسن الإقبال على المخاطرة. وارتفع اليوان في التعاملات الخارجية وفي الداخل، وسجل في التعاملات الخارجية أعلى مستوى في 16 شهراً عند 6.7725 مقابل الدولار قبل أن يهبط قليلاً.
وكتب لي هاردمان محلل العملة في «إم يو إف جي»: «بشكل عام، فإن أحدث بيانات شهرية للأنشطة تشجع على الاعتقاد بأن قوة الدفع الإيجابية المرتبطة بالدورة الاقتصادية في الصين ستستمر في الفترة المتبقية من العام». وتابع أن البيانات «تطور داعم لعملات آسيا والعملات المرتبطة بالسلع الأولية مثل الدولار الأسترالي».
وعلى الجانب الآخر، سجل الدولار الأميركي تراجعاً، لكنه استعاد جزءاً من الخسائر التي تكبدها أثناء الليل في التعاملات المبكرة في لندن، وليظل مؤشر الدولار منخفضاً 0.1 بالمائة عند 92.946 بحلول الساعة 07:18 بتوقيت غرينيتش.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
TT

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)

تعهدت الصين، يوم الخميس، بزيادة العجز في الموازنة، وإصدار مزيد من الديون، وتخفيف السياسة النقدية، للحفاظ على استقرار معدل النمو الاقتصادي، وذلك في ظل استعدادها لمزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

جاءت هذه التصريحات في بيان إعلامي رسمي صادر عن اجتماع سنوي لتحديد جدول أعمال كبار قادة البلاد، المعروف بمؤتمر العمل الاقتصادي المركزي (CEWC)، الذي عُقد في 11 و12 ديسمبر (كانون الثاني)، وفق «رويترز».

وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية بعد الاجتماع المغلق للجنة الاقتصادية المركزية: «لقد تعمق الأثر السلبي الناجم عن التغيرات في البيئة الخارجية». ويُعقد هذا الاجتماع في وقت يعاني فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من صعوبات شديدة، نتيجة أزمة سوق العقارات الحادة، وارتفاع ديون الحكومات المحلية، وضعف الطلب المحلي. وتواجه صادراتها، التي تعد من بين النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد، تهديداً متزايداً بزيادة الرسوم الجمركية الأميركية.

وتتوافق تعهدات اللجنة الاقتصادية المركزية مع اللهجة التي تبناها أكثر تصريحات قادة الحزب الشيوعي تشاؤماً منذ أكثر من عقد، التي صدرت يوم الاثنين بعد اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة العليا لصنع القرار.

وقال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في «بين بوينت أسيت مانجمنت»: «كانت الرسالة بشأن رفع العجز المالي وخفض أسعار الفائدة متوقعة». وأضاف: «الاتجاه واضح، لكنَّ حجم التحفيز هو ما يهم، وربما لن نكتشف ذلك إلا بعد إعلان الولايات المتحدة عن الرسوم الجمركية».

وأشار المكتب السياسي إلى أن بكين مستعدة لتنفيذ التحفيز اللازم لمواجهة تأثير أي زيادات في الرسوم الجمركية، مع تبني سياسة نقدية «مرنة بشكل مناسب» واستخدام أدوات مالية «أكثر استباقية»، بالإضافة إلى تكثيف «التعديلات غير التقليدية المضادة للدورة الاقتصادية».

وجاء في ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري تنفيذ سياسة مالية أكثر نشاطاً، وزيادة نسبة العجز المالي»، مع رفع إصدار الديون على المستوى المركزي والمحلي.

كما تعهد القادة بخفض متطلبات الاحتياطي المصرفي وبتخفيض أسعار الفائدة «في الوقت المناسب».

وأشار المحللون إلى أن هذا التحول في الرسائل يعكس استعداد الصين للدخول في مزيد من الديون، مع إعطاء الأولوية للنمو على المخاطر المالية، على الأقل في الأمد القريب.

وفي مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، تحدد بكين أهداف النمو الاقتصادي، والعجز المالي، وإصدار الديون والمتغيرات الأخرى للعام المقبل. ورغم أن الأهداف يجري الاتفاق عليها في الاجتماع، فإنها لن تُنشر رسمياً إلا في الاجتماع السنوي للبرلمان في مارس (آذار).

وأفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن المستشارين الحكوميين أوصوا بأن تحافظ بكين على هدف النمو عند نحو 5 في المائة دون تغيير في العام المقبل.

وقال تقرير اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري الحفاظ على نموٍّ اقتصادي مستقر»، لكنه لم يحدد رقماً معيناً.

التهديدات الجمركية

وأثارت تهديدات ترمب بزيادة الرسوم الجمركية حالة من القلق في المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة. وقد بدأ كثير من المصنِّعين في نقل إنتاجهم إلى الخارج للتهرب من الرسوم الجمركية.

ويقول المصدِّرون إن زيادة الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تآكل الأرباح بشكل أكبر، مما سيضر بالوظائف، والاستثمار، والنمو. وقال المحللون إنها ستفاقم أيضاً فائض القدرة الإنتاجية في الصين والضغوط الانكماشية التي تولدها.

وتوقع استطلاع أجرته «رويترز» الشهر الماضي أن الصين ستنمو بنسبة 4.5 في المائة في العام المقبل، لكنَّ الاستطلاع أشار أيضاً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤثر في النمو بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.

وفي وقت لاحق من هذا العام، نفَّذت بكين دفعة تحفيزية محدودة، حيث كشف البنك المركزي الصيني في سبتمبر (أيلول) عن إجراءات تيسيرية نقدية غير مسبوقة منذ الجائحة. كما أعلنت بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط تمويل الحكومات المحلية.

وتواجه الصين ضغوطاً انكماشية قوية، حيث يشعر المستهلكون بتراجع ثرواتهم بسبب انخفاض أسعار العقارات وضعف الرعاية الاجتماعية. ويشكل ضعف الطلب الأسري تهديداً رئيسياً للنمو.

ورغم التصريحات القوية من بكين طوال العام بشأن تعزيز الاستهلاك، فقد اقتصرت السياسات المعتمدة على خطة دعم لشراء السيارات والأجهزة المنزلية وبعض السلع الأخرى.

وذكر ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية أن هذه الخطة سيتم توسيعها، مع بذل الجهود لزيادة دخول الأسر. وقال التقرير: «يجب تعزيز الاستهلاك بقوة».