الحوثيون ينفقون مبالغ ضخمة لتحشيد أتباعهم في المناسبات الدينية

عناصر حوثية في تجمع مسلح بصنعاء (إ.ب.أ)
عناصر حوثية في تجمع مسلح بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون ينفقون مبالغ ضخمة لتحشيد أتباعهم في المناسبات الدينية

عناصر حوثية في تجمع مسلح بصنعاء (إ.ب.أ)
عناصر حوثية في تجمع مسلح بصنعاء (إ.ب.أ)

استثمرت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران مناسبة يوم «عاشوراء» التي تصادف العاشر من شهر محرم كل عام هجري لتكريس أحقية زعيمها عبد الملك الحوثي وأسرته في حكم اليمن، ولتحشيد مزيد من المجندين خلال الفعاليات التي أقامتها في أكثر من محافظة يمنية، وفق ما أفادت به مصادر يمنية محلية لـ«الشرق الأوسط».
وقالت المصادر إن الجماعة وجهت قبل نحو 10 أيام من حلول المناسبة خطباء المساجد الموالين لها في صنعاء ومدن يمنية أخرى، لدعوة جموع المصلين للحضور والمشاركة في إحياء مهرجانات الجماعة والتأكيد من على المنابر على أحقية العائلة الحوثية في حكم اليمن، والزعم أن ذلك يعد أساساً دينياً يحرم معارضته أو التشكيك فيه.
وشكلت الميليشيات الحوثية - بحسب المصادر - المئات من اللجان الميدانية على مستوى العاصمة صنعاء والمحافظات والمديريات والقرى الواقعة تحت سيطرتها بهدف التعبئة والتحشيد والترويج لقتلى الجماعة ولزعيمها من خلال تعليق الصور والشعارات في الشوارع والمباني الحكومية.
وفي الوقت الذي يعيش فيه سكان صنعاء وبقية المناطق الخاضعة للانقلاب ظروفاً مأساوية نتيجة اتساع رقعة الفقر وتوقف الرواتب وتدهور الخدمات والأوضاع الإنسانية، قدرت مصادر مطلعة في صنعاء تخصيص الجماعة أكثر من مليار ريال يمني (الدولار نحو 600 ريال) لإنفاقها على الفعاليات والتحشيد.
وقالت المصادر إن الميليشيات عممت قبل أيام على مشرفيها ومحافظي المحافظات ومديري المديريات الخاضعة لسيطرتها لتنظيم الفعاليات وفتح منازلهم ومجالس المقيل لإقامة الاحتفالات وتسخيرها لحشد مزيد من المجندين.
وأكد شهود عيان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مشرفي الجماعة وعقال الأحياء الموالين لها، كثفوا على مدى العشرة الأيام الماضية من النزول الميداني لأحياء السبعين وباب اليمن وشميلة وحزيز وقاع القيضي والتحرير ومذبح والسنينة وشملان والحصبة ودارس وغيرها لإجبار السكان على تقديم الدعم المادي والعيني لإقامة الاحتفالات.
وذكرت المصادر أن الحاكم الفعلي لمدينة صنعاء خالد المداني المقرب من زعيم الجماعة الحوثية والمعين شكلياً وكيلاً لأمانة العاصمة وعضواً في مجلس الشورى غير الشرعي، «عقد اجتماعاً بمشرفي مديريات العاصمة ومسؤولي الأحياء، وأمرهم بأن يكثفوا الجهود في مناسبة عاشوراء لتحريض الناس على القتال وإقناعهم بأن الحوثي يستمد شرعيته استناداً على (حق إلهي)» وفق مزاعمه.
ونسبت المصادر للمداني قوله مخاطباً الحاضرين: «لن نقبل من أحد أبداً أن يشكك في ولاية عبد الملك الحوثي على اليمن، ومن يفعل ذلك سيكون مصيره مؤلماً، لأن التشكيك في ذلك هو عصيان لأوامر الله»، بحسب زعمه.
وجاء التوظيف الحوثي لـ«يوم عاشوراء» بعد أقل من شهر من احتفالات الجماعة الواسعة، بما يعرف بـ«يوم الغدير» أو «الولاية» التي أنفقت الميليشيات عليها ميزانية ضخمة للدعاية ونشر صور زعيمها والشعارات الداعية إلى تقديس السلالة الحوثية.
وعلى صلة بالموضوع ذاته، تحدثت مصادر خاصة بصنعاء عن تنفيذ لجان حوثية خلال الأيام القليلة الماضية زيارات ميدانية جابت عدداً من الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية في صنعاء بهدف لقاء الموظفين والعاملين فيها وإجبارهم على الحضور والمشاركة في فعاليات الجماعة.
وطبقاً للمصادر، فقد حذرت اللجان الحوثية كل المتقاعسين عن الحضور، وتوعدتهم بعقوبات ستتخذ حيال كل من يخالف التوجيهات والأوامر.
في غضون ذلك، كشفت مصادر تربوية بصنعاء عن استدعاء الميليشيات، الثلاثاء الماضي، أكثر من 200 شخص من منتسبي القطاع التربوي من معلمين ومديري مدارس ووكلاء وإداريين لحضور لقاء موسع هدفه التنسيق لحشد أكبر عدد ممكن من الطلبة والتربويين للمشاركة باحتفالات الجماعة.
وفي الوقت الذي هددت فيه الميليشيات، بحسب المصادر، المعلمين المتقاعسين عن التعبئية لاحتفالياتها، بالتعسف والفصل من وظائفهم، ومن ثم إخضاعهم للمساءلة والمعاقبة، عبّر تربويون في صنعاء عن غضبهم الشديد جراء تصرفات الجماعة واستغلالها لظروفهم ومعاناتهم وإخضاعهم بالقوة للعمل معها في التحشيد لفعالياتها.
وبينما انتقد المعلمون الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عبث الجماعة بموارد البلاد وإنفاقها على الاحتفالات وطباعة الصور والشعارات، قالوا «إن تلك المبالغ تذهب هدراً في وقت يواجه فيه ملايين اليمنيين خطر الجوع والمجاعة وتفشي الأوبئة القاتلة، وحرمانهم من رواتبهم وأبسط مقومات الحياة المعيشية».
وعلى الرغم من التحشيد الحوثي المتواصل لفعاليات الجماعة واحتفالاتها على مدار العام في مناطق سيطرتها، عادة ما تواجه برفض واستياء شعبي ومجتمعي واسع كونها تكرس أفكاراً دخيلة على اليمنيين.
وكانت الحكومة اليمنية دعت في وقت سابق اليمنيين الشرفاء المخلصين الصادقين مع وطنهم، إلى أن يهبوا لنجدة بلدهم وحاضرهم ومستقبلهم، وحمايته من الميليشيات الحوثية.
وقال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني: «إن الجماعة تعمل (...) على غسل عقول أبنائنا وبناتنا، وتدمير النسيج الاجتماعي، وضرب السلم الأهلي، وهويتهم العربية الأصيلة، وتحويل اليمن إلى مقاطعة إيرانية».
وأضاف الإرياني، في سلسلة تغريدات سابقة له، أن إحياء الميليشيات ذكرى «عاشوراء» في العاصمة المختطفة صنعاء، وباقي مناطق سيطرتها، على الطريقة الإيرانية، وإرغام المواطنين على أداء شعائرها المستوردة من طهران، يؤكد تبعيتها المطلقة لنظام الملالي، ومضيها في محاولة مسخ هوية اليمنيين، وفرض معتقداتها الدخيلة على المجتمع.
واعتبر أن «تلك المظاهر الطائفية المستوردة لا تمثل عامة اليمنيين، وتؤكد أن خطر الميليشيا الحوثية يزداد يوماً بعد يوم، من خلال قيامها بغسل عقول الأطفال والشباب».


مقالات ذات صلة

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي منذ عقد من الزمن تواجه اليمنيات ظروفاً معيشية معقدة وانتهاكات خطرة تمس بحياتهن وكرامتهن (أ.ف.ب)

10 آلاف انتهاك حوثي ضد اليمنيات منذ الانقلاب

اتهمت منظمة محلية الحوثيين بآلاف الانتهاكات ضد اليمنيات، بالتزامن مع احتجاجات شعبية بسبب اغتصاب طفلة في صنعاء، ووفاة خبير تربوي داخل سجن مخابرات الجماعة.

وضاح الجليل (عدن)

شكاوى من تصاعد السرقات في مناطق سيطرة الحوثيين

عناصر حوثيون في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)
عناصر حوثيون في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

شكاوى من تصاعد السرقات في مناطق سيطرة الحوثيين

عناصر حوثيون في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)
عناصر حوثيون في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)

شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية ارتفاعاً في منسوب جرائم السرقة بمختلف أنواعها، في ظل اتهامات بوقوف عصابات وراء ارتكابها، تتلقى الدعم من قيادات في الجماعة الانقلابية.

جاء ذلك في وقت أقرت فيه أجهزة الأمن الخاضعة للجماعة بتسجيل 1050 جريمة سرقة متنوعة في صنعاء وبقية المناطق تحت سيطرتها خلال ثلاثة أشهر منصرمة.

مسلحون حوثيون على متن عربة في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

وتؤكد مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مُعظم المحافظات والمدن تحت سيطرة الحوثيين تشهد وقوع جرائم السرقة والسطو المسلح ضد أموال وممتلكات السكان، في ظل فلتان أمني غير مسبوق وتصاعد في معدلات الجريمة بمختلف أنواعها.

واتهمت المصادر أجهزة أمن الجماعة الحوثية بالتقاعس عن القيام بواجباتها والتركيز فقط على نشر المعلومات والتقارير الشهرية والدورية والسنوية المتعلقة بحوادث السرقات التي تشهدها مناطق سيطرتها.

وشكا سكان في صنعاء من ارتفاع معدلات السرقات منذ مطلع العام الحالي، مرجعين ذلك إلى استمرار تدهور الحالة الأمنية والتقاعس الحوثي وضعف الوازع الديني، وتدني مستوى المعيشة لدى اليمنيين بمناطق سيطرة الجماعة.

ويجزم بعض السكان بأن منسوب جرائم سرقة المنازل والمحال التجارية والسيارات والدراجات النارية وغيرها من الممتلكات الخاصة بالمواطنين، ارتفع بمناطقهم في خلال الفترة الأخيرة إلى أضعاف ما كان عليه في الأشهر الماضية.

تقاعس أمني

ينتظر «جميل.ك» وهو أحد السكان في صنعاء، منذ نحو شهرين مضيا على تعرض دراجته النارية للسرقة من أمام منزله بحي مذبح (شمال المدينة) على أمل أن تقوم أجهزة أمن الجماعة الحوثية بواجبها لاسترجاع الدراجة ولكن دون جدوى.

يتحدث جميل وهو أب لأربعة أولاد لـ«الشرق الأوسط»، عن قيام مجهولين بسرقة دراجته وهي مصدر عيشه وأسرته من حوش المنزل خلال ساعات متأخرة من الليل، مؤكداً مسارعته عقب الحادثة إلى تقديم بلاغ لمركز أمني حوثي بالمنطقة، لكن المركز لم يحرك أي ساكن من قبيل التحري والبحث عن اللصوص والقبض عليهم وإعادة دراجته المسروقة.

باعة متجولون في صنعاء يعرضون «الكدم» وهو خُبز شهير في اليمن (رويترز)

ويقول إنه وعند كل زيارة يقوم بها للمركز الأمني الحوثي لمعرفة ما تم التوصل إليه من معلومات بخصوص دراجته المسروقة، تقوم عناصر الجماعة بطمأنته لتبرير عجزها، والتحجج بأن الأمور لا تزال قيد البحث والتحري.

يأتي هذا التصاعد الملحوظ في نسب جرائم السرقات، في وقت اعترفت فيه إحصائية أمنية حوثية بوقوع أكثر من 1050 جريمة سرقة تنوعت بين سرقة منازل ومحلات وسرقة بالإكراه وسرقة أشخاص، خلال الربع الأول من العام الهجري الحالي، حيث إن من بين تلك السرقات 116 دراجة نارية و36 سيارة.

وكانت الجماعة الانقلابية أقرت في وقت سابق بوقوع أكثر من ألفي جريمة سرقة، خلال ستة أشهر من العام الماضي في مناطق سيطرتها.