الحوثيون يستهدفون مسجداً في مأرب... و«الشرعية» تندد بقصف مطاحن القمح

خروق متصاعدة في الحديدة ومعارك الجوف تكبد الجماعة عشرات القتلى

عناصر حوثية خلال تجمع مسلح في صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر حوثية خلال تجمع مسلح في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يستهدفون مسجداً في مأرب... و«الشرعية» تندد بقصف مطاحن القمح

عناصر حوثية خلال تجمع مسلح في صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر حوثية خلال تجمع مسلح في صنعاء (إ.ب.أ)

بالتزامن مع تصعيد الميليشيات الحوثية المستمر في محافظة الحديدة (غرب) واستهدافها مطاحن القمح، ردت الجماعة الموالية على خسائرها الكبيرة باستهداف مسجد في محافظة مأرب أمس (الجمعة) بصاروخ باليستي أسفر عن مقتل وإصابة 20 شخصاً أثناء صلاة الفجر، وفق ما أفادت به مصادر عسكرية يمنية.
وأكدت المصادر، أن الصاروخ الحوثي أصاب مسجداً داخل معسكر للقوات الخاصة وسط مدينة مأرب المكتظة بالسكان، في سياق مساعي الجماعة للتعويض عن انكساراها في مختلف الجبهات، لا سيما المحيطة بمحافظة مأرب.
وفي حين توقعت المصادر ارتفاع أعداد ضحايا القصف الحوثي بسبب الإصابات البليغة بين الجرحى، كانت إحصائية رسمية أفادت في يوليو (تموز) الماضي، بأن عدد الضحايا بلغ قريباً من 700 قتيل وجريح، بينهم نساء وأطفال جراء صواريخ الميليشيات التي استهدفت مأرب.
وبيّنت الإحصائية، أن الجماعة الحوثية المدعومة إيرانياً استهدفت مدينة مأرب بـ244 صاروخاً تنوعت بين الصواريخ الباليستية وصواريخ الكاتيوشا، خلال السنوات الماضية من بينها 112 صاروخاً باليستياً و131 صاروخاً من نوع «كاتيوشا» وصاروخ من نوع أورجان، متسببة في مقتل وجرح 689 مدنياً، بينهم 92 طفلاً وامرأة منذ مطلع أبريل (نيسان) 2015 وحتى 14 يوليو 2020.
وعلى وقع التصعيد الانقلابي للجماعة في محافظة الحديدة، ندد وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال معمر الإرياني باستهداف الجماعة المدعومة من إيران لمطاحن البحر الأحمر بقصف مدفعي يوم الخميس، وهو القصف الذي أسفر عن أضرار فادحة بالمباني التابعة للمطاحن التي تعد أحد أهم المشاريع التنموية وركائز الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني.
وأشار الإرياني في تصريح رسمي إلى أن الاستهداف الحوثي ليس الأول من نوعه، ووصفه بأنه «تحدٍ سافر للمجتمع الدولي والأمم المتحدة وبعثة الرقابة الأممية، وتأكيد إضافي على تنصل الميليشيا من التزاماتها وتعهداتها، ومضيها في التصعيد وجر الأوضاع في مدينة الحديدة إلى ما قبل اتفاق السويد دون اكتراث بالأوضاع الإنسانية المتردية للمواطنين».
‏وطالب الوزير اليمني من الأمين العام للأمم المتحدة، ومبعوثه إلى اليمن مارتن غريفيث، ورئيس فريق الرقابة الأممية برئاسة الجنرال ابهيجيت جوها، بتحمل مسؤولياتهم، وإدانة هذا الاستهداف واتخاذ موقف واضح من خروق الميليشيا الحوثية المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار.
في غضون ذلك، أفادت مصادر الإعلام العسكري للقوات المشتركة في الحديدة، بأن ميليشيات الجماعة الحوثية أطلقت، الجمعة، نيران أسلحتها المتوسطة عشوائياً على القُرى السكنية في منطقة الجبلية التابعة لمديرية التحيتا جنوب الحديدة.
ونقل الموقع الإعلامي لألوية العمالقة الحكومية عن مصادر محلية قولها «إن القُرى السكنية ومزارع المواطنينَ في المنطقة تعرَّضت لاستهدافٍ بالأسلحة الرشاشة عيار 12.7 وعيار 14.5 ومعدَل البيكا من الحوثيينَ».
وأضافت المصادر، أن الاستهداف كان بشكل عشوائي، وقد طال المارة في الطرقات والعاملين بالمزارع، مسبباً الخوف والرعب في أوساط المدنيين.
وكانت القوات المشتركة في الساحل الغربي وتضم ألوية العمالقة وألوية المقاومة الوطنية والألوية التهامية رصدت، الخميس، 108 خروق حوثية للهدنة الأممية خلال ساعات في مناطق متفرِّقة جنوب الحديدة.
وتَوزّعت خروق الحوثيين بين عمليات قصف مدفعي واستهداف بالأسلحة الرشاشة المتوسطة والخفيفة والأسلحة القناصة طالت القُرى السكنية ومزارع المواطنين.
ونقلت مصادر الإعلام العسكري للقوات المشتركة عن مصادر ميدانية قولها «إن الميليشيات شنّت قصفاً مدفعياً هو الأعنف، استخدمت فيه قذائف مدفعية الهاون الثقيل عيار 120، والقذائف عيار 82، وقذائف مدفعية B10، وقذائف RBG، طالت القُرى السكنية ومزارع المواطنين في منطقة الفازة الساحلية التابعة لمديرية التحيتا، ومدينة الصالح، ومنطقة منظر، وكيلو 16 شرق الحديدة».
وتعرضت بلدة الجبلية بالتحيتا - بحسب المصادر - لقصف مدفعي عنيف شنّته بقايا جيوب ميليشيات الحوثي استمر ساعات، في حين تساقطت عشرات القذائف بمحيط منازل المواطنِينَ ومزارعهم.
وفي حين أفادت مصادر محلية بأن الميليشيات استهدفت البلدة بقذائف الهاون الثقيل عيار 120، وقذائف الهاون عيار 82، استهدفت في مديرية حَيْس بأسلحتها الرشاشة المتوسطة مزارع المواطنِينَ بشكل هستيري، بالتزامن مع استهداف المارة والمسافِرين في الطرقات العامة بالأسلحة القناصة.
كما تعرضت منطقة الجاح التابعة لمديرية بيت الفقيه - بحسب المصادر نفسها - لسلسلة من الانتهاكات الحوثية، حيث أطلقت الميليشيات المتمترسة في مناطق سيطرتها النار على التجمُعات السكنية بكثافة وعشوائياً.
وجاءت هذه التطورات عقب خسائر جمة تكبدتها الجماعة الحوثية في معارك الجوف وضربات تحالف دعم الشرعية؛ إذ أحصت مصادر عسكرية يمنية مقتل نحو 500 عنصر حوثي خلال عشرة أيام فقط، بينهم قادة مقربون من زعيم الجماعة الانقلابية.
في السياق نفسه، أفادت مصادر عسكرية رسمية بأن العشرات من عناصر الجماعة قُتلوا وجُرحوا، الخميس، بغارات لمقاتلات التحالف استهدفت تجمعات وتعزيزات شرق محافظة الجوف، بخاصة في مناطق العلم والصبايغ والنضود شرق مدينة الحزم.
إلى ذلك، أكدت مصادر عسكرية يمنية لـ«الشرق الأوسط» بأن قوات الجيش والمقاومة المسنودة بتحالف دعم الشرعية استطاعت خلال الأسبوعين الأخيرين صد عشرات الهجمات التي قامت بها الجماعة الانقلابية في الجوف وعلى أطراف محافظة مأرب.
وفي حين بثت وسائل إعلام الجماعة خلال الأيام الماضية مشاهد لتشييع العشرات من كبار قادتها في صنعا،ء وحجة، وعمران، وذمار، وإب، وصعدة، أكدت مصادر طبية في صنعاء، أن أغلب مستشفيات العاصمة استنفدت طاقتها الاستيعابية بسبب المئات من جرحى الجماعة المصابين في معارك الأيام الأخيرة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».