الانقلابيون يحوّلون شوارع صنعاء سوقاً سوداء للوقود

اتهامات للجماعة بتخزين كميات تغطي احتياج السكان 6 أشهر

سيارات تصطف أمام إحدى محطات البترول في صنعاء بسبب أزمة الوقود (رويترز)
سيارات تصطف أمام إحدى محطات البترول في صنعاء بسبب أزمة الوقود (رويترز)
TT

الانقلابيون يحوّلون شوارع صنعاء سوقاً سوداء للوقود

سيارات تصطف أمام إحدى محطات البترول في صنعاء بسبب أزمة الوقود (رويترز)
سيارات تصطف أمام إحدى محطات البترول في صنعاء بسبب أزمة الوقود (رويترز)

تواصل الميليشيات الحوثية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وبقية مناطق سيطرتها احتكار الوقود وإنعاش السوق السوداء لبيعه في شوارع المدن بأسعار مضاعفة، وسط اتهامات مجتمعية واسعة بضلوع قادة الميليشيات في افتعال الأزمة التي تدر عليهم مبالغ مالية طائلة.
وفي حين فاقمت الأزمة المستمرة منذ 10 أسابيع من معاناة السكان المعيشية والإنسانية والصحية ونتجت عنها أوضاع مأساوية وكارثية، اتهم السكان في صنعاء الجماعة الانقلابية بإخفاء كميات من الوقود تكفي لتغطية احتياجات السوق لمدة 6 أشهر، بغية المتاجرة بها وبيعها بأسعار مرتفعة في السوق السوداء.
وأبدى عدد من المواطنين في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» تذمرهم من ارتفاع أسعار الخدمات كافة، بما فيها الصحية، والكهرباء التجارية، ومياه الشرب... وغيرها، جراء انعدام المشتقات النفطية، مشيرين إلى استمرار طوابير السيارات والدراجات النارية أمام العشرات من محطات تعبئة الوقود المغلقة بناء على أوامر الجماعة الحوثية.
ويحمل أحمد، وهو سائق سيارة أجرة بصنعاء، الانقلابيين مسؤولية معاناة سائقي الأجرة المتواصلة وصراعهم المرير وراء البحث عن الوقود لسياراتهم من أجل السعي وراء الرزق لسد جوع أطفالهم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «غالبية اليمنيين اليوم باتوا يعرفون جلياً هدف النافذين الحوثيين من وراء استمرار افتعالهم هذه الأزمة؛ من أجل المضاربة بالمشتقات في السوق السوداء لجني أرباح طائلة على حساب حرماننا ومعاناتنا وأوجاعنا».
وكانت الجماعة الانقلابية أمرت في منتصف يوليو (تموز) الماضي بحجز كل الكميات المتوفرة من الوقود ومنع بيعها للمواطنين، في حين أقدمت على احتجاز كل ما يصل من إمدادات البنزين والديزل أو سحبها عبر تجارة السوق السوداء التي يديرها قادة الجماعة لبيعها بأسعار مضاعفة ضمن عملية فساد كبرى وممنهجة.
وأفاد موظفون في شركة النفط بصنعاء «الشرق الأوسط»، بوجود كميات كبيرة من المشتقات في صهاريج وخزانات أرضية سرية تابعة لقيادات حوثية نافذة تكفي لتغطية السوق لفترة 6 أشهر؛ لكن الميليشيات تتعمد خلق الأزمة لتحقيق مكاسب مالية. وفي حين تبدو أزمة الوقود الحالية الأوسع من سابقاتها، اتهمت الحكومة الشرعية قبل فترة الانقلابيين بمواصلة احتجاز عشرات الصهاريج النفطية على مداخل صنعاء، بهدف افتعال أزمة إنسانية واستغلالها إعلامياً في محاولة للتهرب من الآلية المقررة لدخول المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة. وفي تصريحات سابقة له، اتهم وزير الإدارة المحلية في الحكومة اليمنية المكلفة تسيير الأعمال، عبد الرقيب فتح، الميليشيات بمنع دخول 250 ناقلة وقود إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها. ومع استمرار أزمة المشتقات النفطية، تحول معظم شوارع العاصمة صنعاء إلى أسواق سوداء كبيرة لبيع الوقود؛ حيث تباع مادتا البنزين والديزل بأسعار جنونية تكاد تتخطى حاجز 18 ألف ريال للصفيحة سعة 20 لتراً (الدولار نحو 600 ريال).
ومنذ سيطرة الجماعة على العاصمة اليمنية صنعاء، عمدت إلى افتعال كثير من الأزمات ورفع أسعار المشتقات وبيعها في السوق السوداء في الوقت الذي يعيش فيه غالبية المواطنين في العاصمة ذاتها ومناطق سيطرتها تحت خط الفقر.
وفيما يتعلق باستمرار إخفاء وتلاعب الانقلابيين بمشتقات النفط وتأثير ذلك على حياة ومعيشة وصحة اليمنيين، فقد أدى ذلك إلى عجز كثيرين عن شراء حاجيات أسرهم من المواد الغذائية نتيجة الارتفاع المخيف لأسعارها حيث فاقت قدرتهم المادية والشرائية على حد سواء.
ويقول سفيان (36 عاماً) الذي يعول أسرة مكونة من 4 أشخاص، لـ«الشرق الأوسط»، إن أي زيادة في أسعار المواد الغذائية تضاعف كثيراً من معاناته وترهق ميزانيته الشحيحة وتقل من قدرته على شراء المتطلبات؛ لأن ما يجنيه من عمله اليومي على ظهر دراجته النارية لا يكفي حتى لسد القليل من احتياجات أسرته الضرورية.
وحال سفيان لا تختلف كثيراً عن حال الملايين من سكان صنعاء ومدن يمنية أخرى قابعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية؛ إذ بات أغلبهم عاجزين عن شراء احتياجات أسرهم من المواد الغذائية بعد أن طالتها موجة ارتفاع في أسعارها فاقت مواردهم المادية المحدودة وأوضاعهم المعيشية.
وعلى مدى أكثر من 5 سنوات من عمر الانقلاب، دخل اليمن في أتون حرب حوثية عبثية، أدت، بحسب تقارير أممية، إلى خلق واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. ويقول بعض التقارير الدولية والمحلية إن أكثر من 80 في المائة من السكان اليمنيين باتوا اليوم بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
وبحسب «برنامج الأغذية العالمي»؛ هناك موجة حادة في ارتفاع أسعار المواد الغذائية باليمن ليست مبررة إلا بجشع التجار وعدم وجود رقابة حازمة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية. وفي تصريحات سابقة، قال مكتب «البرنامج» في اليمن إن هناك موجة أخرى حادة يشهدها اليمن من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمواد الأخرى الضرورية. وأضاف: «تصبح هذه المواد يوماً بعد آخر خارج متناول ملايين اليمنيين».
ومع استمرار معاناة المواطنين في صنعاء ومدن أخرى جراء الارتفاع المضاعف في أسعار المواد الاستهلاكية كالسكر والأرز والألبان والزيوت والفاصوليا... وغيرها، كشفت تقارير اقتصادية محلية عن ارتفاع السكر (عبوة 50 كلغم) إلى نحو 18 ألف ريال، مقارنة بـ8 آلاف ريال قبل الانقلاب الحوثي، وبالمثل ارتفعت أسعار القمح والزيوت والأرز واللحوم إلى الضعف.
وعلى الصعيد ذاته، قالت الأمم المتحدة إن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 35 في المائة في بعض المحافظات اليمنية، خصوصاً منذ انتشار وباء «كوفيد19» وبالتزامن مع تراجع سعر صرف العملة المحلية. وأشار أحدث بيان لمنسّقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن إلى أن أزمة الوقود الأخيرة بمناطق سيطرة الحوثيين تهدد الوصول إلى الغذاء وعمليات المستشفيات وإمدادات المياه التي تعتمد على المشتقات النفطية، مما يشكل عقبة إضافية أمام المرضى. وأضاف البيان: «الوقود ضروري لمنع انتقال الفيروس والاستجابة للوباء، ونقصه يشكل عقبة أخرى أمام الأشخاص الذين يلتمسون العلاج». ولفت إلى أن الطلب على المواد الغذائية والوقود للمستشفيات ازداد بالتزامن مع تفشي الفيروس المستجد في اليمن.


مقالات ذات صلة

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الحوثيون يجبرون التجار والباعة والطلاب على التبرع لدعم «حزب الله» اللبناني (إعلام حوثي)

​جبايات حوثية لصالح «حزب الله» وسط تفاقم التدهور المعيشي

تواصل الجماعة الحوثية فرض الجبايات والتبرعات الإجبارية لصالح «حزب الله» اللبناني وسط توقعات أممية بارتفاع أعداد المحتاجين لمساعدات غذائية إلى 12 مليوناً

محمد ناصر (تعز)

الجيش الأميركي يحبط هجوما شنه «الحوثي» على سفن في خليج عدن

صورة وزّعها الحوثيون لطائرة مسيّرة (أ.ف.ب)
صورة وزّعها الحوثيون لطائرة مسيّرة (أ.ف.ب)
TT

الجيش الأميركي يحبط هجوما شنه «الحوثي» على سفن في خليج عدن

صورة وزّعها الحوثيون لطائرة مسيّرة (أ.ف.ب)
صورة وزّعها الحوثيون لطائرة مسيّرة (أ.ف.ب)

قال الجيش الأميركي اليوم الثلاثاء إن مدمرتين تابعتين للبحرية الأميركية كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية عبر خليج عدن أحبطتا هجوما شنته جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران.

وقالت القيادة المركزية الأميركية في منشور على منصة إكس إن الحوثيين أطلقوا عدة طائرات مسيرة وصاروخ كروز أثناء عبور السفن للخليج أمس الاثنين واليوم الثلاثاء. وأضافت "لم تسفر الهجمات الطائشة عن إصابات أو أضرار لأي سفن أو مدنيين أو البحرية الأميركية".

وكان المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثي قال في وقت سابق اليوم الثلاثاء إن الجماعة استهدفت ثلاث سفن إمداد أميركية ومدمرتين أميركيتين مرافقتين لها في خليج عدن.