علماء بريطانيون يحاولون كشف أسرار تحنيط الحيوانات في مصر القديمة

عبر تقنية التصوير ثلاثي الأبعاد

TT

علماء بريطانيون يحاولون كشف أسرار تحنيط الحيوانات في مصر القديمة

في محاولة لاستخدام العلم لكشف الأسرار المتعلقة بتحنيط المومياوات عند المصري القديم، وكشف علاقة الفراعنة بالحيوانات وسبب تحنيطها، استخدم باحثون بريطانيون تقنية التقرير ثلاثي الأبعاد، لفحص ثلاث مومياوات لقطة وطائر وثعبان، والكشف عمّا تخفيه اللفائف الكتانية التي تغلفها.
ووفقاً للدراسة المنشورة في مجلة «ساينتفيك ريبورتس» العلمية مساء أول من أمس، فقد استطاع الباحثون «فك اللفائف الكتانية وتشريح المومياوات رقمياً»؛ إذ لا يمكن فك اللفائف الكتانية بشكل فعلي حتى لا تتعرض المومياء للتلف، باستخدام تقنية التصوير المقطعي بالأشعة السينية، التي تنتج صوراً ثلاثية الأبعاد، بدقة عالية، تتفوق على دقة التصوير الطبي بنحو مائة مرة، حسب الدراسة.
وكشفت الدراسة، التي أعدها مجموعة من الباحثين في جامعة سوانسي البريطانية، عن أن «مومياء الثعبان هي لأفعى كوبرا مصرية صغيرة، يبدو من الأشعة ومن حالة الكليتين المتكلستين أنها حُرمت من الماء والسوائل لفترة، وقُتلت بكسر في العمود الفقري، بعد رفع ذيلها وتحريكها في الهواء كالسوط، قبل أن يمارس عليها طقوس فتح الفم الخاصة بعملية التحنيط»، بينما أظهرت الدراسة أن «المومياء الثانية كانت لقطة صغيرة، عمرها خمسة أشهر، كُسر عنقها وقت الوفاة أو أثناء التحنيط، أمّا الثالثة فهي لطائر من فصيلة الصقور».
وحنّط المصريون القدماء الإنسان والحيوانات، وكشفت البعثات الأثرية عن عدد كبير من الحيوانات المحنطة، لا يمكن حصرها، كان آخرها الكشف عن سبع مقابر في جبانة الحيوانات بسقارة تضم مومياوات لأسود وتماسيح وقطط وجعران وأفعى الكوبرا، في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2018.
وقدّس المصريون الحيوانات لاتقاء شرها، أو جلب خيرها حسب الدكتور الحسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «المصريين قدسوا الحيوانات التي كانت تشاركهم في البيئة التي يعيشون فيها، واكتشفوا أنهم لا يستطيعون السيطرة عليها جميعاً، فاهتموا بها اتقاءً لشرها، أو جلباً لخيرها من لبن ولحم وكساء»، مشيراً إلى أن «هذه العادة لفتت نظر هيرودوت عندما زار مصر في القرن الخامس الميلادي، ولم يستطع فهم سبب تقديس المصري القديم للحيوانات».
وأضاف عبد البصير، أن «المصري القديم ربط الحيوانات بالآلهة، ولم يكن يقدس الحيوان في حد ذاته، بل قدس الروح السامية الكامنة في الحيوان، وكان هناك علماء مسؤولون عن اختيار الحيوان المقدس الذي سيتم تحنيطه»، مشيراً إلى «تخصيص جبانات كاملة للحيوانات، مثل السرابيوم المخصص لدفن العجل المقدس أبيس، وجبانة الحيوانات في سقارة، وجبانة قردة البابون، وغيرها.
ويعتقد الباحثون المشاركون في الدراسة، أن «هذه المومياوات قدمت كقرابين نذور للآلهة في المعابد لتكون وسيطاً بين الآلهة والبشر»، وفقاً لتصريحات نشرتها وكالة «رويترز» للأنباء، نقلاً عن كارولين جريفز براون، أمينة مركز مصر بجامعة سوانسي في بريطانيا، وأحد المشاركين في الدراسة.
وهو ما استبعده عبد البصير، وقال إن «المصري كان يقدم قرابين حيوانية، لكن من الحيوانات التي تؤكل؛ لذلك من المستعبد تقديم ثعبان الكوبرا كقربان».
والمومياوات الثلاثة من مقتنيات جامعة سوانسي، ولم تحدد الدراسة، عمرهم، أو مكان العثور عليهم في مصر.
وقال ريتشارد جونستون، أستاذ الهندسة بجامعة سوانسي وكبير الباحثين في الدراسة، إن «فم الثعبان المعوج يحتوي على مادة تسمى (ناترون)، وكان فكه مفتوحاً حتى آخره، وهو ما يتفق مع احتمالية خضوعه لطقوس (فتح الفم) عند قدماء المصريين، وهي طقوس كانت تجرى حتى تتمكن الحيوانات المحنطة من استعادة حواسها في الحياة الأخرى».
وأشارت جريفز براون إلى أن «نتائج الفحص تدعم بعض الشواهد الأثرية والعلمية التي تقول إن طقوس فتح الفم استخدمت للحيوانات أيضاً، ولم تكن مقصورة على البشر»، مضيفة أن «الدراسة تكشف عن أن المصري القديم استخدم الحيوانات وأساء معاملتها».
وهو ما استبعده عبد البصير الذي أكد أن «المصري ارتبط بالحيوان وقدسه، بدليل تحنيطها كالبشر، وتخصيص جبانات لها»، مشيراً إلى أن «ما كشفته الدراسة من كسور في المومياوات قد يكون نتيجة لعمليات التحنيط».


مقالات ذات صلة

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

يوميات الشرق المومياء تعود إلى فترة تتراوح بين 2000 و3000 سنة حينما كان تحنيط الحيوانات في مصر القديمة في ذروته (جامعة مانشستر)

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

كشف الباحثون، أخيراً، رؤى جديدة ومثيرة حول حياة ونفوق تمساح مصري قديم محنّط، مسلطين الضوء على وجبته الأخيرة وتفاصيل أخرى مذهلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا إحدى القطع الأثرية التي عرضت بمزادات خارجية (الدكتور عبد الرحيم ريحان)

مصر: تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين»

عادت قضية الاتجار في الآثار المصرية إلى الواجهة من جديد، بعد تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين» عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

محمد الكفراوي (القاهرة )
سفر وسياحة تلسكوب برج القاهرة يمنحك رؤية بانورامية للقاهرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

من أعلى نقطة... إطلالات بانورامية على القاهرة

تتمتع القاهرة بمزيج فريد من التاريخ العريق والحياة العصرية النابضة، ما يجذب إليها ملايين الزوار من حول العالم، الذين يبحثون ويفتشون عن سحرها كل من منظوره الخاص.

محمد عجم (القاهرة )
يوميات الشرق يقول أحد العلماء إنه حل لغز «لعنة توت عنخ آمون» بعد أكثر من 100 عام (رويترز)

بعد 100 عام... دراسة تقدم تفسيراً لـ«لعنة مقبرة توت عنخ آمون»

مستويات الإشعاع السامة المنبعثة من اليورانيوم والنفايات السامة ظلت موجودة داخل المقبرة منذ أن تم إغلاقها قبل أكثر من 3000 عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق أيقونات البشارة في متحف شرم الشيخ بمصر (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض مصري للأيقونات القبطية يوثّق أحداث «عيد البشارة»

بجوار الركن البيزنطي في قاعة الحضارات بمتحف شرم الشيخ (شرق مصر)، نظمت إدارة المتحف معرضاً للأيقونات القبطية.

محمد الكفراوي (القاهرة)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».