قصور الغدة الدرقية ومشكلات الإنجاب

يؤثر على سلامة الحمل وصحة الجنين

قصور الغدة الدرقية ومشكلات الإنجاب
TT

قصور الغدة الدرقية ومشكلات الإنجاب

قصور الغدة الدرقية ومشكلات الإنجاب

الغدة الدرقية واحدة من أهم الغدد الصماء في جسم الإنسان. والغدد الصماء هي الغدد التي تفرز هرموناتها مباشرة إلى الدم من دون الحاجة إلى قنوات خاصة لنقلها.
تدخل هرمونات الغدة الدرقية في كافة عمليات التمثيل الغذائي التي تحصل في الجسم، فتعزز نمو الجسم من كافة الجوانب العقلية والبدنية، تنظم جهاز القلب والأوعية الدموية وتقي من اضطرابات نبض القلب مثلا، تحافظ على سلامة الجهاز الهضمي، تعمل على صحة الجلد ونضارة البشرة، إضافة إلى التأثيرات الإيجابية النفسية الأخرى للإنسان. ومن أهم وظائف الغدة الدرقية دورها المهم في الإنجاب وسلامة الحمل وصحة الأم والجنين. وسوف نتعرف هنا على دور قصور الغدة الدرقية أو نقص نشاطها (Hypothyroidism)، بصفته الأكثر شيوعا وانتشارا بين النساء، عند التخطيط للحمل وأثناء فترة الحمل وتأثيراته على صحة كلٍ من الأم والجنين.

أهمية الغدة الدرقية
تحدثت إلى «صحتك» الدكتورة عبير محمد بن خميس استشارية أمراض باطنة وغدد صماء وسكري جامعة الملك عبد العزيز، وأوضحت في البداية أن الغدة الدرقية يشبه شكلها الفراشة الصغيرة ولا يزيد حجمها عن 20 سنتيمترا مكعبا، ووزنها 60 غراما، وتقع في الرقبة أمام القصبة الهوائية، وتتكون من فصين، يحتوي كل منهما على خلايا مسؤولة عن تصنيع وإفراز هرمونات الغدة الدرقية، ويعتبر اليود العنصر الأساسي لإنتاج هذه الهرمونات. وأضافت د. عبير أن هرمون الغدة الدرقية (ثايروكسين thyroxine) يلعب دورا رئيسيا في عملية التمثيل الغذائي (الأيض) بالإضافة إلى تنظيم العديد من وظائف الجسم كوظائف القلب والجهاز الهضمي وتطور الدماغ وصحة العظام والعضلات بالإضافة إلى تنظيم عملية التبويض لدى المرأة، أي أنه يؤثر على جميع أجهزة الجسم تقريبا ما يعني أن يكون معدل هرمونات الغدة الدرقية في الدم بنسبة طبيعية أمرا ضروريا للصحة. فأي خللٍ أو اضطراب في نشاط هذه الغدة سوف يُؤثر على كامل وظائف الجسم، ويجعل من الصعب على الإنسان أداء العديد من المهام؛ بسبب الإرهاق الذي يُسببه هذا الخلل.

قصور الغدة والإنجاب
> أسباب وأعراض قصور الغدة الدرقية. قصور الغدة الدرقية يحدث عندما لا تقوم الغدة بإنتاج ما يكفي من الهرمونات مما يؤدي إلى تباطؤ في بعض وظائف الجسم، وغالبا ما يحدث ذلك بسبب الإصابة بمرض المناعة الذاتية والتي يقوم فيها الجسم بمهاجمة الغدة الدرقية، أو بسبب الاستئصال الجزئي أو الكلي للغدة الدرقية نتيجة تضخم الغدة أو الإصابة بسرطان الغدة الدرقية، أو في حالة تم استخدام العلاج الإشعاعي في علاج أورام الرأس والرقبة، وكذلك أمراض الغدة النخامية، أو بعض الأدوية أو نقص اليود في الغذاء.
من الأعراض الشائعة لقصور الغدة الدرقية الخمول والشعور بالإعياء، الاكتئاب، آلام في العضلات والمفاصل، الشعور بوخز في أصابع اليدين والقدمين، جفاف في الجلد، زيادة الوزن رغم ضعف الشهية وعدم انتظام الدورة الشهرية.
> كسل الغدة الدرقية وتأثيره على الإنجاب والحمل. أوضحت الدكتورة عبير بن خميس أن اضطرابات الغدة الدرقية أكثر شيوعا في النساء عن الرجال، ونظرا لأهمية هذه الغدة ودورها في تنظيم الدورة الشهرية لدى المرأة وفي حدوث عملية التبويض وبالتالي حدوث الحمل، فإن أي قصور أو خلل في إفراز هرمونات هذه الغدة قد يسبب تأخر الدورة الشهرية وعدم انتظامها وبالتالي تأخر الحمل والإنجاب.
وتضيف الدكتورة عبير بأنه قد وُجد في دراسات عديدة أن حوالي 25 في المائة من النساء اللاتي يعانين من عدم القدرة على الإنجاب يكون لديهن قصور في الغدة الدرقية، وأن علاج ذلك القصور يحسن لديهن القدرة على الإنجاب. من ناحية أخرى، فإن قصور الغدة الدرقية قد يؤثر أيضا على سلامة الحمل وصحة الجنين، كحدوث الإجهاض، الولادة المبكرة، التأثير على النمو العقلي للجنين وارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل. وعلاج قصور الغدة بدواء ليفوثايروكسين (levothyroxine) يقلل كثيرا من حدوث هذه المخاطر.

التحليل والعلاج
> تحليل هرمونات الغدة. وكل الاعتبارات السابقة، فإن الجمعية الأميركية للغدة الدرقية تنصح بإجراء تحليل هرمونات الغدة الدرقية لمن لديها رغبة في الحمل أو حتى في بدايات الحمل وللنساء المعرضات لخطر الإصابة بأمراض الغدة الدرقية مثل:
- تاريخ سابق مع أمراض الغدة الدرقية أو وجود أعراض اضطرابات الغدة الدرقية.
- إجراء عملية سابقة في الغدة الدرقية.
- تضخم في الغدة الدرقية أو ارتفاع في نسبة الأجسام المضادة للغدة الدرقية.
- داء السكري النوع الأول أو وجود أي أمراض مناعية أخرى.
- تاريخ سابق بالإجهاض أو الولادة المبكرة أو العقم.
- تاريخ عائلي باضطرابات الغدة الدرقية.
- السمنة المفرطة، أي أن يكون مؤشر كتلة الجسم فوق 40 كلغم/م2.
- إذا تجاوز عمرها 30 عاما.

علاج قصور الغدة
أوضحت الدكتورة عبير بن خميس أن علاج قصور الغدة الدرقية يتضمن الاستخدام اليومي لدواء ليفوثايروكسين المشابه للهرمون الذي تفرزه الغدة الدرقية بشكل طبيعي. وهو يُؤخذ عن طريق الفم بجرعات مختلفة يحددها الطبيب المعالج بناء على حاجة المريضة. ومن أجل الحصول على نتائج جيدة من استخدام الهرمون المشابه للثايروكسين، من الضروري جدا اتباع التعليمات التالية:
> أن يتم تناول العلاج قبل 30 - 60 دقيقة من وجبة الإفطار على معدة فارغة لأن وجود الطعام قد يؤثر على امتصاص العلاج.
> يجب أن تباعد المريضة بين وقت تناول دواء ليفوثايروكسين عن أوقات تناول الأدوية التي تحتوي على الحديد والكالسيوم أو الأدوية المخصصة لعلاج الحموضة على الأقل بـ4 ساعات لأنه قد يؤثر على الامتصاص أيضا.
> بعد البدء في العلاج يتم متابعة المريضة وإجراء تحليل مستوى الهرمون المنبه للدرقية (TSH) بشكل دوري إلى أن يتم ضبط الجرعة المناسبة، ومن الأفضل لمن ترغب بالحمل أن يكون معدل هرمون (TSH) في الدم في النصف السفلي من المعدل الطبيعي أي أقل من 2.5 mIU نظرا لارتباط ذلك بانخفاض خطر الإجهاض.

علاج الحمل والولادة
> العلاج أثناء الحمل. نظرا لأهمية هرمون الغدة الدرقية (ثايروكسين thyroxine) في سلامة الحمل ونمو الدماغ والجهاز العصبي للجنين فإن إنتاج هرمونات الغدة الدرقية تزداد بشكل طبيعي أثناء الحمل. حيث إن الجنين في الأشهر الأولى من الحمل يعتمد على هرمون الغدة الدرقية التي تصله من الأم عبر المشيمة. والغدة الدرقية في المرأة السليمة قادرة على زيادة هذا الإنتاج طبيعيا عكس المرأة التي تعاني مسبقا من قصور الغدة الدرقية والتي تحتاج غالبا إلى زيادة جرعة دواء ليفوثايروكسين بنسبة 20 - 30 في المائة عند التأكد من وجود الحمل لمواكبة ذلك الاحتياج. ويجب عليها المتابعة مع الطبيب المختص بشكل دوري (شهريا) أثناء الحمل، حيث إن المراقبة الدقيقة لمستوى هرمون الغدة الدرقية في الدم يؤدي إلى تعزيز النمو الطبيعي للجنين والتقليل من خطر الإجهاض.
> بعد الولادة. بإمكان المرأة العودة إلى الجرعة السابقة التي كانت تتناولها قبل الحمل وعمل تحليل الهرمونات بعد ستة أسابيع من الولادة.
أما في حالة اكتشاف قصور الغدة الدرقية أثناء الحمل فإنه يجب معالجته بشكل فوري تجنبا لحدوث أي مضاعفات للأم أو الجنين. وقد تحتاج إلى الاستمرار على العلاج بعد الولادة أيضا لكن ذلك يختلف من حالة إلى أخرى ومن الضروري استشارة الطبيب المختص لتحديد ذلك. مع العلم أن تناول دواء ليفوثايروكسين آمن تماما أثناء الحمل والرضاعة. إن من الممكن أن تؤثر المستويات المنخفضة من هرمونات الغدة الدرقية على عملية التبويض، مما قد يعوق الخصوبة. علاوة على ذلك، قد تتسبب بعض أسباب الإصابة بقصور الغدة الدرقية، مثل اضطرابات المناعة الذاتية، في ضعف الخصوبة أيضاً. وخلال استخدام الهرمون المشابه للثايروكسين لعلاج قصور الغدة الدرقية، ينصح بوضع جدول زمني لزيارات المتابعة مع الطبيب المعالج وحسب توصياته. في البداية، من المهم التأكد من تلقي جرعة الدواء الصحيحة، والتوقع لتغير الجرعة حسب الحاجة مع مرور الوقت.
كما ينصح الحرصْ على عدم تفويت الجرعات أو عدم تناولها، حتى عند الشعور بالتحسن، فترك الدواء يعرض لعودة أعراض قصور الدرقية تدريجيا. وبشكل عام، على المرأة، وأيضا، على الرجل أن يستشير الطبيب عند الشعور بالتعب دون سبب، أو عند وجود أي علامات أو أعراض أخرى لقصور الغدة الدرقية، مثل الجلد الجاف، أو الشحوب، أو الوجه المنتفخ، أو الإمساك أو الصوت الأجش.
* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)
امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)
TT

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)
امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن أسلوب تناول الطعام الطازج المدعم بزيت الزيتون يمكن أن يعزز صحة الدماغ من خلال تعزيز بكتيريا أمعاء معينة، وفقاً لصحيفة «نيويورك بوست».

وجد الباحثون في كلية الطب بجامعة تولين الأميركية أن الفئران المعملية التي اتبعت النظام الغذائي المتوسطي طوّرت أنماطاً مختلفة من بكتيريا الأمعاء عن تلك التي التزمت بالنظام الغذائي الغربي.

وجدت الدراسة، التي نُشرت في Gut Microbes Reports، أن التغييرات البكتيرية المرتبطة بالنظام الغذائي المتوسطي أدت إلى تحسن الأداء الإدراكي.

قالت الدكتورة ريبيكا سولش أوتايانو، المؤلفة الرئيسية للدراسة من مركز أبحاث الأعصاب السريرية بجامعة تولين: «لقد علمنا أن ما نأكله يؤثر على وظائف المخ، لكن هذه الدراسة تستكشف كيف يمكن أن يحدث ذلك».

وتابعت: «تشير نتائجنا إلى أن الاختيارات الغذائية يمكن أن تؤثر على الأداء الإدراكي من خلال إعادة تشكيل ميكروبيوم الأمعاء».

النظام الغذائي المتوسطي، الذي تُوج أفضل نظام غذائي على الإطلاق لمدة 8 سنوات متتالية من قبل US News & World Report، قائم على النباتات ويعطي الأولوية للخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والدهون الصحية والمكسرات والبذور مع الحد من اللحوم الحمراء والسكر.

وثبت أن النظام الغذائي المتوسطي يساعد في إنقاص الوزن وتحسين نسبة السكر في الدم وخفض ضغط الدم والكوليسترول. كما ارتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والخرف وأنواع معينة من السرطان.

هذه الدراسة الأخيرة في جامعة تولين هي الأولى التي تبحث في العلاقة بين النظام الغذائي المتوسطي والغربي، والميكروبات والوظيفة الإدراكية.

لنمذجة تأثيرات النظام الغذائي خلال فترة حرجة من التطور، استعان الباحثون بفئران. ووجدوا أن الفئران التي تغذت على نظام غذائي متوسطي، مع تناول كميات كبيرة من زيت الزيتون والأسماك والألياف، أظهرت زيادة ملحوظة في البكتيريا المعوية المفيدة مقارنة بتلك التي تناولت نظاماً غذائياً غربياً عالي الدهون ومنخفض الخضار وغني جداً باللحوم.

وقد ارتبطت التحولات البكتيرية في الفئران المتوسطية، التي تضمنت مستويات أعلى من البكتيريا مثل Candidatus Saccharimonas، بتحسن الأداء الإدراكي والذاكرة. وعلى النقيض من ذلك، ارتبطت المستويات المتزايدة من بعض البكتيريا، مثل Bifidobacterium، في الفئران التي اتبعت نظاماً غربياً بضعف وظيفة الذاكرة.

وقد أثبتت دراسات سابقة وجود صلة بين النظام الغذائي الغربي والتدهور المعرفي، فضلاً عن السمنة والقضايا العاطفية والسلوكية.

ولاحظ الباحثون أن مجموعة النظام الغذائي المتوسطي أظهرت أيضاً مستويات أعلى من المرونة المعرفية، أي القدرة على التكيف واستيعاب المعلومات الجديدة، مقارنة بمجموعة النظام الغذائي الغربي.

وتشير الفوائد الواضحة للالتزام بالنظام الغذائي المتوسطي إلى أن التأثيرات المماثلة قد تنعكس على الشباب الذين لا تزال أدمغتهم وأجسامهم في طور النمو.

وقال المؤلف المشارك الدكتور ديميتريوس م. ماراجانوري: «تشير نتائجنا إلى أن النظام الغذائي المتوسطي أو تأثيراته البيولوجية يمكن تسخيرها لتحسين الأداء الدراسي لدى المراهقين أو أداء العمل لدى الشباب».

وتابع: «في حين أن هذه النتائج تستند إلى نماذج حيوانية، إلا أنها تعكس الدراسات البشرية التي تربط النظام الغذائي المتوسطي بتحسين الذاكرة وتقليل خطر الإصابة بالخرف».

واستناداً إلى هذه النتائج، يدعو الباحثون إلى إجراء دراسات بشرية واسعة النطاق للتحقيق في العلاقة بين الوظيفة الإدراكية والنظام الغذائي وبكتيريا الأمعاء.