أوليفيا دي هافيلاند واجهت الاحتكار والمنافسة... وربحت

سيدة الشاشة المخضرمة رحلت عن 104 أعوام في باريس

أوليفيا دي هافيلاند (أ.ب)  -  أوليفيا دي هافيلاند بعد تقليدها وسام الشرف الفرنسي عام 2010 (رويترز)
أوليفيا دي هافيلاند (أ.ب) - أوليفيا دي هافيلاند بعد تقليدها وسام الشرف الفرنسي عام 2010 (رويترز)
TT

أوليفيا دي هافيلاند واجهت الاحتكار والمنافسة... وربحت

أوليفيا دي هافيلاند (أ.ب)  -  أوليفيا دي هافيلاند بعد تقليدها وسام الشرف الفرنسي عام 2010 (رويترز)
أوليفيا دي هافيلاند (أ.ب) - أوليفيا دي هافيلاند بعد تقليدها وسام الشرف الفرنسي عام 2010 (رويترز)

من بين 40 ممثلاً وممثلة أدّوا أدواراً رئيسية أو مساندة في فيلم «ذهب مع الريح»، كانت أوليفيا دي هافيلاند، التي رحلت يوم أول من أمس في منزلها في مدينة باريس، الوحيدة الباقية على قيد الحياة.
نعم. الجميع ماتوا بعضهم بعد سنوات قليلة من خروج ذلك الفيلم إلى العروض سنة 1939 وأحدثهم قبل ثماني سنوات (الممثلة آن روذرفورد) لكن هافيلاند بقيت حيّة حتى كاد التاريخ أن ينساها. هذا إلى أن وافتها المنية عن 104 سنة فكانت بذلك أعتق ممثلة أدوار أولى بقيت على قيد الحياة حتى ذلك الحين.
وُلدت في طوكيو في الأول من يوليو (تموز) سنة 1916 من أبوين بريطانيين. الأب وولتر كان محامياً وأمها روز كانت أستاذة لغة إنجليزية. بعد مولدها بنحو عام أنجبت العائلة جوان دي هافيلاند التي عُرفت كممثلة باسم جوان فونتين. بعد ثلاث سنوات على ولادة أوليفيا انفصل والداها وبقيت هي مع والدتها وشقيقتها.
كانت في التاسعة عشرة من عمرها عندما ظهرت على الشاشة للمرة الأولى في فيلم بعنوان Alibi Ike ومن حينها لم تتوقف عن العمل وبل كَبُر حجم أدوارها سريعاً فإذا بها تظهر في «هجوم الكتيبة الخفيفة» (The Charge of the Light Brigade) لمايكل كورتيز سنة 1936. بعد أربع سنوات تم ترشيح أوليفيا دي هافيلاند لأوسكار أفضل ممثلة مساندة عن دورها في فيلم فكتور فليمنغ «ذهب مع الريح». لكن أداء الممثلة الأفرو - أميركية هاتي ماكدانيال (التي توفيت سنة 1952) هو الذي انحاز لها ضد أداء دي هافيلاند لدى أعضاء الأكاديمية.
لعبت دي هافيلاند دور زوجة الممثل لسلي هوارد (1893 - 1943) ومنحت دورها تألقاً. في أدائها لذلك الدور عكست شيئاً من الشموخ مع قدر من التواضع لا يمكن الجمع بينهما إلا بصعوبة.
فازت دي هافيلاند بالدور رغم أن «ذهب مع الريح» كان من إنتاج مترو غولدوين ماير بينما كانت تنتمي، حسب نظام نجوم تلك الفترة، إلى شركة وورنر بعقد مدته سبع سنوات. والذي حدث هو أن المخرج جورج كوكر، الذي اسندت إليه مترو غولدوين ماير الإخراج أولاً طلبها من وورنر. قرأت دي هافيلاند السيناريو وأعجبت به وأعلنت موافقتها ثم اتجهت لرئيس وورنر (جاك وورنر) ملتمسة قبول الموافقة على تمثيل ذلك الفيلم. وهو، تحت ضغطها، وافق على ذلك بمضض.
- منافسة حامية
كانت دي هافيلاند قبل «ذهب مع الريح» انتقلت سريعاً في رحاب وورنر من ممثلة مبتدئة إلى ممثلة رئيسية. لجانب فيلم مايكل كورتيز «هجوم الكتيبة الخفيفة»، لعبت في عامي 1935 و1936 بطولة فيلمين آخرين من إخراج كورتيز وأمام إيرول فلين، أحد كبار نجوم الفترة، هما «كابتن بلود» و«مغامرات روبن هود».
عادت دي هافيلاند من «مترو غولدوين ماير» إلى عهدة «وورنر» التي لم تمتلك مشروعاً يوازي «ذهب مع الريح» ما ولّد لدى الممثلة شعوراً بالأسف. مثلها كآخرين عديدين، طمحت دي هافيلاند بأدوار في أفلام ذات قيمة إنتاجية وفنية عليا من بعد ذلك الفيلم، لكن وورنر وجّهتها صوب أعمال عادية من بينها «أجّل الفجر» و«ذا ستروبيري بلوند» و«الحيوان الذكر» و«في هذا حياتنا». الأفضل بين هذه الأفلام كان أولها، «أجّل الفجر» لميتشل ليسن (1941) الذي نالت عنه ترشيحاً آخر كأفضل ممثلة لكن شقيقتها جوان فونتين انتزعت الأوسكار منها عن دورها في فيل «ارتياب» لألفرد هيتشكوك.
لعبت وسائل الإعلام على المنافسة بين دي هافيلاند وشقيقتها جوان كثيراً. عملياً، لا يتكرر دخول شقيقتان سباق الأوسكار (أو أي جائزة سينمائية كبيرة أخرى) في عام واحد كثيراً. بعض التنافس كان بدأ قبل ذلك حسب ما ورد في مجلة «لايف» سنة 1942 التي نشرت حكاية مفادها أن جوان خططت، وهي في التاسعة من العمر، لقتل شقيقتها. حتى ولو كان هذا صحيحاً إلا أن الغالب لا يعدو فانتازيات يمر بها الأولاد ولا تُترجم إلى أفعال في النسبة الغالبة من المرات.
المؤكد أن التنافس ورد بعدما نجحت كل منهما في مشوارها الفني. هنا، في الأربعينات والخمسينات، تردد آنذاك أن جوان فونتاين عانت من سطوع ونجاح شقيقتها كثيراً. وفي حديث لمجلة فانيتي فير، أكدت دي هافيلاند ذلك حين ذكرت أن شقيقتها رفضت إبعادها عن هوليوود بحجة الدراسة في سان فرانسيسكو وقالت لها: «أريد تحقيق ما تقومين به أنت».
حتى منتصف الثلاثينات كانت جوان ما زالت تحمل اسم دي هافيلاند، لكنها ورغبة في الاستقلال عن درب شقيقتها حوّلته إلى فونتين. المزيد من قصص الخلافات والمكايدات سيحيد بنا عن لب هذا التحقيق ولو أنه فصل مثير من تاريخ هوليوود.
- انتصار على الاحتكار
إزاء ضعف العروض القادمة من وورنر رفضت دي هافيلاند العديد من الأدوار، مما أثار حنق جاك وورنر الذي ذكّرها بأنها ليست أكثر من موظفة تؤدي أدوارها على الشاشة الكبيرة: «أنت ممثلة لأنك جميلة وليس لأنك موهوبة» كما قال لها. لكن دي هافيلاند أصرّت وعندما انتهى عقدها بعد ست أشهر امتنعت فيها عن العمل ورفضت التمديد لستة أشهر أخرى من باب التعويض رفعت الشركة قضية على الممثلة وخسرتها. بناء على ذلك عادت دي هافيلاند إلى الشاشة وبقوّة فمثّلت بطولة «المرآة الداكنة»، فيلم نوار جيد لروبرت سيدوماك (1946) و«لكل مُلكه» (To Each His Own (ميتشل ليسن، 1946). عن هذا الفيلم الأخير نالت أول أوسكار لها.
بعد ذلك وافقت على دور صعب في فيلم لأناتول ليتفاك عنوانه «حفرة الأفعى» (1948). فيه لعبت دور امرأة على الحافة يتم إدخالها مستشفى الأمراض العصبية. هذه الدراما القاسية كانت مناسبة لنقد المؤسسات النفسية وما توفره من علاجات إلكترونية. دي هافيلاند عادت إلى ترشيحات الأوسكار لكنها خسرت الفرصة هنا أمام جين ويمان هذه المرّة.
لكن دي هافيلاند عادت إلى الأوسكار مرة ثانية عن فيلمها اللاحق «الوريثة» لويليام وايلر المستوحى من مسرحية لهنري جيمس عنوانها «واشنطن سكوار». النجاح كان من نصيبها هذه المرّة إذ استحوذت على أوسكارها الثاني وأكّدت، لمن شكك في قدرتها على النجاح بعيداً عن نظام النجوم، بأنها أقوى من مبدأ الاحتكار.
في بعض أحاديثها ذكرت أن الأفلام الثلاث الأقرب إليها هي «ذهب مع الريح» و«الوريثة» و«حفرة الأفعى».
ما أبدته دي هافيلاند في «ذهب مع الريح» من شموخ وتواضع في آن ساد أدوارها في العديد من الأفلام، لكن الأكثر تميّزاً في أدوارها كافة حقيقة أنها ربطت بين سلوك الشخصيات والقدرة على النطق السليم في التوقيت الصحيح وبالنبرة المناسبة. لا عجب أن المخرج فرانك لويد وصفها ذات مرّة قائلاً: «لو أن هناك ممثلاً وُلد ممثلاً بالفعل فإنه أوليفيا دي هافيلاند».


مقالات ذات صلة

«بادينغتون في البيرو»... الدب الأشهر يحفّز البشر على مغادرة منطقة الراحة

يوميات الشرق في فيلمه السينمائي الثالث ينتقل الدب بادينغتون من لندن إلى البيرو (استوديو كانال)

«بادينغتون في البيرو»... الدب الأشهر يحفّز البشر على مغادرة منطقة الراحة

الدب البريطاني المحبوب «بادينغتون» يعود إلى صالات السينما ويأخذ المشاهدين، صغاراً وكباراً، في مغامرة بصريّة ممتعة لا تخلو من الرسائل الإنسانية.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق المخرج العالمي ديفيد لينش (أ.ف.ب)

رحيل ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة

هل مات ديڤيد لينش حسرة على ما احترق في منزله من أرشيفات وأفلام ولوحات ونوتات موسيقية كتبها؟ أم أن جسمه لم يتحمّل معاناة الحياة بسبب تعرضه لـ«كورونا» قبل سنوات؟

محمد رُضا (بالم سبرينغز (كاليفورنيا))
يوميات الشرق أحمد مالك وآية سماحة خلال العرض الخاص للفيلم (الشركة المنتجة)

«6 أيام»... رهان سينمائي متجدد على الرومانسية

يجدد فيلم «6 أيام» الرهان على السينما الرومانسية، ويقتصر على بطلين فقط، مع مشاركة ممثلين كضيوف شرف في بعض المشاهد، مستعرضاً قصة حب في 6 أيام فقط.

انتصار دردير (القاهرة)
سينما النجم الهندي سيف علي خان (رويترز)

سيف علي خان يصاب بست طعنات في منزله

تعرض نجم بوليوود الهندي سيف علي خان للطعن من متسلل في منزله في مومباي، اليوم الخميس، ثم خضع لعملية جراحية في المستشفى، وفقاً لتقارير إعلامية.

«الشرق الأوسط» (مومباي)
سينما لقطة لبطلي «زوبعة» (وورنر)

أفلام الكوارث جواً وبحراً وبرّاً

مع استمرار حرائق لوس أنجليس الكارثية يتناهى إلى هواة السينما عشرات الأفلام التي تداولت موضوع الكوارث المختلفة.

محمد رُضا (بالم سبرينغز)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.