اتجهت قرارات وتوصيات مجلس الشورى السعودي مؤخرا نحو تدعيم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إذ حملت جلسات الأسبوع الجاري المطالبة بمزيد من تدفق التمويل وفك احتكار القلة، وتكثيف رصد حالات التركيز الاقتصادي وفرض المنافسة العادلة.
ومع دخول النصف الثاني من العام الجاري وتزايد توقعات انكماش النمو على المستوى الدولي، تتخذ السعودية مزيدا من الإجراءات والتحركات لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الأكثر انكشافا بعد جائحة فيروس «كورونا»، وذلك ما يتوافق مع الدعم والتحفيز المالي المباشر الذي قدمته الحكومة خلال الفترة الماضية.
وتوجهت توصيات جلسات الشورى الأسبوع الجاري بالموافقة حول التنسيق مع الجهات ذات العلاقة، للحد من العوائق التي تمنع دخول الشركات إلى السوق والحد من المنافسة العادلة وتشجيعها المنشآت بتوطين الوظائف ورفع كفاءة الأعمال. إلى تفاصيل أكثر في هذا التقرير:
مليون منشأة
جاء بين نقاشات مجلس الشورى أخيرا مطالبة لبرنامج كفالة (برنامج ضمان التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة) بالتنسيق مع الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) لضمان المرونة المالية والإدارية الكاملة للبرنامج ليتمكن من تحقيق أهدافه الاستراتيجية، المتركزة في العمل على دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة الأكثر انكشافا، وتقديم الضمانات للقطاعات الإنتاجية والخدمية التي يشكل نموها إضافة للاقتصاد الوطني.
وسيخفف تحرك برنامج «كفالة» المتواصل الأعباء المالية على المؤسسات الصغيرة للخروج من أزماتها خاصة هناك قرابة مليون منشأة (ما يفوق 950 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة) تعمل في كافة المدن السعودية منها 47.7 في المائة تعمل في تجارة الجملة والتجزئة ونحو 10.9 في المائة في الصناعات التحويلية وقرابة 10.6 في المائة منها في الإقامة والإطعام.
منافسة واحتكار
وصوت أعضاء مجلس الشورى بالموافقة على ضرورة تنسيق الهيئة العامة للمنافسة مع الجهات ذات العلاقة للحد من العوائق التي تمنع دخول الشركات إلى السوق، وتحد من المنافسة، مع حماية المنافسة العادلة وتشجيعها تحديدا بين المنشآت التي تستخدم عمالة أجنبية رخيصة والمنشآت التي توظف السعوديين بنسبة كبيرة.
ودعا المجلس في قراره الهيئة لإجراء دراسة قياس أثر احتكار القلة في المملكة على الرفاه الاقتصادي ومحدودية الخيارات المتاحة للمستهلك، والعمل على نشر نسب مؤشرات التركز الاقتصادي والتركز السوقي، وضرورة تسهيل ربط البيانات بينها وبين الجهات الحكومية ذات العلاقة، للحصول على المعلومات بكفاءة عالية، ورفع مستوى جودة مخرجات الدراسات القطاعية.
جهود حكومية
من جانبه، قال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور سعيد الشيخ عضو مجلس الشورى والخبير الاقتصادي، إن الجهود الحكومية تعطي ارتياحا كبيرا لدى مباحثات مجلس الشورى لتعزيز وتقوية قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، مشيرا إلى أن الدولة اتخذت مع بداية جائحة «كورونا» العديد من الإجراءات في مساعدة الكثير من الشركات للصمود من خلال مؤسسة النقد العربي السعودي وتوجيه البنوك باتخاذ بعض المبادرات التي تساعد في تأجيل السداد وضخ السيولة التي تمكن من التوسع في طلبات الإقراض لجميع المؤسسات.
وأشار الشيخ إلى أن ما قام به برنامج «ساند» وتغطيته نسبة 60 في المائة من أجور الموظفين، يمثل إضافة تدعيم قوية للقطاع الخاص والمنشآت الصغيرة والمتوسطة تحديدا، موضحا أن ما تقدم به من توصيات في المجلس هي لتفعيل مبادرات المساعدة للمؤسسات الصغيرة لمواجهة الأزمة الجارية والتيسير له في التمويل الممكن من تحمل التكاليف العالية.
انكماش منتظر
وأضاف عضو مجلس الشورى أن تفاعل كافة الجهات يأتي في شكل جهود مجتمعة تكمل بعضها في محاولة عودة الاقتصاد للانتعاش وتحريك العديد من الشركات التي كانت في فترة ركود، لافتا إلى أن الربع الثاني وإن لم تعلن نتائج النمو إلا أن المتوقع أن يكون هناك انكماش كبير، وعليه فالمعول أن تكون النتائج أفضل في الربع الثالث.
مشروع دمج
من جهة أخرى، أفصح القطاع الخاص أمس عن فكرة مشروع دمج وتحالف بين المنشآت الصغيرة والمتوسطة من أجل تأسيس كيانات أكبر قادرة على مواجهة التحديات في أعقاب فيروس «كورونا» المستجد بمنطقة القصيم (وسط السعودية).
وتدرس الغرفة التجارية الصناعية بمنطقة القصيم، فكرة مشروع إقامة تحالفات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وتأسيس كيانات كبرى تكون قادرة على مواجهة الصعوبات والمعوقات والتحديات التي تواجهها وتؤثر بصورة سلبية على استمرارية نشاطها بكفاءة وفاعلية، وتحول دون تحقيق المزيد من عائدات الإنتاجية المأمولة منها مما ينذر بتعثرها ويهدد بفشلها.
وأوضح مدير إدارة اللجان القطاعية بغرفة القصيم سليمان بن علي القفاري، أن الغرفة بدأت هذه الدراسة التي طرح فكرتها المهندس منصور العرفج، لتكون هي الحاضنة لفكرة تشكيل المنشآت المندمجة معا، التي بدأت بإطلاق استبيان خاص لقياس مدى قبول ونجاح فكرة مشروع الدمج لدى الفئات المستهدفة وحصر أبرز الإشكالات والمعوقات التي تواجه تلك المنشآت ومسبباتها، سعيا منها للقيام بدورها في دعم اقتصادات المنطقة والإسهام في العملية التنموية الشاملة، من خلال رعاية مصالح مجتمع الأعمال بالمنطقة ودعم نشاط القطاع الخاص.
ونوه بأن الدراسة تستهدف الورش الصناعية، ومؤسسات المقاولات، والمطاعم والمقاهي، ومحلات الكماليات، والمشاغل النسائية، والبقالات، وأنشطة صغيرة ومتوسطة أخرى.
أهداف التجربة
وبين القفاري أن مشروع الدراسة يحمل العديد من الأهداف التي تأمل غرفة القصيم في تحقيقها من أبرزها مساعدة المنشآت الصغيرة المتعثرة لتخطي الوضع الحالي لديها، والإسهام في تقوية المراكز المالية للمنشآت المندمجة في المنطقة من خلال زيادة حجم الإيرادات وتخفيض مستويات الإنفاق، بالإضافة إلى تحسين فرص التوطين للوظائف، وتقليل نسبة العمالة الوافدة والوظائف المتكررة، ومكافحة التستر التجاري، كما يهدف المشروع إلى تعزيز الاقتصاد المحلي لمنطقة القصيم، ويسهم في تراجع وتوقف مخاطر الإغلاق المحتمل للمنشآت.
وأشار مدير إدارة اللجان بغرفة القصيم إلى أن مخطط المشروع يمر بمراحل بدأت بنشر الاستبيان وجمع البيانات وتحليلها وتشكيل لجان من المختصين في الجهات الرسمية ومن ثم الإعلان عنه واستقبال المتقدمين الراغبين بالدمج، وتقييم المنشآت ومدى إمكانية استفادتها من المشروع، وتنتهي بصياغة إطار عام لأنواع التحالفات في كيانات كبيرة ودمج صغار المستثمرين في شركة واحدة بحسب الشكل القانوني المناسب لها.
مجلس الشورى السعودي لتدعيم موقف مليون منشأة صغيرة
القطاع الخاص يقترح إقامة اندماجات في كيانات كبرى تضمن استمرارية الأعمال وكفاءة الأداء
مجلس الشورى السعودي لتدعيم موقف مليون منشأة صغيرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة