صور نادرة توثق التحولات التاريخية للمباني الأثرية بالقاهرة

مبادرة «بالأبيض والأسود» تسلط الضوء على أهميتها

قبة قرقماس التي تنتمي إلى العصر المملوكي  -   مسجد الأقمر بشارع المعز
قبة قرقماس التي تنتمي إلى العصر المملوكي - مسجد الأقمر بشارع المعز
TT

صور نادرة توثق التحولات التاريخية للمباني الأثرية بالقاهرة

قبة قرقماس التي تنتمي إلى العصر المملوكي  -   مسجد الأقمر بشارع المعز
قبة قرقماس التي تنتمي إلى العصر المملوكي - مسجد الأقمر بشارع المعز

عبر المزج بين المعاني والدلالات المرتبطة بفكرة توقف عجلة الزمن لحظة التقاط الصورة الفوتوغرافية، وما تمثله قيمة هذا التوقف بالنسبة للآثار والبنايات التراثية التي تستمد بعض تميزها من بقائها برغم دوران عقارب الساعة وتعاقب الأزمنة والحضارات، وتسعى مبادرة «آثارنا بالأبيض والأسود» إلى استخدام الصور الفوتوغرافية وما تمثله كل صورة من لحظة زمنية توقفت خلالها عقارب الساعة في حقبة محددة، لإبراز تاريخ الآثار والبنايات التراثية بالقاهرة، وقصص التغيرات التي طرأت عليها، والتي ترويها صور فوتوغرافية تراثية نادرة.
عندما قامت إدارة التوعية الأثرية والتواصل المجتمعي بالإدارة العامة للقاهرة التاريخية التي تتبع وزارة السياحة والآثار بتدشين مبادرة «آثارنا بالأبيض والأسود» عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كان ثمة أهداف تسعى إلى تحقيقها للاستفادة من الزخم الإلكتروني وبقاء معظم الناس في منازلهم، من بينها جذب قطاعات جديدة إلى دائرة الاهتمام بالمعالم الأثرية من خلال صور فوتوغرافية نادرة «بالأبيض والأسود» تُشكل عامل إبهار للتعريف بتاريخ بعض البنايات الأثرية، غير أن الصور فتحت آفاقاً جديدة للمبادرة، واستحدثت أهدافاً أكثر عمقاً، إذ أبرزت ما طرأ على آثار القاهرة من تغييرات تروي قصصاً تاريخية تتداخل تفاصيلها المشوقة ما بين البناية نفسها وأصحابها والحقبة التي شيدت فيها، وأسباب التغييرات.
الدكتورة هبة عبد العزيز، مفتشة الآثار بإدارة التوعية الأثرية والتواصل المجتمعي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن المبادرة أبرزت جوانب جديدة من دور الصورة الفوتوغرافية بالنسبة للمعالم الأثرية، والتي كان هدفها الرئيسي توثيق حالة بعض البنايات، لرصد دقة عمليات الترميم والتجديد وما تتطلبه من معايير فنية، لكن تنوع الصور للبناية الواحدة في عصور مختلفة تحول إلى قصص تراثية مصورة، وطريقة جديدة لتسليط الضوء على المعالم الأثرية، ونشر الوعي الأثري».
تَحوّل وضع مجموعة من الصور الفوتوغرافية للبناية الأثرية الواحدة في حقب زمنية مختلفة، رسمت أبعاداً أكثر عمقاً لجماليات كل صورة والأفكار التي تحاول التعبير عنها، والقصص التي تحاول إخبارها، بجانب تحولها إلى وثيقة غير قابلة للتأويل.
التداخل الزمني الذي أوجدته الصور في حياة كل بناية أثرية أبرز قصصاً تاريخية غير مرئية عاشتها كل بناية في عصور مختلفة وفقاً للأثري شريف فوزي، المنسق العام لشارع المعز، المشرف على المبادرة، والذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الصور رصدت ووثقت التغييرات التي تعرضت لها العديد من الآثار والبنايات الأثرية، والتي مر معظمها بتحولات جذرية، فبعضها تعرض للهدم الكامل وأعيد بناؤه في حقب لاحقة، وبعضها تم محوه ولم يبق منه شيء بسبب الزلازل، وبنايات تحولت إلى شيء آخر مختلف عن وجودها الأول خلال إنشائها، على غرار سبيل محمد علي بشارع المعز، والذي تحول إلى متحف للنسيج المصري، كما ترصد الصور مساحات مختلفة في حياة البنايات الأثرية وتأثرها بمحيطها الاجتماعي، إذ إن بعض البنايات كانت توجد خلف مبانٍ سكنية تحجب واجهاتها خلال فترات زمنية ماضية».
وتمتلك وزارة السياحة والآثار أرشيفاً ضخماً من الصور الفوتوغرافية النادرة التي توثق للآثار المصرية بداية من عام 1881 ميلادية، وهو تاريخ إنشاء لجنة حفظ الآثار العربية التي دشنها الخديو توفيق، وهي لجنة كانت تشبه الوزارة في العصر الحديث، وتغير اسمها مرات عدة في مراحل زمنية متعاقبة.
وتبرز الصور النادرة المراحل التاريخية التي تعاقبت على بعض الآثار والتغيرات التي طرأت عليها، فبعض هذه المعالم شيدها ملوك وهدمها أمراء وأعيد بناؤها في عصور لاحقة، وبعضها نقل من موضعه، أو تعرض للدمار بفعل الزلازل أو الحرائق.


مقالات ذات صلة

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

يوميات الشرق زاهي حواس (حسابه على فيسبوك)

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

أكد الدكتور زاهي حواس، أن رفض مصر مسلسل «كليوباترا» الذي أذاعته «نتفليكس» هو تصنيفه عملاً «وثائقي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

وجد علماء الأنثروبولوجيا التطورية بمعهد «ماكس بلانك» بألمانيا طريقة للتحقق بأمان من القطع الأثرية القديمة بحثًا عن الحمض النووي البيئي دون تدميرها، وطبقوها على قطعة عُثر عليها في كهف دينيسوفا الشهير بروسيا عام 2019. وبخلاف شظايا كروموسوماتها، لم يتم الكشف عن أي أثر للمرأة نفسها، على الرغم من أن الجينات التي امتصتها القلادة مع عرقها وخلايا جلدها أدت بالخبراء إلى الاعتقاد بأنها تنتمي إلى مجموعة قديمة من أفراد شمال أوراسيا من العصر الحجري القديم. ويفتح هذا الاكتشاف المذهل فكرة أن القطع الأثرية الأخرى التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ المصنوعة من الأسنان والعظام هي مصادر غير مستغلة للمواد الوراثية

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

يُذكر الفايكنغ كمقاتلين شرسين. لكن حتى هؤلاء المحاربين الأقوياء لم يكونوا ليصمدوا أمام تغير المناخ. فقد اكتشف العلماء أخيرًا أن نمو الصفيحة الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر أدى إلى فيضانات ساحلية هائلة أغرقت مزارع الشمال ودفعت بالفايكنغ في النهاية إلى الخروج من غرينلاند في القرن الخامس عشر الميلادي. أسس الفايكنغ لأول مرة موطئ قدم جنوب غرينلاند حوالى عام 985 بعد الميلاد مع وصول إريك ثورفالدسون، المعروف أيضًا باسم «إريك الأحمر»؛ وهو مستكشف نرويجي المولد أبحر إلى غرينلاند بعد نفيه من آيسلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

لا تزال مدينة مروي الأثرية، شمال السودان، تحتل واجهة الأحداث وشاشات التلفزة وأجهزة البث المرئي والمسموع والمكتوب، منذ قرابة الأسبوع، بسبب استيلاء قوات «الدعم السريع» على مطارها والقاعد الجوية الموجودة هناك، وبسبب ما شهدته المنطقة الوادعة من عمليات قتالية مستمرة، يتصدر مشهدها اليوم طرف، ليستعيده الطرف الثاني في اليوم الذي يليه. وتُعد مروي التي يجري فيها الصراع، إحدى أهم المناطق الأثرية في البلاد، ويرجع تاريخها إلى «مملكة كوش» وعاصمتها الجنوبية، وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتبعد نحو 350 كيلومتراً عن الخرطوم، وتقع فيها أهم المواقع الأثرية للحضارة المروية، مثل البجراوية، والنقعة والمصورات،

أحمد يونس (الخرطوم)
يوميات الشرق علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

اتهم علماء آثار مصريون صناع الفيلم الوثائقي «الملكة كليوباترا» الذي من المقرر عرضه على شبكة «نتفليكس» في شهر مايو (أيار) المقبل، بـ«تزييف التاريخ»، «وإهانة الحضارة المصرية القديمة»، واستنكروا الإصرار على إظهار بطلة المسلسل التي تجسد قصة حياة كليوباترا، بملامح أفريقية، بينما تنحدر الملكة من جذور بطلمية ذات ملامح شقراء وبشرة بيضاء. وقال عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس لـ«الشرق الأوسط»، إن «محاولة تصوير ملامح كليوباترا على أنها ملكة من أفريقيا، تزييف لتاريخ مصر القديمة، لأنها بطلمية»، واتهم حركة «أفروسنتريك» أو «المركزية الأفريقية» بالوقوف وراء العمل. وطالب باتخاذ إجراءات مصرية للرد على هذا

عبد الفتاح فرج (القاهرة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.