محال لبنانية تغلق أبوابها حتى إشعار آخر بسبب انهيار الليرة

محال مغلقة داخل مركز تجاري في بيروت (أرشيفية - رويترز)
محال مغلقة داخل مركز تجاري في بيروت (أرشيفية - رويترز)
TT

محال لبنانية تغلق أبوابها حتى إشعار آخر بسبب انهيار الليرة

محال مغلقة داخل مركز تجاري في بيروت (أرشيفية - رويترز)
محال مغلقة داخل مركز تجاري في بيروت (أرشيفية - رويترز)

أعلنت مجموعة من المؤسسات ومحال البيع بالتجزئة في لبنان إغلاق أبوابها موقتاً، اليوم (الخميس)، لتجنّب مواصلة رفع أسعارها بعدما سجّلت الليرة انهياراً غير مسبوق مقابل الدولار في السوق السوداء.
ويتغيّر سعر الصرف يومياً مقابل الدولار؛ ما يجبر المؤسسات خصوصاً التي تعتمد على الاستيراد من الخارج بالدولار، على تغيير أسعارها باستمرار.
وانعكس ذلك سلباً على الكثير من المؤسسات التي أغلقت أبوابها في ظل شحّ الدولار ومع تجاوز سعر الصرف في اليومين الأخيرين عتبة التسعة آلاف ليرة، فيما لا يزال السعر الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات.
وفي بيانات نشرتها على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، مستخدمة شعار «نحن معاً في هذه الأزمة»، وهاشتاغ #باقون_هنا، أعلنت مؤسسات عدة، بينها مجموعة «براندز فور لس»، و«مايك سبورت»، و«ماري فرانس»، و«كارترز» إغلاق أبوابها حتى «إشعار آخر».
وأوردت «براندز فور لس» المستوردة لعلامات تجارية عالمية بأسعار مخفّضة، في بيان: «لأننا نرفض التخلي عن قيمنا، ورفع أسعارنا بشكل جنوني، سنغلق أبواب متاجرنا في لبنان حتى إشعار آخر».
وأعلنت شركة «مايك سبورت» للثياب والأحذية واللوازم الرياضية، في بيان، على موقعها الإلكتروني، أنه «نظراً لتردّي الوضع السياسي والاقتصادي في البلد، ارتأت الشركة عدم انخراطها في لعبة البيع والشراء غير الرسمية للدولار الأميركي وتحديد أسعار البضائع لديها على هذا الأساس». وقالت إنها ستقفل كل فروعها «على أمل ضبط الأوضاع من المراجع المختصة على كل الصعد لإعادة الدورة الاقتصادية إلى حركتها الطبيعية».
ولم تفلح الجهود الرسمية منذ أشهر في ضبط سعر الصرف في السوق السوداء؛ الأمر الذي دفع عدداً كبيراً من المحال والمتاجر ومؤسسات بيع المواد الغذائية واللحوم إلى الإغلاق بشكل دائم لعدم قدرتها على توفير الدولار، في بلد يعتمد على الاستيراد إلى حد كبير.
وقال نبيل جبرايل، رئيس مجموعة «كاليا»، التي تملك 20 محلاً لعلامات تجارية عدة: «يتجه قطاع البيع بالتجزئة نحو الإغلاق الكلي أو الموقت حتى تصبح الأمور أكثر وضوحاً في ما يتعلّق بسعر الصرف». وأضاف: «نواجه مشكلة في التسعير؛ إذ نحتاج إلى تجديد الأسعار أسبوعياً بينما يرتفع سعر الصرف يومياً، في حين يتراجع حجم المبيع جراء الوضع العام وارتفاع الأسعار».
ونفّذ العشرات من مديري الشركات ورجال الأعمال وموظفوهم اعتصاماً احتجاجياً في وسط بيروت.
ويشهد لبنان انهياراً اقتصادياً متسارعاً يُعدّ الأسوأ في البلاد منذ عقود، لم تستثن تداعياته أي طبقة اجتماعية، ويترافق مع أزمة سيولة وشحّ الدولار، وتوقفت المصارف منذ أشهر عن تزويد المودعين بالدولارات من حساباتهم.
وجراء ذلك، خسر عشرات آلاف اللبنانيين وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم خلال الأشهر القليلة الماضية. وبات نصف اللبنانيين يعيشون تقريباً تحت خط الفقر بينما تعاني 35 في المائة من القوى العاملة من البطالة.
وتعقد السلطات منذ أسابيع اجتماعات متلاحقة مع صندوق النقد الدولي، أملاً بالحصول على دعم بأكثر من 20 مليار دولار، إلا أنه لم يتحقق أي اختراق بعد. وتواجه الحكومة الحالية ضغوطا متزايدة لعجزها عن القيام بأي خطوات إصلاحية عملية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.