متحف اللوفر يستعد لإعادة فتح أبوابه... وخسائره فادحة

TT

متحف اللوفر يستعد لإعادة فتح أبوابه... وخسائره فادحة

من المقرر أن يُعاد فتح أبواب متحف اللوفر أمام الزائرين اعتباراً من 6 يوليو (تموز) المقبل، وفق ما أُعلن مؤخراً، بعد إغلاق استمر قرابة 16 أسبوعاً، أسفر عن خسائر فادحة قُدرت حتى الآن بنحو 40 مليون يورو (ما يساوي 44.86 مليون دولار).
وكان أكبر متاحف العالم وأشهرها، في أجواء العمل العادية، يستضيف نحو 10 ملايين زائر في العام الواحد ضمن مساحته التي تبلغ 92.500 قدم مربع والمفتوحة أمام الجمهور.
ومع إعادة فتح أبواب المتحف للزيارة، سوف يكون من حق الزائرين الوصول إلى 70 في المائة فقط من مساحة المتحف المذكورة، بما في ذلك قاعات العرض الكبيرة التي تضم الأعمال الفنية الفرنسية والإيطالية، فضلاً عن ساحات أعمال النحت، وقسم الآثار المصرية القديمة. لكن مع استمرار إغلاق الحدود الوطنية الفرنسية أمام المسافرين القادمين من خارج بلدان الاتحاد الأوروبي، من المنتظر لأعداد الزوار المتوقعة أن تمثل شريحة لما تكون عليه الأمور في الأحيان الاعتيادية مع ذروة موسم الصيف من كل عام.
وفي أثناء حالة الإغلاق العامة التي شهدتها فرنسا كان السيد جان لوك مارتينيز، رئيس متحف اللوفر منذ عام 2013 والمختص في فنون النحت الإغريقية القديمة يباشر مهام عمله في إدارة المتحف من منزله. ولقد تواصلت صحيفة نيويورك تايمز مع السيد مارتينيز عبر الهاتف في منتصف الشهر الجاري، وكانت المحادثة الشيقة التي نعرضها عليكم بعد تحريرها:
> ما التحدي الرئيسي الذي تواجهونه مع إعادة فتح أبواب المتحف للزائرين؟
- طمأنة الجمهور أولاً وقبل كل شيء. نظراً لأن الأمور سهلة ويسيرة إلى درجة كبيرة في متحف اللوفر بسبب المساحات الهائلة، وبفضل شراء التذاكر عبر الإنترنت صرنا أكثر تحكماً في عدد الأشخاص الذين يفدون لزيارة المتحف في كل يوم. وسوف يتمكن الزوار من الاصطفاف بأمان في طابور واحد أمام مدخل المتحف، ولسوف يكون ارتداء الكمامات الواقية إلزامياً على كل الزائرين من سن 11 عاماً وأكبر.
> كيف تتصورون طبيعة زيارة قاعة الموناليزا في الفترة المقبلة؟
- لقد قمنا بتجديد هذه القاعة وأعدنا افتتاحها للجمهور اعتباراً من الخريف الماضي. ولقد حددنا الخطوط والمساحات الفاصلة بين كل زائر والآخر حتى نسمح لزوار المتحف بالاقتراب قدر الإمكان من اللوحة. وحتى وقت قريب، كان الزوار يواصلون الاحتشاد والتجمع حول لوحة الموناليزا. أما الآن، سوف يضطر كل زائر إلى الوقوف ضمن صف واحد من صفين اثنين لمدة 10 إلى 15 دقيقة فقط. وبالتالي نضمن لكل زائر فرصة جيدة للوقوف أمام الموناليزا ومشاهدتها من مسافة لا تقل عن 10 أقدام. وذلك لأننا نريد لتجربة زيارة ومشاهدة الموناليزا أن تكون لحظة خاصة ومميزة لدى كل زوار المتحف.
> ولكن سوف ينخفض عدد زوار المتحف لديكم بصورة كبيرة بسبب الوباء الراهن؟
- أجل. تأتينا في المعتاد نسبة 75 في المائة من زوار المتحف من خارج البلاد، وترتفع هذه النسبة إلى 80 في المائة مع حلول فصل الصيف والإجازات السنوية. ومن بين هؤلاء الزوار، هناك ما يقرب من 1.5 مليون زائر من الولايات المتحدة الأميركية وحدها، وما بين 800 إلى 900 ألف زائر آخرين يأتون من الصين. وإن لم يتم فتح حدود البلدان الأوروبية مع بقية دول العالم بحلول هذا الصيف، فسوف نشهد انخفاضاً كبيراً في عدد الزوار يقترب من نسبة 80 في المائة للمرة الأولى.
وأذكر أنه في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) لعام 2001. انخفضت عدد زوار المتحف بنسبة بلغت 40 في المائة دفعة واحدة، واستغرق الأمر قرابة 3 سنوات كاملة حتى العودة مرة أخرى إلى المسار الصحيح. وفي أعقاب الهجمات الإرهابية التي ضربت الأراضي الفرنسية في عام 2015 وغيرها من الأماكن الأخرى في أوروبا، شهدنا انخفاضاً مماثلاً بنفس النسبة المذكورة آنفا، غير أن الأمور عادت إلى منوالها الطبيعي في غضون عام واحد من الأحداث.
أما هذه المرة، وفي ظل الإغلاق العام بسبب الوباء الراهن، فلا نعلم على وجه التحديد ما الذي سوف يحدث. وأسوأ السيناريوهات أمامنا أن الأمر سوف يستغرق منا 3 سنوات أخرى حتى تعود معدلات زيارة المتحف إلى سابق عهدها الطبيعي قبل تفشي الوباء.
> كيف تخططون لتعويض المفقود من مبيعات التذاكر حتى الآن؟ لقد كان معدل المبيعات في عام 2018 يبلغ 87 مليون يورو أو ما يقرب من 100 مليون دولار.
- نواصل العمل عن كثب مع وزارة الثقافة الفرنسية على خطة معنية بضمان مستقبل متحف اللوفر. إذ إن متحف اللوفر وقصر فرساي يعتمدان في المقام الأول على السياحة الدولية.
> وهل يحصل المتحف بالفعل على دعم مالي كبير من الحكومة الفرنسية؟
- أجل. يحصل المتحف من الحكومة الفرنسية على 94 مليون يورو من الإعانات بصفة سنوية، وهو أكبر إسهام تقدمه الحكومة الفرنسية لأي متحف في البلاد. ويحالفنا الحظ الكبير في أننا متحف مملوك للدولة الفرنسية. ويحلو لبعض الناس السخرية من النموذج الفرنسي في إدارة المتاحف، ولكن ذلك يمنحنا قدراً من الصلابة والرسوخ في إدارة المؤسسات الوطنية التي يرجع تاريخها إلى قرون مضت.
> ما تقديركم للرواج الذي حققه معرض أعمال الفنان ليوناردو دافنشي والذي توقف قبل فترة وجيزة للغاية من الإغلاق الوطني العام؟
- حقق ذلك المعرض بمفرده 2.5 مليون يورو من الإيرادات عبر زيارة 1.2 مليون زائر. وهذا معدل استثنائي يحققه معرض واحد بكل المقاييس المعروفة. وبصفة عامة، فإننا نحاول تعويض المفقود من الأرباح عن طريق مثل هذه المعارض المنفردة، وهذا من الأمور التي لا أحب التطرق إليها كثيراً في حديثي، إذ تكلفنا المعارض المنفردة أموالاً كثيرة.
> ماذا عن المطالبة باستعادة القطع الفنية الخاصة بالمستعمرات الفرنسية السابقة؟ هل وصلت متحف اللوفر أي طلبات من هذا النوع حتى الآن؟
- كلا، لم نتلق طلبات من المستعمرات الفرنسية السابقة في هذا الصدد. إن مسألة أصول ومنشأ مجموعات الأعمال الفنية تقع في صميم ما نباشره من أعمال في متحف اللوفر، وليس بسبب ما تشكله مثل هذه المناقشات من ضغوط عبر مختلف المستويات. ومن شأن متحف اللوفر، بحلول عام 2021، أن يعرض كافة الأعمال الفنية لديه على شبكة الإنترنت، ولسوف تخضع مسألة المنشأ والأصول للفحص ومزيد من البحث والمناقشة عبر هذه الممارسة.
لا بد من العناية بمزيد من الأعمال بشأن مسألة المنشأ والأصل مع إمكانية الوصول إلى مجموعات الأعمال الفنية، وذلك بالنسبة إلى الباحثين المعنيين بالفنون أو بالنسبة للناس على حد سواء. كما ينبغي علينا المشاركة أيضاً بكل ما نعرفه مع البلدان التي تأتي منها تلك المجموعات الفنية.
> نشهد في الأيام الأخيرة إزالة وإسقاط لمختلف التماثيل والآثار العامة في شتى أرجاء المجتمع الغربي في الآونة الراهنة. فما رأيكم في هذه المسألة؟
- إنني مؤرخ فني بطبيعة دراستي وعملي، والتاريخ من الأمور التي تنبني لدينا بصورة منهجية، وليس تحت ضغوط العواطف الجياشة أو الشائعات المغرضة. وأعتقد أن للمتاحف دوراً كبيراً تضطلع به في ذلك الأمر. فهي الأماكن الصحيحة التي ينبغي أن تحتشد فيها الذكريات الوطنية. وخلافاً لذلك، فسوف تتصادم الذكريات وتتلاشى ثم تنزوي في غياهب النسيان.

- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)
المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)
TT

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)
المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)

في إطار التشغيل التجريبي للمتحف المصري الكبير بالجيزة (غرب القاهرة) أقيمت فعالية «تأثير الإبداع» التي تضمنت احتفاءً بالفنون التراثية والحِرف اليدوية وتاريخها الممتد في عمق الحضارة المصرية.

واستهدفت الفعالية التي نُظمت، الأحد، بالتعاون بين مؤسسة «دروسوس» وجمعية «نهضة المحروسة» تسليط الضوء على الدور الذي يلعبه الإبداع في مجالات التراث والفنون والحِرف اليدوية، في الاحتفاظ بسمات حضارية قديمة، كما تستهدف تعزيز دور الصناعات الإبداعية باعتبارها رافداً أساسياً للتنمية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك إبراز أهمية الابتكار والإبداع في مختلف المجالات.

وأكد الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف المصري الكبير، أن «هذه الفعالية تعزز روح التعاون والرؤية المشتركة وتشجيع التبادل الثقافي»، لافتاً في كلمة خلال الاحتفالية إلى أن «المتحف المصري الكبير ليس متحفاً تقليدياً، وإنما هو مُجمع ثقافي يحتفي بالتاريخ والثقافة المصرية ويشجِّع على الإبداع والابتكار الذي يرتكز على الماضي لينطلق نحو مستقبل أكثر إشراقاً وتطوراً».

الحِرف اليدوية تحمل طابعاً تراثياً (وزارة السياحة والآثار)

وأوضح غنيم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المتحف عبارة عن منارة ثقافية هدفها ليس فقط عرض الآثار، لكن أيضاً عرض التراث المصري سواء المادي أو غير المادي، وربطها بالحضارة المصرية القديمة وعبر عصور مختلفة وصولاً إلى العصر الحديث».

وتضمنت الفعالية جولة بالمتحف تمت خلالها زيارة البهو، حيث تمثال الملك رمسيس، والدَّرَج العظيم، وقاعات العرض الرئيسة، وكذلك المعرض الخاص بالفعالية، كما اختتمت فرقة «فابريكا» الفعالية، حيث قدَّمَت أوبريت «الليلة الكبيرة»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

ويضيف الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف أن «الجمعيات الأهلية أو الجهات المتخصصة والمعنية بالتراث نحاول أن نعرضها في المتحف بشكل لائق ومشجع لمن يقومون على هذه الحِرف والفنون».

جانب من فعالية «تأثير الإبداع» للفنون التراثية والحِرف اليدوية (وزارة السياحة والآثار)

وأشار إلى أن الفعالية تضمنت عرض مجموعات من الخزف وكذلك فنون على الأقمشة والأعمال الخاصة بالخشب وأعمال متنوعة في المجالات كافة.

ويعدّ المتحف المصري الكبير من أهم المتاحف المصرية المنتظر افتتاحها، ووصفه رئيس الوزراء المصري في تصريحات سابقة بأنه سيكون «هدية مصر للعالم»، ويقع المتحف على مساحة 117 فداناً، ضمن مشهد مفتوح على منطقة الأهرامات الثلاثة، وتُعوّل مصر عليه كثيراً في تنشيط الحركة السياحية، ومن المنتظر أن يشهد عرض المجموعة الكاملة لآثار الفرعون الذهبي توت عنخ آمون التي يتجاوز عددها 5 آلاف قطعة لدى افتتاحه الرسمي بشكل كامل.

وتضمنت الفعالية التي شهدها المتحف رحلة عبر الزمن اصطحبتهم من الماضي حيث الحضارة الخالدة، مروراً بالحاضر ورموزه الفنية، نحو صورة لمستقبل أكثر ابتكاراً وإبداعاً.

وتعدّ فعالية «تأثير الإبداع» إحدى الفعاليات المتنوعة التي يستضيفها المتحف المصري الكبير في إطار التشغيل التجريبي الذي يشهده ويتيح لزائريه زيارة منطقة المسلة المعلقة، والبهو العظيم والبهو الزجاجي، والمنطقة التجارية، بالإضافة إلى قاعات العرض الرئيسة التي تم افتتاحها جزئياً.