عمر سرطاوي اسم لامع في فضاء الطهي الجزيئي، يطلق عليه اسم «فنان الطعام» لأنه فنان بالفعل، فالطهي بحد ذاته من بين الفنون الجميلة ولكن عندما يعتمد على أفكار غير تقليدية يصبح إبداعاً حقيقياً. فبعد أن توصل سرطاوي إلى ابتكار نكهة «درب التبانة» وصنع تمثالاً قوامه الجميد قابلاً للأكل، لم يكتفِ الطاهي الفنان بهذه الابتكارات فواكب جائحة كورونا على طريقته الخاصة والفريدة من نوعها، فحول قشر الباذنجان إلى كمامات واقية من التقاط وتمرير فيروس كورونا، معتمداً على النوعية والتصميم والتفرد.
في اتصال مع «الشرق الأوسط» أبدى عمر سعادته العارمة لأنه استطاع أن يجعل من القمامة كمامة، قائلاً: «في أيامنا هذه كل شيء كيميائي وصناعي ومنفذ في مصانع، حتى منتجات الـ(فيغن)، أردت أن أعود إلى جذور الحرفية الأردنية من خلال التصنيع اليدوي، وخطرت ببالي فكرة استبدال الأقمشة المستعملة في تصنيع الكمامات بقشر أو جلد الباذنجان الذي يتمتع بلون جميل وقوة وصلابة».
الكمامات فريدة من نوعها وكل منها له شكله الخاص وهذا ما يجعل منها قطعاً فنية حقيقية، استطاع سرطاوي من خلالها الدخول في عالم صناعة الأزياء الراقية والمشاركة في أسبوع الموضة في الأردن لتصبح الكمامات مرادفاً للموضة والتفرد.
وعن اختيار قشر الباذنجان، قال سرطاوي: «إنه طري وقوي ولديه القدرة على المقاومة تماماً مثل الجلد الحيواني، وهناك متعة في تطويع جلود الخضار لأنه من السهل اللعب بها وتغيير شكلها وتحويلها إلى القطعة التي نريد وبالشكل الذي نحبه»، وشدد سرطاوي على أنه يصعب على الأخصائيين في عالم الموضة في الكثير من الأحيان التمييز ما بين القطع المصنعة من جلد الحيوان وتلك المصنوعة من جلد الخضار.
ويؤمن عمر بأن التصميم يجب أن يكون دائماً مختلفاً، وبما أن تخصصه الأولي كان التصميم والهندسة، فاستطاع بتطوير نفسه كطاهٍ بسبب حبه وشغفه للطهي الجزيئي من خلال تقديم الطعام في قالب جديد من نوعه يعتمد على استعمال منتجات جديدة في أكلات تقليدية قديمة، تماماً مثلما فعل مع الجميد الأردني.
وعن الكمامات، يقول سرطاوي: « ميزتها أن كل قطعة منها تختلف عن الأخرى من حيث النقشة واللون والنوعية، فبعضها يميل إلى اللون البني الداكن بسبب نسبة الحرارة التي تعرضت لها وأخرى تميل إلى اللون الرمادي، وتمت إضافة مفردات يدوية جميلة عليها مثل الغرز بالخيط الأبيض واستبدال الربطات العادية بسلاسل فضية أنيقة».
يعمل سرطاوي بجانب عدد من المصممين العالميين، وعلى رأسهم شيرين رفاعي المديرة التنفيذية لأسبوع الموضة في الأردن «JFW » الذي يتمتع برؤية لإبراز الابتكارات في عالم الموضة مع التركيز على المهارات الفردية والمنتج المبتكر المستخدم في كل تصميم. واستعان أيضا سرطاوي في ابتكار الكمامات بمصممة المجوهرات الراقية الأميرة نجلاء بنت عاصم ومصممة الأزياء سلام دجاني، محاولين قلب موازين الجائحة وبشاعتها إلى شيء جميل.
ويقول سرطاوي، إن الباذنجان له علاقة مباشرة بالمطبخ الشرق أوسطي وبالجذور العربية، وهذه الكمامات هي مزيج ما بين الموضة والتراث والاستدامة.
وختم سرطاوي مقابلته الهاتفية مع «الشرق الأوسط» بأنه يجب على العالم التوجه إلى الصناعة المستدامة وحماية البيئة وهذا الشيء من السهل تحقيقه مع القليل من الابتكار والإبداع من دون التخلي عن الأناقة وحيثية الجمال في التصميم.
ومن مشاريع سرطاوي المستقبلية، الاعتماد على مبدأ قشر الخضار مثل الباذنجان في تصنيع الخيم وستكون «كما وصفها» خيماً عائمة تعرض هذا النمط المستدام في التصميم.
«فنان طعام» يحوّل قشر الباذنجان إلى كمامات
دخل بها عالم صناعة الأزياء المشاركة في أسبوع الموضة الأردني
«فنان طعام» يحوّل قشر الباذنجان إلى كمامات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة