رئاسة الجمهورية ترد على منتقدي «اللقاء الوطني» وتؤكد أن عون لا يحتاج إلى {تعويم}

بري وجنبلاط يشاركان والحريري وفرنجية لم يحسما موقفهما

TT

رئاسة الجمهورية ترد على منتقدي «اللقاء الوطني» وتؤكد أن عون لا يحتاج إلى {تعويم}

يضفي غياب البرنامج الواضح للملفات التي ينوي «اللقاء الوطني» الذي دعا إليه الرئيس ميشال عون مناقشتها، شكوكاً حول نجاحه؛ خصوصاً أنه يأتي في لحظة تدهور معيشي واقتصادي ومالي، وهو ما دفع عون إلى عقده بهدف تعزيز التضامن الداخلي.
وتقول مصادر وزارية إن «قانون قيصر» لا بد من أن يحضر في المداخلات السياسية خلال اللقاء، إلا أن الهدف الأساسي هو «حماية الأمن ومنع الفتنة وتحصين الوحدة الوطنية، بعيداً عن السياسات والخلافات اليومية».
وأبدت مصادر مطلعة على موقف بعبدا استغرابها من بعض المواقف التي صدرت حول دعوة عون للقاء، وقالت: «إن الأحداث التي وقعت في بيروت وطرابلس الأسبوع الماضي، وما صدر عنها من مواقف، تذكِّر بماضٍ لا يحب اللبنانيون العودة إليه»، في إشارة إلى «الفتنة» بحسب ما أظهرت التقارير الأمنية.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الممارسات التي رافقت التوترات «أوجدت قلقاً لدى الرئيس، من أن يتمدد هذا الأمر، ونكون في وضع غير مستحب يضاف إلى الظروف المالية والاقتصادية الضاغطة».
وإذ شددت المصادر على أن «الأحداث كانت الدافع للقاء جامع لتأكيد الثوابت الوطنية وتحصين الوحدة وتأكيد العيش المشترك، وقطع الطريق على استغلال أي حادث من هذا النوع»، عدَّت «بعض الكلام عن تعويم فلان أو غيره، لا يقع في مكانه الصحيح؛ لأنه ليس غاية سياسية بقدر ما هو غاية وطنية إنقاذية».
ورأت المصادر أن الحديث عن مقاطعة «ليس في مكانه الوطني السليم؛ لأن كل القيادات تجمع على ضرورة حماية الوحدة الوطنية والعيش المشترك»، رافضة التفسيرات السياسية، ومعتبرة أنها «تدخل ضمن إطار الاجتهاد السياسي، في وقت يجب أن تكون المقاربة وطنية وليست سياسية». ورفضت القول إنه لتعويم لطرف ما، مشددة على أن «لا أحد يحتاج إلى تعويم؛ لأن كل طرف له حضوره ومكانته»، مؤكدة أن الرئيس «موجود أساساً ولا يحتاج لتعويم».
وتطالب قوى وشخصيات سياسية، من بينها رؤساء الحكومات السابقون، بتحديد جدول أعمال لقاء بعبدا، حتى لا يكون شكلياً، وذلك وسط إطار عام للحوار حددته الدعوة بـ«التباحث والتداول في الأوضاع السياسية العامة والسعي للتهدئة» من غير تخصيص الملفات.
لكن «التيار الوطني الحر» نفى أن تكون هناك «وجبة جاهزة ومعلبة لبرنامج اللقاء، كما قال عضو تكتل «لبنان القوي» النائب آلان عون، بالنظر إلى أن «هناك تحديات ومشكلات معروفة، وهدف اللقاء هو السعي لإيجاد أجوبة غير موجودة للظروف التي نعيشها»، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «البلد يمر بتحديات تمثل خطراً على استقراره الاقتصادي والمعيشي والمالي والاجتماعي وحتى الأمني، وتفرض علينا هذه الظروف التوصل إلى إقرار شبكة أمان وطنية لحماية البلد، مهما كانت الاختلافات بين القوى السياسية».
وتسير الاتصالات لتأمين الحضور على خطين متوازيين، كان أولهما عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي دعا رؤساء الكتل النيابية للمشاركة من غير الضغط على أحد لتأمين مشاركته، بينما تسير على خط آخر عبر مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي أجرى سلسلة لقاءات مع قوى سياسية لتأمين حضورها اللقاء المزمع عقده في 25 يونيو (حزيران) الجاري.
وبينما يحدد رؤساء الحكومة السابقون مطلع الأسبوع المقبل موقفهم من المشاركة أو عدمها، يؤكد بري أنه سيشارك، كما أكد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط مشاركته، بينما لم يصدر موقف حاسم بعد عن رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، ولا الرئيس سعد الحريري الذي يترأس ثاني أكبر كتلة نيابية في البرلمان، وستفقد مقاطعته اللقاء الحواري الموثوقية المطلوبة بحضور أقوى طرف سني.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.