تطبيقات التوصيل المنزلي تهدد مستقبل المطاعم

قلق من رسومها المرتفعة

تشارلي غرين ومات ماجيسكي مالكا مطعم «بيروغي ماونتين» في كولومبوس بولاية أوهايو
تشارلي غرين ومات ماجيسكي مالكا مطعم «بيروغي ماونتين» في كولومبوس بولاية أوهايو
TT

تطبيقات التوصيل المنزلي تهدد مستقبل المطاعم

تشارلي غرين ومات ماجيسكي مالكا مطعم «بيروغي ماونتين» في كولومبوس بولاية أوهايو
تشارلي غرين ومات ماجيسكي مالكا مطعم «بيروغي ماونتين» في كولومبوس بولاية أوهايو

لم يكن السيد مات ماجيسكي قبل تدابير الإغلاق العام بسبب فيروس «كورونا» المستجد، يلاحظ كثيراً من الرسوم التي يفرضها تطبيق «غروب هاب» أو تطبيق «أوبر إيتس»، في كل مرة يمررون فيها طلباً لمطعم «بيروغي ماونتين» الذي يملكه.
ولكن فور نفاذ تدابير الإغلاق، صارت تطبيقات التوصيل المنزلي المصدر الوحيد للأعمال التجارية بالنسبة إلى المطعم الذي يديره السيد ماجيسكي رفقة شريكه تشارلي غرين في مدينة كولومبوس بولاية أوهايو. وكان ذلك عندما تحولت رسوم تطبيقات وشركات التوصيل المنزلية إلى أكبر تكلفة مفردة للمطعم، وبأكثر مما كان يُدفع من قبل مقابل تناول الطعام أو العمالة في المطعم.
وكانت شركة «غروب هاب» تعتبر منفذ التوصيل الوحيد لدى مطعم «بيروغي ماونتين»، وتفرض رسوماً بأكثر من 40 في المائة من متوسط الطلبات، كما يظهر من بيانات التطبيق لدى أصحاب المطعم. ولقد أسفر ذلك عن تحول المطعم من حالة التوقف المؤقت إلى الغرق العميق في الديون، ثم أغلق مطعم «بيروغي ماونتين» أبوابه تماماً اعتباراً من أبريل (نيسان) الماضي.
وقال السيد ماجيسكي، مالك المطعم الذي تقدم مؤخراً بطلب الحصول على إعانة البطالة، عن خدمات التوصيل للمنازل: «ليس لديك من خيار سوى التسجيل على هذه التطبيقات، وليست هناك فرصة للتفاوض بشأن الأسعار أبداً. إن الأمر برمته يكاد أن يتحول إلى ما يشبه احتجاز الرهائن».
وعلى الرغم من أن تطبيقات مثل «غروب هاب»، و«أوبر إيتس»، و«دور داش»، قد جعلت من نفسها وصية بلا مبرر لإنقاذ اقتصاد المطاعم الغارقة في بلاء الوباء الراهن، فلقد تحولت رسومها المفروضة إلى ما يشبه مصدر الإزعاج والصعوبة المستمرة والمتزايدة بالنسبة إلى عديد من المؤسسات.
وكان أصحاب المطاعم، من شيكاغو، وبيتسبيرغ، وتامبا في فلوريدا، إلى بويز في أيداهو، وألبوكيركي في نيومكسيكو، وريتشاردسون في تكساس، قد انتقلوا إلى مختلف منصات التواصل الاجتماعي للإعراب عن عدم ارتياحهم للأمر. وكانت بعض المطاعم قد أغلقت أبوابها تماماً، وقرر البعض الآخر مقاطعة تطبيقات التوصيل المنزلي بالكلية، مع البحث عن وسائل أخرى وبديلة لتلقي طلبات العملاء من المنازل.
مشكلة الرسوم الكبيرة التي تفرضها شركات وتطبيقات التوصيل للمنازل على كل من المطاعم والمستهلكين، موجودة وقائمة منذ فترة طويلة، غير أنها ازداد تفاقمها في الآونة الأخيرة؛ لا سيما مع إغلاق عديد من المطاعم أبوابها أمام العملاء، والاعتماد على الطلبات المنزلية. وحتى مع محاولة عودة المطاعم إلى العمل بصفة جزئية، فمن شأن خدمات التوصيل للمنازل أن تستمر لفترة مقبلة، وأن تكون جزءاً كبيراً لا يتجزأ من أعمال المطاعم، وبأكثر مما كانت عليه الأوضاع قبل انتشار الوباء. كما أعرب عديد من المطاعم عن القلق علناً من تلاشي قدرتها المستقبلية على تحدي رسوم تطبيقات التوصيل المتصاعدة. ومرجع ذلك أن شركة «أوبر» كانت تجري المحادثات في الآونة الأخيرة بشأن الاستحواذ التجاري على تطبيق «غروب هاب»، الأمر الذي يوحي باعتزام الشركة طرح تطبيق للتوصيل المنزلي من العيار الثقيل.
قال السيد بيتر لاند، الناطق الرسمي باسم شركة «غروب هاب»، إن السيد ماجيسكي قد سدد رسوماً أكبر من المعتاد؛ لأنه تخير الاشتراك في برامج التسويق لدى الشركة التي تساعد المطعم على زيادة الانتشار لدى مختلف شرائح العملاء، وأضاف قائلاً: «إننا ندرك أن هذا الوقت هو من الأوقات العصيبة على أصحاب المطاعم المستقلة. ونحن نواصل مضاعفة جهودنا لدعمهم».
وقال السيد ماجيسكي إن شركة «غروب هاب» قد دفعته إلى الاعتقاد بأن برامج التسويق لديها من بين الأدوات التي كان يدفع لها مقابل معاونة المطاعم المحلية على استمرار العمل، ولم يكن يدرك أنه يتعين عليه سداد فاتورة إضافية لذلك. وكانت هناك مطاعم أخرى قد أعربت عن شكاوى مماثلة لذلك.
وكان السيد بيتر لاند وشركة «أوبر» قد رفضا التعليق على مجريات الصفقة المذكورة.
من المعروف أن أصحاب المطاعم أكثر اهتماماً بما هو أهم من رسوم خدمات التوصيل للمنازل. فمن خلال مقابلات أجريت مع 18 من أصحاب المطاعم ومستشاري الصناعة، بالإضافة إلى الدعاوى القضائية المرفوعة ومدونات التواصل الاجتماعي المنشورة، أفاد كثيرون بأن تلك التطبيقات قد شاركت عن عمد في ممارسات خادعة، مثل طرح معلومات غير دقيقة على مواقعها الإلكترونية تتعلق بالمطاعم، وكل ذلك من دون طلب إذن من أصحاب المطاعم قبل نشر المعلومات.
وكان مطعم «فريش كرافت» في مدينة دنفر، قد رفع دعوى قضائية ضد شركة «غروب هاب» خلال الشهر الماضي، متهماً إياها بإنشاء مواقع لمختلف المطاعم من دون موافقة أصحاب تلك المطاعم، ثم وضع علامات على تلك المواقع تفيد بأن هذا المطعم أو ذاك أصبح مغلقاً أو لم يعد يتلقى الطلبات عبر الإنترنت، مع أن تلك المطاعم لا تزال مفتوحة وتتلقى الطلبات على الإنترنت بلا مشكلات.
وقال إيريك ريغز، مالك مطعم «فريش كرافت» وصاحب الدعوى المرفوعة على الشركة: «تكمن المشكلة في حقيقة مفادها أنهم يسيئون تمثيل العلامة التجارية الخاصة بي في هذه الأوقات العصيبة، ثم يدفعون عملاء تطبيق (غروب هاب) إلى الانتقال للطلب من مطاعم أخرى، مما يؤثر سلباً على أعمالي، وهذا الأمر مؤسف للغاية». ويحاول السيد ريغز في غضون ذلك الحصول على صفة الدعوى القضائية الجماعية لقضيته المرفوعة أمام القضاء.
وبعد محاولة اتصال صحيفة «نيويورك تايمز» بشركة «غروب هاب» بشأن المشكلة نفسها لدى مطاعم أخرى في مدينة بيتسبيرغ وشيكاغو، أقدمت الشركة على تغيير العبارات التجارية المسيئة من على موقعها، ولكنها رفضت التعليق على مجريات الدعوى القضائية أو على اللغة المستعملة عبر مواقعها الإلكترونية.
وتعد الفجوة ما بين نجاح تلك التطبيقات وآلام المطاعم مثيرة للذهول. إذ انخفض الإنفاق لدى المطاعم بنسبة 35 في المائة خلال الأسابيع الأخيرة عن الفترة نفسها من العام السابق، في حين ارتفعت أرباح خدمات التوصيل للمنازل بنسبة بلغت 140 في المائة أيضاً عن الفترة نفسها، وذلك وفقاً لبيانات مؤسسة «إم ساينس» المعنية بتحليل بيانات معاملات المطاعم وخدمات التوصيل.
وهناك قدر من الرياضيات الأساسية في صميم تلك المسائل. بالنسبة لأي مطعم نموذجي، فإن التكاليف الثابتة مثل العمالة، والطعام، والإيجار، تستهلك ما يقرب من 90 في المائة من أموال الإيرادات المحققة. الأمر الذي يترك مجالاً فسيحاً للرسوم الأساسية التي تفرضها الشركات الكبرى لتوصيل الطلبات على المطاعم الصغيرة، والتي تتراوح بشكل عام بين 20 إلى 30 في المائة مما يدفعه عملاء المطعم مقابل كل طلب يطلبونه.
وكانت مدن شيكاغو، ولوس أنجليس، ونيويورك، وسياتل، وسان فرنسيسكو، قد أقرت مؤخراً تشريعات أو قواعد لحالات الطوارئ، للحد من رسوم تطبيقات التوصيل، وذلك حتى انتهاء حالة الإغلاق العام الراهنة. ولكن، حتى مع تحديد سقف الرسوم عند نسبة 62 في المائة، فإن المطاعم المحلية المستقلة في مدينة سان فرنسيسكو قد أفادت ضمن استطلاع للرأي جرى الشهر الماضي، بأنها كانت تواصل خسارة الأموال مع التوصيل للمنازل وطلبات الوجبات السريعة.
واتخذت تلك الرسوم الباهظة مرتقى صعباً بصورة خاصة، مع شروع شركات توصيل الطلبات، في إطلاق الحملات الدعائية التي تعلن من خلالها أنها معنية تمام العناية بمعاونة المطاعم المحلية، ومحاولة إنقاذها خلال الأزمة الراهنة. ومن بين تلك الإعلانات ذلك الذي يقول: «تعتقد شركة (غروب هاب) أننا سوياً سوف نتمكن من إنقاذ المطاعم التي نحبها جميعاً».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».