مستقبل التعايش مع «كوفيد- 19»: مربعات عزل على الشواطئ و«روبوتات» في المطاعم

TT

مستقبل التعايش مع «كوفيد- 19»: مربعات عزل على الشواطئ و«روبوتات» في المطاعم

العودة إلى حياة شبه طبيعية بعد وباء «كوفيد- 19» لن تكون سلسة أو كما كانت من قبل. ومع استمرار المخاوف من العدوى سوف تستمر نصائح التباعد الاجتماعي وغسل اليدين وارتداء الكمامات في الأماكن المغلقة ووسائل المواصلات. وسوف تتواصل بعض مظاهر الحياة التي ظهرت أثناء الوباء إلى فترة ما بعده، إما لفوائد بيئية وإما للحد من عودة الإصابات القاتلة.
في لندن، تستعد بعض المطاعم للافتتاح باستخدام أجهزة «روبوت» لتقديم الوجبات إلى الزبائن، ولجأت بعض الشواطئ الأميركية إلى تقسيم المساحات الرملية عليها إلى مربعات بأضلاع طولها متران، للفصل بين المصيفين. ونادت الأمم المتحدة بخطط للتخلص من الاعتماد السابق على السيارات؛ لأنه «غير صحي وغير مستدام للبيئة».
وتدعو لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية في أوروبا (UNECE) إلى التحول من وسائل النقل في المستقبل إلى أخرى «أكثر رفقاً بالبيئة وصحية ومستدامة، مثل تشجيع استخدام الدراجات». ويتم التركيز على أوروبا أولاً، لتطبيق هذه الاستراتيجية؛ حيث ترى اللجنة الأممية فرصة غير مسبوقة في فرض التحول البيئي الذي من دونه لن تتحقق أهداف خفض البث الكربوني.
وتجد المنظمات البيئية عديداً من الدلائل التي نتجت عن شهور «كوفيد- 19» في نظافة هواء المدن وانخفاض الملوثات الكربونية، الناتجة عن هجرة استخدام السيارات أثناء فترات الحجر الصحي في المنازل. وهي ترى أن التحول لن يحدث إلا بتشجيع وإجراءات إضافية من الحكومات.
وفي لندن، تتوجه بعض المطاعم إلى تجربة استخدام أجهزة «روبوت» لخدمة الزبائن عندما تنتهي فترة الإغلاق الحالية. ومنها مطعم «ذا تي تيراس» الذي أجرى بحثاً على الزبائن بسؤالهم عن الجوانب التي تقلقهم عند العودة إلى المطاعم. وكانت معظم الإجابات تتراوح حول التعامل مع السقاة وعمال الخدمة حول المقاعد. وكان القرار هو إبعاد الطاولات بعضها عن بعض، واستخدام أجهزة «روبوت» لخدمة الزبائن.
وكان للمطعم تجربة سابقة في استخدام «روبوت» في فرع مدينة كوبهام بالقرب من لندن أثناء فترة رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي. وأطلق المطعم على «الروبوت» اسم «ماي بوت» ليكون بذلك أول مطعم في أوروبا يقبل على هذه الخطوة. وكان ذلك بسبب ضغط العمل في المطعم، وكثرة الحجوزات التي فاقت طاقة العمال فيه.
من الملامح الأخرى التي بدأت هذا الصيف تقسيم شواطئ المصايف إلى مربعات بأعمدة خشبية قصيرة وأحبال، مع طرقات بين المربعات. وقد بدأت بعض المصايف الأميركية فعلاً القيام بهذه الخطوة؛ بحيث يتم تأجير المربعات بملحقاتها بدلاً من تأجير المظلات ومقاعد الشواطئ فقط.
وتنصح إدارات الشواطئ بالحفاظ على المسافات الآمنة في البحر أيضاً، وعدم الاقتراب من آخرين في الماء، رغم عدم ثبوت نقل العدوى عن طريقها.
وهناك عديد من الخطط المماثلة لتقسيم الشواطئ إلى مساحات آمنة للسياح في جنوب فرنسا، التي تجلب للبلاد 40 في المائة من إيرادات السياحة الأجنبية سنوياً. وتكبدت السياحة الفرنسية هذا العام خسائر بمليارات الدولارات. وترى فرنسا أن الخطوة الأولى في انتعاش السياحة هي عودة النشاط إلى الشواطئ.
وفي المستقبل، سوف ينتشر أسلوب «درايف إن»، أي البقاء في السيارات لطلب المأكولات من محلات الأكل السريع، وحضور الحفلات الموسيقية وأفلام السينما. وهو أسلوب كاد أن ينقرض بعد أن كان منتشراً في عقد خمسينات القرن الماضي؛ خصوصاً في الولايات الأميركية.
ويضمن هذا الأسلوب السلامة من العدوى، بالحفاظ على الخصوصية داخل السيارات، وأيضاً على مسافات آمنة من الآخرين. وتوجد حالياً حوالي ثلاثة آلاف سينما «درايف إن» في أميركا؛ خصوصاً في ولايات الوسط والغرب. ولا تقتصر هذه القاعات المفتوحة على أفلام السينما حالياً، وإنما تستقبل أيضاً الحفلات الموسيقية والغنائية والمهرجانات.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».