حظر تجوّل شامل في العراق بدءاً من اليوم

بعد زيادة غير مسبوقة في عدد الإصابات بالفيروس

عمال عراقيون يضعون كمامات في أحد مصانع البصرة (أ.ف.ب)
عمال عراقيون يضعون كمامات في أحد مصانع البصرة (أ.ف.ب)
TT

حظر تجوّل شامل في العراق بدءاً من اليوم

عمال عراقيون يضعون كمامات في أحد مصانع البصرة (أ.ف.ب)
عمال عراقيون يضعون كمامات في أحد مصانع البصرة (أ.ف.ب)

قررت السلطات العراقية، أمس، فرض حظر شامل للتجوال في عموم البلاد لمواجهة تفشي فيروس «كورونا»، بعد أن شهدت الأيام العشرة الأخيرة زيادات غير مسبوقة في عدد الإصابات؛ خصوصاً في العاصمة بغداد التي يبلغ عدد سكانها نحو 8 ملايين مواطن.
وأظهرت وثائق جدول أعمال اجتماع رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، باللجنة العليا للصحة والسلامة، وخلية الأزمة البرلمانية، الموافقة على مجموعة خطوات لمواجهة التطورات المتصاعدة لانتشار الوباء، وضمنها فرض حظر التجوال الشامل لمدة أسبوع يبدأ اليوم.
وبحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، فإن الحظر يشمل تشديد الجهات الأمنية إجراءاتها داخل المناطق الشعبية، ومنع جميع أشكال التجمعات التي تساهم في انتشار الفيروس. ويطلب من «شبكة الإعلام وهيئة الإعلام والاتصالات» الحكوميتين والشرطة المجتمعية، توعية المواطنين ميدانياً وإعلامياً، والدخول إلى الأزقة والأسواق، ومعالجة الظواهر السلبية بأسلوب حضاري. وينص كذلك على «إلزام جميع الأشخاص بارتداء الكمّامة خارج المنازل، وعدم السماح لهم بالتنقل من دونها، وقيام مفارز شرطة المرور باحتجاز أي سيارة تحمل أكثر من العدد المقرر، 50 في المائة من سعتها، ولا يرتدي الأشخاص الذين بداخلها الكمامات، ومن دون استثناء».
لكن الإجراء الجديد يتضمن «السماح لمحال الأغذية والفواكه والخضراوات والأفران بالعمل، بشرط عدم جواز وجود أكثر من خمسة أشخاص داخل المحل، وارتداء الكمّامة، وفي حالة المخالفة يتم إغلاقه». كما يسمح «للمطاعم بالعمل بنظام خدمة التوصيل المنزلي، وفي حالة وجود زبائن داخل المطعم، يتم إغلاق المطعم، ويُسمح للصيدليات بالعمل مع وجوب ارتداء الكمّامات لجميع العاملين والمراجعين».
ويشترط الحظر الجديد «تعطيل المؤسسات الحكومية كافة، ويستثنى منها الصحة والجهات الأمنية والدوائر الخدمية، وتشمل (الكهرباء، والبلديات، وأمانة بغداد، والزراعة، والموارد المائية)»، وأيضاً «تعطيل مؤسسات الدولة والمدارس والجامعات، مع السماح بتنقل العاملين في المجال الصحي والصحافيين وباعة الأغذية والخضراوات، مع إلزام الجميع بمراعاة الشروط الصحية وارتداء الكمامات الواقية، كما تقرر إيقاف رحلات الوافدين العراقيين مدة أسبوع واحد، لغرض إعادة تهيئة المستلزمات الطبية الضرورية لفحصهم».
وكانت السلطات العراقية قد فرضت حظراً شاملاً للتجوال منتصف مارس (آذار) الماضي، ثم قامت بتخفيفه إلى حظر جزئي يبدأ من ساعات الصباح الأولى وينتهي عند الساعة السادسة مساءً، ثم عادت وأقرت الحظر الجديد بعد تسجيل أعلى حصيلة للإصابات، الجمعة، بواقع 416 إصابة تركزت في معظمها بالعاصمة بغداد.
ورغم قلة أعداد المصابين العراقيين (6179) قياساً بدول أخرى، فإن تصاعد أعداد المصابين مؤخراً أثار مخاوف جدية على الصعيدين الرسمي والشعبي، من أن تؤدي موجة الإصابات الجديدة إلى انهيار النظام الصحي الذي يعاني أساساً من تصدعات عديدة.
وبالتزامن مع فرض حظر التجوال الشامل، شدد وزير الصحة والبيئة، حسن التميمي، على أن «وضع العراق في مواجهة (كورونا) ما زال تحت السيطرة». وقال في تصريحات، أمس، إن: «وضع البلاد تحت السيطرة رغم أننا ما زلنا في مرحلة الخطر، وإن زيادة أعداد الإصابات بفيروس (كورونا) في بغداد وبعض المحافظات كانت نتيجة لزيادة عمليات المسح الوبائي وعدد الفحوصات، وعدد الفرق الطبية، وزيادة عدد المختبرات لاكتشاف الحالات التي لا تظهر عليها أعراض لدى المصابين». وأشار التميمي إلى «قرب وصول الفحوص إلى رقم 10 آلاف فحص يومياً، بالتزامن مع زيادة أعداد الفرق الطبية التي تشارك في عملية المسح الوبائي الفعال بمختلف المحافظات، مع التركيز على المناطق الأكثر إصابة بالفيروس».
وبلغ إجمالي النماذج المفحوصة منذ بداية تسجيل المرض في العراق 222 ألفاً و375 نموذجاً، بحسب بيان صادر عن وزارة الصحة، الذي سجل أمس اكتشاف 306 إصابات جديدة، ليبلغ المجموع الكلي للإصابات 6179، تعافى منها 3110 إصابات، وتوفي 195 مصاباً.
من جانبه، حذَّر مدير صحة الرصافة في بغداد، عبد الغني الساعدي، أمس، من دخول بغداد مرحلة خطيرة في مواجهة فيروس «كورونا»؛ خصوصاً بعد انتقال عدوى الفيروس للملاكات الطبية. وقال الساعدي في تصريحات: «نمر حالياً بمرحلة خطرة، مع ازدياد ضغط إصابات (كورونا) في بغداد على المؤسسات الصحية؛ لكن لم نصل لمرحلة عدم السيطرة على الوباء، والأمر محتمل جداً». وأضاف الساعدي أن «ازدياد الأعداد بسبب عدم الالتزام بإجراءات الوقاية من المواطنين قد يتسبب في خروج الأمور عن السيطرة».
وذكر أن «ارتفاع عدد المصابين بـ(كورونا) ولَّد مشكلة كبيرة، إذ إن الملاكات الطبية بدأت تتعرض للعدوى رغم اتخاذها إجراءات الوقاية اللازمة. مستلزمات الوقاية لا تقي 100 في المائة من الإصابة، وهناك هامش 1 في المائة لانتقال العدوى بسبب كثافة أعداد ما يستقبل من حالات مصابة».
وسجلت إحصاءات وزارة الصحة أمس، تعرض 12 موظفاً بين طبيب ومعاونين صحيين إلى الإصابة بالفيروس. وتتحدث المصادر الصحية عن إصابة العشرات من الكوادر الصحية بالفيروس خلال الأسابيع الماضية، ما قد يمثل تحدياً جديداً للسلطات الصحية التي تشكو من قلة كوادرها الطبية.
ومع فرض حظر التجوال الجديد، تكررت الأحاديث أمس، عن جدوى الحظر في ظل عدم التزام واضح به؛ خصوصاً في المناطق والأحياء الشعبية. كما عاد الناس للتحدث عن المعاناة التي ستتعرض لها الطبقات الفقيرة في ظل تعطيل حركة السوق، وانعدام فرص العمل، مع الضعف الواضح لدور الدولة في التخفيف عن كاهل الطبقات السكانية الفقيرة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.