مع دخول الهند في ثالث عملية إغلاق تستمر لأكثر من أسبوعين بعد 40 يوماً من إجراءات الإغلاق المتتابعة، لم تعد المساجد تقيم صلوات جماعية ولم يعد مسموحاً بالصلاة جماعة في أماكن، ما دفع مسلمي الهند إلى منصات عبر شبكة الإنترنت للتشارك في صلاة التراويح والإفطار وتوزيع الزكاة.
في هذا الصدد، قالت زهور مالك: «قبل وقت الإفطار، أدخل الإنترنت مع والدي وشقيقاتي ونصلي معاً ونتناول الإفطار في ذات الوقت، وذلك بسبب عجزي عن الانضمام لوالدي في لوكنو لأنني عالقة داخل دلهي جراء إجراءات الحظر. أيضاً، نحرص على التجمع معاً عبر تطبيق (فيس تايم)، ما يضفي علينا شعوراً بالوحدة ولمّ الشمل. كما يتولى والدي إمامتي في صلاة التراويح».
ولا يقتصر الأمر على زهور، ذلك أن هناك الكثيرين غيرها يحرصون على الاحتفال بأجواء رمضان برفقة أقارب وأصدقاء عبر الإنترنت. من بين هؤلاء سايرة التي قالت: «بالتأكيد أصبحت الإنترنت وسيلة الاتصال خلال الأزمة الحالية. ومن خلالها، يمكنك على الأقل رؤية صور وفيديوهات لأصدقاء وأقارب، نظراً لعدم وجود فرصة للجلوس معاً. ولذلك، أصبحت مكالمات الفيديو والدردشات الفرصة الوحيدة أمام غالبيتنا للتواصل».
وأضافت: «غابت عنا الأجواء الاحتفالية بسبب الوباء».
من جهتهم، يحرص بعض الأئمة على نقل شعائر صلاة التراويح في بث حي عبر منصات شبكات التواصل الاجتماعي مثل «يوتيوب» و«فيسبوك» و«تويتر»، إلى جانب بعض الإرشادات بخصوص كيفية أداء الصلاة بالمنازل.
وشرح الإمام مرتضى علام أنه «ربما يستعين بعض الأسر الميسورة بحافظ في المنزل، لكن باقي الأسر يتعين عليها أداء صلاة التراويح في 20 ركعة تتلو خلالها آيات من القرآن الكريم والتي إما أنهم يحفظونها وإما أنهم يستعينون بالإنترنت. وينبغي وقف حفلات الإفطار جميعها وتوزيع الأموال بدلاً عن ذلك على توفير طعام للفقراء. كما يتعين على الناس التوقف عن إرسال كميات ضخمة من الطعام إلى المساجد، وإنما الاكتفاء بإرسال طعام للأشخاص الأربعة أو الخمسة الموجودين بالمسجد فحسب. وينبغي للناس كذلك التضرع إلى الله كي يرفع هذا الوباء». واستطرد قائلاً: «شخصياً أعتقد أنه بالنظر إلى تغير الأزمان، هذا النمط من الصلاة يتوافق مع الشريعة».
- الزكاة عبر الإنترنت
يقبل الكثير من المسلمين على تقديم تبرعات لمجموعة متنوعة من المنظمات غير الحكومية، بل وحتى بعض المساجد التي توفر الطعام للفقراء في ظل الظروف الصعبة الراهنة.
في هذا الصدد، أعلن أرتيزا قريشي، 33 عاماً، مؤسس منظمة «مرحم» غير الهادفة للربح التي تتخذ من دلهي مقراً لها، في منشور عبر «فيسبوك» عن حاجة المنظمة إلى متطوعين، وكتب أنه: «كيف يمكننا توزيع الطعام على 20 أسرة تعاني فقراً شديداً كبديل لصلاة 20 ركعة تراويح كل مساء خلال الأيام الـ20 الأولى من رمضان؟ وبعد ذلك، يمكنك صلاة التراويح بمفردك في المنزل».
في غضون يوم واحد، امتلأ صندوق الرسائل لديه برسائل من أكثر من 60 شخصاً عرضوا التطوع في المعاونة في توصيل الطعام عبر أجزاء مختلفة من المدينة.
وقال محمد زبير: «هذا العام، قررنا التبرع بأموال الزكاة للأسر الفقيرة من خلال منظمات خيرية وغير حكومية قادرة على تحديد المحتاجين في أثناء فترة الحظر».
من جهتها، أطلقت شركة ناشئة بمجال تصميمات الغرافيك في نيودلهي تحمل اسم «مينيمال مسلم» سلسلة من رسوم الغرافيك مصممة لشهر رمضان. وحملت التصميمات رسائل منها «نتحمل مسؤولية أكبر في رمضان هذا العام»، وتقول رسالة أخرى «كن مسلماً مسؤولاً».
كما تحمل رسوم الغرافيك مجموعة من الأمور التي يتعين الامتناع عنها هذا الشهر، مثل «تجنبوا حفلات الإفطار، نعلم أنكم تفتقدونها بشدة، لكن يجب أن نوقف تفشي فيروس (كورونا). أفطروا مع أسركم».
من ناحيته، قال أمير إقبال، مؤسس شركة «مينيمال مسلم»: «حددنا كذلك أسماء منظمات خيرية في جميع أرجاء دلهي يمكن للناس التبرع لها».
وفي سياق متصل، دعا مجلس علماء وشيوخ الهند الميسورين إلى دفع أموال الزكاة والصدقات إلى مؤسسات خيرية ودينية، مع الوضع في الاعتبار ظروف الحظر والإغلاق.
كما طلب رجال دين مسلمون من حكومات الولايات بمختلف أرجاء البلاد توجيه الأموال التي كانت مخصصة لمآدب الإفطار برمضان إلى الفقراء والمحتاجين خلال تلك الظروف الصعبة. على سبيل المثال، دعا مولانا محسن باشا المسؤول التنفيذي عن ولاية تيلانغانا، كيه. تشاندراشيكار، إلى إنفاق الأموال المخصصة لحفلات الإفطار السنوية والبرامج الأخرى المرتبطة برمضان، على المسلمين الفقراء من خلال تحويل الأموال مباشرة إلى حساباتهم.
والملاحظ أن الكثير من الأفراد اتخذوا هم أيضاً خطوة تحويل الأموال التي كانوا يخصصونها لمآدب الإفطار في رمضان إلى المسلمين الفقراء. من بين هؤلاء فرحان أحمد الذي قال: «قررنا التبرع بالمال الذي كنا نستغله فيما مضى في تنظيم مآدب إفطار. وأدركنا أن هناك العديد من الأسر التي تناضل من أجل سد احتياجاتها بسبب حالة الإغلاق».
في الوقت ذاته، يستعد الكثير من المسلمين للاحتفال بالعيد دون مظاهر البذخ المعتادة تضامناً مع الآخرين الذين يكابدون ظروفاً صعبة. جدير بالذكر أن الملايين من سائقي سيارات الأجرة والعاملات بالمنازل والعاملين بأجور يومية والبائعين المتجولين والعاملين في مجال البناء، تضرروا بشدة من توقف عجلة النشاط الاقتصادي.
كما انتشرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي حملة بعنوان «لن أشتري ملابس للعيد، هل ستفعل أنت؟» التي تدعو المسلمين إلى التبرع بالأموال التي ينفقونها في العادة على كماليات لصالح الفقراء الذين يواجهون أزمة وباء «كوفيد - 19».
في هذا الصدد، قال نجف علي خان، أحد المنضمين للحملة: «دعونا نتعهد بنبذ التفكير المادي والتخمة والشره ومراعاة احتياجات المحتاجين من حولنا. دعونا نعلن رفض البذخ والتسوق غير الضروري من أجل العيد. ودعونا نُبقِ نصب أعيننا الظروف الراهنة حيث تلتزم غالبيتنا منازلها، بينما يقف الفقراء والمحتاجون وحدهم في مواجهة الوباء دون عمل بينما كل شيء من حولهم مغلق».
كيف غيّرت «الإنترنت» حياة الصائمين في الهند... صلاة وزكاة وإفطار عبر التطبيقات الإلكترونية
كيف غيّرت «الإنترنت» حياة الصائمين في الهند... صلاة وزكاة وإفطار عبر التطبيقات الإلكترونية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة