«عزلة كورونا» توقد أفران المصريين لصنع «كعك العيد»

تراجع مبيعاته في المحال التجارية

تتنوع طرق تزيين كعك العيد في المنزل (إ.ب.أ)  -  عملية نقش كعك العيد (إ.ب.أ)
تتنوع طرق تزيين كعك العيد في المنزل (إ.ب.أ) - عملية نقش كعك العيد (إ.ب.أ)
TT

«عزلة كورونا» توقد أفران المصريين لصنع «كعك العيد»

تتنوع طرق تزيين كعك العيد في المنزل (إ.ب.أ)  -  عملية نقش كعك العيد (إ.ب.أ)
تتنوع طرق تزيين كعك العيد في المنزل (إ.ب.أ) - عملية نقش كعك العيد (إ.ب.أ)

ألقت جائحة «كورونا» بظلالها على «كعك عيد الفطر» في مصر، بعد تراجع نسبة مبيعاته حالياً، بسبب حظر التنقل الذي تفرضه السلطات المصرية في وقت مبكر من المساء بالنسبة للمحال التجارية، بجانب اتجاه الكثيرين إلى تجهيزه منزلياً.
فاطمة محمد علي، 45 سنة (ربة منزل) مقيمة في حي إمبابة بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة)، لم يمنعها انتشار وباء «كورونا» وارتفاع حصيلة الإصابات اليومية بالفيروس في مصر أخيراً، بجانب تحذيرات الأطباء على شاشات التلفزيون المحلية من التوقف عن عادتها السنوية، وهي إعداد كعك وبسكويت عيد منزلياً مع جيرانها، وتسويته في أحد الأفران الكهربائية بالمنطقة التي تقيم بها. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «خشيت أن يمر العيد من دون أي بهجة، لا سيما بعد تشديد السلطات المصرية إجراءات الحظر ووقف وسائل النقل العامة خلال أيام العيد لتقليل التجمعات والحد من الزيارات العائلية، فحرصت على إدخال السعادة في نفوس أبنائي الذين يحبون هذه الطقوس السنوية».
ورغم حرص فاطمة على إحياء هذه العادة السنوية فإنّها تؤكد: أنّ «هناك عائلات أخرى في منطقتها عزفت عن تجهيز الكعك والبسكويت، هذا العام خوفاً من التجمعات أمام الأفران، والشقق التي كانت تتجمع فيها السيدات أثناء عمليات التجهيز، إذ اضطرت إلى شراء كميات قليلة من المحلات من أجل العيد».
وتتفاوت أسعار علب الكعك في محال الحلويات، وتسجل ما بين 50 إلى 120 جنيهاً في المتوسط للكيلو الواحد حسب المنطقة، (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، فيما يبلغ متوسط أسعار علبة كعك مكونة من 4 كيلو غرامات نحو 400 جنيه.
وفي مركز طوخ، بمحافظة القليوبية، حرصت بدر محمد عطية، 55 سنة، على صنع كمية كبيرة من الكعك والبسكويت كما اعتادت سنوياً، لتوزيعها على بناتها الثلاث المتزوجات خارج المدينة، بجانب أبنائها الذكور الذين يعيشون معها، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لن يكون هناك أجواء احتفالية في هذا العيد بسبب (كورونا)، ولن تتمكن بناتي من زيارتي في العيد لذلك اشتريت الدقيق والسمن والسكر ومكونات أخرى، لتجهيز نحو 10 كيلو كعك و10 كيلو بسكويت لإدخال البهجة في نفوس أبنائي وأحفادي، فمن دون الكعك والبسكويت لن يكون هناك أي عناصر أخرى للبهجة في زمن كورونا».
ورغم أنّ صنع كمية كبيرة من الكعك والبسكويت يعد أمراً شاقاً بالنسبة لسيدة خمسينية ترعى أسرة كبيرة، في ظل ارتفاع درجات الحرارة بجانب الصّوم، فإنّ بدر ترى أنّ ذلك أمر محبب لها ومتربط بذكريات جميلة تتمنّى تكرارها العام المقبل من دون «كورونا».
وللحد من ارتفاع الأسعار طرحت وزارة التموين والتجارة الدّاخلية المصرية أمس، منتجات كعك وبسكويت العيد من خلال فروع منافذ المجمعات الاستهلاكية والشركات التابعة وفروع الشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى، ويبدأ سعر الكيلو في منافذ الوزارة من 60 جنيهاً لكيلو الكعك السادة فيما يبلغ كيلو الكعك بالمكسرات نحو 85 جنيهاً.
وشهدت حركة بيع كعك العيد تراجعاً لافتاً في زمن «كورونا»، وفق صلاح العبد، رئيس شعبة الحلوى في غرفة القاهرة التجارية، الذي قدر نسبة التراجع بنحو 60 في المائة مقارنة بالعام الماضي، بسبب الخوف من تفشي فيروس كورونا، بالإضافة إلى غلق المحال التجارية من الساعة الخامسة، مع اهتمام المواطنين بشراء سلع أساسية أخرى في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الجميع، وأضاف العبد في تصريحات صحافية أنّ «أسعار الكعك والبسكويت هذا العام لم تشهد أي تغييرات لافتة مقارنة بأسعار العام الماضي».
ورغم تراجع حركة البيع فإنّ ثمة إعلانات تلفزيونية لسلاسل تجارية شهيرة قد تم البدء في عرضها على الشاشات أخيراً في ذروة الموسم، في وقت توقّف «الأفران الإفرنجية» عن إنتاج الخبز الفينو والمعجنات، والتركيز على إنتاج الكعك والبسكويت والغريبة وغيرها.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».