مخاطر الاقتصاد العالمي تحلّق في ظل «كورونا» والحرب التجارية و«بريكست»

ثالوث انهيار أي نظام مالي يجتمع في آن واحد

ضربت الحرب التجارية الاقتصاد العالمي بعد ضربة «بريكست» ليلحق بهما «كورونا» (أ.ب)
ضربت الحرب التجارية الاقتصاد العالمي بعد ضربة «بريكست» ليلحق بهما «كورونا» (أ.ب)
TT

مخاطر الاقتصاد العالمي تحلّق في ظل «كورونا» والحرب التجارية و«بريكست»

ضربت الحرب التجارية الاقتصاد العالمي بعد ضربة «بريكست» ليلحق بهما «كورونا» (أ.ب)
ضربت الحرب التجارية الاقتصاد العالمي بعد ضربة «بريكست» ليلحق بهما «كورونا» (أ.ب)

عادت أزمتا الحرب التجارية وبريكست تطل برأسهما من جديد على الاقتصاد العالمي، بعد محاولات عالمية التعايش مع فيروس كورونا، الذي ما زال ينخر في الأعمدة الرئيسية للاقتصاد في كل دولة على حدة، تختلف درجة تأثيره فيه حسب قوة ومؤهلات البنية التحتية المالية لها.
ورغم أن العقل الذكي يقول إن اقتصادا عالميا تشاركيا في هذه المرحلة، هو أفضل الطرق للخروج بأقل الخسائر، فإن مسؤولي القرار في معظم الدول حسبوه مجرد ذكاء صناعي، للترويج فقط وليس للتنفيذ.
قبل كورونا تأثر الاقتصاد العالمي بتراجع حركة التجارة العالمية، مع تذبذب أسعار النفط نتيجة انخفاض الطلب بعد وضع رسوم جمركية متبادلة بين الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصاديين في العالم، ليتباطأ الاقتصاد العالمي، ومن ثم تأثرت قطاعات بعينها حول العالم، فزادت معدلات البطالة وبالتالي نسبة الفقر.
ضربت الحرب التجارية الاقتصاد العالمي، في وقت كانت ضربة قاضية أخرى سبقته، تمثلت في تداعيات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
ساءت الحالة العامة للاقتصاد العالمي، الذي كان يحتاج إلى شهور بل سنوات للخروج من هذه الوعكة المالية، غير أن كوفيد - 19 جاء لينهي ما بقي منه من تنفس، كان بالكاد يتم عبر أجهزة صناعية (التحفيز المالي واستخدام جميع أدوات السياسة النقدية).
جاء فيروس كورونا ليجد أن السياسة النقدية (تخفيض أسعار الفائدة وتسهيلات ائتمانية) في معظم الدول، استنفدت جميعها، فقد أشارت مديرة صندوق النقد الدولي يوم الجمعة إلى تعديل محتمل بالخفض لتوقعات الاقتصاد العالمي، وحذرت الولايات المتحدة والصين من إعادة إشعال حرب تجارية قد تقوض التعافي من جائحة فيروس كورونا.
وقالت مديرة الصندوق كريستالينا غورغيفا في مناسبة نظمها معهد الجامعة الأوروبية عبر الإنترنت إن أحدث البيانات الاقتصادية لكثير من الدول تأتي دون توقعات الصندوق المتشائمة بالفعل لانكماش بنسبة ثلاثة في المائة في 2020.
توقع المقرض العالمي في أبريل (نيسان) الماضي، أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 3 في المائة، ليسجل أكبر تراجع منذ الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي، على أن يعقبه تعاف جزئي في 2021، لكنه حذر من أن النتائج قد تكون أكثر سوءا، وهو ما يعتمد على مسار الجائحة.
واليوم، حذرت غورغيفا من أن تراجعا إلى السياسات الحمائية قد يضعف آفاق التعافي العالمي في مرحلة حرجة.
وإعادة إنعاش التجارة العالمية ضروري لضمان تعاف اقتصادي عالمي، «وإلا فسترتفع التكاليف وستنخفض الدخول وسنكون في عالم أقل أمانا». بحسب غورغيفا.
وقدم صندوق النقد الدولي بالفعل تمويلا طارئا إلى خمسين من أصل 103 دول طلبت المساعدة. ولا تزال الدول الفقيرة تواجه خطرا كبيرا في ظل انخفاض التحويلات بشكل حاد وتهاوي أسعار السلع الأساسية، حتى مع انخفاض معدلات الوفيات جراء الفيروس، منها في بعض الدول الأكثر ثراء.

- تجاهل صناع القرار للمخاطر
في هذه الأثناء، ناشدت غرفة التجارة الأميركية، بكين، زيادة مشترياتها من البضائع الأميركية بشكل كبير في الوقت الذي يتعافى فيه الاقتصاد الصيني من تفشي فيروس كورونا المستجد، قائلة إن زيادة المشتريات سيدعم كلا البلدين والاقتصاد العالمي.
وقال مايرون بريليانت مدير الشؤون الدولية بأكبر مجموعة عمل في الولايات المتحدة «في ظل اقتراب اقتصاد الصين من العودة لوضعه الطبيعي، نأمل بأن ترفع الصين بشكل كبير مشترياتها من المنتجات الأميركية بما يتماشى مع اتفاق المرحلة 1، وأن تواصل اتخاذ خطوات لزيادة انفتاح اقتصادها».
ويبدو من اللهجة الأميركية، الإصرار على التركيز على الرؤية نفسها، قبل أزمة كورونا وبعدها، رغم الاختلاف الكبير في الرؤى، والظاهر بوضوح في النتائج المالية والأرقام الاقتصادية في كلا البلدين، بل في العالم أجمع.
وبموجب الاتفاق الذي أبرمته الولايات المتحدة والصين في يناير (كانون الثاني) ووضع حداً لحرب تجارية دامت سنتين بين البلدين، تعهدت بكين بزيادة مشترياتها من المنتجات الأميركية بمقدار 200 مليار دولار على مدى عامين، وخفض عدد من حواجز التجارة الزراعية التي تقول واشنطن إنها كانت تحد من إمكانية الدخول إلى السوق الصينية المجزية.
لكنّ الشّلل الذي أصاب الاقتصاد العالمي بسبب تفشّي فيروس كورونا المستجدّ والخلاف المستفحل بين واشنطن وبكين حول أصل هذا الوباء أثارا شكوكاً حول ما إذا كان هذا الاتفاق سينفّذ فعلاً.
مسؤول تجاري أميركي كبير، قال آخر الشهر الماضي، إن الصين ما زالت «ملتزمة جداً جداً» بتعهداتها بموجب اتفاق تجارة المرحلة 1 المبرم مع الولايات المتحدة، رغم التداعيات الاقتصادية والصحية غير المسبوقة لتفشي فيروس كورونا المستجد.
أول من أمس الجمعة، أعلنت وزارة التجارة الصينية أنّ المفاوضين الصينيين والأميركيين تعهدوا بـ«توفير الظروف الملائمة» لتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري الذي توصّل إليه البلدان مطلع العام، وذلك رغم التوترات التي تسبب بها خلافهما حول فيروس كورونا المستجدّ والتداعيات الاقتصادية الكارثية لهذا الوباء.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب هدّد الأسبوع الماضي بفرض عقوبات تجارية على الصين، محمّلاً إياها المسؤولية عن تفشّي الوباء الفتّاك في العالم وما تسبب به من تداعيات اقتصادية كارثية.
كل هذا يشير إلى مرحلة ما قبل التوصل إلى اتفاق تجاري بين البلدين، إذ إن الفريق الصيني يماطل كثيرا والأميركي يصر أكثر.

- عجز الحساب الجاري الصيني بقيمة 30 مليار دولار في الربع الأول
في غضون ذلك، سجلت الصين عجزا في الحساب الجاري خلال الربع الأول من هذا العام بسبب تصاعد الضغوط جراء تفشي وباء كورونا.
وأظهرت بيانات من مصلحة الدولة للنقد الأجنبي أوردتها وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أمس السبت، أن العجز في الحساب الجاري للعملاق الآسيوي وصل إلى 29.7 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020.
وسجلت تجارة السلع الصينية فائضا قدره 4.‏26 مليار دولار، في حين شهدت تجارة الخدمات عجزا بقيمة 47 مليار دولار، في تراجع بنسبة 26 في المائة على أساس سنوي، الأمر الذي يرجع أساسا إلى الطلب الهزيل في قطاعي السفر والنقل بسبب وباء «كوفيد - 19». وبلغ صافي تدفق الاستثمار المباشر خلال هذه الفترة 9.‏14 مليار دولار.
وأشارت وانغ تشيون يينغ، المتحدثة باسم المصلحة وكبيرة الاقتصاديين بها، إلى أن ميزان المدفوعات الدولي للصين حافظ على توازن أساسي في الربع الأخير، مع تدفقات مستقرة لرأس المال عبر الحدود. واستشهدت المتحدثة بالأسس الاقتصادية السليمة وتحركات الانفتاح للبلاد، وقالت إنه مع عودة الأنشطة التجارية والإنتاجية إلى مسارها تدريجيا، سيكون ميزان المدفوعات مستقرا مستقبلا.

- خطر «بريكست» وسط تفشي الوباء
حذر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، من تزايد مخاطر خروج صعب لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) في خضم أزمة جائحة كورونا.
وقال ماس في تصريحات لصحيفة «أوجسبورجر ألجماينه» الألمانية الصادرة أمس السبت: «إنه أمر مثير للقلق أن تواصل بريطانيا الابتعاد عن بياننا السياسي المتفق عليه في نقاط محورية بالمفاوضات... هذا لا يجوز، لأن المفاوضات حزمة كاملة، كما هو منصوص عليه في البيان السياسي». وبحسب بيانات ماس، لا يمكن توقع التوصل لاتفاق بشأن اتفاقية تجارة وشراكة شاملة أو تمديد مهلة المفاوضات لما بعد نهاية هذا العام. وقال الوزير: «لا تزال الحكومة البريطانية ترفض تمديد المهلة... إذا استمر الأمر على هذا النحو، فسيتعين علينا التعامل مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب كورونا، حتى نهاية هذا العام».
كما دعا ماس الولايات المتحدة إلى التعاون مع الاتحاد الأوروبي من أجل التغلب على التداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا، وقال: «يتعين علينا التعاون الآن لدفع الاقتصاد العالمي والتجارة العالمية إلى الأمام مجددا رغم كورونا».
وذكر ماس أنه سيكون لدى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة معا تأثير استثنائي يتعين الاستفادة منه على المسرح العالمي، وقال: «نحن نرتكز على أساس مشترك من القيم، ولدينا مصالح مشتركة أكثر بكثير من المصالح المتضاربة».
وأكد ماس أن إدارة الأزمة سيكون لها الأولوية لدى الحكومة الألمانية خلال فترة الرئاسة الدورية، وقال: «يتعين علينا إبقاء الجائحة تحت السيطرة من خلال إجراءات منسقة بقدر الإمكان، وفي الوقت نفسه إعادة الانعاش الاقتصادي لأوروبا إلى مساره السليم»، مؤكدا أن هذا ما سيميز فترة رئاسة بلاده للاتحاد. تجدر الإشارة إلى أن ألمانيا ستترأس مجلس الاتحاد الأوروبي ابتداء من مطلع يوليو (تموز) المقبل لمدة ستة أشهر.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد جناح «أوبك» في أرض مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي (د.ب.أ)

وكالة الطاقة تتراجع عن «نهاية عصر الوقود الأحفوري»... «مصالحة مع الواقع»

أعلنت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) الأربعاء أن وكالة الطاقة الدولية أجرت «مصالحة مع الواقع» بعد تراجعها عن توقعاتها لعام 2023

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد بائع يعرض أساور ذهبية للبيع في محل ذهب في البازار الكبير في إسطنبول (أ.ف.ب)

الذهب يواصل الصعود لليوم الرابع بفضل ضعف الدولار وآمال خفض الفائدة

واصلت أسعار الذهب ارتفاعها لليوم الرابع على التوالي، يوم الأربعاء، مدعومة بضعف الدولار الأميركي وارتفاع رهانات خفض الفائدة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد زورق دورية تابع للبحرية الفنزويلية يرافق ناقلة النفط الخام «يوسلين" التي ترفع علم بنما بالقرب من مصفاة إل باليتو في بويرتو كابيلو (أ.ف.ب)

استقرار أسعار النفط بعد مكاسب الثلاثاء... والأنظار تتجه نحو واشنطن

استقرت أسعار النفط، الأربعاء، بعد ارتفاعها في الجلسة السابقة وسط توقعات بأن إنهاء إغلاق حكومي أميركي قد يعزز الطلب في أكبر دولة مستهلكة للنفط.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد منظر عام لأبراج في حي المال «ذا سيتي» بلندن (رويترز)

تحسن توقعات أرباح الشركات الأوروبية رغم عدم اليقين الاقتصادي

أظهرت أحدث توقعات الأرباح يوم الثلاثاء تحسناً واضحاً في آفاق الشركات الأوروبية، مع استمرار الشركات في إظهار قدرتها على التكيف وتجاوز حالة عدم اليقين التجاري.

«الشرق الأوسط» (لندن )

«إتش إس بي سي»: 90 % من شركات الإمارات تخطط لزيادة استثماراتها في السعودية

مقر بنك «إتش إس بي سي» في مدينة دبي الإماراتية (الشرق الأوسط)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في مدينة دبي الإماراتية (الشرق الأوسط)
TT

«إتش إس بي سي»: 90 % من شركات الإمارات تخطط لزيادة استثماراتها في السعودية

مقر بنك «إتش إس بي سي» في مدينة دبي الإماراتية (الشرق الأوسط)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في مدينة دبي الإماراتية (الشرق الأوسط)

أظهر تقرير جديد لبنك «إتش إس بي سي» أن 9 من كل 10 شركات تعمل في الإمارات تعتزم توسيع تعاملاتها التجارية والاستثمارية مع السعودية خلال الأعوام الخمسة المقبلة، فيما أفادت أكثر من 78 في المائة بأنها تتطلع للقيام بخطوات مماثلة خلال الأشهر الستة المقبلة، في مؤشر على تنامي الثقة بمسار التحول الاقتصادي في المملكة.

ووفق تقرير «شبكات رأس المال: المملكة العربية السعودية»، الذي استطلع آراء 4 آلاف من صناع القرار في شركات دولية تتراوح إيراداتها السنوية بين 50 و500 مليون دولار، تركزت دوافع الشركات الإماراتية نحو السوق السعودية على الاستقرار الاقتصادي بنسبة 59 في المائة، تليها فرص النمو 58 في المائة، ثم موقع المملكة بوصفها بوابة إلى أسواق مجلس التعاون بنسبة 42 في المائة.

وأكد محمد المرزوقي، الرئيس التنفيذي لبنك «إتش إس بي سي الشرق الأوسط» المحدود في الإمارات، أن «قوة التبادل التجاري بين الإمارات والسعودية تعكس الثقة الكبيرة في مستقبل الاستثمار البيني»، لافتاً إلى أن عملاء البنك يسهمون في تعميق الشراكة عبر استثمارات في التكنولوجيا والتحول في الطاقة والمشاريع الكبرى، بما يدفع النمو والابتكار في المنطقة.

وأظهر التقرير أن تمويل المشاريع يمثل قناة الجذب الأبرز للمشاركة في السوق السعودية بحسب 52 في المائة من الشركات الإماراتية، تليه حلول إدارة المخاطر 46 في المائة. كما عدّت 47 في المائة أن التكنولوجيا والابتكار هما القطاع الأكثر جاذبية للاستثمار حالياً، و46 في المائة مستقبلاً.

وعلى صعيد آليات التوسع، فضّلت 48 في المائة من الشركات صناديق الأسهم الخاصة ورأس المال الجريء، تلتها الصناديق المشتركة بنسبة 46 في المائة، ثم الشراكات والمشاريع المشتركة 45 في المائة.

ويتقاطع هذا التوجه مع تصورات إيجابية واسعة حيال بيئة الاستدامة والحوكمة في السعودية، إذ ترى 96 في المائة من الشركات الإماراتية أن برامج الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في السعودية تشجع على الاستثمار، فيما عدّت 94 في المائة المملكة مركزاً موثوقاً للتجارة والاستثمار رغم حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.

ويخلص التقرير إلى أن ديناميكية الاقتصادين الإماراتي والسعودي، وتكامل المبادرات بينهما، يعززان موجة جديدة من الاستثمارات البينية، تقودها قطاعات التقنية وتمويل المشاريع، مع اتساع شهية الشركات لاستخدام قنوات رأس المال المتخصص لتسريع التوسع والنمو.


ختام هادئ لـ«يوم العزاب» الصيني بانتظار حسابات المعنويات والمبيعات

عمال توصيل على دراجات نارية بانتظار تجهيز الطلبات وتوصيلها في «يوم العزاب» بمدينة شنغهاي (إ.ب.أ)
عمال توصيل على دراجات نارية بانتظار تجهيز الطلبات وتوصيلها في «يوم العزاب» بمدينة شنغهاي (إ.ب.أ)
TT

ختام هادئ لـ«يوم العزاب» الصيني بانتظار حسابات المعنويات والمبيعات

عمال توصيل على دراجات نارية بانتظار تجهيز الطلبات وتوصيلها في «يوم العزاب» بمدينة شنغهاي (إ.ب.أ)
عمال توصيل على دراجات نارية بانتظار تجهيز الطلبات وتوصيلها في «يوم العزاب» بمدينة شنغهاي (إ.ب.أ)

يُوشك مهرجان مبيعات «يوم العزاب» في الصين على الانتهاء بعد أكثر من شهر من العروض الترويجية على أكبر منصات التجارة الإلكترونية في البلاد، والتي لم تُثر حماس المستهلكين على نطاق واسع خلال أكبر حدث تسوق في العالم.

وأدى ضعف المستهلكين في الصين، الناجم عن أزمة عقارية مطولة ومخاوف بشأن أمن الدخل، إلى صعوبة أكبر من أي وقت مضى في إقناع الناس بالإنفاق.

رداً على ذلك، أصبح تجار التجزئة أكثر جرأة في تقديم خصومات على مدار العام، وضخّوا مليارات اليوانات في شكل دعم وكوبونات للمستهلكين، وواصلوا عروض التخفيضات.

وانطلقت فعاليات «يوم العزاب» هذا العام (الذي يُصادف كل عام يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني أو 11.11) في كثير من المواقع الإلكترونية في النصف الأول من أكتوبر (تشرين الأول)؛ ما يجعله أطول مهرجان حتى الآن.

وقال جوش غاردنر، الرئيس التنفيذي لشركة «كونغ فو داتا»، التي تدير متاجر إلكترونية في الصين لأكثر من اثنتي عشرة علامة تجارية عالمية للأزياء وأسلوب الحياة: «إنه يومٌ متفاوت. قد تكون كلمة (خافتة) مناسبة لوصف المشاعر والمبيعات خلال فترة (يوم العزاب) هذه».

وأضاف: «حققت بعض العلامات التجارية أداءً ممتازاً، متجاوزةً التوقعات بكثير. بينما استقرت مبيعات علامات تجارية أخرى أو ارتفعت أو انخفضت قليلاً عن العام الماضي».

وبلغ إجمالي مبيعات العام الماضي لما كان يُعرف آنذاك بأطول حدث على الإطلاق، 1.44 تريليون يوان (202 مليار دولار)، وفقاً لشركة «سينتون»، وهي شركة مزودة للبيانات.

تفاصيل قليلة

وفي حين كانت المنصات الكبرى تُقيم حفلاتٍ احتفاليةً بالمبيعات القياسية التي بدت وكأنها تتدفق عاماً بعد عام، لم تُفصح شركاتٌ، مثل «علي بابا» و«جيه دي.كوم»، عن إجمالي مبيعات «يوم العزاب» لسنوات عدة.

ويوم الأربعاء، أعلنت «جيه دي.كوم» أن مبيعاتها بلغت «مستوًى قياسياً جديداً»، حيث ارتفع عدد المستخدمين الذين قدموا طلباتهم بنسبة 40 في المائة، وارتفع عدد الطلبات بنسبة تقارب 60 في المائة. وأضافت الشركة أن مبيعات منتجات الأطفال «بيلامي أورغانيك» من أستراليا، وعلامة الحيوانات الأليفة الأميركية «إنستينكت»، ومنتجات العناية بالبشرة الفرنسية من «أفين»، على «جيه دي.كوم»، ارتفعت جميعها بأكثر من 150 في المائة مقارنةً بالعام السابق.

وتقدم منصتا «تي مول» و«تاوباو» التابعتان لشركة «علي بابا» عروضاً بمناسبة «يوم العزاب» حتى 14 نوفمبر، إلا أن الشركة لم تُصدر أي معلومات عن أداء مبيعاتها حتى نهاية 11 نوفمبر.

وفي وقت سابق، أعلنت «علي بابا» أن 35 علامة تجارية، بما في ذلك «نايكي» و«لوريال» وشركتا «أنتا» المحليتان و«برويا» الناشئة في مجال التجميل، باعت سلعاً تجاوزت قيمتها 100 مليون يوان في الساعة الأولى من التخفيضات هذا العام.

وأكد غاردنر أن ارتفاع مبيعات «يوم العزاب» ليس بالقوة نفسها التي كان عليها سابقاً، لكن شهري أكتوبر ونوفمبر لا يزالان يُمثلان نحو 30 إلى 40 في المائة من الإيرادات السنوية للعلامات التجارية التي يُديرها.

وقالت لي يان، وهي ربة منزل تبلغ من العمر 45 عاماً، في بكين: «حتى العام الماضي، كنت أخطط مسبقاً لـ(يوم العزاب)، وأُعدّ قائمة بما سأشتريه، لكنني لم أفعل ذلك هذا العام. أصبح شراء الأشياء في أي وقت الآن أمراً سهلاً للغاية؛ لذلك قضيت مهرجان التسوق دون شراء أي سلع باهظة الثمن».

كوبونات لكبار المنفقين

وفي محاولة لتشجيعهم على إنفاق المزيد، تعهدت «علي بابا» في أكتوبر بتقديم 50 مليار يوان دعماً خاصاً لأعضائها من كبار الشخصيات البالغ عددهم 53 مليوناً.

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت الشركة عن ارتفاع عدد المشترين النشطين يومياً من بين هؤلاء الأعضاء بنسبة 39 في المائة مقارنة بالعام السابق خلال فترة المهرجان.

وصرح جاكوب كوك، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة «دبليو بي آي سي ماركتنغ آند تكنولوجيز»: «من وجهة نظر التجار، يُعدّ استهداف مستهلكي كبار الشخصيات أمراً مهماً لأنهم من كبار المستهلكين الذين ينفقون بكثافة ويزورون المتاجر بكثرة... ما يُسهم في استدامة الاستهلاك في الشريحة العليا من السوق التي حافظت على مرونتها».

نشاط خارجي

وأطلقت منصة «تاوباو» التابعة لـ«علي بابا» مبيعات مرتبطة بـ«يوم العزاب» في أكثر من 20 دولة هذا العام، في إطار جهود شركات التجارة الإلكترونية الصينية، على مستوى القطاع تقريباً، للنمو في الخارج.

وفي تقريرٍ صدر في أواخر أكتوبر بمناسبة «يوم العزاب»، أشارت شركة «باين» إلى ضرورة سعي شركات التجارة الإلكترونية الصينية نحو النمو العالمي في أقرب وقتٍ ممكن؛ نظراً لضعف توقعات المستهلكين في الداخل.

وفي لندن، استضافت منصة «علي إكسبرس» التابعة لشركة «علي بابا» فعاليةً عبر البث المباشر لعرض ألعاب «بوب مارت»، وتوقعت أن تبيع 10000 هدية للمتسوقين المتابعين للتطبيق.


السعودية تدشن أكبر مصنع لتقنيات أغشية تحلية المياه في الشرق الأوسط

الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز يدشن المشروع في حفل أقيم بالمنطقة الشرقية (الشرق الأوسط)
الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز يدشن المشروع في حفل أقيم بالمنطقة الشرقية (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تدشن أكبر مصنع لتقنيات أغشية تحلية المياه في الشرق الأوسط

الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز يدشن المشروع في حفل أقيم بالمنطقة الشرقية (الشرق الأوسط)
الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز يدشن المشروع في حفل أقيم بالمنطقة الشرقية (الشرق الأوسط)

دشَّن الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، أمير المنطقة الشرقية، الأربعاء، مصنع شركة «توراي ممبرين الشرق الأوسط المحدودة» في المدينة الصناعية الثالثة بالدمام (شرق المملكة)، وهو أكبر مصنع لتقنيات أغشية تحلية المياه في الشرق الأوسط، بحضور وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي، ورئيس الهيئة السعودية للمياه المهندس عبد الله بن إبراهيم العبد الكريم، والرئيس التنفيذي لهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية عبد الرحمن بن عبد الله السماري، وعددٍ من كبار المسؤولين في القطاعين الحكومي والخاص.

وأكّد أمير المنطقة الشرقية أن تدشين هذا المصنع يُجسّد ما توليه الحكومة من دعمٍ غير محدود لتوطين الصناعات النوعية وتعزيز حضور المملكة في التقنيات المتقدمة، مشيراً إلى أن هذا المشروع يمثل خطوة رائدة في تحقيق الاكتفاء الصناعي الذاتي ونقل المعرفة والتقنيات الحديثة إلى الكفاءات الوطنية.

ونوّه بما يحظى به قطاعا المياه والصناعة من اهتمامٍ كبير من حكومة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، عبر تمكين الاستثمارات النوعية وتوفير البيئة الداعمة للابتكار.

وأوضح أن المنطقة الشرقية بما تمتلكه من بنية تحتية متطورة وبيئة صناعية متقدمة ستظل رافداً رئيسياً لتحقيق مستهدفات التنمية الاقتصادية والصناعية ضمن «رؤية 2030».

ويُعدّ المصنع ثمرة شراكة بين شركة «أبونيان القابضة» وشركة «توراي الصناعية»، باستثمارات تتجاوز المليار ريال، ويُعدّ الثاني من نوعه عالمياً لشركة «توراي» خارج اليابان، بطاقة إنتاجية تبلغ 300 ألف غشاء سنوياً، مع توفير أكثر من 175 فرصة عمل للسعوديين بنسبة توطين تبلغ 70 في المائة من الكفاءات الوطنية، ومستهدف بالوصول إلى 75 في المائة حداً أدنى، ما يسهم في جعل المملكة مركزاً إقليمياً لتقنيات الأغشية والتحلية، من خلال 6 خطوط إنتاج متكاملة تغطي احتياجات السوقين المحلي والخليجي، وتُسهم في رفع تنافسية الصناعات الوطنية، وتعزيز موقع المملكة مصدراً عالمياً للتقنيات المائية المتقدمة.

ويهدف المشروع إلى توطين صناعة أغشية التناضح العكسي المستخدمة في تحلية المياه، ونقل التقنيات المتقدمة لتعزيز الأمن المائي والصناعي في المملكة، بما يُسهم في دعم مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، وتعزيز منظومة المحتوى المحلي ورفع كفاءة سلاسل الإمداد الوطنية، من خلال توطين 72 في المائة من مدخلات التصنيع، وتقليص فترة التوريد بنسبة 53 في المائة وخفض استهلاك الطاقة بنسبة تتراوح بين 4-5 في المائة، إضافةً إلى دعم الميزان التجاري بأثر سنوي يتجاوز 135 مليون ريال، وتعزيز الناتج المحلي بما يقارب 1.14 مليار ريال خلال ثمانية أعوام.

من ناحيته، قال رئيس الهيئة السعودية للمياه، المهندس عبد الله العبد الكريم، إن هذا المشروع يُجسّد أحد النماذج الرائدة للتكامل بين منظومة المياه والقطاع الصناعي في تحقيق أهداف الاستدامة الاقتصادية والمائية.

وأشار إلى أن المصنع يمثل ركيزة أساسية في توطين تقنيات التحلية المتقدمة، وتعزيز قدرة المملكة على قيادة قطاع المياه عالمياً عبر تطوير الصناعات الداعمة والابتكار في تقنيات الأغشية.

بدوره، بيّن الرئيس التنفيذي لهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، عبد الرحمن السماري، أن هذا التدشين يأتي ثمرة لاتفاقية توطين صناعة أغشية التناضح العكسي المبرمة بين الهيئة والهيئة السعودية للمياه وشركة «توراي ممبرين الشرق الأوسط».

وأفاد بأن المصنع يُعد من المشاريع النوعية التي تُسهم في رفع نسبة المحتوى المحلي في قطاعي المياه والصناعة، بطاقة إنتاجية تبلغ 300 ألف غشاء سنوياً تشمل جميع مراحل التصنيع.

أما رئيس مجلس إدارة شركة «توراي ممبرين الشرق الأوسط المحدودة»، خالد أبو نيان، فأكد التزام الشركة بنقل المعرفة وتطوير الكفاءات المحلية من خلال إنشاء وحدة بحث وتطوير بالتعاون مع معهد الأبحاث والتقنيات المتقدمة، تهدف إلى تطوير الجيل المقبل من الأغشية التي تُسهم في رفع كفاءة استهلاك الطاقة وتحسين مقاومة الظروف البيئية وإطالة العمر التشغيلي للمنتج.