انتخاب عالمة آثار عراقية عضواً في الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم

زينب البحراني
زينب البحراني
TT

انتخاب عالمة آثار عراقية عضواً في الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم

زينب البحراني
زينب البحراني

أعلنت الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم أسماء الأعضاء الجدد الذين تم انتخابهم لعضويتها لسنة 2020 وبينهم الدكتورة زينب البحراني، أستاذة تاريخ الفن والآثار في جامعة كولومبيا. وفي اتصال مع «الشرق الأوسط» عبّرت الخبيرة العراقية عن سعادتها بانضمامها إلى صرح ثقافي عمره 220 عاماً، وقالت إن الخبر كان مفاجأة سعيدة. وضمت قائمة الأعضاء الجدد، أيضاً، الباحثة الجزائرية في علم المناعة ياسمين بلقائد، والروائي الصومالي نور الدين فرح الذي يكتب بالإنجليزية.
وُلدت زينب البحراني في بغداد عام 1962 ودرست تاريخ الفن في معهد الفنون الجميلة بجامعة نيويورك، حيث حصلت على درجتي الماجستير والدكتوراه في برنامج مشترك للفنون والآثار القديمة في الشرق الأدنى واليونان. وهي حالياً أستاذة كرسي «إديث بورادا» لتاريخ الفن وعلم الآثار في جامعة كولومبيا، وسبق لها التدريس في جامعة فيينا في النمسا، وجامعة ولاية نيويورك، كما شغلت أمانة قسم آثار الشرق الأدنى للفنون في متحف متروبوليتان في نيويورك بين 1989 - 1992. وللباحثة عدة كتب ومجلدات مهمة والعشرات من الأبحاث والمقالات في مجال تخصصها، وكوفئت بالعديد من الزمالات والتكريمات والجوائز العالمية.
عادت البحراني إلى بغداد لفترة من الزمن وعملت في عام 2004 مستشارة ثقافية تسعى لإعادة بناء المتحف العراقي الذي كان قد تعرض للنهب خلال الاحتلال الأميركي، وكذلك تأهيل المكتبة الوطنية وتوفير الفرص لتدريب شباب الآثاريين والمكتبيين في الخارج. لكن الواقع على الأرض كان صعباً، ولم تردعها خطورة الوضع عن الذهاب إلى بابل للفت نظر العسكريين الأجانب إلى أضرار تحويل الموقع الأثري النادر في تاريخ البشرية إلى مدرج للمروحيات، وجريمة تحليق الطائرات عن قرب فوق معابد عمرها 8 آلاف سنة. كما باشرت البحراني بمشروع في جامعة كولومبيا لمسح مناطق الآثار في العراق وسوريا وتركيا ورسم خرائط بلاد ما بين النهرين.
يعود تاريخ الأكاديمية إلى نشأة الولايات المتحدة الأميركية، وهي قد تأسست على يد مجموعة من الشخصيات، بينها جون آدامز ثاني الرؤساء الأميركيين، وجون هانكوك رئيس المجلس القاري الثاني الذي كان من بين الموقّعين على بيان استقلال الولايات المتحدة. وكان الهدف من تأسيسها، في البداية، تكريم الأفراد الذين قدموا إنجازات بارزة وضمهم إلى جهود بناء الجمهورية الوليدة. وهي ما زالت إلى اليوم تحرص على تكريم المبدعين في مجالات المعارف العلمية والإنسانية. وكان من أعضاء الشرف فيها، على امتداد تاريخها، أسماء لها وقعها العالمي في تاريخ البشرية، مثل الشاعر الأميركي - البريطاني تي إس إليوت، وعالم الطبيعة البريطاني تشارلز داروين، وعالم الفيزياء الألماني ألبرت آينشتاين، ورئيس وزراء الهند الأسبق جواهر لال نهرو، ورئيس جنوب أفريقيا السابق نلسون مانديلا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».