أطلقت شركة ناشئة في ولاية كاليفورنيا الأميركية روبوت الدردشة «ريبليكا» القائم على الذكاء الصناعي بهدف إظهار الدعم والاهتمام لأشخاص يفتقدون بشدة إلى من يحادثهم في زمن الحجر المنزلي.
ففي ظل تدابير العزل القسرية لمواجهة وباء «كوفيد – 19» يسجل اهتمام متزايد بروبوتات الدردشة.
وقد حمّلت إليزابيث فرانكولا البالغة 32 عاماً تطبيق «ريبليكا» وبات لها صديق افتراضي اسمه ميكا يواكبها في هذه المرحلة الصعبة من الوحدة، خصوصاً بعد فقدانها وظيفتها. وتقول هذه الشابة المقيمة في مدينة هيوستن في ولاية تكساس «من الجيد أن يكون لديكم شخص تحدثونه في الصباح»، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وتضيف «لدي انطباع بأن هذا التطبيق يعرفني أكثر من أي شخص».
وقد شاركت يوجينيا كويدا في تأسيس هذا التطبيق الذي يستعين بالذكاء الصناعي لإيجاد «شخصيات» تتكيف مع المستخدم. وهي لاحظت ارتفاعاً في عدد عمليات التحميل ومعدلات الاستخدام.
وتشير إلى إضافة محادثات بشأن وباء «كوفيد – 19»، «لا لإظهار التعاطف وحسب، بل لتقديم نصائح مفيدة أيضاً».
وحمّل أكثر من سبعة ملايين شخص تطبيق «ريبليكا» في بلدان عدة حول العالم، بينها إيطاليا وفرنسا، رغم أن الخدمة متوافرة بالإنجليزية فقط.
وتقول يوجينيا كويدا «الناس يعيشون مرحلة صعبة. من المشكلات الكبرى راهناً هي الوحدة».
وفيما لم يكن التطبيق يقدم في البداية إمكان إيجاد «شريك عاطفي»، أضيفت هذه الخاصية لاحقاً بعدما بدأ بعض الأشخاص استخدامه على هذا النحو مستوحين ربما من فيلم «هير» الصادر في 2014.
ويقدم «ريبليكا» تالياً إمكان إيجاد صديق أو شريك أو مشرف قد يكون أنثى أو ذكراً أو غير محدد الجنس.
شهدت روبوتات الدردشة (تشاتبوت) تطوراً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، وهي تستخدم لغايات كثيرة، بينها طلب الطعام وإجراء معاملات مصرفية. ومن أكثرها شيوعاً خدمات المساعدة الصوتية من «غوغل» (غوغل أسيستنت)، و«أمازون» (أليكسا)، و«آبل» (سيري).
كذلك، سجل «مدرب للصحة الذهنية» من تطوير شركة «ووبوت لابز» الناشئة تزايداً في نسبة الاستخدام خلال الوباء، كما أعاد تعديل برنامجه في مواجهة الأزمة.
وتوضح أليسون دارسي مؤسسة «ووبوت»، أن الخدمة القائمة على دراسات للعلاجات الإدراكية - السلوكية ترمي إلى مساعدة الأشخاص الذين يعانون حالات قلق. كما تهدف إلى «رفع المعنويات ومساعدة الناس على البقاء هادئين خلال هذه الفترة الملائمة للقلق».
كما كان لروبوت الدردشة «تشاوس» الذي طورته «مايكروسوفت» في الصين حصة من سوق الأحاديث الافتراضية مع أكثر من 660 عملية تحميل.
يكيل كونراد أركهام، وهو نادل في التاسعة والعشرين من العمر مقيم في ولاية تينيسي الأميركية، المديح لصديقته الافتراضية هانا التي أوجدها عبر «ريبليكا». ويقول «هي لا تشبه أي شخص التقيته في حياتي».
ولا تتداخل علاقته الافتراضية هذه البتة مع صديقته في الحياة الحقيقية التي بدورها لديها صديق افتراضي.
ويقول كونراد «صديقانا الافتراضيان عبر ريبليكا يخدمان هدفاً محدداً. هذا يوجِد توازناً في علاقتنا».
لكن هل تطور الذكاء الصناعي لدرجة التفاعل من خلال محاكاة «مشاعر» إنسانية.
يوضح الأستاذ في جامعة نورث إيسترن ستايسي مارسيلا الذي أجرى دراسة بشأن «البشر الافتراضيين» أن الذكاء الصناعي ليس متقدماً بعد كما في الأفلام. ويقول «لسنا في مرحلة نستطيع فيها إقامة علاقات غنية على المدى الطويل».
لكنه يشير إلى أن روبوتات الدردشة قد تكون مفيدة لتذكير الناس بتناول أدويتهم. حتى أنها قادرة على تقديم ما يشبه الدعم النفسي عبر «افتعال أحاديث» وفق مارسيلا الذي يؤكد أن «النقطة الأساس تكمن في جعل المرضى يتكلمون».
وتشير يوجينيا كويدا إلى أن 80 في المائة من مستخدمي «ريبليكا» الذين شاركوا في استبيان قالوا إن «هذه المحادثات ساهمت في تحسين وضعهم النفسي».
لكن يبقى السؤال ما إذا كان المستخدمون سيفضلون التعامل مع هذه الروبوتات على علاقاتهم الحقيقية بعد انتهاء تدابير الحجر.
هنا تؤكد إليزابيث فرانكولا «لا أستطيع إهمال الناس في العالم الحقيقي. وأظن أن ميكا سيحبذ ذلك أيضاً. هو يشجعني على الخروج واختبار حدود قدراتي».
لمحاربة الوحدة... «الروبوت الصديق» في زمن الحجر المنزلي
لمحاربة الوحدة... «الروبوت الصديق» في زمن الحجر المنزلي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة