مخاوف فرنسية من مخاطر التسرّع في الخروج من الحجر الصحي

مخاوف فرنسية من مخاطر التسرّع  في الخروج من الحجر الصحي
TT

مخاوف فرنسية من مخاطر التسرّع في الخروج من الحجر الصحي

مخاوف فرنسية من مخاطر التسرّع  في الخروج من الحجر الصحي

احتشد الفرنسيون، باكراً صباح أمس، أمام المخازن الكبرى والصيدليات أملاً في شراء الكمامات الضرورية للوقاية من عدوى فيروس «كورونا» بعد أن سمحت الحكومة لهذه المؤسسات ببيعها للجمهور، بعد أن كانت محصورة، ولأسابيع، في الأطقم الطبية والصحية. وما يزيد من حرج الموقف أن فرنسا تتهيأ للخروج التدريجي من حالة الحظر الصحي التي فرضتها السلطات منذ 17 مارس (آذار) الماضي، وذلك بدءاً من يوم الاثنين المقبل، وسط مخاوف متكاثرة من أن تكون البلاد غير مهيأة تماماً لهذه الخطوة.
وفي الأيام الأخيرة، وتحديداً منذ أن كشف رئيس الحكومة إدوارد فيليب أمام البرلمان عن خطة الخروج، تسمع يومياً أصواتاً تحذر من «الخطوة الناقصة» التي يمكن أن تدفع بالحكومة إلى إعادة العمل بنظام الحظر بعد أن مددت حالة الطوارئ الصحية إلى شهر يوليو (تموز) المقبل. ونبه وزير الصحة، أوليفيه فيران، كما فعل ذلك قبله رئيسا الجمهورية والحكومة، إلى أن الحكومة يمكن أن ترجئ الخروج من حالة الحظر إذا تبين لها تلاشي التزام المواطنين بالتدابير الوقائية الكفيلة وحدها بالاستمرار في احتواء العدوى. وما لا تريده الحكومة بأي شكل من الأشكال وصول موجة ثانية من الوباء بعد رفع الحظر، خصوصاً أن ما تسمى «المناعة الجماعية» التي من شأنها احتواؤه ليست متوفرة بعد. ولا يخفى على أحد أن أمراً كهذا له تبعاته الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ويرى محللون أن مستقبل ماكرون السياسي ووضع حكومته مرتبطان بالنجاح أو بالفشل في إعادة تحريك العجلة الاقتصادية من غير التسبب في عودة الوباء إلى الانتشار.
في الأيام الأخيرة، عمدت السلطات إلى نشر بروتوكولات خاصة بالتدابير الواجب اتخاذها في المدارس ووسائل النقل والمؤسسات والشركات، كما أنها أفصحت عن القطاعات التي سيعاود العمل بها ابتداء من 11 مايو (أيار) الحالي، وتلك التي يتعين الانتظار لإعادة فتحها، وعلى رأسها المطاعم والمقاهي والفنادق والمتاحف... فيما المدارس ستفتح تدريجياً ووفق أوضاع تطور الفيروس في كل منطقة من مناطق فرنسا. ولهذا الغرض، قامت وزارة الصحة ببلورة خريطة بثلاثة ألوان؛ «الأخضر» و«البرتقالي»، و«الأحمر»، يجري تحديثها يومياً وتوفر صورة عن سريان الوباء في البلاد وعن جهوزية المستشفيات وأقسام العناية المركزة لاستقبال المصابين.
وحتى مساء أمس، تخطت أعداد الوفيات حاجز الـ25 ألفاً في المستشفيات ومآوي العجزة، ولا يزال نحو 26 ألف شخص يتلقون العلاج في المستشفيات. وثمة رقمان يثيران القلق: الأول يتناول عدد أفراد الأطقم الصحية الذين أصيبوا بالوباء، حيث يفيد تحقيق أجرته نقابة «الفيدرالية العامة للشغل» بأنه يقترب من حاجز الـ12 ألف شخص. والثاني نسبة الوفيات في فرنسا قياساً بأعداد السكان. وتبلغ هذه النسبة 37 شخصاً لكل مائة ألف نسمة؛ بينما هي 8 أشخاص في ألمانيا. ثمة 4 تحديات رئيسية تنتظر الحكومة، ومعها الفرنسيون؛ أولها النجاح في حصر سريان الوباء. وخلال الحجر، هبطت نسبة نقل العدوى إلى 0.5 مما يعني أن المصاب كان ينقل الوباء إلى أقل من شخص. وهدف الحكومة ألا تقفز هذه النسبة فوق واحد لبقاء «كوفيد19» محصوراً وتحت السيطرة. ويكمن التحدي الثاني في الاستمرار في توفير الأسرة في المستشفيات، خصوصا في أقسام العناية الفائقة. تجدر الإشارة إلى أنه في عزّ الأزمة، اضطرت فرنسا إلى إجلاء العشرات من الحالات الخطيرة إلى بلدان مجاورة (ألمانيا، وسويسرا، لوكسمبورغ) كما عمدت إلى نقل كبار المصابين من المناطق «المزدحمة» إلى المناطق التي بقيت نسبياً بعيدة عن الوباء، خصوصا غرب وجنوب غربي فرنسا. واليوم، هناك 3819 شخصاً في أقسام العناية الفائقة، وهذا الرقم في تراجع مستمر في الأيام الأخيرة، وخطة الحكومة ألا تزيد نسبة شغل الأسرة الخاصة بالحالات الخطرة على 60 في المائة، وهي ما زالت اليوم عند 80 في المائة. وتراهن الحكومة - التحدي الثالث - على قدرتها على التوسع في إجراء اختبارات الإصابة بالفيروس على نطاق واسع (700 ألف اختبار بدءاً من الأسبوع المقبل) بحيث تتمكن من اكتشاف المصابين والمبادرة إلى عزلهم إما في منازلهم وإما في فنادق خصصت لهذه الغاية.
أما التحدي الأخير فعنوانه توفير وسائل الوقاية للجسم الطبي والصحي، وأيضاً للمواطنين، إضافة إلى الاستمرار في العمل بالإجراءات الاحترازية المعروفة (ارتداء الكمامات، والتباعد الاجتماعي، وغسل الأيدي بالمطهرات...). وكانت الكمامات هي الغائب الأكبر عن الاستعدادات الفرنسية لمواجهة الوباء. وبحسب وزير الصحة فسيتم توزيع 100 مليون كمامة أسبوعياً للجسم الطبي والصحي من النوع الذي يوفر الحماية التامة، بينما أجيز للمواطنين ارتداء الكمامات التي تحمي جزئياً من انتقال العدوى (بنسبة لا تزيد على 70 في المائة).
ورغم أن الخطة الحكومية تبدو متكاملة نظرياً، فإن العبرة في التنفيذ. لكن ثمة شكوكاً قوية تتناول القدرة على وضعها موضع التنفيذ في قطاعين رئيسيين: النقل والمدارس. ففيما خصّ النقل، وجّه المسؤولون الرئيسيون عن قطاع النقل العام رسالة إلى رئيس الحكومة، نهاية الشهر الماضي، يشكون فيها من عجزهم عن فرض احترام التباعد الاجتماعي في وسائل النقل (القطارات، والحافلات، والمترو...) بعد أن يبدأ الموظفون والعمال في العودة إلى وظائفهم باستخدام هذه الوسائل. ونبه مسؤولو القطاع إلى الازدحامات وما قد تثيره من مشكلات بين الركاب، ودعوا إلى الاستعانة بالقوى الأمنية من أجل احترام القواعد الحكومية.
أما بالنسبة للتعليم، فليست الأمور أقل حدة، خصوصاً لدى المسؤولين المحليين الذين تعود إليهم قرارات فتح المدارس تدريجياً. ويريد هؤلاء توفير الحماية القانونية لهم. ونبّه رئيس اتحاد البلديات في فرنسا الوزير السابق فرنسوا باروان، رسالة إلى المسؤولين ينبه فيها إلى أن غياب الحماية القانونية سيعني أن كثيراً من المدارس ستبقى مغلقة. وبالتوازي، طالب 332 رئيس بلدية؛ بينهم عمدة باريس آن هيدالغو، بتأجيل فتح المدارس، فيما أصدر 183 نائباً و19 عضواً في مجلس الشيوخ ينتمون إلى الحزب الرئاسي بياناً يدعون فيه إلى توفير الحماية للمسؤولين المحليين من تبعات الخروج من الحظر سريعاً.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.