العيسى يفند ادعاءات المتطرفين ويواجه خطاب الكراهية بـ«التسامح»

الشيخ الدكتور محمد العيسى
الشيخ الدكتور محمد العيسى
TT

العيسى يفند ادعاءات المتطرفين ويواجه خطاب الكراهية بـ«التسامح»

الشيخ الدكتور محمد العيسى
الشيخ الدكتور محمد العيسى

أبرز الشيخ الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ورئيس هيئة علماء المسلمين الكثير من الأفكار والحجج الواهية التي يتبناها البعض من ضعاف النفوس، لشرعنة التطرف والانحراف، مظهراً سماحة الدين الإسلامي، وإظهار الصورة الذهنية الإيجابية لدى غير المسلمين، وتبني الرحمة مع المخالف، والرفق مع المجادل.
ويتناول البرنامج الحواري اليومي «بالتي هي أحسن» مع ضيفه الدائم الدكتور محمد العيسى، رسالة الخطاب الإيجابي الذي يصل للمقصد الشرعي ويقدم الرسالة وفق رؤية رحيبة للدين الإسلامي تتمثل في قيم السماحة للدين في رسالة موجهة في الأغلب إلى المسلمين في كل مكان.
وأزاح الشيخ العيسى في حلقة أول من أمس النقاب عما يدعو له الدين الإسلامي من حماية لدور العبادة لغير المسلمين، في إطار ولايتهم أو قدرتهم لحفظ الأمن المجتمعي والسلم العام، منوهاً أنّ التطرف الإرهابي دوماً ما يفضل استهداف دور العبادة لكونه على علم بأنها شرارة خطرة لإشعال فتيل الإثارة والفتنة باعتبارها بضاعته ومطلبه.
وأشار الشيخ العيسى إلى أنّ الدين الإسلامي يحتم على المسلم حفظ دور العبادة وحمايتها للحفاظ على السلم العام، مستشهداً بـ(قصة العهدة العمرية) التي أعطت الأمان لأهل القدس على ممتلكاتهم وكنائسهم، وهي إحدى قصص التاريخ الإسلامي المأثورة التي توجب وتحض على احترام وجود دور العبادة الأخرى.
وأرجع الشيخ العيسى زيارته الميدانية لعدد من دور العبادة التي تعرضت للاعتداءات الإرهابية في عدد من دول العالم، بأنها تأتي للدور المهم لرابطة العالم الإسلامي، لإظهار المودة التي يكنها الدين الإسلامي الوسطي لأتباع الأديان، وذلك انطلاقاً من موقعها الإسلامي الكبير ونيابة عن المسلمين، لشجب تلك الاعتداءات وتجريمها كذلك، والتي تصنف بأنها جرائم إرهابية.
وعدد الشيخ مواقف وصور الإسلام الجميلة، مشيراً إلى أنّ ما حصل من تعد خلال القرون المتأخرة من قبل بعض أصحاب الأهواء والمتطرفين أنها تمثل أصحابها فقط، ولا تمثل الإسلام أو المسلمين مطلقاً.
وحول حادثة نيوزيلندا، قال العيسى إن من ارتكب العمل الإرهابي الإجرامي «يمثل نفسه فقط»، وإنها عداوة من طرف آخر، وبين أنّه من آداب الإسلام ألا تقابل السيئة بالسيئة بل تقابلها بالحسنة، مشيراً إلى أنّ من يُصعّد سواء عبر خطاب الكراهية أو من يظهر العداوة بأنها طرف واحد.
وشرح مفهوم «الإسلاموفوبيا» بأنّ المقصود منه «الخوف من الإسلام والمسلمين»، مشيراً إلى أن أسباب تصعيد هذا المفهوم، هو ما يصدر من المتطرفين والإرهابيين من أصحاب الفكر الضال مثل «داعش» و«القاعدة»، وما يصدر من مجازفات جماعة الإخوان. وأكد أنّ التعامل الحكيم مع الإسلاموفوبيا هو تجاهل المغرض أو الجاهل وعدم إعطائه دعاية، وعدم النزول لمستواه وعدم استفزازه للدخول معه في صدام وصراع. يُبثُّ «بالتي هي أحسن» يومياً عند الساعة الرابعة والنصف عصراً على شاشة «إم بي سي» ويناقش بجرأة وتجرّد القضايا الإسلامية المعاصرة؛ فيعيد تعريف مصطلح الأقليات والجاليات الإسلامية، وشرح سبب تصاعد وتعقيد ظاهرة الإسلاموفوبيا وسوء الكفاءة في التصدي لها. وعالج المشكلات التي اعترت الخطاب الإسلامي، من تطرف وتصنيف وإقصاء. وينصف الإسلام من ظلم المرأة وإعاقة تمكينها، ويُعلي قيم الإيمان والمواطنة، والوعي، والتفاعل الإيجابي مع الآخر والعمل الإنساني، وغيرها الكثير.
ويستعرض البرنامج حال الإيمان في المجتمعات المعاصرة، ويفنّد حجج من يرى المادة حاكمةً للإنسان، ثم يسلّط الضوء على علاقة العلم بالإيمان، ويكشف اتساقهما التام من حيث المنهج ومن حيث إيمان علماء الطبيعة بالله.
ويشرح البرنامج سبب اعتبار التصنيف والإقصاء مدخلاً للتطرف، وكيف أن لحمة المجتمع الواحد تتأثر بفعل أطروحات التشتيت والتفرقة التي يقودها متطرفون يرغبون بالاستفراد بالرأي في المسائل الخلافية، وينبذون كل من يحاول مناقشتهم في افتراضاتهم الحاسمة التي أقرّوها دون أدلة واضحة، ويشرح معنى الخاص بـ«الموطؤين أكنافا» الذي ينبغي للجميع أن يكونوا مثلهم.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال حفل الافتتاح (رويترز)

مودي يفتتح معبداً هندوسياً بُني على أنقاض مسجد تاريخي

افتتح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم معبداً هندوسياً، بني على أنقاض مسجد تاريخي، في خطوة تكتسي أهمية كبيرة في سياسته القومية المحابية للهندوسية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».