ماذا نعرف عن مختبر ووهان الذي يتهمه ترمب بالتسبب في نشر «كورونا»؟

معهد ووهان لعلم الفيروسات (أ.ف.ب)
معهد ووهان لعلم الفيروسات (أ.ف.ب)
TT

ماذا نعرف عن مختبر ووهان الذي يتهمه ترمب بالتسبب في نشر «كورونا»؟

معهد ووهان لعلم الفيروسات (أ.ف.ب)
معهد ووهان لعلم الفيروسات (أ.ف.ب)

يواجه مختبر فيروسات مملوك للحكومة الصينية اتهامات من قبل الإدارة الأميركية بتسببه في تفشي فيروس كورونا المستجد حول العالم.
وبحسب صحيفة «التلغراف» البريطانية، فإن هذا المختبر يعرف باسم «معهد ووهان لعلم الفيروسات»، وقد تم إنشاؤه خصيصاً لإجراء الأبحاث حول أكثر مسببات الأمراض فتكاً في العالم.
تم التخطيط لبناء المختبر، الذي تبلغ تكلفته 44 مليون دولار، لأول مرة من قبل أكاديمية العلوم الصينية في عام 2003 واكتمل بناؤه بمساعدة فرنسية في 2015 إلا أنه لم يفتتح رسمياً إلا في عام 2018.
وتلقى العديد من موظفيه تدريباً في منشأة مماثلة في مدينة ليون الفرنسية.
وأصبح المختبر تحت الأضواء منذ اكتشاف «كورونا» بعد أن قال علماء صينيون إن الفيروس يمكن أن تكون له صلة بالخفافيش، نظراً لأن لدى المختبر باحثين يدرسون الفيروسات المرتبطة بالخفافيش ويحتكون بها، ومن هنا بدأ الشك ينتشر حول احتمالية أن يكون الفيروس قد «هرب» من المختبر.
ويحظى المختبر بحماية مشددة، إذ يحتوي على أخطر الفيروسات المعروفة لنا، وقد حصل على أعلى تصنيف لمعايير السلامة العالمية في الأبحاث البيولوجية المعروف باسم «BSL - 4»، وهو المختبر الأول في الصين الذي يحصل على هذا التصنيف.
ويلتزم الباحثون بهذا المختبر ببعض الإجراءات الصارمة قبل ترك المختبر، من بينها تصفية الهواء والماء ومعالجته وتغيير ملابسهم والاستحمام.
إلا أن الباحثين يؤكدون أنه، رغم هذه الإجراءات الوقائية، فإن الحوادث يمكن أن تقع بالمختبرات، مثلما حدث في عام 2003. حيث ارتبط تفشي فيروس «سارس» في سنغافورة بحادث في مختبر حاصل على معيار سلامة «BSL - 3»، وهو مستوى أدنى قليلاً من المعيار المتبع في ووهان.
كما ورد أن فيروس «سارس» تسرب من مرافق شديدة الحماية في بكين عدة مرات.
ويقول عالم فرنسي زار مختبر ووهان: «بالطبع من الممكن أن يكون ذلك ناتج عن خطأ بشري، ولكنني أعتقد أن الفيروس يمكن أن يكون قد تسرب من مختبر آخر أقل حماية، وربما يكون قد تسرب من مركز ووهان للوقاية من الأمراض ومكافحتها، وهي مؤسسة منفصلة تماماً تقع على بعد 300 متر من سوق ووهان الذي تم تحديده في البداية كمصدر للفيروس».
وتزايدت انتقادات الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدور الصين في الوباء الذي أصاب نحو 3.5 مليون شخص، وأودى بأكثر من 240 ألفاً حول العالم. وأصرّ ترمب على أن بكين أخفت معلومات مهمّة بشأن تفشي الفيروس وطالب بمحاسبتها.
وصعّد وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أمس، من حدّة اتهاماته للصين، وأكّد وجود «عدد هائل من الأدلّة» على أن مصدر وباء «كوفيد - 19» هو مختبر في مدينة ووهان.
وقال بومبيو، في مقابلة مع شبكة «إيه بي سي»، إن «هناك عدداً هائلاً من الأدلة يشير إلى أن هذا هو مصدره»، لكنه رفض التعليق على فرضية أن نشره كان متعمداً.
ويتناقض ما قاله بومبيو مع بيان أصدرته الأسبوع الماضي المخابرات الوطنية الأميركية قالت فيه إن الفيروس لا يبدو أنه من نتاج عمل بشري أو معدل جينياً.
ويقوّض ذلك البيان نظريات مؤامرة يروج لها نشطاء مناهضون للصين وبعض مؤيدي ترمب الذين يعتقدون أن الفيروس «تم تطويره في معهد ووهان لعلم الفيروسات».
ومن جهتها، قالت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية، التي تديرها صحيفة الشعب اليومية الرسمية التابعة للحزب الشيوعي الحاكم، في افتتاحية رداً على مقابلة بومبيو يوم الأحد إنه ليس لديه أي دليل على أن الفيروس جاء من مختبر في ووهان ودعت الولايات المتحدة إلى تقديم الأدلة.
وأضافت: «إدارة ترمب تواصل خوض حرب دعاية غير مسبوقة أثناء محاولتها عرقلة الجهود العالمية لمكافحة جائحة كوفيد - 19».
يذكر أن الولايات المتحدة سجّلت 1.158.040 إصابة بـ«كورونا» بما في ذلك 67680 وفاة.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
TT

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)

ما إنْ تدخُل معرض «المجهول» للفنان التشكيلي المصري أحمد مناويشي، حتى تستوقفك وجوه لوحاته، بريشة حرّة تستكشف ملامحَ وأحداثاً غامضة. أعماله تبحث عن مشاعر عميقة وعلامات استفهام تحضّك على التحليل وفكّ الألغاز.

ينقسم معرض مناويشي في غاليري «آرت ديستريكت» بمنطقة الجميزة البيروتية إلى قسمين، من بينها ما يروي حكايات أشخاص اختبأت مشاعرهم تحت الأقنعة الواقية من جائحة «كورونا»، وأخرى رسمها حديثاً لمَن عاشوا الحرب الأخيرة في لبنان.

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)

مع هذا المعرض، يستعيد غاليري «آرت ديستريكت» عافيته. فالحرب منعته قسرياً من إقامة نشاطات ثقافية. ومن خلال «المجهول»، يعلن صاحبه المصوّر الشهير ماهر عطّار انطلاق الموسم الفنّي في الغاليري.

في الجزء الأول من مجموعة أحمد منشاوي، تصطفُّ سلسلة لوحات صغيرة، تصوِّر جميعها وجوهاً يعتريها القلق. فالفنان المصري لفتته ملامح الإنسانية في زمن «كورونا». كان يرى الإنسان يمشي مرتدياً القناع خوفاً من الإصابة بالعدوى. وهو ما حضَّه، خلال إقامته في بروكسل، على تخيّل ملامحه الأصلية. وفي 30 لوحة يئنُّ أصحابها تحت وطأة أحاسيسهم، يُترجم أفكاره. مجموعة من النساء والرجال تصرخ بصمت، فتُخرج غضبها وقلقها وحزنها عابسةً في معظم الوقت.

تقنيته المرتكزة على الأكليريك تتدخَّل فيها أحياناً أنامل الفنان بعيداً عن ريشته (الشرق الأوسط)

يوضح مناويشي لـ«الشرق الأوسط»: «بدأتِ التجربة عندما كنتُ في بروكسل عام 2021. كانت مفاعيل الجائحة لا تزال تسيطر على حياتنا. جميعنا اعتقدنا بأنّ هذه الحقبة أبدية، كأنَّ سوادها لا حدود له. فرحتُ أتخيّل الناس الذين أراهم كأنهم خلعوا أقنعة الوقاية ورسموها. جميعهم كانوا مجهولين بالنسبة إليّ، ولا تربطني بهم أي علاقة. عندما عدتُ إلى لبنان، انتابتني الأحاسيس عينها. كانت الحرب محتدمة، وكان الناس قلقين، لا يعرفون مصيرهم. فرأيتُ بوضوح المجهول الذين يتخبَّطون فيه. حالة الترقب هذه حرّضت ريشتي على التحرُّك من جديد. ومن خلال تلك الحالتين، تناولتُ موضوع (المجهول)، إنْ من ناحية المشاعر أو المصير».

الإحساس بالتأرجُح في طريق لا رؤية واضحة لنهايتها، يُترجمه أحمد مناويشي. ويعترف من خلال ريشته بأنّ الانتظار مخيف، فكيف إذا كانت الأجواء التي يعيشها الناس غامضة؟

تحمل وجوه لوحات مناويشي أسئلة مختلفة تتعلّق بقلق المصير (الشرق الأوسط)

في واحدة من لوحاته، يشير إلى شخصيات مجموعة «أنونيموس» العاملة في مجال «النضال» عبر الاختراق البرمجي. راجت أعمالها المثيرة للجدل عام 2003، فمثَّلت مفهوماً لمستخدمي الإنترنت المجهولين. حينها، عَبَروا من العالم الواقعي إلى الوهمي في أعمال تتعارض مع الرقابة. اخترقوا مواقع حكومية عدّة، وأنظمة كومبيوتر أهم شركات الحماية. وولَّدوا «بلبلة» على أصعدة مختلفة، وهم يرتدون أقنعة تُعرَف بـ«جاي فوكس».

يتابع الرسام المصري: «قناع (الأنونيموس) كان الأشهر في القرن الحالي، فرغبتُ بالربط بينه وبين عنوان معرضي، لتُولد هذه اللوحة الوحيدة عن تلك المجموعة. مبدأ هؤلاء يرتكز على الثورة ورفض حُكم الدولة العميقة والسلطات العليا».

لم يعنون مناويشي لوحاته بأسماء معيّنة، فتركها مجهولةً. يقول: «رغبتُ في أن يسمّيها ناظرها كما يشتهي. أرنو إلى هذا التفاعل المباشر بين المُشاهد واللوحة». وهو يميل إلى المدرسة التعبيرية في الفنّ التشكيلي: «أحبُّ حالة الحركة في لمسات اللوحة وموضوعها، وأرغب في التواصل معها القائم على الشعور بأنها حيّة، فلا تكون باهتة تمرّ من دون تَرْك أثرها على ناظرها. لذلك، تسير ريشتي بشكل غير مُنتظم باحثةً عن نَفَس لا ينقطع؛ ومرات تتدخَّل أناملي مباشرة، فأبتعدُ عن ريشتي لتخرُج أعمالي من رتابتها، وتكسر تلك القدرة على التحكُّم التقليدي بمشاعر مُشاهدها».

تؤلّف الألوان التي يستعملها مناويشي حالةً بذاتها. فهو جريء باختيارها زاهيةً مرّات؛ ودافئة أخرى. يُحدِث زوبعة بألوان تبدو ثائرة، فتُعبّر عن الظلم والقلق والعنف: «مشاعر الإنسانية لا يمكن حصرها في بوتقة واحدة. وهذه الألوان تعبّر عن المشهدية المدفونة في أعماقنا، فتُبرز التنوّع في أحاسيس تنتابنا وفيها كلّ الاحتمالات. وهنا يأتي دور المتلقّي الذي يرى اللوحة من وُجهة نظره، ويُلاقي ما يمثّل تفكيره ومشاعره في أحد هذه الألوان».

ينقسم «المجهول» إلى قسمين من الأعمال التعبيرية (الشرق الأوسط)

في قسم لوحات الحرب، تأخُذ أعمال الرسام أحمد مناويشي منحى آخر، فيكبُر حجمها بشكل ملحوظ لتضع تفاصيل الوجه تحت المجهر. يعلّق: «هذه المساحات الكبيرة تزوّدنا بفرصة للتوضيح بشكل أفضل. فالعبور من زمن (كورونا) إلى زمن الحرب، كان لا بدَّ أن يحمل التطوّر. واعتمدتُ هذا التغيير؛ لئلا أقع في التكرار والتشابُه».

وأنت تتجوَّل بين أقسام معرض «المجهول»، تستوقفك ملامح وجه رجل حائر، ووجه امرأة تنظر إلى الغد بعتب. وأحياناً تلمس صلابة وجه آخر على شفير هاوية. وفي أخرى، تحملك ملامح رجل تلقّى صفعات الحياة بعينين حزينتين. لكنَّ جميع الشخصيات لا تبدو مستسلمة لقدرها، كأنها تقول: «وماذا بعد؟» على طريقتها.

يبرُز العنصر الأنثوي بوضوح في مجموعة «المجهول». وهنا كان لا بدَّ للرسام التشكيلي أن يعترف: «النساء لا يعرفن إخفاء أحاسيسهن ببراعة. مشاعرهن تخرج بقوة. لذلك نكتشفها بصورة أسهل من تلك الموجودة عند الرجل. فالأخير يحاول أن يُظهر صموداً تجاه مشاعره. ويفضّل ألا تُقرأ بسهولة».

يؤكد أحمد مناويشي أنه لا يحبّ تقييد نفسه بأسلوب رسم واحد. ويختم: «أفضّل التنويع دائماً، وعدم طَبْع لوحاتي بهوية واحدة كما يحبّ بعضهم. أُشبّه نفسي بروائي يؤلّف القصص ليستمتع بها القارئ، فلا يكرّر نفسه أو يقدّم ما يتشابه. ما أنجزه اليوم في عالم فنّ (البورتريه)، لم أقاربه مِن قبل. هو نافذة للتعبير. وهذا الاختلاف في الأسلوب يُحفزّني على دخول مدارس فنّية مختلفة. ما يهمّني هو تقديمي للناس أعمالاً يستمتعون بها فتولّد عندهم حبَّ الاكتشاف».