مصريون يعودون إلى «تدميس» الفول بالمنازل بفعل «كوفيد - 19»

الوجبة الرئيسية في سحور شهر رمضان

مصريون يعودون إلى تدميس الفول بالمنزل بفعل كورونا (الشرق الأوسط)
مصريون يعودون إلى تدميس الفول بالمنزل بفعل كورونا (الشرق الأوسط)
TT

مصريون يعودون إلى «تدميس» الفول بالمنازل بفعل «كوفيد - 19»

مصريون يعودون إلى تدميس الفول بالمنزل بفعل كورونا (الشرق الأوسط)
مصريون يعودون إلى تدميس الفول بالمنزل بفعل كورونا (الشرق الأوسط)

على مدار سنوات طويلة، دأبت السيدة سعاد عبد الله (55 عاماً) المقيمة في حي عابدين وسط القاهرة، على تكرار محاولات إقناع ابنتها بضرورة تعلم «تدميس» الفول في المنزل، وكانت في كل مرة تستخدم خطاباً مختلفاً، لحثها على ذلك، محذرة إياها من سوء إعداد هذه الوجبة بالمطاعم السريعة والمزدحمة تارة، وبضرورة التمسك بموروثات الأجداد تارة أخرى، وعقب زواج الابنة توقفت الأم عن نصائحها، حتى أجبر حظر التنقل الذي فرضه كورونا الابنة على تعلم أصول التدميس من الأم.
الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم بسبب وباء كورونا، دفعت معظم الناس إلى تجنب وجبات المطاعم والحرص على طهي طعامهم بالمنازل، ومع خصوصية شهر رمضان وارتباطه لدى المصريين بالكثير من المظاهر والتقاليد التي يتعلق الكثير منها بالطعام، اتجهت العديد من الأُسر إلى إعادة إحياء تقليد «تدميس» الفول منزلياً ليعود عبق رائحته المميزة من معظم المنازل المصرية.
رائحة الفول المدمس المميزة، مصدرها الإضافات والتوابل التي توضع خلال الطهي، إذ يتم «تدميس» الفول بالمنزل بطرق عديدة يحدد الفارق بينها نوعية الإضافات والتوابل، حيث ينقع الفول بالماء لفترة لا تقل عن ساعتين وقد تصل إلى نحو 12 ساعة كي يتخلص من الشوائب والمواد الضارة، ويتم غسله ثم توضع الإضافات (الجزر والثوم والطماطم والكُركم والبصل)، ويوضع في «الدماسة» وهي إناء معدني خاص بالتسوية المنزلية ويشبه قدرة الفول الكبيرة المستخدمة في المطاعم مع اختلاف الحجم، ويغطى بالماء ثم يترك على نار هادئة ما بين 6 إلى 8 ساعات.
وتحرص معظم المصريات على وضع لمساتهن الخاصة فيما يتعلق بالإضافات والتوابل التي تشكل فارقاً ملحوظاً في الطعم والرائحة، وفقاً للسيدة سعاد عبد الله، التي تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الإضافات والتوابل التي يتم وضعها خلال (تدميس) الفول تشكل شخصية المرأة في الطعام، وشخصياً أضيف بجانب المكونات المعروفة شرائح الليمون وقدراً صغيراً من الخل، وأحياناً أضيف قدراً صغيراً جداً من الزعتر».
ولا تخفي السيدة سعاد فرحتها برغبة ابنتها بتعلم «تدميس» الفول بالمنزل، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «طوال عمري أقوم بتدميس الفول بالمنزل، وطبعاً يكون للوضع في رمضان طقوس مختلفة واهتمام أكثير بالتفاصيل، وكانت ابنتي ترفض تعلم ذلك وتتركني أقوم به وحدي، الآن أنا سعيدة أنها أدركت أهمية ذلك».
ويرتبط طبق الفول بالمائدة المصرية طوال العام كأحد الأطباق الرئيسية، وتستهلك مصر في شهر رمضان وحده ثلاثة أضعاف ما تستهلكه في الشهور الأخرى من الفول، وفق تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري الذي أشار إلى أن واردات مصر من الفول ارتفعت بنسبة 76.4 في المائة، خلال الأشهر الأربع الأولى من العام الماضي.
ويتراوح سعر الفول البلدي ما بين 30 جنيهاً، وحتى 35 جنيهاً مصرياً (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، بينما وصل سعر الفول المستورد 16 جنيهاً للكيلو، وفق عبور فرج، نائب رئيس شعبة الحاصلات الزراعية بالغرفة التجارية بالقاهرة، الذي أضاف في تصريحات صحافية أن نسبة الإنتاج المحلي من الفول لا تتخطى 15 في المائة من حجم الاستهلاك.
ويعود ارتباط المصريين بطبق الفول إلى عهد الفراعنة، فقد وثقت الرسومات على جدران المعابد والمقابر الحاصلات الزراعية التي كانت تُقدّم للآلهة المصرية القديمة، ومنها زكائب الفول المصري القديم، وعُثر على بقايا بذور الفول المصري القديم في بعض مقابر الفراعنة في طيبة وسقارة والفيوم وغيرها.
غير أنه من الصعب تحديد الحقبة التاريخية التي بدأ فيها طبق الفول ارتباطه بشهر رمضان، ووفقاً للدكتور محمد أحمد غنيم أستاذ الاجتماع والانثروبولوجيا بكلية الآداب جامعة المنصور، فإن «الأكثر ترجيحاً وفق الروايات التاريخية أن يكون ارتباط طبق الفول بشهر رمضان بدأ في عهد الفاطميين»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هي فترة شهدت ميلاد واستحداث الكثير من المظاهر والطقوس الرمضانية، وخاصة فيما يتعلق بالطعام والحلوى والاحتفالات، لكن تناول الفول يعود تاريخياً إلى العصر الفرعوني، وما زالت بعض العادات الفرعونية المرتبطة به موجودة حتى الآن في بعض القرى والضواحي مثل توزيع أرغفة الخبر المملوءة بالفول النابت في المقابر خلال دفن الموتى أو زيارتهم».


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.