في زمن كورونا... عمال النظافة المحترفون يعانون أكثر من أي وقت مضى

عاملات ينظفن طريقاً في العاصمة التايلاندية بانكوك (أ.ف.ب)
عاملات ينظفن طريقاً في العاصمة التايلاندية بانكوك (أ.ف.ب)
TT

في زمن كورونا... عمال النظافة المحترفون يعانون أكثر من أي وقت مضى

عاملات ينظفن طريقاً في العاصمة التايلاندية بانكوك (أ.ف.ب)
عاملات ينظفن طريقاً في العاصمة التايلاندية بانكوك (أ.ف.ب)

عندما يُطلب من فانيسا التنظيف بعد المرضى الذين يعانون من الإنفلونزا الموسمية أو الحصبة أو أمراض أخرى في مستشفى بنسلفانيا الأميركية حيث تعمل، فإنها تعرف ما يجب القيام به. هي تعرف كيفية تطهير الأسطح، وما الذي يجب التخلص منه وما الذي يجب أن ترتديه لحماية نفسها. ولكن عندما طُلب منها تنظيف الغرف التي يشغلها مرضى فيروس كورونا، الأمر اختلف، وفقاً لما نقلته مجلة «التايم».
وتقول فانيسا: «إن الأمر مرعب نوعاً ما».
وأخبرها المشرفون عليها بضرورة تنظيف الغرف تماماً كما تفعل مع تلك التي يقيم بها مرضى الإنفلونزا، لكنها تقول إنها تتعامل مع الموضوع مثلما تفعل مع الأمراض الأكثر خطورة، أي أنها تتخلص من كل شيء غير ضروري تقريباً، وتمسح الجدران لتكون آمنة. وتتابع: «لا أحد يعرف بالضبط كيفية تنظيف غرف مليئة بفيروس كورونا... لا نعرف مدى خطورة هذا الأمر».
وإن عمال النظافة المحترفين، مثل فانيسا، شاهدوا وظائفهم تتطور ليصبح لها معنى جديداً ومخاطر كبيرة. لكن ما بقي على حاله، كما يقولون، هو انعدام الاحترام، وعدم التعويض لهم بما فيه الكفاية، مقارنة بالمجهود الذي يبذلونه.
وفانيسا، على سبيل المثال، تكسب حوالي 11 دولاراً فقط في الساعة من أجل الوظيفة التي لا تحسد عليها وهي تطهير غرف المستشفى، وغالباً ما تقوم بذلك بدون معدات واقية ومناسبة لحمايتها.
وتقول إن الأقنعة الواقية في المستشفى يستهلكها في الغالب الأطباء والممرضون. وغالباً ما تضطر هي وزملاؤها في خدمة التنظيف إلى إعادة استخدام ما لديهم من أقنعة وموارد أخرى.
وتؤكد فانيسا أنها كانت ستتوقف عن الحضور إلى العمل في ظل تفشي كورونا لو لم تكن بحاجة إلى المال، خاصة أن لديها ظروفاً صحية أساسية تعرضها لخطر إضافي في حال إصابتها بـ«كوفيد - 19».
وتضيف: «لأنني أعمل هناك، أخشى أن أذهب لرؤية عائلتي الآن».
ويكافح العمال في مختلف الصناعات للحصول على معدات الحماية التي يحتاجونها. ويقول عمر، الذي يقود شاحنة لجمع القمامة في كاليفورنيا، إن شركته لم تقدم مطهرات اليد لعمالها، رغم «أننا نتعامل مع نفايات الجميع ولا نعرف ما هو موجود هناك».
وعندما طلب عمر وزملاؤه المعقمات، تم إعطاؤهم مواد التنظيف التي تُستخدم لجميع الأغراض، وطلب منهم استعمالها لتعقيم أيديهم، كما يقول.
ويوضح: «في المطاعم، هل يحمل الموظفون مستلزماتهم الخاصة لتنظيف الطاولات؟»، مضيفاً أنه لا يحصل على بدل المخاطر التي يتعرض لها خاصة في هذه الظروف.


مقالات ذات صلة

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
TT

«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)

استقبل مسرح «الطليعة» في مصر أحد العروض الشهيرة للكاتب الآيرلندي الراحل صمويل بيكيت (1906- 1989)، «لعبة النهاية»، الذي رغم احتفاظه بالروح الأصلية للعمل الشهير المنسوب إلى مسرح العبث، فقد شكَّل إضاءة على مشاعر الاغتراب في الواقع المعاصر. وهو عرضٌ اختتم مشاركته في مهرجان «أيام قرطاج المسرحي» ليُتاح للجمهور المصري في المسرح الكائن بمنطقة «العتبة» وسط القاهرة حتى بداية الأسبوع المقبل.

على مدار 50 دقيقة، يحضر الأبطال الـ4 على المسرح الذي يُوحي بأنه غُرفة منسيّة وموحشة، فيتوسّط البطل «هام» (محمود زكي) الخشبة جالساً على كرسيّه المتحرّك بعينين منطفئتين، في حين يساعده خادمه «كلوف» ويُمعن في طاعته والإصغاء إلى طلباته وتساؤلاته الغريبة التي يغلُب عليها الطابع الساخر والعبثيّ المُتكرّر عبر سنوات بين هذا السيّد والخادم.

يَظهر والد «هام» ووالدته داخل براميل قديمة وصدئة، ويجلسان طوال العرض بداخلها، ولا يخرجان إلا عندما يستدعيهما الابن الذي صار عجوزاً، فيسألهما أسئلة عبثية لا تخلو من تفاصيل عجيبة، ويخاطبهما كأنهما طفلين يُغريهما بالحلوى، في حين يبادلانه أحاديث تمتزج بالذكريات والجنون، ليبدو كأنهما خارج العالم المادي؛ محض أرواح مُحتضرة تُشارك «هام» هلوساته داخل تلك الغرفة.

الأب يؤدي دوره من داخل أحد البراميل (مسرح الطليعة)

في المعالجة التي يقدّمها العرض، يحتفظ المخرج المصري السيد قابيل بأسماء الأبطال الأجنبية التي كتبها صمويل بيكيت من دون منحها أسماء محلّية. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «قدَّم المسرح المصري هذه المسرحية قبل 60 عاماً تقريباً في عرض للفنان الكبير الراحل سعد أردش، لكنه كان باللغة العربية الفصحى. اليوم، عالجتُ النص وأقدّمه بالعامية المصرية. احتفظت بالأسماء الأصلية للأبطال وهوياتهم، وكذلك بروح العمل وتفاصيل الحوار فيه، خصوصاً أنّ لهذا العرض الذي ينتمي إلى مسرح العبث فلسفته التي تمسّكتُ بها ضمن قالب جديد».

يؤدّي دور الخادم «كلوف» الفنان المصري محمد صلاح الذي اعتمد جزءٌ كبير من أدائه على الإفراط بحركات سير متعرّجة في محاولاته المُتسارعة لتلبية طلبات سيّده الأعمى، إذ يبدو كأنه في مَهمّات لا نهائية، منها ترتيب البيت الخالي بشكل فانتازي. بالإضافة إلى تردّده الدائم على نافذة الغرفة التي يظّل سيّده يطلب منه وصف ما يدور خارجها، فيصف له الضوء والبحر اللذين لا يدرك إذا كانا موجودَيْن بالفعل أم محض خيال.

على مدار العرض، يظلُّ الخادم يسأل: «لماذا أطيعك في كل شيء؟»، و«متى جئتُ إلى هذا البيت لخدمتك؟»، فيكتشف أنه قضى عمره داخل جدرانه المخيفة، فيقرّر في خطوة خلاص مغادرة خدمة سيّده، فتكون لحظة فتحه باب البيت هي عينها لحظة نهاية اللعبة، حتى وإنْ ظلّ واقفاً أمامه، متوجّساً من الخروج إلى العالم الحقيقي ومواجهة المجهول. لحظة تحدّيه سيطرة سيّده «هام» سرعان ما تبدو كأنها لا تختلف عن «الفراغ» الذي أمامه، بما يعكس فلسفة صمويل بيكيت عن سخرية الحياة، حيث لا يبدو الهروب من عبثها ممكناً أبداً.

الأب والأم في أحد مَشاهد المسرحية (مسرح الطليعة)

يشير مخرج العرض السيد قابيل إلى أنّ «للقضية التي تطرحها المسرحية صيغة إنسانية عابرة للمكان والزمان، وتصلُح لتقديمها في أي وقت؛ وإنْ كُتب النصّ الأصلي لبيكيت في الخمسينات. فكثير من نصوص شكسبير، والنصوص اليونانية القديمة العائدة إلى ما قبل الميلاد، لا تزال قابلة لإعادة تقديمها، وصالحة لطرح أسئلة على جمهور اليوم. وفي هذا العرض أدخلنا بعض الإضافات على الإضاءة والموسيقى للتعبير بصورة أكبر عن دراما الأبطال، ومساعدة المتلقّي على مزيد من التفاعُل».

الفنان محمود زكي في مشهد من العرض (مسرح الطليعة)

وعكست ملابس الممثلين الرثّة حالة السواد التي تطغى على عالمهم، في حين وُظّفت الإضاءة في لحظات المُكاشفة الذاتية التي تتوسَّط سيل الحوارات الغارقة في السخرية والتكرار العدميّ والخضوع التام. فإذا كان السيّد الأعمى والمشلول يعتمد على خادمه في مواصلة لعبة عبثية يتسلّى بها في عزلته، فإنّ الخادم يظلُّ غير قادر على تصوُّر الحياة بعيداً عن قواعد تلك «اللعبة».