انشغلت محطات التلفزة المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي في الأسبوع الأخير بموضوع تخلص بعض اللبنانيين من حيواناتهم الأليفة لاعتقادهم بأنّها تنقل فيروس «كورونا» لأصحابها.
وجاءت هذه التصرفات بناء على أفكار مغلوطة يتناقلها الناس من دون التأكد منها كغيرها من الإشاعات التي ترتبط بالجائحة.
وكانت عملية تسميم نحو 4 كلاب في بلدة بصاليم المتنية بمثابة الكوب الذي طفح بالماء. وهو ما دفع بنقابة الأطباء البيطريين من ناحية وجمعيات الرفق بالحيوان من ناحية ثانية إلى تكثيف إطلالتهم التلفزيونية وتناول الموضوع بشكل تفصيلي نافيين خلاله الشائعات المنتشرة حول إمكانية نقل عدوى «كورونا» من الحيوانات الأليفة إلى البشر.
واستناداً إلى منظمة الصحة العالمية وضمن خانة تصحيح المعلومات المغلوطة على موقعها الإلكتروني الرسمي، أشارت المنظمة إلى أنّه في الوقت الحاضر لا توجد أي بيّنة على أنّ الحيوانات المرافقة الأليفة، مثل الكلاب أو القطط قد تُصاب بفيروس كورونا المستجد.
ويقول نقيب الأطباء البيطريين في لبنان دكتور إيهاب شعبان إنّ هذه الشائعات تعود إلى قلة إلمام من قبل أصحاب هذه الحيوانات، إذ هي بمثابة حجة مواتية كي يتخلصوا من حيوانات يقتنوها بناء على رغبة أولادهم وليس العكس. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «من يحب الحيوانات الأليفة لا يمكنه أن يتخلى عنها لأي سبب. وهو ما يؤكد أن الكلاب والقطط التي تركت على الطرقات في الأسبوع الفائت هي غير محظوظة كونها موجودة عند أشخاص لا يهوون تربيتها من الأساس». ويشير دكتور شعبان في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «منذ تكثيف إطلالاتنا على شاشات التلفزة وشرحنا لحقيقة الموضوع بدأنا نلمس تراجعا بنسبة الكلاب المتروكة على الطرقات. حتى إنّه يمكن القول إنها اختفت تماماً على مدى اليومين الفائتين».
وكانت نقابة الأطباء البيطريين في لبنان قد نشرت بياناً لها تؤكد فيه أنّه لم تسجل عالمياً أي إصابة للحيوانات الأليفة بفيروس كورونا المستجد. كما لم يسجل أي انتقال للفيروس من الحيوانات الأليفة إلى الإنسان، وذلك بناء على تقارير صادرة عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة الطب البيطري العالمي. ومما جاء في البيان: «تتمنى النقابة من جميع مربي الحيوانات الأليفة عدم التخلي عنها لأنّها لا تشكّل خطراً عليهم ونذكرهم بأن التّخلي عن حيواناتهم يعتبر جرماً يعاقب عليه القانون».
وحسب منظمة «أنيمالز ليبانون» فإنّ نسبة تخلي البعض عن حيواناتهم الأليفة تراوحت ما بين اثنين إلى ثلاثة كلاب في اليوم الواحد وغالبيتها تعد من الصنف الأصيل. كما أن مناطق أخرى شهدت تخلياً عن القطط السيامية المشهورة تربيتها لدى شريحة من اللبنانيين. وتعلّق ماغي شعراوي نائب رئيس منظمة «أنيمالز ليبانون» للرفق بالحيوان في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أصيب البعض بحالة من الهلع بعد أن تم تداول أفكار خاطئة ومغلوطة عن إمكانية نقل الحيوانات الأليفة عدوى (كورونا) إلى مربيها. وهو ما دفع بكثيرين إلى التخلي عنها وتركها على الطرقات من دون مأوى». وتتابع: «لقد أوينا عدداً لا يستهان به من هذه الكلاب والقطط في مراكزنا ومراكز أخرى. فترك هذه الحيوانات على الطرقات من شأنه أن يتسبب بمرضها وبالتالي أن يلوث البيئة ككل مما يشكل خطراً صحياً على الناس».
وتؤكد شعراوي أنّ جميع دراسات منظمة الصحة العالمية حول إمكانية نقل عدوى الجائحة من الحيوانات الأليفة إلى أصحابها تشير إلى أنّها غير صحيحة. «هناك كثيرون من الناس يتأثرون بالكلام المغلوط عندما يصابون بالهلع ولا يعودون يعرفون كيفية التصرف. وفي لبنان ومع غياب قانون واضح يمنع رمي الحيوانات الأليفة على الطرقات علينا التحلي بالمسؤولية الكاملة للحد من هذه الظاهرة». وتؤكد شعراوي أنّه في أميركا وبريطانيا حصل العكس تماماً وهرعت الناس لتبني الحيوانات الموجودة في المآوي والجمعيات كي تحافظ عليها من ناحية وليستمتعوا بحضورها بينهم خلال ملازمتهم المنزل في زمن «كورونا» من ناحية ثانية.
وتدعو الجمعيات التي تهتم بالحيوانات الأليفة لاتّباع إرشادات منظمة الصحة العالمية في كيفية التعاطي مع الحيوانات الأليفة في فترة الوباء. وتطالب بغسل اليدين بالماء والصابون بعد التعامل مع هذه الحيوانات. فذلك يساعد على الوقاية من الجراثيم الشائعة، مثل الإشريكية القولونية والسالمونيلا، التي تنتقل من الحيوانات الأليفة إلى البشر.
وكانت مؤسسة الصليب الأحمر اللبناني قد شاركت من ناحيتها في حملة ضد التخلي عن الحيوانات الأليفة. فنشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي مؤكدة أنّ ليس هناك أي دليل علمي على انتقال فيروس كورونا من الحيوانات الأليفة إلى الإنسان.
التخلص من الحيوانات الأليفة فكرة مغلوطة في زمن «كورونا»
التخلص من الحيوانات الأليفة فكرة مغلوطة في زمن «كورونا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة