«كورونا» يسجّل تراجعاً جديداً في الصين... ولا إصابات في مصدره لليوم السادس

كوريا الجنوبية ستدفع أموالاً للأسر المتضررة من الوباء... والهند لا تخطط لتمديد الإغلاق

رجل يضع كمامة وبجواره كلبه في ووهان الصينية أمس (إ.ب.أ)
رجل يضع كمامة وبجواره كلبه في ووهان الصينية أمس (إ.ب.أ)
TT

«كورونا» يسجّل تراجعاً جديداً في الصين... ولا إصابات في مصدره لليوم السادس

رجل يضع كمامة وبجواره كلبه في ووهان الصينية أمس (إ.ب.أ)
رجل يضع كمامة وبجواره كلبه في ووهان الصينية أمس (إ.ب.أ)

استمرت المؤشرات الإيجابية الآتية من الصين أمس (الاثنين)، إذ سجّلت الإصابات بوباء «كورونا» المستجد تراجعاً جديداً في البر الصيني في حين لم تُسجّل أي إصابات في ووهان، البؤرة السابقة للوباء، لليوم السادس على التوالي. وفيما أعلنت كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، أنها ستدفع أموالاً للأسر المتضررة من الوباء المعروف بـ(كوفيد - 19)، قالت الهند إنها لا تخطط لتمديد الإغلاق الذي يشمل قرابة 1.3 بليون نسمة.
وأعلنت الصين، أمس، انخفاض عدد الإصابات الجديدة بفيروس «كورونا» لليوم الرابع على التوالي، مع تراجع عدد الحالات القادمة من الخارج بسبب إجراءات صارمة على المسافرين الدوليين، بحسب ما أورد تقرير لوكالة «رويترز» من بكين.
ولم تسجل مدينة ووهان، التي ظهر فيها المرض وأصبحت بؤرة أساسية لتفشيه، أي حالة إصابة جديدة لليوم السادس على التوالي، بينما عادت شركات للعمل، وبدأ سكان في استعادة الكثير من حياتهم الطبيعية اليومية بعد إغلاق دام نحو شهرين.
وقالت لجنة الصحة الوطنية إن الصين سجلت 31 إصابة جديدة بالفيروس في البر الرئيسي أول من أمس الأحد، بينها حالة عدوى محلية واحدة، في انخفاض عن اليوم السابق والذي سُجّلت فيه 45 إصابة.
ومع تراجع عدد الإصابات يسارع صناع السياسة لإنعاش الاقتصاد الذي كاد يصيبه الشلل بسبب قيود مفروضة منذ شهور بهدف السيطرة على انتشار الفيروس. وأشارت «رويترز» إلى أن البنك المركزي خفض على نحو مفاجئ، أمس (الاثنين)، سعر الفائدة على اتفاقات إعادة الشراء العكسي 20 نقطة أساس هي الأكبر منذ نحو خمس سنوات.
وتطالب الحكومة الشركات والمصانع باستئناف العمل في الوقت الذي تطرح فيه إجراءات تحفيز مالي ونقدي من أجل التعافي مما يخشى أن يكون انكماشاً اقتصادياً في الربع الذي ينتهي بنهاية مارس (آذار).
وذكرت وسائل إعلام رسمية أن الرئيس شي جينبينغ حث الشركات على استئناف العمل حتى مع استمرار المعركة مع فيروس «كورونا». وعلى الرغم من أن عدد الحالات الجديدة للإصابة بالمرض انخفض بشكل كبير من الذروة التي كان عليها في فبراير (شباط)، فإن السلطات قلقة من موجة تفش ثانية بسبب الصينيين العائدين من الخارج وأغلبهم من الطلبة.
وخفضت الصين الرحلات الجوية الدولية بدرجة كبيرة بدءاً من الأحد وحتى إشعار آخر بعد أن بدأت في منع كل الأجانب تقريباً من الدخول في اليوم السابق.
وأثارت العودة إلى العمل أيضاً مخاوف بشأن العدوى المحلية المحتملة مع تخفيف قيود السفر المفروضة على المناطق، ولا سيما بشأن حاملي الفيروس الذين لا تظهر عليهم الأعراض أو تظهر عليهم أعراض طفيفة.
وفي طوكيو، نقلت «رويترز» عن مسؤول صحي بارز في العاصمة اليابانية أن تراجع عدد حالات الإصابة اليومية بفيروس {«كورونا» في المدينة (13 حالة جديدة فقط) لا يعتبر سبباً للتفاؤل، ودعا المواطنين للامتناع عن أي نشاط خارجي خاصة التجمعات في الحانات والملاهي الليلية حتى 12 أبريل (نيسان). وكانت طوكيو سجلت الأحد 68 حالة إصابة بالفيروس.
وفي سيول، قال رئيس كوريا الجنوبية، مون جيه -إن، أمس (الاثنين)، إن بلاده ستقدم مدفوعات نقدية طارئة لمعظم الأسر وستعد موازنة تكميلية ثانية الشهر المقبل في محاولة لتخفيف التأثير الاقتصادي طويل الأمد الناجم عن وباء «كورونا». وأضاف مون، عقب اجتماع طارئ مع صانعي السياسات الاقتصادية، أن «المدفوعات الطارئة لتخفيف الكارثة» التي تصل إلى مليون وون (816 دولاراً) ستُقدم إلى جميع الأسر في ما عدا الأسر الأعلى دخلاً والتي تمثّل نسبة 30 في المائة. وتابع مون أنه سيُعد موازنة إضافية أخرى لتقديمها للبرلمان لإقرارها في أبريل، موضحاً أن بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة سيُعفى من دفع فواتير جزئية مقابل التأمين والمرافق العامة بدءاً من الشهر الجاري. وأضاف «من الضروري أن تحتفظ الحكومة بأقصى قدر ممكن من القوة المالية للاستعداد لصدمة اقتصادية دون نهاية تلوح في الأفق والاستجابة سريعاً لعدم الأمان في سوق العمالة وأي أزمة سيولة محتملة لدى الشركات».
والحزمة الجديدة هي الأحدث في سلسلة خطوات اتخذتها حكومة كوريا الجنوبية في الآونة الأخيرة لتخفيف الضغط عن رابع أكبر اقتصاد في آسيا فيما يواجه صعوبات ناجمة عن انتشار كبير لفيروس «كورونا».
وفي نيودلهي، ذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن إجمالي حالات الإصابة بـ(كوفيد - 19) تجاوز الألف حالة في الهند أمس (الاثنين)، ومع ذلك قالت الحكومة إنه لا توجد خطط لتمديد فترة الإغلاق المفروضة حالياً لثلاثة أسابيع على مستوى البلاد.
وارتفع إجمالي حالات الإصابة إلى 1071 حالة، بعد تسجيل 92 حالة جديدة، وفق وزارة الصحة الاتحادية. ومن بين هؤلاء، توفي 29 شخصاً وتعافى 99 آخرون.
وشهدت الهند زيادة مطردة في حالات الإصابة بـ«كورونا» منذ 20 مارس، وتم الإبلاغ عن 179 حالة يوم السبت وحده، وهي أعلى زيادة في يوم واحد حتى الآن.
وقال كبار المسؤولين إنه لا توجد خطط لتمديد أوامر البقاء في المنزل إلى ما بعد 14 أبريل، بعد التقارير التي أفادت بأن الحكومة ناقشت تمديد فترة الإغلاق لأنها تشعر بالقلق من خطر الإصابة نتيجة التدفق الجماعي للمغتربين الذين يحاولون العودة إلى ديارهم. وكتب المكتب الصحافي للحكومة على «تويتر»: «هناك إشاعات وتقارير إعلامية تدّعي أن الحكومة ستمدد فترة الإغلاق 21 يوماً المفروضة عندما تنتهي. ينفى سكرتير مجلس الوزراء (راجيف جوبا) هذه التقارير التي لا أساس لها».
وكان رئيس الوزراء ناريندرا مودي قد أمر المواطنين في الهند، التي يقطنها 1.3 مليار نسمة، بالبقاء في منازلهم حتى 15 أبريل، قائلا إنه الأمل الوحيد للحد من انتشار فيروس «كورونا»، لكن القرار ترك ملايين الهنود الفقراء عاطلين وجوعى. وبرغم القيود، ترك مئات الآلاف من العمال الذين كانوا يعملون بأجر يومي المدن الكبرى مثل دلهي ومومباي عائدين سيراً لبلداتهم وقراهم في الريف، وعاد كثيرون مع أسرهم وقالوا إنهم ليس لديهم طعام أو نقود، وهو ما أثار مخاوف من انتشار المرض بشكل أسرع.
وذكرت «رويترز» أمس أن الشرطة في غرب الهند أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق حشد من العمالة الوافدة كان يلقي الحجارة ويخالف إجراءات العزل العام والقيود المفروضة لاحتواء فيروس «كورونا». ويوم الأحد اشتبك نحو 500 عامل مع الشرطة في مدينة سورات، مطالبين بالسماح لهم بالعودة لبلداتهم في أماكن أخرى من الهند بعد أن فقدوا عملهم.
وقالت فيدهي تشودري نائبة قائد شرطة سورات: «حاولت الشرطة إقناعهم بأن ذلك غير ممكن لأن الحافلات والقطارات غير متاحة... لكن العمال رفضوا الإذعان ورشقوا الشرطة بالحجارة».
وفي كوالالمبور، ذكر تقرير إخباري أن السلطات الماليزية سجلت حالة وفاة جديدة بـ(كوفيد - 19) ليصل بذلك العدد الإجمالي للوفيات في البلاد إلى 35 حالة.
ونقلت وكالة الأنباء الوطنية الماليزية (برناما) عن المدير العام للصحة الماليزية، نور هشام عبد الله، قوله على حسابه الرسمي على موقع «فيسبوك»، ليلة الأحد، إن حالة الوفاة الـ35 كانت لامرأة ماليزية الجنسية (57 عاماً) سبق لها السفر إلى إندونيسيا أخيراً. وأعلن هشام تسجيل 150 حالة إصابة جديدة، ليصل بذلك العدد الإجمالي للحالات إلى 2470.
وفي مانيلا، أعلنت وزارة الصحة الفلبينية، أمس (الاثنين)، سبع وفيات جديدة و128 حالة إصابة بفيروس «كورونا» المستجد. وقالت ماريا روزاريو فيرجير وكيلة وزارة الصحة في مؤتمر صحافي إن إجمالي عدد الوفيات ارتفع بذلك إلى 78 حالة والإصابات إلى 1546 حالة، بحسب ما أوردت «رويترز». وأضافت أن السلطات تمكنت من رصد المزيد من الإصابات مع وصول آلاف من أجهزة الفحص وبدء عمل المزيد من المختبرات.
وفي هانوي، أعلنت صحيفة «فيت نام نيوز»، أكبر صحيفة في فيتنام ناطقة باللغة الإنجليزية، تعليق إصدار نسختها الورقية لأكثر من أسبوعين، عقب إصابة أحد الصحافيين بفيروس «كورونا».
وقال رئيس الوزراء الفيتنامي جوين شوان فوك أمس إنه على سكان مدينتي هانوي وهو شي منه الاستعداد للإغلاق، عقب ارتفاع حالات الإصابة الجديدة بفيروس «كورونا» بالمدينتين، بحسب وكالة الأنباء الألمانية. وسجلت فيتنام حتى الآن حوالي 200 حالة إصابة بفيروس «كورونا».


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟