إحدى التظاهرات السينمائية الملغاة في إطار ما تقدمه جامعة UCLA في لوس أنغليس واحدة عمادها أفلام المخرج المعروف إيليا كازان. ذلك السينمائي التركي المولد (1909)، اليوناني الهوية الذي شارك الآلاف سواه في تعرضه وعائلته إلى التفرقة العنصرية خلال العقد العاشر من مطلع القرن الماضي عندما كانت عائلته تعيش وتعمل في مدينة إسطنبول.
عكس بعض تلك الذكريات في كتابه «أميركا أميركا» الذي تحوّل إلى فيلم من إخراجه سنة 1963 حيث وصف فيه ما تعرّض له وأسرته من اضطهاد وكيف قرر الهجرة إلى الولايات المتحدة محملاً برغبته في الانعتاق من الماضي والقبول على عالم جديد حيث دخل مدرسة الدراما سنة 1932 ليؤسس بعد ذلك فرقة مسرحية ثم ليدخل السينما من العام 1945 وما بعد.
شق كازان طريقه بصعوبة لكن ما ذلل مشاقه اندفاعه الشديد وموهبته في تشكيل سينما تسرد ما يمكن للمشاهد أن ينجذب إليه في كل عنصر من عناصر العمل، انطلاقاً من اختيار الموضوع إلى اختيار الممثلين، و- بالطبع - طريقة الإخراج.
أول مسرحية قُدمت باسمه كانت «بشرة أسناننا» تأليف ثورنتون وايلدر، تبعها بمسرحية «عربة اسمها اللذة» لتنيسي وليامز. أخرج كذلك نسخته من مسرحية آرثر ميلر «موت رجل أعمال» قبل أن يعود إلى رحاب تنيسي وليامز ليخرج «قطة فوق صفيح ساخن».
بعد نحو عشر سنوات من العمل في المسرح جرّب الإخراج السينمائي بفيلم قصير (مفقود اليوم) عنوانه «أناس كمبرلاند» (1937) ثم عاد للمسرح حتى سنة 1945 عندما قرر إخراج «شجرة تنمو في بروكلين»، المقتبسة عن رواية للمؤلفة بَتي سميث بعد عامين أنجز فيلماً أفضل وأهم هو «ارتداد» (Boomerang). دانا أندروز، من نجوم الفترة، لعب دور وكيل النيابة الذي يكتشف أن من سيعمل على إدانته هو بريء مما أسند إليه. هذا الفيلم من أفضل أعمال كازان ومن أكثرها تعرضاً لتجاهل النقاد والمؤرخين حين يقارنون بينه وبين «عند الميناء» و«قطة على صفيح ساخن» عندما قام كازان بتحويل المسرحيتين إلى فيلمين بارزين في منتصف الخمسينات.
- شيوعي سابق
قبل ذلك، وفي سنة 1947 قام بتحقيق «اتفاق جنتلماني»(Gentlemans Agreement) عن رواية لموس هارت حول الصحافي الذي ينطلق في تحقيق يكتشف من خلاله مواقف معادية للسامية.
في العام التالي كوفئ الفيلم بأربع جوائز أوسكار كأفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل تمثيل نسائي أول (لوريتا يونغ) وأفضل ممثلة مساندة (سيليستا هوم) وذلك من بين ثمانية ترشيحات في الإجمال.
بعد فيلم لم يحرز أي نجاح اسمه «بينكي» (1949) قام بإخراج «ذعر في الشوارع» Panic in the Streets). هنا حاول المخرج استحضار المعالجة التسجيلية لحكاية تدور في رحى يومين نرى فيهما محاولة طبيب عسكري (رتشارد ودمارك) والأجهزة الأمنية اكتشاف مكان اختباء قاتل مصاب بجرثومة قد تشكل وباء. ينتمي الفيلم إلى السينما التشويقية وفيه عدد من كبار المشخصين (Character Actors) من بينهم زيرو موستل والممثلة باربرا بل جيديس. كذلك كان الدور الأول للممثل جاك بالانس.
اختار كازان الممثل زيرو موستل مصراً على إسناد الدور الذي قام به في الفيلم، رغم أن موستل كان على قائمة مكارثي كشيوعي ما أدّى إلى امتناع هوليوود عن العمل معه. لكن المخرج بعد عامين وجد نفسه في المحكمة المكارثية ماثلاً أمام لجنة التحقيقات التي طلبت منه الإفصاح عن أسماء الفنانين والمثقفين الذين كانوا معه في الحزب الشيوعي.
كان كازان انضم للحزب الشيوعي في مطلع الثلاثينات ثم ترك الحزب بعد نحو عامين ووجد نفسه بعد كل تلك الفترة مهدداً بضمه إلى لائحة الممتنعين عن الإدلاء بشهاداتهم وما سيجرّه ذلك عليه من ردود فعل هوليوود. تمنّع في البداية ثم كشف عن أسماء ثمانية من رفاقه وبذلك أمّن استمراره، لكن لم يؤمّن الكثير من علاقاته إذ وضعه ذلك في موقف حرج أمام رفاق وزملاء اعتبروا ما قام به خيانة. أحدهم كان الكاتب آرثر ميلر الذي قطع علاقته معه.
- مع براندو
كتب كازان في مذكراته ما يلي: «اكتشفت باكراً أن الميول التي قادتني للانضمام إلى الحزب كانت مثالية. لكن العالم ليس كذلك. اعترضت على ما واجهته من محاولة استئثار في الرأي وتحكيم نظم كانت تقيّدني أكثر مما تفيدني».
وعلى صفحة أخرى نقرأ: «كان لدي كل سبب جيد لكي أؤمن بأن ذلك الحزب عليه أن يُطرد من مخابئه، لكني لم أفعل شيئاً في البداية حتى لا يُقال عني إني خائن. ما فعلته (لاحقاً) فعلته لأني صادق مع نفسي».
لكن الحياة تستمر وها هو كازان يقدم على إخراج «عربة اسمها اللذة» سنة 1951 ثم «عند الميناء» (أو On the Water Front) . وهما الفيلمان اللذان حققا له تألقاً كبيراً رغم أن أولهما عانى من حصر معظم مشاهده داخلياً. لم يكن بإمكان كازان فعل الكثير أمام مسرحية كتبها وليامز على أساس وقوعها في غرفة واحدة، لكن معظم النقاد آنذاك تجاوز هذا الوضع وخرج الفيلم بأربع جوائز أوسكار ليس من بينها أوسكار كان مارلون براندو يستحقه في هذا اللقاء الأول بينه وبين كازان الذي تكرر مرتين لاحقاً.
بدوره نال «عند الميناء» ثماني جوائز أوسكار من بينها أوسكار أفضل ممثل وذهبت إلى براندو الذي ميّز الفيلم بحضوره وأدائه المتميز. بين الفيلمين ظهر براندو تحت إدارة كازان في فيلم متوعك عنوانه «فيفا زاباتا» (1953). وفي حين واصل المخرج تقديم سلسلة لامعة من الأفلام بينها «وجه في الزحام» (1957) و«بديع على العشب» (1961) بدأ المخرج يحوم حول تحقيق فيلم عن تجربته الشخصية فكان «أميركا أميركا» سنة 1963. آخر فيلمين لكازان لم يكن مستواهما بمستوى ما سبق وهما «الزائران» (1972) و«التايكون الأخير» (1976) الذي كان آخر أعماله وأنجزه قبل 27 سنة من وفاته.
في لقاء معه تم خلال دورة لمهرجان القاهرة قال لهذا الناقد: «لا أندم على أي شيء قمت به عن قناعة. وما قمت به آنذاك (الحقبة المكارثية) كنت مقتنعاً به. كنت أفرق بين السينما والسياسة ولم أترك عملي يضيع بسبب مواقف سياسية كدت أن أتورط بها».
- وراء الكاميرا
> وافقت الحكومة الأميركية على تقديم منحة مالية لأصحاب الصالات السينمائية الذين اضطروا لإغلاق أبواب صالاتهم في الولايات المتحدة وكندا. المنحة هي جزء من تريليونين و200 مليار دولار كان الكونغرس قد توصل إلى إبرامها.
قررت محطة NBC تأجيل عرض حلقة درامية من مسلسل «نيو أمستردام» كان من المقرر بثها في الأسبوع المقبل. كان تصوير الحلقة تم قبل انتشار «كورونا» وتناولت حكاية تفشي وباء غامض بين الأميركيين.
من الأفلام التي توقف العمل عليها الجزء الجديد من «جوراسيك وورلد» الذي تقود بطولته برايس دالاس هوارد وكريس برات. الممثلة هوارد كانت كذلك في صدد إخراج فيلمها الأول «الأصليون».
إيليا كازان... سيرة مخرج عانى ما يكفي من السياسة
شهد على رفاقه خلال الحملة المكارثية
إيليا كازان... سيرة مخرج عانى ما يكفي من السياسة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة