بعد سقوط بشار الأسد... دروز السويداء يتطلعون إلى مستقبل أفضل

يلوح الناس بعلم الثورة السورية بعد الإطاحة ببشار الأسد (أ.ف.ب)
يلوح الناس بعلم الثورة السورية بعد الإطاحة ببشار الأسد (أ.ف.ب)
TT

بعد سقوط بشار الأسد... دروز السويداء يتطلعون إلى مستقبل أفضل

يلوح الناس بعلم الثورة السورية بعد الإطاحة ببشار الأسد (أ.ف.ب)
يلوح الناس بعلم الثورة السورية بعد الإطاحة ببشار الأسد (أ.ف.ب)

يصف بيان الحناوي بـ«الحلم» وقوفَه في ساحة الكرامة في مدينة السويداء مع جموع المحتفلين بسقوط الرئيس السوري بشار الأسد، فالرجل الذي أمضى 17 عاماً في السجون في عهد حافظ الأسد، لم يتخيل أن يعيش ليرى هذا اليوم، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

في مدينة السويداء، مركز المحافظة ذات الغالبية الدرزية، اكتظّت ساحة الكرامة التي كانت مسرحاً لمظاهرات مطالبة برحيل بشار الأسد على مدى عام ونصف عام، بمئات ممن احتفلوا بسقوطه.

رفع المحتفلون العلم الأبيض والأخضر والأسود ذا النجوم الثلاث، وصفّقوا على وقع الأغاني الاحتفالية، رافعين أغصان الزيتون.

يحتفل الناس في أحد شوارع السويداء بإطاحة الرئيس بشار الأسد ونهاية 5 عقود من حكم البعث لسوريا في 13 ديسمبر (أ.ف.ب)

من بينهم من فقد ابناً أو أخاً خلال فترة الاحتجاجات التي اندلعت عام 2011، أما آخرون فقد عانوا مباشرة في السجون، مثل الحناوي (77 عاماً) الذي سجن حينما كان جندياً في الجيش السوري، يبلغ 23 عاماً، في عام 1975 أي بعد نحو 5 سنوات من الانقلاب الذي أوصل حافظ الأسد إلى السلطة.

ويقول الرجل الذي ملأت التجاعيد وجهه، وغزا الشيب رأسه: «كان هذا حلماً، كنا نحلم بأنه في يوم من الأيام سيسقط النظام».

ويصف مشاعره بمزيج من «السعادة والحزن»، مضيفاً: «هناك حزن وقهر، ليت الذين كانوا معي في (سجني) المزة وصيدنايا قادرون على أن يروا هذا المشهد، المشهد الرائع الذي لم نكن نتصوره».

لا يقوى الرجل الذي يصف معاناة هائلة وتعذيباً تعرض له بالسجن على تمالك نفسه، ويقول: «خرجت وأنا في الأربعين من عمري، خسرت كل حياتي... السجن لا يوصف، الجلد ووسائل تعذيب... لم يمارس أي ظالم بالتاريخ ما مارسوه علينا».

رجل يمتطي جواداً يلوح بعلم سوري يعود إلى عصر الاستقلال بينما يحتفل الناس بانهيار حكم بشار الأسد في أحد شوارع السويداء (أ.ف.ب)

منذ الأحد، خلت الفروع الأمنية في المدينة من قوات الأمن، وهجر مركز حزب البعث تماماً. وعلى الطريق المؤدية من دمشق إلى السويداء، فرغت الحواجز التي كانت للجيش السوري، من أي جندي، كما المواقع المحيطة في المحافظة.

لا مظاهر مسلحة على الطريق إطلاقاً. أما في السويداء، فالمسلحون الموجودون على الأرض هم من أبناء المنطقة، وينتمون إلى فصائل محلية، وليس إلى «هيئة تحرير الشام» التي يبدو أنها لم تدخل السويداء بعد.

«الحرية والكرامة»

في بداية النزاع عام 2013، انشقّ نجل سهام زين الدين، الملازم خلدون زين الدين، عن الجيش السوري، وانضمّ إلى فصيل محلي للقتال ضدّ الحكومة حينها، قبل أن يقتل في إحدى المعارك عام 2014.

بالنسبة لوالدته، فإن ابنها «ضحى بدمه من أجل هذه الوقفة، من أجل الحرية، والكرامة».

حتى الآن، تقول سهام (60 عاما)، بينما وقفت مع المحتفلين في السويداء: «لا نعرف أين رفاته، لم نتسلمه، أتمنى على الأقلّ أن نتمكن من الحصول على رفاته».

وخلدون زين الدين من دروز قلائل حملوا سلاحاً ضد الجيش السوري، وانخرطوا في الفصائل المسلحة منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011.

وتمكّن الدروز الذين يشكلون 3 في المائة من سكان سوريا من تحييد أنفسهم إلى حدّ كبير عن تداعيات النزاع، بينما تخلف عشرات آلاف الشبان عن التجنيد الإجباري، مستعيضين عن ذلك بحمل السلاح دفاعاً عن مناطقهم فقط، فيما غضّت دمشق النظر عنهم.

وتتوزع الأقلية الدرزية بشكل خاص في لبنان ومرتفعات الجولان السوري المحتلّ من إسرائيل وفي إسرائيل، بالإضافة إلى جنوب سوريا، خصوصاً محافظتي السويداء والقنيطرة.

* «ازدهار»

على مدى عقود، عانت محافظة السويداء التهميش ونقص الخدمات الأساسية، كما يقول أبناؤها.

وفي المدينة التي شيّدت مبانيها التقليدية بالحجارة البركانية السوداء المنتشرة بشكل كبير في المحافظة، يظهر بوضوح تردّي حال الطرق والمباني، في وقت تضمّ المدينة والمحافظة إجمالاً كثيراً من الآثار الرومانية البارزة التي تظهر معالمها في بعض الأزقة الضيقة في السويداء.

بالنسبة إلى الشيخ الدرزي مروان رزق، فإن «محافظة السويداء كانت مهمشة طوال أكثر من 60 عاماً... وأغلب سكانها تحت خط الفقر، إذ أفقرت الحكومة المخلوعة الغالبية، وعملت بمنهجية على تجويع الناس وتهجيرهم».

ويضيف: «بينما أنضمّ إلى المحتفلين في ساحة الكرامة، إن ما يطمح إليه السكان من الحكومة الجديدة في المستقبل هو قليل من الاهتمام».


مقالات ذات صلة

إردوغان: لن نسمح بوجود تنظيمات إرهابية في شمال سوريا تُهدد تركيا

المشرق العربي إردوغان: لن نسمح بوجود تنظيمات إرهابية في شمال سوريا تُهدد تركيا

إردوغان: لن نسمح بوجود تنظيمات إرهابية في شمال سوريا تُهدد تركيا

أكد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن بلاده لن تسمح بوجود تنظيمات إرهابية بطول حدودها مع شمال سوريا، لافتاً إلى عزم الإدارة السورية على محاربة تلك التنظيمات.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوات تركية وعناصر من الفصائل السورية الموالية خلال عملية «غصن الزيتون» في عفرين عام 2018 (أرشيفية - أ.ف.ب)

تركيا سلمت عفرين للجيش السوري وتدرس إعادة انتشار قواتها

سلمت تركيا السيطرة على منطقة «غصن الزيتون» في عفرين إلى الجيش السوري الذي شكلته الإدارة الجديدة في دمشق، ودعت إلى تسليمها السيطرة على سجون «داعش».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص أطفال من مخيم «الهول» في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا 12 نوفمبر 2020 (غيتي) play-circle 01:20

خاص حين قابلت سجّاني... الطفل «الداعشي» الصغير

مع إصدار «داعش» بياناً يهاجم فيه الحكومة السورية الجديدة ويتوعدها إذا «حادت عن طريق الصواب» تتزايد المخاوف من أن يعيد التنظيم فرض نفسه على المشهد السياسي والأمني.

أحمد الجوري (دير الزور)
المشرق العربي مقاتلان من الفصائل السورية المدعومة من تركيا المشاركة في العمليات شرق حلب في أثناء تجهيز سلاح آلي (أ.ف.ب)

تركيا تعلن مقتل 13 من «الوحدات الكردية» في سوريا

صعدت تركيا من استهدافاتها لمواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الوقت الذي تتواصل فيه الاشتباكات العنيفة مع الفصائل الموالية لها على محاور شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي الجيش السوري يدفع بتعزيزات من الجنود إلى محاور حلب (إكس)

«الدفاع» السورية تبدأ إعادة هيكلة الجيش وتشكيل الفرق العسكرية

بدأت وزارة الدفاع السورية بتشكيل فرق عسكرية تتبع الوزارة في دمشق وحماة وحمص ودرعا وإدلب وتدمر، وتسمية قادتها، في إطار إعادة تشكيل الجيش الوطني السوري.

سعاد جروس (دمشق)

إردوغان: خطة ترمب لتهجير الغزيين «وحشية»

فلسطينيون يستدفئون بنيران أشعلوها وسط الدمار الذي خلّفه القصف الإسرائيلي في غزة (رويترز)
فلسطينيون يستدفئون بنيران أشعلوها وسط الدمار الذي خلّفه القصف الإسرائيلي في غزة (رويترز)
TT

إردوغان: خطة ترمب لتهجير الغزيين «وحشية»

فلسطينيون يستدفئون بنيران أشعلوها وسط الدمار الذي خلّفه القصف الإسرائيلي في غزة (رويترز)
فلسطينيون يستدفئون بنيران أشعلوها وسط الدمار الذي خلّفه القصف الإسرائيلي في غزة (رويترز)

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رفض بلاده القاطع لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، داعياً إياه إلى تنفيذ تعهداته خلال حملته الانتخابية بحل عادل للقضية الفلسطينية.

وقال إردوغان إنه لا يمكن قبول خطة التهجير؛ لأنها «وحشية»، لافتاً إلى أن أميركا تُجري حسابات خاطئة بشأن المنطقة، وأن من الضروري عدم تجاهل الحقائق التاريخية، وأن تصديق «أكاذيب الصهاينة»، والعبث بأوضاع المنطقة لن يؤدي سوى إلى مفاقمة جراحها، وهذا طريق خاطئ.

وأضاف إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه في طريق عودته من جولة آسيوية نقلتها وسائل الإعلام التركية، الجمعة، أنه يتعيّن على الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أن يتخذ خطوات لبناء السلام، وليس من أجل حرب جديدة.

إردوغان (الرئاسة التركية)

ولفت إلى أن التصرف وكأن المعاناة غير موجودة في هذه المنطقة لن يكسب الولايات المتحدة أي شيء، وأن تصديق ما يقوله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لا تزال محاكمته مستمرة في بلاده، لن يؤدي إلا إلى إغراق المنطقة بالدماء.

وتابع: «رأينا ذلك بوضوح تام، وهذا لن يحقق السلام المنشود، بل على العكس من ذلك سيعمّق الصراعات، ويزيد من الدماء والدموع، وننتظر من ترمب أن يفي بوعده الذي أطلقه قبل الانتخابات واتخاذ خطوات تجلب السلام وليس الحرب مجدداً».

وشدد إردوغان على أهمية أن يظهر المجتمع الدولي، خصوصاً القوى الكبرى، موقفاً بناءً من أجل تحقيق سلام دائم في منطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن أي نوع من التعاون والاستراتيجية على طريق السلام يُعدّ خطوة إيجابية، فإن الأمر الأساسي هو حماية حقوق الشعب الفلسطيني وتوفير الحياة العادلة له.

وأوضح أن هذه العملية لا يمكن أن تتقدّم «بصورة صحية» مع تصريحات من قبيل: «فلتقم القيامة، وخطط خاطئة مثل تهجير سكان غزة، التي تزيّن أحلام نتنياهو».

وذكر إردوغان أن خطة تهجير الفلسطينيين من غزة تتجاهل حقوق الشعب في غزة وفلسطين، ولن تقبلها أي دولة إسلامية، وأن مثل هذا النهج لا يُسهم في تحقيق السلام المستدام على المدى الطويل، بل على العكس من ذلك يؤجّج الصراعات.

متظاهرون أمام القنصلية الأميركية في إسطنبول احتجاجاً على خطة ترمب بشأن غزة (رويترز)

وأضاف أن تصرّف المجتمع الدولي وفقاً للحسابات السياسية بدلاً من مراعاة حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية من شأنه أيضاً أن يعمّق الأزمات في المنطقة.

وأوضح إردوغان أن «تضميد كل هذه الجروح ممكن من خلال قبول وجود دولة فلسطينية مستقلة على أساس حدود عام 1967، وبناء السلام الحقيقي على أساس الاعتراف بحقوق الطرفَيْن وضمان المساواة والعدالة».

وقال الرئيس التركي إن مصر وقطر تقومان بجهود لإدخال معدات الحفر والبناء إلى قطاع غزة، لكن يجب على العالم الإسلامي اتخاذ خطوة مشتركة لرفض التهجير وإعادة إعمار غزة واستدامة وصول المساعدات إلى سكانها.

ولفت إلى أن قطاع غزة يمرّ بمرحلة حساسة ومعقّدة للغاية، وهو ما أثار ردود فعل كبيرة على صعيد القانون الدولي وحقوق الإنسان، ويجب أن يكون البحث عن حل عادل للقضية الفلسطينية دائماً في المقدمة.

وقال إردوغان إن «زيارة نتنياهو الأخيرة إلى أميركا ربما تخبرنا بشيء ما، ففي نهاية كل هذه الأحداث نرى أن قضية الدين أصبحت مرة أخرى عامل انقسام خطير».

وأضاف: «على الرغم من أن الحديث يدور عن التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فإننا لا نرى أي مؤشرات على ذلك، نحن نراقب من كثب ونأمل أن يتم تنفيذ الاتفاق».