حزم تحفيز مليارية وتأميم شركات و{أموال رخيصة» في مواجهة {كورونا}

حزم تحفيز مليارية وتأميم شركات و{أموال رخيصة» في مواجهة {كورونا}
TT

حزم تحفيز مليارية وتأميم شركات و{أموال رخيصة» في مواجهة {كورونا}

حزم تحفيز مليارية وتأميم شركات و{أموال رخيصة» في مواجهة {كورونا}

في الوقت الذي يزيد فيه العالم من إجراءاته لاحتواء تفشي خطر كورونا، تزداد المخاطر الاقتصادية التي سيسببها الفيروس المستجد، كمرحلة تالية بعد القضاء عليه، في وقت لا يعلمه أو يستطيع تحديده أحد ما، لكن المؤكد والمعلوم، أنه كلما طالت موجة تفشيه طالت معها معاناة الاقتصاد العالمي بقطاعاته (تراجع الوظائف - زيادة البطالة - انخفاض النمو - زيادة الديون - ارتفاع حالات الإفلاس...).
غير أن مرحلة ما بعد كورونا لن تقل خطورة عن المعايشة حالياً، لا سيما على المستوى الاقتصادي، إذ توقع «غولدمان ساكس» أمس انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي على مستوى العالم، حوالي واحد في المائة العام الجاري، وهو تراجع اقتصادي أكبر مما حدث في العام التالي للأزمة المالية العالمية في 2018.
هذه التوقعات، ما هي إلا انعكاس لاقتصاد عالمي كان يعاني بالأساس، نتيجة حروب تجارية، وتباطؤ اقتصادي، وفائدة صفرية (تؤدي إلى زيادة الأموال الرخيصة)، لتضاف إليها حزم مليارية غير مسبوقة، وتأميم شركات لموجهة «كوفيد - 19».
وأمام هذه الحزم المليارية من الحكومات على مستوى العالم، يجد المستثمر نفسه منساقاً من مخاوف، مشروعة أحياناً ومبالغ فيها أحياناً أخرى، نحو عمليات بيع عشوائية لكل الأصول، لتهبط بذلك، الأسهم والسندات والنفط، حتى الملاذات الآمنة، وعلى رأسها الذهب، يتراجع، تحت مبرر: (عصفور في اليد) سيولة مضمونة، أمام أصول بأسعار مغرية غير مضمونة.
وانخفضت أسعار الذهب أمس، إذ يكدس المستثمرون السيولة في الوقت الذي يؤدي فيه ارتفاع عدد حالات العزل على مستوى الدول بسبب فيروس كورونا إلى تهديد إجراءات التحفيز التي ينفذها عدد من البنوك المركزية لمكافحة الضرر الاقتصادي للوباء.
وسجلت الأسهم الأميركية تراجعات حادة في مستهل تداولات أمس، رغم إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي برامج جديدة لضمان السيولة في الأسواق.
وتراجع مؤشر «إس آند بي 500» بأكثر من 3 في المائة ليمحو كل مكاسبه منذ بداية عام 2017، عندما تولى الرئيس الأميركي دونالد ترمب منصبه. كما تراجع مؤشر داو جونز الصناعي القياسي بنحو 3 في المائة.
وعاود الدولار التراجع صوب أدنى مستوياته لليوم أمام منافسيه أمس، بعد أن قال مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي، إنه سيدعم طيفاً واسعاً من الائتمان، في خطوة غذت موجة صعود للعملات عالية المخاطر مثل الدولار الأسترالي.
وواصلت أسعار النفط تراجعها، في خسائر بقيادة أسعار البنزين الأميركية القابعة عند مستويات قياسية منخفضة، مع تحطم الطلب في أنحاء العالم بفعل جائحة فيروس كورونا، في ظل تقليص حركة السفر والنشاط الصناعي عالمياً.
وبحلول الساعة 15:35 بتوقيت غرينتش، كانت العقود الآجلة للخام الأميركي منخفضة 1.31 دولار إلى 25.67 دولار للبرميل، بهبوط 4.9 في المائة. ونزلت عقود خام غرب تكساس الوسيط تسليم مايو (أيار) 48 سنتا بما يعادل 2.1 في المائة لتسجل 22.15 دولار للبرميل. وتراجعت عقود البنزين الأميركية أكثر من 20 في المائة إلى 0.4789 دولار للغالون، في أدنى مستوياتها على الإطلاق.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.