في ظل «كورونا»... مُدرّسة تشرح إيجابيات وسلبيات التعليم عبر الإنترنت

مريضة تجلس في شقتها بنيويورك وتشارك في اتصال عبر الفيديو مع طبيبتها ضمن محاولات التطبيب عن بعد (أ.ب)
مريضة تجلس في شقتها بنيويورك وتشارك في اتصال عبر الفيديو مع طبيبتها ضمن محاولات التطبيب عن بعد (أ.ب)
TT

في ظل «كورونا»... مُدرّسة تشرح إيجابيات وسلبيات التعليم عبر الإنترنت

مريضة تجلس في شقتها بنيويورك وتشارك في اتصال عبر الفيديو مع طبيبتها ضمن محاولات التطبيب عن بعد (أ.ب)
مريضة تجلس في شقتها بنيويورك وتشارك في اتصال عبر الفيديو مع طبيبتها ضمن محاولات التطبيب عن بعد (أ.ب)

يبدو البحث عن سبل لتقليص الفترة التي يمضيها التلامذة أمام الشاشات، وتفعيل التواصل بينهم، كأنه إشكالية من الماضي، بعدما أبدل مدرّسون كثرٌ باللوح، جهاز الكومبيوتر المحمول، بفعل تبعات تفشي وباء كورونا، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتقول أستاذة اللغتين الفرنسية والإسبانية كونستانس دو بوا (37 عاماً)، التي تعمل في نيويورك، إن هذا الأمر «بعيد عن التعليم وجهاً لوجه».
وتعطي دو بوا 16 ساعة في الأسبوع في مدرسة الأمم المتحدة الدولية، وهي مدرسة خاصة تضم 1600 تلميذ قرب مقر الأمم المتحدة في مانهاتن، وبأدوات أفضل بكثير من الموجودة في المدارس العامة.
لكن حتى في هذه المؤسسة، التي كانت تستخدم فيها أساساً العديد من أدوات الاتصال عبر الإنترنت، فإن البدايات «كانت صعبة»، وفق ما توضح دو بوا لوكالة الصحافة الفرنسية، خلال اتصال عبر الفيديو، لتجنب أي إصابة محتملة بفيروس كورونا.
وفيما بدأ زملاؤها التحضيرات للانتقال إلى إعطاء الحصص الدراسية عبر الإنترنت في أوائل أبريل (نيسان)، بعد عطلة الربيع، تسارعت الأمور بعدما شخّص أحدهم بإصابته الفيروس. فأغلقت المدرسة على الفور قبل أن يكون كل شيء جاهزاً.
وكانت الصعوبات في البداية تقنية.
وتشرح المدرّسة بعد الانتهاء من إعطاء حصة لتلاميذ تراوح أعمارهم بين 14 و15 عاماً، من خلال جهاز كومبيوتر في شقتها الواقعة في بروكلين: «اختبرنا البرنامج مع عدد قليل من التلاميذ، لكن في الواقع، لم نكن متمرسين من العمل على منصة (بيغ بلو بوتون)، وقد واجه التلاميذ الكثير من المشكلات التقنية».
وبمجرد حل هذه المشكلات، ظهرت مشكلات أخرى، لكن هذه المرة كانت هيكلية أكثر.
أولاً، لا تسمح المنصة المستخدمة للتلاميذ برؤية بعضهم البعض.
وتقول دو بوا: «لا يرون أحداً غيري. ليست هناك أجواء مشابهة لأجواء الصف الفعلي».
وتتابع: «ما ينقصهم فعلاً هو الناحية الاجتماعية. يريدون العودة إلى المدرسة، لقد سئموا من عدم رؤية بعضهم البعض... يشعرون بعزلة كبيرة».
كما أن الدروس تستغرق وقتاً أطول لإعدادها، ويواجه التلاميذ صعوبة أكبر في فهمها ومتابعة الأستاذ.
وبهدف التغلب على هذه المشكلات، لجأت هذه المدرّسة إلى تقسيم التلاميذ على مجموعات صغيرة، تضم كل واحدة منها بين تلميذين وثلاثة، وخلقت بيئة مشابهة بالبيئة الفعلية للصفوف. ومن خلال هذه الطريقة، سمحت لهم أقله بـ«رؤية بعضهم البعض والتكلم سوياً».
لكن برزت مشكلة أخرى. فقد وضعت المدرسة في البداية نموذجاً للجدول الزمني المخصص، لإعطاء الحصص عبر الإنترنت، وفقاً للجدول الزمني الفعلي. لكن المدرسين أدركوا أن «التلاميذ كانوا يمضون يومهم كله أمام الشاشة ونحن كذلك».
لذلك، خفضت مدة الدروس بسرعة من ساعة واحدة إلى 40 دقيقة.
وتقول دو بوا: «منحنا هذا الأمر الكثير من الراحة، كما أن التلاميذ أصبحوا أكثر تركيزاً».
ومثل ملايين المدرسين حول العالم، لا تعرف كونستانس دو بوا، كم من الوقت ستبقى مدرستها مغلقة. لكن من الواضح أنها ستعطي الدروس عبر الإنترنت حتى 20 أبريل على الأقل، وهو التاريخ الذي تأمل مدارس نيويورك في أن تفتح أبوابها مجدداً فيه.
وعلى الرغم من ذلك، أعلنت بعض المدن الأميركية أن المدارس ستبقى مغلقة حتى نهاية السنة الدراسية.
لكن ليست كل الأمور سلبية. فـ«الطلاب يتحلون بوعي كبير، إذ يفتحون المنصة في الوقت المحدد، ويحضرون الفروض ويشاركون في الحصص». كما أن هذا الأمر سمح للمدرسين بتجديد أنفسهم.
وتوضح دو بوا: «هذا يعلمك أن تنظر إلى الأمور بشكل مختلف ومحاولة التفكير في كيفية إعطاء حصتك بطريقة مختلفة».


مقالات ذات صلة

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ (رويترز)

زوكربيرغ: البيت الأبيض ضغط على «فيسبوك» لفرض رقابة على محتوى «كورونا»

أقر الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ بقيام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالضغط على موقع «فيسبوك» لفرض رقابة على المحتوى المتعلق بجائحة كورونا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا هانس كلوغه (أرشيفية - رويترز)

«الصحة العالمية»: جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد»

قال المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا، هانس كلوغه، اليوم (الثلاثاء)، إن جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم ممرضة تحضر جرعات من لقاح «كورونا» في دار للمسنين بإسبانيا (إ.ب.أ)

بريطانيا: الآلاف يطالبون بتعويضات بعد إصابتهم بمشكلات خطيرة بسبب لقاحات «كورونا»

تقدم ما يقرب من 14 ألف شخص في بريطانيا بطلبات للحصول على تعويضات من الحكومة عن الأضرار المزعومة الناجمة عن تلقيهم لقاحات «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب اعتباراً من ديسمبر بعد فرض ضوابط صارمة منذ عام 2020 بسبب جائحة «كورونا» (أ.ف.ب)

كوريا الشمالية تستأنف استقبال الزوار الأجانب في ديسمبر

قالت شركات سياحة، اليوم (الأربعاء)، إن كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب في مدينة سامجيون بشمال شرقي البلاد في ديسمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (سول)

السعودية تدشن استراتيجية وطنية للإرشاد الأسري

الوزير الراجحي يسلّم أولى الرخص المهنية في الإرشاد الأسري (الموارد البشرية)
الوزير الراجحي يسلّم أولى الرخص المهنية في الإرشاد الأسري (الموارد البشرية)
TT

السعودية تدشن استراتيجية وطنية للإرشاد الأسري

الوزير الراجحي يسلّم أولى الرخص المهنية في الإرشاد الأسري (الموارد البشرية)
الوزير الراجحي يسلّم أولى الرخص المهنية في الإرشاد الأسري (الموارد البشرية)

دشنت السعودية استراتيجية وطنية للإرشاد الأسري، لمساعدة الأُسر في التغلّب على التحديات المعاصرة، وزيادة التماسك الأسري، وسلّمت في حفل أقيم (الأحد) بمدينة الرياض أولى الرخص المهنية للإرشاد الأسري ومساعدتها في أداء دورها الحيوي.

وقال المهندس أحمد بن سليمان الراجحي، وزير الموارد البشرية في السعودية، إن الاستراتيجية تأتي انطلاقاً من أهمية الإرشاد الأسري كوسيلة فعالة لمساعدة الأسرة في التغلب على التحديات، وتحقيق توازن أفضل في الحياة. وتابع خلال انطلاق أعمال «منتدى الأسرة 2024»، أن الاستراتيجية حدّدت رؤيتها بأنها إرشاد أسري رائد عالمياً لمجتمع حيوي، ونصّت رسالتها على تطوير وإدارة خدمات الإرشاد بمهنية وابتكار عبر أفضل الكفاءات والممارسات العالمية لأسرة مستقرة ومجتمع متماسك ومزدهر، مشيراً إلى أن إعداد الاستراتيجية تطلب جهوداً حثيثة من فرق العمل، استغرقت أكثر من 1200 ساعة عمل عُقدت عبر 12 ورشة عمل بمشاركة ما يزيد عن 13 جهة من مختلف القطاعات ذات العلاقة.

وزيرا الموارد البشرية والتعليم خلال تدشين استراتيجية الإرشاد الأسري (الموارد البشرية)

وتتضمن استراتيجية الإرشاد الأسري أكثر من 12 مبادرة تغطي جميع المتطلبات الأسرية والمجتمعية، وتركز على تمكين وتحسين أداء العاملين في مجال الإرشاد الأسري، وتأهيلهم وتطوير قدراتهم ومهاراتهم، وتعزيز فهم المجتمع لدور الإرشاد الأسري، وأثره الإيجابي في تحسين العلاقات الأسرية وحل النزاعات ودعم الاستقرار. كما شهد الحفل تسليم أولى الرخص المهنية للإرشاد الأسري لعدد من الممارسين، وستعمل الوزارة على إصدار التراخيص لـ500 ممارسٍ خلال عام 2024، والوصول بأعداد ممارسي الإرشاد الأسري إلى 4000 ممارس في نهاية عام 2030.

من جلسات «منتدى الأسرة 2024» في الرياض (الموارد البشرية)

وكشف الراجحي، أن 31 في المائة من سكان السعودية يقضون 8 ساعات أسبوعياً في ألعاب الفيديو، مشيراً إلى أن هذا المؤشر يُظهر حجم مشكلة الانعزال داخل الأسرة، والتحديات التي يمكن أن تنتج عن هذا الواقع. وأوضح أن الأسرة في السعودية تواجه مجموعة من التحديات والقضايا المؤثرة على تماسكها، في عالم تعصف به رياح التغيير، لافتاً إلى أن الجهات الحكومية في السعودية مدّت يد العون والرعاية لمساعدة الأسر، وأولت اهتمامها الشديد لحماية كيانها، وقدمت الدعم الكبير لمساندتها للقيام بأدوارها في المجتمع ورعاية أبنائها وتربيتهم على الالتزام بالقيم السامية والتمسك بالمبادئ الراسخة.

وعلى صعيد الإرشاد الأسري، قال الراجحي: «نحن مقصرون في هذا الملف، والتربية هي التحدي الأكبر الذي تواجهه الأسر في وجه متغيرات كثيرة، مثل الغزو الفكري غير الطبيعي، وتحدي المحافظة على الأخلاق والمبادئ والدين والترابط، والتحديات الناشئة عن مواقع التواصل على الإنترنت». وأردف: «لا تخلو أسرة من تحديات ومشاق، تأخذ صوراً مختلفة بين أسرة وأخرى، وهي بين إمكانية احتواء هذه التحديات والعجز عن تجاوزها. وفي رأيي، إن هناك خلافات وتحديات كثيرة كان يمكن حلّها لو تيسّر أن يتدخل مختص في الإرشاد الأسري». وكشف الراجحي أن وزارة الموارد البشرية، لديها 98 مركزاً متخصصاً في الإرشاد الأسري، وأن ما لا يزيد عن 14 في المائة فقط يستفيد من هذه الخدمات في السعودية، وأرجع ذلك إلى مستوى الوعي بقيمة الإرشاد الأسري، وأكد الراجحي أن الوزارة تستهدف الوصول إلى 197 مركزاً للإرشاد الأسري عام 2027.

مركز وطني لتطوير المناهج السعودية

من جانبه، قال يوسف البنيان، وزير التعليم، إن السعودية أطلقت مركزاً وطنياً لتطوير المناهج، يعمل بالتعاون مع كل الجهات ذات العلاقة، وذلك بهدف تطوير مناهج مدرسية بتركيبة تكاملية، لا يقتصر المحتوى فيها على البُعد المعرفي فقط، بل يستوعب بالإضافة إليه، البُعدين المهاري والقيمي، بما يعزّز بقاء مكون الأسرة واستقرارها في المجتمع السعودي. وأضاف خلال مشاركته في «منتدى الأسرة 2024»، أن الأسر هي المكون الرئيسي للمجتمع ولاستقراره، وأن تجويد التعليم ومخرجاته يرتكز أساساً على التكامل بين الأسرة والمدرسة، مشيراً إلى أن هدف الوصول إلى مواطن صالح يتطلب عملاً تكاملياً بين القطاعات الحكومية والأهلية كافة. وتابع: «لدينا تحدي الانضباط المدرسي، وهذا يتطلب زيادة جاذبية المدرسة، ورفع رفاهية الطالب فيها، ومقاومة بيئات التنمر، وهو جزء من مهام الإرشاد الأسري».

من «منتدى الأسرة 2024» في الرياض (الموارد البشرية)

حوكمة محتوى إعلانات المؤثرين

من جهته، قال عبد اللطيف العبداللطيف، الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم الإعلام في السعودية، إن قطاع الإعلام يشهد تغيراً متسارعاً، أصبح خلاله المحتوى يصل إلى أبعد ممّا كان يصل إليه سابقاً، وإن التصنيف السعودي للإنتاج المرئي والألعاب الإلكترونية، يُخضع جميع أفلام السينما والألعاب الإلكترونية له قبل عرضها أو تداولها داخل المملكة، وإن التصنيف يعمل بوصفه عاملاً مساعداً للأسر في اختيار ما يتلاءم مع المستوى العمري لأبنائها، وحمايتهم من المحتوى الذي قد يكون له أثر سلبي على سلوكهم ومعتقداتهم.

وكشف العبداللطيف أن الهيئة خلال عام واحد تُصنّف نحو 700 لعبة إلكترونية وأكثر من 600 فيلم سينمائي، بالإضافة إلى حوكمة محتوى إعلانات المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، وضبط جودة محتوى الإعلانات لتتواءم مع الأخلاق والقيم الاجتماعية في السعودية، وقد ضُبط خلال العام الماضي أكثر من 22 ألف مخالفة محتوى، ومصادرة أكثر من 4 آلاف لعبة مخالفة، مؤكداً أن الرقابة الأبوية هي خط الدفاع الأول لحماية الأسر والأبناء من آثار بعض الطروحات الإعلامية.