صناعة الموضة تعيش حالة من الفوضى بسبب «كورونا»

إغلاق محلات ووقف توسعات وخسائر... والنهاية مجهولة

المحلات التجارية فارغة في إيطاليا إلا من بعض العاملين فيها
المحلات التجارية فارغة في إيطاليا إلا من بعض العاملين فيها
TT

صناعة الموضة تعيش حالة من الفوضى بسبب «كورونا»

المحلات التجارية فارغة في إيطاليا إلا من بعض العاملين فيها
المحلات التجارية فارغة في إيطاليا إلا من بعض العاملين فيها

هيمنت أنباء فيروس «كورونا» على العناوين الرئيسية على مدار أسابيع، لكن خلال الأيام القليلة الماضية على وجه التحديد بدأت أنباء الفيروس الفتاك، الذي تحول الآن رسمياً إلى وباء، تفرض نفسها على نحو قوي جعل أهمية ما سواها من أنباء في تضاؤل مستمر. بدأ الأمر بقرار إيطاليا فرض حجر صحي على الأقاليم الشمالية، الأحد، ليمتد الحجر بعد ذلك ليشمل جميع أرجاء البلاد. وحملت الأيام القلائل الأخيرة سلسلة مستمرة من الأنباء المؤسفة على نحو متزايد، مع إعلان عشرات الدول عن ارتفاعات مضاعفة في أعداد الإصابات والوفيات، في الوقت الذي جرى إرجاء أو إلغاء عدد لا حصر له من المؤتمرات والحفلات الموسيقية والفعاليات الرياضية بمختلف أرجاء العالم. من جهته، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قراراً بحظر السفر من وإلى أوروبا، وأعلن حالة الطوارئ الوطنية، الأربعاء. وفي تلك الأثناء، يستعد الملايين عبر العالم طواعية لقضاء أسابيع قيد حجر صحي ذاتي، أو اضطروا لاتخاذ ترتيبات متعجلة لتوفير رعاية لأطفالهم بعد إغلاق المدارس في كثير من الدول.
وفي خضم ذلك، لعبت أسواق الأسهم دور مؤشر الخوف، مع سيطرة اللون الأحمر على شاشاتها حرفياً. وشهد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» انخفاضا حاداً، في الأسبوع الماضي، عقب أكبر انخفاض يشهده المؤشر منذ الأزمة المالية عام 2008. وشهدت أسواق الأسهم هبوطاً حاداً لم تشهد مثله منذ «الاثنين الأسود» عام 1987. الموضة لم تسلم من كل هذه التأثيرات السلبية، خصوصا أن الصين وإيطاليا من أهم المنتجين والمصدرين للموضة، فضلاً عن أن عواصم عالمية أخرى تضررت بشكل كبير. مثلاً تسببت أزمة «كورونا» في انخفاض حاد في طلبات الشراء، ما أجبر علامات تجارية رفيعة على إغلاق متاجرها وإرجاء افتتاح متاجر أخرى جديدة ووقف خطط للإنفاق على إعلانات. ويُلح السؤال هذه الأيام عما تعنيه كل هذه الفوضى الاجتماعية والمالية لصناعة الموضة على المدى البعيد. أما على المدى القريب، فتأثيراتها اتضحت منذ أسابيع، إن لم نقل أشهراً. مثلا بدأت سلسلة «نيمان ماركوس»، التي تتخذ من دالاس مقراً لها، في إغلاق متاجرها التي تطرح سلعاً منخفضة السعر، لتركز على العملاء الأثرياء. من المقرر أيضاً أن تلغي سلسلة «نيمان ماركوس» نحو 500 وظيفة لديها في متاجرها منخفضة السعر، بهدف تحسين مستوى السيولة لدى المؤسسة.
أما دار «أرماني»، فقد أعلنت تبرعها بمبلغ 1.25 مليون يورو لجهود التصدي لـ«كورونا» داخل إيطاليا. ومن المقرر توجيه هذه الأموال على وجه التحديد إلى أربعة مستشفيات والوكالة الوطنية للحماية المدنية. دوناتيلا فيرساتشي وابنتها أليغرا تبرعتا أيضاً بـ200.000 يورو لقسم العناية المركزة بمستشفى «سان رافاييل» في ميلانو لدعم مكافحة فيروس «كورونا».
وتأتي هذه الخطوات، في وقت تفرض الحكومة حالة إغلاق عام على البلاد، وتحثّ الأفراد على العمل من منازلهم، إضافة إلى تقليص أعداد العاملين بمواقع الإنتاج للحد من وتيرة انتشار الفيروس.
من جهتهما، أعلنت كل من «أديداس» و«بوما» توقعاتهما بتراجع مبيعاتهما في الصين في خضم تفشي «كورونا». وتتوقع «أديداس» تراجع الأرباح التشغيلية بما يصل إلى 500 مليون يورو، في الوقت الذي أعلنت «بوما» أنها لم تعد تتوقع عودة نشاطها التجاري إلى معدله المعتاد في أي وقت قريب. وبالمثل، تأثرت دار «فيراماغو» بتفشي «كورونا»، لكنها أعلنت أنه من المتعذر توقع كامل لتأثير الوباء على نشاطها التجاري في الوقت الحالي. يُذكر أن «فيراماغو» شهدت تراجعاً بنسبة 4% في أرباحها الأساسية عام 2019.
أما مؤسسة «أو تي بي» المالكة لكل من «مارجيلا» و«ديزل»، فلا تزال متمسكة بأهداف المبيعات السنوية التي أعلنتها رغم المخاوف المرتبطة بـ«كورونا». فقد أعلنت أنها تتوقع ارتفاع مبيعاتها بنسبة تتراوح بين 12% و13% هذا العام، رغم حالة الإغلاق الكامل المفروضة على إيطاليا والتي تسببت في تباطؤ وتيرة المبيعات. كانت دار الموضة الإيطالية قد شكّلت وحدة داخلية لإدارة الأزمة لتحديد أنجع السبل لمواجهة «كورونا»، من بين المهام الموكلة إليها تحديد تداعيات الفيروس على العائدات والتكلفة والسبيل الأمثل للحد منها بأقصى درجة ممكنة.
ومع ضعف الطلب على سلع الرفاهية داخل الصين، قلصت العديد من الأسماء التجارية البارزة في صناعة الموضة وارداتها. وأفادت شركة إيطالية لإنتاج الجلود بتعرضها لتراجع بنسبة 30% في طلبات الشراء منها من جانب «لويس فيتون»، بينما أشارت جهات أخرى مشابهة إلى انخفاض في طلبات الشراء الصادرة عن «فيراماغو» و«برادا».
وعلى صعيد متصل، أعلنت شركة «ريفلون» لمستحضرات التجميل عن تقليص الوظائف لديها بمقدار 1000 وظيفة بهدف تعزيز مستوى الأرباح، عقب تراجع المبيعات للربع الخامس على التوالي. كذلك أعلنت إيميل ويس، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة «غلوسييه» لمستحضرات التجميل، عبر «إنستغرام» عن إغلاق الشركة لجميع المتاجر التابعة لها لمدة أسبوعين على الأقل.
في الوقت الذي تبرع فيه مصممو أزياء، مثل جيورجيو أرماني ودوناتيلا فيرساتشي، بمئات الآلاف من اليوروات لصالح المؤسسات الصحية بعد أن بدأت ترزح تحت وطأة عدد المصابين بفيروس «كورونا»، ارتأى أغنى رجل في فرنسا برنار أرنو، أن يكون أكثر عملية، فأعطى أوامره بتحويل كل المختبرات والمعامل المتخصصة في صناعة عطور ومستحضرات تجميل بيوت عديدة تنضوي تحت مجموعة « إل.في.آم.آش» التي يملكها، إلى معامل لإنتاج مطهرات ابتداءً من يوم الاثنين الماضي، وتوزيعها مجاناً على المستشفيات وعلى الناس لسد العجز الحاصل فيها.
وشرحت مجموعة «إل.في.آم.آش» أنها بهذه الخطوة تريد أن تتفادى مشكلة نفادها تماماً، وهو ما سيعرّض العديد من الناس للعدوى وانتشار فيروس «كورونا». وأضافت أنها ستقوم بهذه المهمة إلى أن تستتبّ الأمور.


مقالات ذات صلة

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ (رويترز)

زوكربيرغ: البيت الأبيض ضغط على «فيسبوك» لفرض رقابة على محتوى «كورونا»

أقر الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ بقيام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالضغط على موقع «فيسبوك» لفرض رقابة على المحتوى المتعلق بجائحة كورونا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا هانس كلوغه (أرشيفية - رويترز)

«الصحة العالمية»: جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد»

قال المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا، هانس كلوغه، اليوم (الثلاثاء)، إن جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم ممرضة تحضر جرعات من لقاح «كورونا» في دار للمسنين بإسبانيا (إ.ب.أ)

بريطانيا: الآلاف يطالبون بتعويضات بعد إصابتهم بمشكلات خطيرة بسبب لقاحات «كورونا»

تقدم ما يقرب من 14 ألف شخص في بريطانيا بطلبات للحصول على تعويضات من الحكومة عن الأضرار المزعومة الناجمة عن تلقيهم لقاحات «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب اعتباراً من ديسمبر بعد فرض ضوابط صارمة منذ عام 2020 بسبب جائحة «كورونا» (أ.ف.ب)

كوريا الشمالية تستأنف استقبال الزوار الأجانب في ديسمبر

قالت شركات سياحة، اليوم (الأربعاء)، إن كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب في مدينة سامجيون بشمال شرقي البلاد في ديسمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (سول)

كيف تؤثر البدلات غير الملائمة على صورة ترمب السياسية؟

عقد الربطات الضيقة (رويترز)
عقد الربطات الضيقة (رويترز)
TT

كيف تؤثر البدلات غير الملائمة على صورة ترمب السياسية؟

عقد الربطات الضيقة (رويترز)
عقد الربطات الضيقة (رويترز)

الأزياء هي الواجهة التي تساعد على خلق تأثير أو انطباع لدى الآخر. هذا أمر مهم بالنسبة للكل، لكنه يزيد بالنسبة للسياسيين خصوصاً عندما يخوضون حملة انتخابية هدفها إقناع الناخبين بأنهم الأفضل، والحصول على أكثر الأصوات.

دونالد ترمب لا يثير الجدل بتصريحاته وسياساته فحسب بل حتى بمظهره. من تسريحة شعره التي تحولت على وسائل التواصل الاجتماعي إلى «ميم» كاريكاتوري يتفكه عليه البعض إلى بدلاته وإكسسواراته. فهي دائماً بالتصميم نفسه: أكتاف مبالغ فيها وربطة عنق معقودة بشكل تبدو فيه وكأنها ستخنقه. كل هذه التفاصيل تظهر عنصراً رئيسياً في تشكيل صورته العامة، التي غالباً ما تكون مصدراً للانتقاد بدلاً من الإعجاب. ما يشفع له أنه لم يُنصِب نفسه يوماً أيقونة موضة أو ادعى أنه يهتم بها. يبدو واضحاً أنه يترك تلميع المظهر وإبراز الأناقة لزوجته ميلانيا.

وسادات الكتف العملاقة وعقد الربطات الضيقة والسترات الضخمة والسراويل الفضفاضة (د.ب.أ)

منذ سنوات، وأسلوب ترمب جزء لا يتجزأ من شخصيته العامة. لا يُغيِره مهما ترددت الانتقادات، الأمر الذي يدعو البعض للتساؤل ما إذا كان مظهره غير المتناسق والرتيب، يُؤثر على صورته السياسية، حسبما أفادت صحيفة «التليغراف»، التي تفيد بأن الرئيس السابق يميل إلى ارتداء بدلات واسعة ذات أكتاف ضخمة، وسراويل ذات أرجل واسعة. وهو أسلوب يبدو أنه يلتزم به دون أي مراعاة لتفاصيل التناسق.

في أحدث ظهور له، أثير الجدل مرة أخرى حول بدلاته التي لا تتغير، وعدم تفصيلها بشكل يتماشى مع مقاس جسمه. ففي مقابلة مع الملياردير إيلون ماسك، التُقطت صورة له وهو منحنٍ فوق مكتب، يظهر فيها بأزرار أكمام لامعة وكتافات ضخمة تمتد حتى أذنه. هذا المظهر لم يمر مرور الكرام على المنتقدين. سرعان ما غرد ديريك جاي، المعلق في مجال الموضة، على منصة «X»، مُشرِحاً مظهره وإطلالته.

اعتبر جاي أن البدلات غير المتناسقة وحجم الكتافات المبالغ فيه لا تساهم في تحسين مظهره، بل العكس تماماً، مضيفاً أن على الرغم من أنها من توقيع علامات عالمية معروفة بالتفصيل والأناقة مثل «بريوني» فإنها دائماً تخذله ولا تبدو مُفصلة على مقاسه.

هذا الأسلوب، انتقدته أيضاً مجلة «إسكواير» في عام 2017، مشيرة إلى أنه أسلوب لا يخدم صورة ترمب بأي شكل من الأشكال، بدءاً من اتساع ملابسه وعدم تناسقها مع جسمه إلى تفضيله أقمشة لامعة تزيد من إبراز عيوبه.

أحد العناصر الأخرى التي تساهم في عدم تحسين مظهره هو ربطة العنق الطويلة التي يعتمدها، وتُبرز ترهلات الجلد حول الرقبة، فتزيد من شيخوخته.

السترات الضخمة والسراويل الفضفاضة (أ.ب)

حتى السياسي الجمهوري كريس كريستي، الذي نافسه في الانتخابات السابقة، كان له الرأي نفسه وصرح في إحدى المرات أن هذه الربطة تعطي انطباعاً سلبياً وغير متوازن.

في خضم كل هذه الانتقادات، لا يبدو أن ترمب مهتم بتغيير أسلوبه لإرضاء الناخبين معتمداً على تصريحات نارية وولاءات سياسية. لكنه رغم أن الأزياء والإكسسوارات قد تبدو مجرد تفاصيل صغيرة مقارنة بالأجندة السياسية لأي سياسي، ومنهم ترمب، فإنها تلعب دوراً مهماً في تشكيل الصورة العامة ولها تأثير كبير.

في عالم السياسة بالذات، فإن كل تفصيل له تأثير، وحتى الآن فإن البدلات التي يعتمدها ترمب تُعزز من صورته المثيرة للجدل، وتُفرِق عوض أن تجمع.