غاص حذاء فاطمة مخناس في الرمال الذهبية أثناء تجوالها على آخر شاطئ في شمال المغرب. وكان التفاؤل يشع من عينيها، في انعكاس لحلم قديم لم يتحقق بعد عقود طويلة من الشغف بالعمل على قارب من قوارب الصيد في البحر الأبيض المتوسط.
وتقف وراءها أعضاء أول جمعية تعاونية لصائدات الأسماك من الإناث في المغرب؛ حيث كانت تدفع قارباً صغيراً في اتجاه البحر، في بداية حقيقية لسعيهن للحصول على الأسماك التي توفرها المياه الزرقاء. ومع انزلاق القارب في المياه، قفزت النساء بداخله، وشرعن في أول رحلة صيد تعترف بها الحكومة المغربية. بعد مرور عامين من التدريب المستمر، تمكنّ من كسر الحواجز التي كانت تحيط بالمهنة التي يسيطر عليها الرجال فقط في البلاد.
تقول فاطمة مخناس، رئيسة جمعية بليونش التعاونية لوكالة «أسوشيتدبرس»: «نحن نعيش في البحر، وإذا انفصلنا عنه فسوف نموت مثل الأسماك. إن البحر هو حياتي كلها وحياة أطفالي وكل سكان القرية».
تقع قرية بليونش عند سفح جبل موسى في المغرب، وهي منعزلة تماماً عن العالم باستثناء الجانب المطل على البحر، ويواجه جيب سبتة الإسباني، على مسافة 7 كيلومترات إلى الشرق. وأسفر إغلاق الحدود مع سبتة في أوائل عام 2000 إلى خراب كامل في اقتصاد القرية الصغيرة. فلقد اعتاد رجال القرية العمل في سبتة خلافاً لتقاليد الآباء والأجداد؛ حيث كانوا يسحبون الأخطبوط، وسمك العقرب، والحبار، والتونة الحمراء من المياه لإطعام عائلاتهم وبيعها في المدن المجاورة.
- عودة النساء إلى المطابخ
قالت السيدة خدوجة غازيل (60 عاماً): «كنت أعمل في نظافة المنازل ومربية للأطفال في سبتة. وكنت أتقاضى 20 يورو في اليوم من العائلات هناك، وكنت أعيش حياة طيبة. لكن بعد إغلاق الحدود، لزمت منزلي بلا عمل لسنوات طويلة، وكنت أراقب البحر من نافذة منزلي في صمت».
ثم بدأت السيدة خدوجة رفقة نساء القرية الأخريات في إصلاح شبكات الصيد وتنظيف القوارب، لكن مجانا بلا أجر.
وكان دخول النساء إلى الوظائف المدفوعة الأجر في قطاع الصيد المستقل مقيداً للغاية ويرجع جزئياً إلى افتقاد التدريب. ويوفر ذلك القطاع 170 ألف وظيفة مع تأمين معيشة 2.5 مليون مواطن مغربي، وفقاً لبيانات المركز الوطني للترويج البحري في البلاد.
- الأمور في تغير مستمر
قالت السيدة مشتي: «وفرنا التدريب للنساء طيلة عامين كاملين، ووفرنا لهن كل الوسائل الممكنة حتى يستطعن صيد الأسماك بأمان ومهنية مع معرفة كيفية المحافظة على أنفسهن من المخاطر». ومن بين 19 امرأة هن عضوات جمعية بليونش التعاونية تمكنت 4 نساء فقط من كسب المال عن طريق الصيد.
تقول السيدة فتيحة ناجي، التي اضطرت لأن تكون صيادة للأسماك، وتحملت السخرية الشديدة في سبيل ذلك، بعد فقدان زوجها لوظيفته كبائع جائل بعد إغلاق الحدود مع سبتة: «لم يعجب الرجال حقيقة نزول النساء إلى مجال الصيد في البحر. وكنت دائماً أفكر ماذا لو أن بقية نساء القرية فعلن مثلما أفعل».
تأسست جمعية بليونش التعاونية في مارس (آذار) من عام 2018 لمساعدة النساء على دخول سوق صيد وبيع الأسماك. وكنّ يقومن في البداية بإصلاح شبكات الصيد فحسب، مقابل بعض الأموال. ثم بدأت النساء تضع عيونها على الصيد في البحر، مثلهن مثل الرجال.
وقالت السيدة فاطمة مخناس: «إن العمل في البحر ليس سهلاً على الإطلاق، لكنه ما أحببته أنا وأخواتي من نساء القرية. لقد صار الحلم حقيقة في نهاية المطاف».
صيادات مغربيات يدخلن عالم الرجال
ضمن أول جمعية تعاونية لصائدات الأسماك في المغرب
صيادات مغربيات يدخلن عالم الرجال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة