الحيوانات نادرة الظهور في الآثار الفرعونية تطل من جديد

الدب السوري (متحف برلين)  -  مشهد الديك  (المتحف البريطاني)
الدب السوري (متحف برلين) - مشهد الديك (المتحف البريطاني)
TT

الحيوانات نادرة الظهور في الآثار الفرعونية تطل من جديد

الدب السوري (متحف برلين)  -  مشهد الديك  (المتحف البريطاني)
الدب السوري (متحف برلين) - مشهد الديك (المتحف البريطاني)

لم يكن من المعتاد ظهور حيوان الفهد في الرسومات التي تزين التوابيت الفرعونية أو جدران المعابد، لكن البعثة الإيطالية العاملة في مدينة أسوان المصرية، نشرت أول من أمس صورة معالجة رقمياً، تظهر بقايا رسم وجه فهد نقش داخل تابوت حجري.
وأسهمت هذه الدراسة في تسليط الضوء على الحيوانات نادرة الظهور في الآثار المصرية، والتي يعد من أبرزها الفهد والزرافة والخرتيت والدب السوري والخفاش والخنزير والديك والفيل. ونقل موقع «لايف ساينس» عن الباحثين العاملين على هذا الاكتشاف، أول من أمس، أن الرسم داخل التابوت كان يحاذي رأس المومياء الفرعونية، وأعطوا هذه اللقطة أبعاداً عقائدية بالقول إنهم يعتقدون أن رسم الفهد ووضعه في هذا المكان بهدف منح المتوفى القوة اللازمة في رحلته إلى العالم الآخر.
ويتحفظ بسام الشماع، الكاتب في علم المصريات، على هذا التفسير العقائدي، لأنه لم يثبت أن المصري القديم اتخذ حيوانات ليست من البيئة المصرية معبودات، مؤكداً في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك ظهوراً نادراً آخر للفهد بصحبة حيوانات أخرى ليست من البيئة المصرية، في مشهد بديع يصور عملية «الجزية» التي كانت تتلقاها مصر الفرعونية من الأقطار الأخرى.
ويظهر هذا المشهد في مقبرة «رخميرع» التي تحمل الرقم 100 في البر الغربي من الأقصر، وتظهر فيه «زرافة» صغيرة السن مرسومة بعناية فائقة، ومعلق في رقبتها قرد أخضر، وفي المشهد نفسه يظهر فهد ودببة وفيل صغير، وتشير الكتابات المصاحبة للفيل أنه كان ضمن ما تم تلقيه من الجزية من منطقة الشام. ومن بين المناظر الأخرى التي تصور الجزية القادمة من منطقة الشام، تلك التي كانت موجودة في المعبد الجنائزي لـ«ساحورع» من منطقة أبو صير بالجيزة.
وكانت الباحثة إيناس بهي الدين عبد النعيم، الأستاذة بقسم الإرشاد السياحي بمعهد الدراسات النوعية بالهرم، قد سجلت حضوراً ثالثاً للدب السوري في عصر ما قبل الأسرات خلال دراسة نشرتها قبل عامين في مجلة الاتحاد العام للأثريين العرب.
ويظهر هذا الدب الذي يتميز بلونه البني المصفر أو الرمادي وعرف باسم «Htmt» في اللغة المصرية القديمة، على أحد وجهي مقبض سكين محفوظ حالياً بالمتحف المصري بالقاهرة، وقد عثر عليه بالقرب من منطقة أبيدوس، جنوب مصر.
ومن الحيوانات الأخرى التي لم تكن من البيئة المصرية، وكان لها ظهور نادر في المقابر الفرعونية هو حيوان الخرتيت، الذي على ما يبدو تم تلقيه جزيةً أيضاً، وهو ما يظهر من حرص المصري القديم في المشهد الذي يظهر فيه الخرتيت على تسجيل أبعاده الجثمانية بكل دقة.
ويقول الشماع: «هذا المشهد كان منحوتاً بمعبد مكرس لعبادة رب الحرب والنزال العسكري (مونشو)، ويرجع غالباً للأسرة الـ19».
وظهر الخرتيت أيضاً في مشهد آخر أقل حضوراً من المشهد السابق، ويعود إلى عصر ما قبل «نقادة 2» وهو من العصور القديمة قبل توحيد القطرين، ويظهر منحوتاً على صخر بمنطقة سلوة بحري ما بين إدفو وكوم أمبو. ويصف الشماع هذا المشهد قائلاً: «يُظهر شخصاً ممسكاً بقوس، وموجهاً سهمين، أحدهما وصل لعنق نعامة، وفي المشهد نفسه يوجد خلف النعامة فيل أفريقي، وخلف الفيل خرتيت».
ومن الحيوانات نادرة الظهور في الفن الفرعوني، لكنها ليست لها علاقة بالجزية، «طائر الخفاش»، الذي تظهر صورته في قطعة «شقافة» من الحجر الجيري، اكتشفت في دير المدينة بالبر الغربي من الأقصر (جنوب مصر) وترجع لعهد الرعامسة، وهي محفوظة بالمتحف المصري بالتحرير.
ويوجد هذا الطائر أيضاً على حائط في مقبرة بني حسن بمحافظة المنيا، لكن ملامحه ضاعت، ونجح باحثان أستراليان في استعادة صورته باستخدام برنامج «DStretch» المتخصص في التعامل مع اللوحات الأثرية المنحوتة على الجدران والصخور، وأعلنوا عن ذلك في دراسة نشرتها دورية «العلوم الأثرية» البريطانية في أغسطس (آب) من عام 2018. وظهر «الديك» أيضاً بشكل نادر في الفن الفرعوني، رغم أنه من البيئة المصرية، ويحتفظ المتحف البريطاني بـ«شقافة» من الحجر الجيري مرسوم عليها الديك بالحبر الأسود، وتظهر الصورة كيف كان مفعماً بالحيوية والنشاط، وفق الشماع.


مقالات ذات صلة

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

يوميات الشرق المومياء تعود إلى فترة تتراوح بين 2000 و3000 سنة حينما كان تحنيط الحيوانات في مصر القديمة في ذروته (جامعة مانشستر)

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

كشف الباحثون، أخيراً، رؤى جديدة ومثيرة حول حياة ونفوق تمساح مصري قديم محنّط، مسلطين الضوء على وجبته الأخيرة وتفاصيل أخرى مذهلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا إحدى القطع الأثرية التي عرضت بمزادات خارجية (الدكتور عبد الرحيم ريحان)

مصر: تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين»

عادت قضية الاتجار في الآثار المصرية إلى الواجهة من جديد، بعد تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين» عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

محمد الكفراوي (القاهرة )
سفر وسياحة تلسكوب برج القاهرة يمنحك رؤية بانورامية للقاهرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

من أعلى نقطة... إطلالات بانورامية على القاهرة

تتمتع القاهرة بمزيج فريد من التاريخ العريق والحياة العصرية النابضة، ما يجذب إليها ملايين الزوار من حول العالم، الذين يبحثون ويفتشون عن سحرها كل من منظوره الخاص.

محمد عجم (القاهرة )
يوميات الشرق يقول أحد العلماء إنه حل لغز «لعنة توت عنخ آمون» بعد أكثر من 100 عام (رويترز)

بعد 100 عام... دراسة تقدم تفسيراً لـ«لعنة مقبرة توت عنخ آمون»

مستويات الإشعاع السامة المنبعثة من اليورانيوم والنفايات السامة ظلت موجودة داخل المقبرة منذ أن تم إغلاقها قبل أكثر من 3000 عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق أيقونات البشارة في متحف شرم الشيخ بمصر (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض مصري للأيقونات القبطية يوثّق أحداث «عيد البشارة»

بجوار الركن البيزنطي في قاعة الحضارات بمتحف شرم الشيخ (شرق مصر)، نظمت إدارة المتحف معرضاً للأيقونات القبطية.

محمد الكفراوي (القاهرة)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.