أعدَّت السلطات الجزائرية خطة أمنية لمنع تجمُّع عدد كبير من المتظاهرين، غداً (الجمعة)، بمناسبة الاحتفال بمرور سنة على اندلاع الحراك الشعبي. وفي غضون ذلك، أجَّلت محكمة بالعاصمة الحكم في قضية مدير الشرطة السابق اللواء عبد الغني هامل، وثلاثة من أبنائه، ورئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال المسجون، ووزيرين سابقين، بتهم فساد.
وأفاد مصدر أمني، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، بأن تعليمات وصفها بـ«الصارمة» بلغته حول إغلاق كل المنافذ التي تقود إلى العاصمة، خصوصاً من الناحية الشرقية، حيث مدن منطقة القبائل. كما بلغت قوات الأمن، حسب المصدر نفسه، تقارير تتحدث عن توافد عشرات الآلاف من سكان القبائل إلى العاصمة، غدا (الجمعة)، الذي يصادف عشية «سنوية الحراك الشعبي» (22 فبراير/ شباط 2019).
وأكد المصدر ذاته أن قوات الدرك كلفت بنشر نقاط مراقبة كثيرة على محاور الطريق السريع، الذي يربط شرق البلاد بغربها، وتوقيف كل السيارات والحافلات التي يبدو لرجال الدرك أن راكبيها متوجهون إلى ساحات الحراك.
وقد بدأت السلطات تنفيذ هذه الخطة، أمس، أي يومين قبل مظاهرات غد (الجمعة). ويُنتظر أن يتم حجز سيارات وأغراض متصلة بالتظاهر، كما ينتظر إجبار متظاهرين على العودة أدراجهم.
وقال مراسلو وسائل إعلام خاصة بولايات البويرة وبومرداس وتيزي وزو، إن عدداً كبيراً من سكان هذه المناطق حضروا الرايات الوطنية والأمازيغية، ولافتات تحمل شعارات معادية للسلطة، لاستخدامها في الاحتفال بمرور سنة على المظاهرات، التي اندلعت على أثر إعلان الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الترشح لولاية خامسة. ولذلك تبدي السلطات قلقاً من مشاركة كبيرة محتملة لسكان القبائل (شرق)، يُرجّح أن تكون أكبر من مشاركات غيرهم من سكان المناطق الأخرى، لاعتقادها أنهم أكثر حرصاً، وإصراراً على استمرار الحراك.
من جهة أخرى أثار قرار الرئاسة الجزائرية طرد مدير شركة الهاتف الجوال «أوريدو» من البلاد، أمس، جدلا واسعا وسط الناشطين في هذا المجال ووسط وسائل الإعلام، وذلك بسبب تضارب الأخبار حول الأسباب، وعد مراقبون القرار مؤشرا غير إيجابي بالنسبة للمستثمرين الأجانب.
وقالت مصادر غير رسمية إن المدير نيكولاي بيكرز، الألماني الجنسية، «محل شبهة جوسسة في مجال الاتصالات لمصلحة جهات أجنبية». فيما أكدت صحيفة «البلاد» المقربة من السلطة عبر موقعها الإلكتروني أن الرئيس عبد المجيد تبون اتخذ قرار ترحيل بيكرز على إثر رسالة بلغته من نقابة شركة «أوريدو»، تشتكي من «تعسف» مديرها، الذي فصل 900 عامل، كلهم جزائريون. ولا تعرف أسباب إنهاء علاقتهم بالمؤسسة القطرية، التي تشغل عشرات الكوادر من جنسيات أجنبية أيضا.
وأبدى مسؤول الإعلام بـ«أوريدو» تحفظا بشأن الموضوع، عندما اتصل به صحافيون للاستفسار حول أسباب طرد المدير، الذي تلقى إشعارا من الحكومة بمغادرة البلاد «فورا». وقالت صحيفة «النهار» بموقعها إن «قوة من مصلحة الأمن العام اقتادته من مكتبه نحو المطار لترحيله».
ومعروف في الجزائر أن «أوريدو» تتمتع بصحة مالية جيدة، لذلك يبدو احتمال فصل العمال لأسباب مادية ضعيفا. فيما تواجه الشركة المنافسة «جيزي» مشاكل كبيرة في التسيير، وهي ذات رأس مال مختلط جزائري حكومي وروسي. كما توجد شركة ثالثة للهاتف النقال، حكومية تسمى «موبيليس».
ويرى مراقبون أن قرار الطرد لا يخدم الرئيس تبون، ويعطي مؤشرا سلبيا للمستثمرين الأجانب، خاصة أن البلاد بحاجة إلى تحسين مناخ الأعمال الذي يعاني من سوء التسيير، الموروث عن سياسات الحكومات السابقة.
وكانت شركة «أوريدو» قد أعلنت في شهر أغسطس (آب) الماضي عن تعيين الألماني بيكرز رئيسا تنفيذيا لها، وهو يملك خبرة تزيد على 20 سنة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وقاد بيكرز عددا من الشركات متعددة الجنسيات في أوروبا وآسيا، من بينها شركة «دوتشيه تيليكوم» الألمانية و«تي – أونلاين» الفرنسية، كما يحمل بيكرز شهادة في إدارة الأعمال من جامعة كولونيا بألمانيا.
وأعلن الناشط البارز وأستاذ الجامعة سفيان صخري، عبر فيديو نشره بحسابه على شبكة تواصل اجتماعي، عن منع السلطات اجتماعاً لنشطاء الحراك، أمس، في الضاحية الغربية للعاصمة، كان مخصصاً، بحسبه، لـ«بحث أرضية للانتقال الديمقراطي»، وهي إحدى القضايا التي يركّز عليها الحراك، وتتضمن أفكاراً حول التداول على السلطة، وحرية التعبير والصحافة، واستقلال القضاء عن السلطة التنفيذية.
وقال صخري إن «الأرضية» تم تحضيرها في إطار الاحتفالات بـ«سنوية الحراك»، وعدّ منع الاجتماع «تكريساً للهوة التي تفصل بين الخطاب السياسي الحكومي والواقع»، في إشارة إلى تعهدات الرئيس عبد المجيد تبون بـ«احترام الحراك المبارك»، فيما تحظر الشرطة اجتماعات نشطائه وتعتقلهم.
وأعلن ناشطون بالحراك، قبل أسبوع، عن تنظيم لقاء، اليوم (الخميس)، تحضيراً للاحتفالات بفندق بالعاصمة. غير أنهم لم يحصلوا على الترخيص من الحكومة، وهو شرط أساسي لعقد اجتماعات بالأماكن العامة. وسبق أن تعرض النشطاء أنفسهم للمنع لما حاولوا الالتقاء في الفندق ذاته، الأسبوع الماضي.
وعلى عكس انتقادات النشطاء للحكومة بخصوص تعاملها مع الحراك، تقول السلطة الجديدة إن «غالبية مطالب الحراك تحققت». ونشرت وكالة الأنباء الحكومية بهذا الخصوص: «لقد تمكن الشعب الجزائري من خلال حراكه أن يشكل حالة استثنائية. فرغم تزامنه مع موجة المظاهرات التي اندلعت في بعض الدول العربية والأوروبية، إلا أنه استطاع أن يحقق مطالبه تدريجياً، منذ أولى المظاهرات، التي رفع فيها الجزائريون بصوت واحد شعار: لا للولاية الخامسة (للرئيس السابق بوتفليقة)، ونعم، للتغيير الجذري».
إلى ذلك، أجَّلت «محكمة سيدي أمحمد» بالعاصمة «قضية اللواء هامل وأبنائه» إلى 11 من مارس (آذار) المقبل، وذلك بطلب من محامين طالبوا بـ«فسحة للاطلاع على أوراق القضية».
ويتعلق الأمر بمدير الشرطة السابق وثلاثة من أبنائه، ويوجد الأربعة في السجن. وأيضاً بزوجته وابنته، وهما تحت الرقابة القضائية، ورئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال (مدان بـ12 سنة سجناً بتهم فساد)، ووزير الأشغال العمومية السابق زعلان، بصفته والي وهران سابقاً (غرب)، ووزير الصحة سابقاً، عبد المالك بوضياف، بصفته مسؤولاً عن الولاية ذاتها سابقاً.
واتهم القضاء هذه المجموعة بـ«نهب عقارات وأراضٍ بمناطق سياحية»، و«التربح غير المشروع».
سلطات الجزائر تحاصر «سنوية الحراك» بمنع التظاهر في العاصمة
تبون يأمر بترحيل مسؤول ألماني ردّاً على فصل 900 عامل جزائري
سلطات الجزائر تحاصر «سنوية الحراك» بمنع التظاهر في العاصمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة