- (1971)
- ★★★★
- كنوز البحر والحب
يحتاج هذا الفيلم الكويتي المهم إلى ترميم متخصص ومدروس لمنحه النظرة التي كان عليها حينما تم تحقيقه في مطلع السبعينات. النسخة التي شوهدت قبل عامين تحتاج إلى ذلك، كحاجة حوض الأسماك المنزلي لتجديد مياهه من حين لآخر. فالفيلم أيقونة تاريخية لمخرجه خالد الصديق وللسينما الكويتية بأسرها، وللسينما العربية من دون مبالغة، ولو مع قليل من التفسير.
«بس يا بحر» تراجيديا عاطفية ودراما اجتماعية تقع أحداثها ما بين الحياة على شاطئ الصيادين، وفوق واحدة من سفنهم التي تشق اليم بعيداً. الكويت في الثلاثينات كانت، كحال كل دول المنطقة، تختلف كثيراً عما هي عليه اليوم. صيد الأسماك من ناحية، وصيد اللؤلؤ من ناحية أخرى، كانا عماد بلدات البحر، والكويت منها.
الشاب مساعد، كما أداه جيداً محمد المنصور، ابن وحيد لوالديه. أبوه كان صياد لؤلؤ أيضاً لكنه توقف عن العمل بعدما فقد إحدى ذراعيه. مساعد الشاب يصر على أن يحل محل أبيه، رغم خوف الأم وحذر الأب، لكن هذا الأخير يدرك أن على مساعد أن يواصل المهنة لكي تعتاش العائلة منها.
على أن مساعد لديه غاية موازية في أهميتها لموضوع الاعتياش، وهو حبّه لفتاة هي الأخرى ستنتظر عودته. هو يعلم أنه لن يستطع التقدّم إلى خطبتها من دون هدية ثمينة: حبة لؤلؤ أصلية عربوناً لمستقبلهما.
بدهي القول إن هذا لن يقع؛ فالفيلم موشح بالواقع والواقعية منذ مطلعه، والنهاية السعيدة، لو تمّ استحضارها، ستكون ساذجة ودخيلة. خالد الصديق كان سابق زمانه في ذلك الحين، كونه سعى وأكمل بهجة منح الكويت أول فيلم يخطو صوب المهرجانات العالمية، حيث اكتشفه نصف نقاد السينما حول العالم. النصف الثاني منهم اكتشفوه عندما نجح الفيلم في شق طريقه لبعض الصالات الغربية المتخصصة.
الإقبال النقدي كان كبيراً، والصدّيق، الذي لم ينجز بعده سوى بضعة أفلام طويلة لا تتساوى مع الطموحات التي لا بد حملها في دواخله، تحوّل إلى نجم من العالم الذي كان يُكنى بالثالث حينها. فيلمه اعتبر اكتشافاً جوهرياً للسينما المقبلة من بلد كان - في السبعينات - قد دخل عهد الثراء النفطي، ليأتي هذا الفيلم مذكراً المشاهدين في الكويت كما في خارجها: الأصول الثقافية والحضارية لحياة ما قبل النفط.
ما حاكه خالد الصدّيق من حكايات ضمن الحكاية الأوسع هو مجموعة من المواقف التي تشرح الحال في تلك الآونة. يترك الكاميرا تسبر غور ذلك الواقع الذي يبدو جديداً على كل عين. بديعاً بتصوير من الأبيض والأسود يناسب التقشف والزهد الذي كانت الحياة عليهما في ذلك الحين. في المشاهدتين الأولى والثانية لهذا الفيلم ما بين تاريخ عروضه الأولى والعام 2000 توعز النسخ التي حافظت حتى ذلك الحين على نقاوتها بالإمعان الكبير، للمخرج الشاب الذي آثر أن يبدأ حياته السينمائية بموضوع عن البحر وقسوته. وإذ يقول «البحر»، يقصد الحياة في زمن كانت فيه الخيارات فيها محدودة.
المشاهدة الثالثة (قبل عامين) لم تضف الكثير على ما سبق اختزانه، لكن النسخة بدت قديمة، ومع قدمها بات الخروج من الفيلم بنفس الملامح والمفادات التي جعلته، سابقاً، أحد كنوز السينما العربية، أمراً مشكوكاً بأمره.
كان على «بس يا بحر» أن يأتي حافزاً لضخ الحياة في سينما كويتية هادفة وجميلة، لكن المنتج في هذا الصدد، سواء من أفلام خالد الصديق أو من سواه، بقي محدوداً وما زال.
(1*) لا يستحق
(2*) وسط
(3*) جيد
(4*) ممتاز
(5*) تحفة