تقنية جديدة تحفظ الغذاء لفترات طويلة

تهدف إلى إبطاء عملية تعفن الأطعمة

تقنية جديدة تحفظ الغذاء لفترات طويلة
TT

تقنية جديدة تحفظ الغذاء لفترات طويلة

تقنية جديدة تحفظ الغذاء لفترات طويلة

تخيل ثمرات موز لا تصاب أبداً بالعطب؟ هذا ليس حلماً خيالياً بالنسبة لأيدن موات، رئيس شركة «هازيل تكنولوجيز»، ومقرها مدينة شيكاغو الأميركية. وتنتج هذه الشركة مادة يمكنها تمديد صلاحية أنواع الفواكه والخضراوات كافة، مثل الأفوكادو والتوت والكمثرى والبروكلي، عن طريق إبطاء التفاعلات الكيميائية التي تؤدي إلى حدوث العطب. وتستخدم بعض من كبرى شركات الإنتاج الزراعي في العالم هذه التقنية لإرسال منتجاتها لدول أبعد دون أن تفسد، وكذلك لتقليل الكمية المهدرة من هذه المنتجات التي يضطر تجار التجزئة للتخلص منها، ولكن موات يقول إن الخطوة التالية هي تطويع هذه التقنية لخدمة المستهلك العادي.
ويقول موات، من مكتبه داخل «يونيفرسيتي تكنولوجيا بارك»، وهو مركز جديد للإبداع أقيم في حرم معهد إيلينوي للتكنولوجيا بالولايات المتحدة: «أتصور أنه سيكون من الممكن حرفياً خلال الشهور الـ18 المقبلة أن يشتري المستهلك صندوق موز، ثم يضع داخله كيس من مادة (هايزل) مرة كل شهر، وسوف يكون لديه ثمرات موز لا تفسد إلى الأبد»، حسب وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).
وتندرج شركة «هايزل تكنولوجيز» في إطار موجة جديدة من الابتكارات التي تهدف إلى إبطاء عملية تعفن الأطعمة، ويصف الخبراء هذا الاتجاه بأنه سلاح رئيسي في المعركة ضد الإهدار الهائل للموارد الغذائية في الولايات المتحدة.
وتشير التقديرات الحكومية إلى أن نحو 40 في المائة من الأغذية التي يتم تصنيعها سنوياً في الولايات المتحدة، ونحو نصف المنتجات الزراعية، لا يتم الاستفادة منها. وفي حين أن جزءاً من الإهدار يحدث خلال سلسلة التوريد، فإن الجزء الأكبر من الأغذية التي تهدر سنوياً، والتي تصل قيمتها إلى 218 مليار دولار، يتم التخلص منها من المنازل والمطاعم ومتاجر البقالة، حسبما تقول مؤسسة «ريفيد» غير الربحية في ولاية كاليفورنيا التي تهدف إلى إيجاد حلول من أجل الحد من إهدار الغذاء.
وتقول مؤسسة «ريفيد» إن الأسرة الأميركية المتوسطة تتخلص من 25 في المائة من مشترياتها من البقالة، وهو ما يكلف أسرة مكونة من 4 أفراد ما يقدر بـ1600 دولار سنوياً.
وذكرت وزارة الزراعة الأميركية أن مراكز التسوق في الولايات المتحدة تخسر 15 مليار دولار سنوياً، في صورة خضراوات وفواكه غير مبيعة. وفي الوقت ذاته، فإن الأغذية التي لا تؤكل تمثل العنصر الأول في مستودعات القمامة، ويضاف إلى هذه الخسائر الماء الذي يهدر في زراعتها، والطاقة التي تستهلك في نقلها من مكان إلى آخر.
وتقول ألكسندرا كواري، مديرة قسم رأس المال والإبداع في مؤسسة «ريفيد»، إن توجيه الأغذية إلى الجهات الخيرية قد يؤدي إلى الاستفادة منها، بدلاً من إلقائها في صناديق القمامة، ولكن الحلول الرامية إلى منع الإهدار من المنبع عن طريق تمديد صلاحية الغذاء «تنطوي على مزايا اقتصادية كبيرة، فضلاً عن فوائدها البيئية».
وتتوافر تقنيات تمديد صلاحية الأغذية منذ فترة طويلة، ولكنها شهدت مؤخراً «طفرة كبيرة» في الابتكارات التي توسع نطاق استخدام هذا الخيار. وتقول كواري إنه تم العام الماضي ضخ استثمارات بقيمة 185 مليون دولار في مشروعات تهدف إلى مقاومة إهدار الغذاء.
وتأسست شركة «هايزل تكنولوجيز» عام 2015 بواسطة مجموعة من الخريجين من جامعة نورث ويسترن، وقد جمعت حتى الآن 18 مليون دولار، من بينها مليون دولار في صورة منح من وزارة الزراعة الأميركية، وأصبح لها عملاء في 12 دولة في الأميركيتين.
وتصنع الشركة أكياس صغيرة تشبه أكياس الملح والبهارات التي يتم توزيعها مع الوجبات السريعة، وتوضع هذه الأكياس الصغيرة في صناديق المنتجات الزراعية لوقف تأثرها بمادة الإيثيلين، وهي مادة كيميائية تنبعث بشكل طبيعي من الخضراوات والفاكهة، وتؤدي إلى تدهور تماسكها ولونها وملمسها. وتنبعث من الأكياس الصغيرة مواد مقاومة للإيثيلين بشكل مستمر، حيث تقوم بتغيير طبيعة الهواء داخل عبوة التخزين، دون التأثير على الأغذية داخلها.
ويقول موات إنه في حين أن تقنية التعامل مع الإيثيلين ليست جديدة، فإن الأكياس الصغيرة التي تنتجها شركته تكتسب شعبية كبيرة، بفضل سهولة استخدامها، سواء في حقول البامية في هندوراس أو في مصانع تعبئة الأفوكادو في الولايات المتحدة.
وتعكف الشركة حالياً على تطوير تفاعلات كيميائية لمقاومة الميكروبات، وسوف يتم قريباً طرح أغلفة مقاومة للميكروبات في الأسواق لحماية بعض أنواع الفاكهة (مثل التوت) من التعفن.
ويقول موات: «يمكننا تمديد صلاحية أي نوع من الأغذية عن طريق استهداف التفاعلات الخاصة التي تؤدي إلى إفسادها، ودمج هذه التقنيات في وسائل التغليف المعمول بها حالياً». وتتوقف فترة الصلاحية التي تستطيع مادة هايزل تمديدها على نوعية الغذاء نفسه. فعلى سبيل المثال، أظهرت الاختبارات أن معالجة ثمرة الكمثرى غير الناضجة بكيس هايزل يعطيها فترة صلاحية أطول تتراوح بين 7 و10 أيام، علاوة على 3 إلى 4 أيام أخرى بعد اكتمال نضج الثمرة.
وأضاف أن تجربة المادة على الأسماك ولحوم الدواجن والأبقار والخنازير أظهر أن بإمكانها تمديد فترة صلاحية هذه المأكولات بين 4 و6 أيام.
ويقول باتريك كورتيس، مدير التطوير بشركة «ميشن بروديوس»، وهي أكبر شركة لزراعة فاكهة الأفوكادو في العالم، إن الشركة وجدت أن ثمار الأفوكادو الناضجة التي لا بد أن تباع خلال فترة تتراوح بين يومين و5 أيام بمجرد عرضها في المتاجر، يمكنها أن تظل طازجة لفترة بين 7 و10 أيام عند معالجتها بمادة هايزل.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».