النباتيون في غزّة... تجارب بسيطة تصارع الاستمرار

يفتقر القطاع لوجود منتجات خاصّة بمتتبعي هذا النظام الغذائي

مزارعون يعملون في غزة
مزارعون يعملون في غزة
TT

النباتيون في غزّة... تجارب بسيطة تصارع الاستمرار

مزارعون يعملون في غزة
مزارعون يعملون في غزة

في العادة، تتزين موائد الطعام التي يعدّها معظم أهل غزّة لتناول وجبة الغداء يوم الجمعة، بأصناف متعدّدة من اللحوم البيضاء والحمراء، على حدٍ سواء، لكنّ الوضع لدى المواطن مصعب أبو عاصي (31 سنة) مختلف، فمنذ حوالي عامين اتخذ قراراً بالامتناع عن أكل اللحوم نهائياً، واكتفى بتناول المنتجات الزراعية النباتية، ويقول في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط»: «منذ ذلك الوقت، بدأت أشعر بحيوية ورشاقة أكثر».
يذكر أنّه اتخذ خطوة السير في طريق الأشخاص النباتيين بعدما قرأ عدّة مقالات تتحدث عن بعض الأضرار التي تسببها اللحوم ومشتقاتها للجسم، وبدأ أبو عاصي خطوته تلك في نهاية عام 2017، ومن ذلك الحين إلى الآن، لم يتناول سوى الخضار والفواكه، مبيناً أنّه يركز في وجباته الثلاثة على أكل الخضار الطازجة، التي يعلم مصادر زراعتها جيداً، كي يضمن أنّها لم تتعرض للمبيدات الحشرية أو المواد الكيماوية، حسب كلامه.
أمّا الشابة دينا نوفل (24 سنة)، فتسرد لـ«الشرق الأوسط»، أنّها أصبحت نباتية منذ 2015، خلال دراستها في العام الجامعي الأول، وذلك بعد أنّ تعمقت قليلاً بالمواد التي درستها في كلية العلوم التابعة للجامعة الإسلامية، وحينذاك وجدت الكم الذي يمكن أن تحصّله إذا ما التزمت بالأكل النباتي، موضحة أنّ الالتزام المطلق بهذا النّظام الغذائي في غزّة أمر غاية في الصعوبة، وذلك بسبب عدم توافر عدد من المنتجات النباتية في القطاع.
وتضيف أنّ الاتجاه نحو الأكل النباتي، يُوجد لدى الجسم وقاية من عدد كبير من الأمراض، على رأسها السرطان وأنواع أخرى معدية، إذ إنّ هذه الأمراض تصيب الجسم، بعدما ينتقل لها فيروسات وبكتيريا متنوعة، تتنقل في الغالب عبر الطعام غير الصحي، مؤكدة أنّها تجد صعوبة في توفير أصناف الخضار المختلفة التي تستخدمها بوجباتها، وذلك لأنّها تعيش في منطقة بعيدة عن الأراضي الزراعية.
يروي الشابّ يوسف رضوان، الذي خاض تجربة الاكتفاء بالأكل النباتي لمدة أربعة أشهر، أنّه تخلّى عن الأمر بسبب الصعوبات التي واجهها؛ كان أهمها «نظرة المجتمع» التي لا تُقدّر الأمر كثيراً، إضافة لعدم قدرته الشخصية على مقاومة ما تراه عيناه من أطعمة لها علاقة باللحوم ومشتقاتها، منبهاً إلى أنّه ما زال حتّى هذا الوقت ضد فكرة كثرة الاستهلاك البشري للمقدرات الطبيعية، خصوصاً الحيوانات.
وفقد رضوان، خلال الشهور الأربعة التي قضاها في تلك التجربة، حوالي 12 كيلو من وزنه، وفقاً لما يقول، إذ اعتبر أنّ ذلك من مساوئ الالتزام بنظام الأكل النباتي، مبيّناً أنّ مميزات ذلك النظام تنبع بالأساس من كونه موفراً اقتصادياً بشكل كبير، لا سيما في ظلّ الأوضاع الصعبة التي يعيشها الناس في قطاع غزّة، حيث إن الإنسان النباتي لا يكون بحاجة لشراء الطعام الجاهز ولا اللحوم مرتفعة الأسعار.
وفي فعالياتٍ متعددة عُقدت في قطاع غزة، أجمع عدد من المختصين في مجال التّغذية على أنّ «عدد الأشخاص النباتيين الموجودين في غزّة، قليل جداً، وذلك لأسباب عديدة منها، عدم توفر المنتجات الخاصّة بهم التي تصنع في أماكن متعددة من العالم لآكلي النباتات فقط»، شارحين أنّ كثيرين يحاولون خوض التجربة، ويشرعون في خطوات البدء لكنّهم سرعان ما يتوقفون عن ذلك، بسبب عدم توافر البيئة المناسبة لها. يرى النباتيون في غزّة أنّ «فوائد اتباع هذا النّمط من الغذاء كثيرة؛ أوّلها أنّ الأشخاص الملتزمين به، هم أقل عرضة للإصابة بالأمراض ذات العلاقة بالسمنة والأمراض المزمنة مثل السكري وضغط الدم والمرارة، ومن الفوائد كذلك، أنّه يساهم في زيادة لياقة الجسد، كما أنّه يعمل على تخفيض نسبة الكولسترول في الدم، وتخفيض ضغط الدم، والتقليل من نسبة التعرض لأمراض القلب».
ولا بدّ من التّنويه إلى أنّ النباتيين في العالم يصنفون إلى قسمين رئيسيين هما «النباتي الكامل»، وهو الشخص الذي لا يتناول اللحوم أو أي منتج يصدر من الحيوانات، مثل الأجبان والألبان ومشتقاتهم، والقسم الثاني «النباتي الجزئي»، وهم الذين يمكن أنّ يدخلوا في طعامهم أطعمة مشتقة عن المنتجات الحيوانية مثل الحليب والأجبان والألبان، لكنّهم يمتنعون عن أكل اللحوم.
يُشار إلى أنّ الجمعية النباتية في أميركا الشمالية، أقرّت في عام 1977، يوماً عالمياً للنباتيين يُحتفل به بشكلٍ سنوي في الأول من شهر فبراير (شباط)، عبر عدد من الفعاليات التي تشمل أكثر من شكل بهدف لفت الانتباه تجاه البيئة، ولتحفيز الناس على العناية بالمقدرات الطبيعية، خصّوصاً الحيوانية منها.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.