هدنة طرابلس «تترنح» وسط تعزيزات قوات «الجيش الوطني» و«الوفاق»

معلومات عن ارتفاع ملحوظ في عدد «المرتزقة» داخل معارك العاصمة

TT

هدنة طرابلس «تترنح» وسط تعزيزات قوات «الجيش الوطني» و«الوفاق»

تواصل القتال بين «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات «الوفاق» برئاسة فائز السراج في العاصمة طرابلس، أمس، رغم مساعي بعثة الأمم المتحدة لإقناعهما بإقرار الهدنة الهشة، التي باتت تترنح في أسبوعها الثاني، في وقت تواردت فيه معلومات عن ارتفاع عدد «المرتزقة» الموالين لتركيا في صفوف قوات السراج.
وكشف مصدر بـ«الجيش الوطني» لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن «وصول عدد المرتزقة السوريين، الموالين لتركيا خلال اليومين الماضيين، إلى طرابلس عبر مطار معيتيقة الدولي»، الذي تعرض مساء أول من أمس لسقوط 5 صواريخ على الأقل في محيطه، بعد تحدي حكومة السراج للحظر الجوي، الذي يفرضه الجيش على استخدام المطار الوحيد العامل في العاصمة.
وقال المصدر، الذي طلب عدم تعريفه: «بعد إعلان الحظر دخل المطار 4 آلاف سوري قادمون على متن رحلات لشركات طيران تابعة لحكومة السراج»، موضحا أنه «في ليلة واحدة وصلت أربع رحلات إلى المطار وعلى متنها نحو 800 مقاتل من (المرتزقة)».
وكان غسان سلامة، رئيس البعثة الأممية، قد اعترف بوصول نحو ألفي مقاتل للمشاركة في القتال إلى جانب ميليشيات السراج في العاصمة طرابلس، ضد قوات «الجيش الوطني»، وقال في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، إن «الأمم المتحدة رصدت وصول مسلحين من سوريا إلى ليبيا، يتراوح عددهم ما بين ألف إلى ألفين، وجزء منهم موجود في ساحة المعركة».
ومع ذلك، اعتبر سلامة أن الهدنة في العاصمة طرابلس ما زالت صامدة، لافتا إلى اتصالات مع طرفي القتال لاستمرارها، وترجمتها إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
لكنه أعرب عن خشيته من اندلاع حرب شوارع في العاصمة طرابلس، وتحولها إلى حرب أهلية وخارجية باستخدام الطيران الخارجي، ومضادات له، مؤكدا أن الطرفين يصل لهما سلاح من الخارج، بما في ذلك مضادات للطائرات.
ميدانيا، اندلعت اشتباكات عنيفة بمحيط منطقة عين زارة، بينما تحدث قائد ميداني بقوات حكومة السراج لوسائل إعلام محلية، موالية لها، عن رصد ما وصفه بتحركات وتحشيدات لقوات الجيش بمنطقة مزدة. وقال إن قواته تصدت لمحاولة قوات الجيش التقدم من محور الخلاطات، مشيرا إلى أنهم قاموا بتدمير راجمة صواريخ، وآلية مسلحة وحاوية ذخيرة.
وسقطت مساء أول من أمس خمسة صواريخ على قاعدة معيتيقة الجوية في طرابلس، بعد ساعات فقط من إعلان إدارة مطار معيتيقة الدولي، الموجودة بالقاعدة، إعادة فتحه أمام حركة الملاحة الجوية. وعلى إثر ذلك، وضع محمد سيالة، وزير الخارجية بحكومة السراج، المجتمع الدولي أمام مسؤولياته حال تعرض الطيران المدني لأي اعتداء، وقال في رسالة وجهها مساء أول من أمس إلى مجلس الأمن الدولي إن تهديدات الجيش الوطني التي جاءت على لسان المتحدث باسمه اللواء أحمد المسماري، بقصف المطار في حال استخدامه «تعد جريمة حرب مبيتة، وخرقا واضحا للمواثيق والأعراف الدولية والقانون الدولي الإنساني»، مشيرا إلى أن حكومته تذكر الجميع بمسؤولياته أمام حماية المنشآت المدنية، وبمسار برلين، القاضي بالعمل على تثبيت الهدنة وتطويرها.
إلى ذلك، رحبت وزارة الخارجية بحكومة السراج بالبيان الختامي لاجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي، الذي انعقد في الجزائر العاصمة أول من أمس، وأكدت في بيان لها التزامها الكامل بمخرجات برلين، مشيدة بدور الجزائر ومساعيها الحثيثة لوضع حد للأزمة الليبية.
في غضون ذلك، بحث السفير ريتشارد نورلاند، سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى ليبيا، مع عدد من المسؤولين المصريين آخر التطورات على الساحة الليبية، وسبل التوصل إلى حل سياسي للأزمة.
وغادر نورلاند القاهرة، أمس، بعد زيارة دامت عدة أيام، متوجها إلى تونس في طريقه إلى مقر عمله بطرابلس. وقالت مصادر مطلعة شاركت في وداع نورلاند للوكالة الألمانية إنه التقى عددا من كبار المسؤولين والشخصيات، واستعرض معهم آخر تطورات الأزمة الليبية.
وتأتي زيارة نورلاند لمصر بعد اجتماع لدول جوار ليبيا في الجزائر أول من أمس، ومؤتمر برلين بشأن ليبيا لبحث التوصل لحل للأزمة الليبية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.