لقاء ترمب وصالح: واشنطن تؤكد «شراكة الأمن» وبغداد تتحدث عن «خفض» القوات الأجنبية

رئيس إقليم كردستان يرفض انسحاب التحالف الدولي ضد «داعش»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس العراقي برهم صالح خلال اجتماعهما على هامش منتدى دافوس أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس العراقي برهم صالح خلال اجتماعهما على هامش منتدى دافوس أمس (رويترز)
TT

لقاء ترمب وصالح: واشنطن تؤكد «شراكة الأمن» وبغداد تتحدث عن «خفض» القوات الأجنبية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس العراقي برهم صالح خلال اجتماعهما على هامش منتدى دافوس أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس العراقي برهم صالح خلال اجتماعهما على هامش منتدى دافوس أمس (رويترز)

أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترمب محادثات مع الرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، على هامش قمة دافوس بسويسرا، أمس الأربعاء. وهيمن على المحادثات موضوع الوجود الأميركي في العراق، وشكل العلاقة المستقبلية بين البلدين، وذلك على خلفية مطالبات من فصائل شيعية عراقية بانسحاب الأميركيين، رداً على اغتيال إدارة الرئيس ترمب قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي»، أبو مهدي المهندس في بغداد، مطلع هذه السنة.
ولوحظ بعض الاختلاف بين البيانات الرسمية الصادرة عن الجانبين الأميركي والعراقي في خصوص المحادثات. فقد أكد البيت الأبيض أن ترمب والرئيس العراقي اتفقا على ضرورة الحفاظ على «الشراكة الأمنية» بين البلدين، بينما قالت الرئاسة العراقية إن الاجتماع بين برهم صالح وترمب تناول «وجود القوات الأجنبية وتخفيضها في البلاد». وتحدث البيان العراقي عن «خفض» القوات الأجنبية وليس «سحبها»، بعكس ما تريده فصائل شيعية ومجلس النواب العراقي.
وجاء اللقاء بين ترمب وصالح رغم تهديدات وجهتها «كتائب حزب الله» و«حركة النجباء» بطرد الرئيس العراقي من بغداد، في حال التقى نظيره الأميركي في دافوس. وكانت فصائل مسلحة مقربة من إيران وجهت تهديدات لصالح عشية سفره إلى المنتدى السويسري، وطلبت منه عدم الذهاب إلى دافوس، وعدم الالتقاء بترمب في حال قرر الذهاب. غير أن «كتائب حزب الله» وعلى لسان أحد قيادييها رفعت سقف التهديد، ولوَّحت بمنع الرئيس العراقي من دخول بغداد، وطرده إلى إقليم كردستان في حال التقى الرئيس الأميركي.
وقال بيان للرئاسة العراقية إن الرئيس برهم صالح «أجرى محادثات معمقة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، وضمن جدول لقاءاته اليومية بعدد من الزعماء ورؤساء الدول». وأكد الرئيس صالح، بحسب البيان: «ضرورة تكثيف الجهود الدولية من أجل إرساء الأمن والاستقرار على الصعيدين الدولي والإقليمي»، مشيراً إلى أن «ترسيخهما وتعزيزهما هو السبيل الوحيد لضمان تحقيق السلام الشامل في المنطقة». وأضاف برهم صالح أن «العراق يحرص على إقامة علاقات متوازنة مع جميع الأصدقاء والحلفاء، بما يعزز سيادته واحترام قراره المستقل، ويحقق مصالح الشعب العراقي، ومواصلة التطور الاقتصادي وإعادة الإعمار، وعدم السماح بأن يتحول العراق إلى ساحة للصراع وتصفية الحسابات».
بدوره، جدد الرئيس الأميركي «دعم بلاده لاستقرار العراق، وحرصها على توثيق العلاقات المشتركة، وتوسيع حجم التعاون بين العراق والولايات المتحدة، بما يخدم مصلحة الشعبين، مثمناً الدور العراقي المحوري في المنطقة»، بحسب بيان الرئاسة العراقية. وأوضح البيان أنه «تم خلال الاجتماع درس وجود القوات الأجنبية وتخفيضها في البلاد، وأهمية احترام مطالب الشعب العراقي في الحفاظ على السيادة الوطنية، وتأمين الأمن والاستقرار».
في المقابل، أكد البيت الأبيض في بيان، أن الرئيس الأميركي اتفق مع نظيره العراقي في دافوس على ضرورة الحفاظ على دور عسكري أميركي في العراق. وجاء في البيان: «اتفق الرئيسان على أهمية مواصلة الشراكة الاقتصادية والأمنية بين الولايات المتحدة والعراق، ومن ضمنها قتال تنظيم (داعش)». وأفاد البيان بأن «الرئيس ترمب أعاد التأكيد على التزام الولايات المتحدة بعراق يتمتع بالسيادة والاستقرار والازدهار».
وكان ترمب قد التقى صباحاً، في دافوس أيضاً، رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، الذي أثنى على الدعم الأميركي للعراق بشكل عام، ولإقليم كردستان بصورة خاصة. وأكد بارزاني - وفق بيان رسمي - حاجة الإقليم إلى قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمواجهة خطر «داعش»، رافضاً في الوقت نفسه انسحاب الأميركيين من الإقليم.
ومعلوم أن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، اللواء الركن عبد الكريم خلف، أكد الأسبوع الماضي أن الانسحاب الأميركي من العراق يجب أن يشمل أيضاً إقليم كردستان، كون الإقليم جزءاً من العراق. وأصدر البرلمان العراقي، أوائل هذا الشهر، قراراً يلزم الحكومة العراقية بإخراج القوات الأميركية من البلاد، وذلك على خلفية قتل الجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» الإيراني، وأبو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي». وبينما صدر القرار بغالبية شيعية في البرلمان، فقد رفضه السنة والأكراد الأمر الذي أحدث انقساماً حاداً في المواقف السياسية داخل العراق.
وقال النائب عن محافظة الأنبار محمد الكربولي، عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يستبعد «انسحاب الأميركيين من العراق». ولدى سؤاله عن الجدل الخاص بشأن لقاء الرئيس برهم صالح مع الرئيس ترمب، قال إن «الأميركيين أعلنوا موقفهم بشكل واضح، وهو عدم نيتهم الانسحاب من العراق. يُضاف إلى ذلك أنهم يعززون وجودهم في المنطقة وليس العراق فقط»، معتبراً أن «أي حديث بخلاف ذلك لن يكون سوى مضيعة للوقت».
من جهته، أبلغ القيادي في «جبهة الإنقاذ والتنمية» أثيل النجيفي «الشرق الأوسط»، بأن «السنة والأكراد ليست لهم حصة في صناعة القرار السياسي في البلاد». واعتبر أن «القرار السياسي العراقي انفردت به الأحزاب الشيعية الدينية تحديداً، وليست الأحزاب الشيعية العامة التي ربما لديها مواقف أخرى، فضلاً عن المدنيين»، مبيِّناً أن «هذه الأحزاب هي التي تحرك الأمور، وهي التي تقررها في كل المجالات السياسية والعسكرية وسواها، وبالتالي من المستبعد أن تعود هذه الأحزاب إلى مبدأ الشراكة الوطنية في اتخاذ القرارات وصناعتها؛ حيث إن التهور والرعونة هما السمة السائدة في لغة الخطاب السياسي وفي القرار الحكومي، ونتائج ذلك وخيمة مثلما يشاهد الجميع». وتابع النجيفي بأنه «ما لم يكن هناك تنازل من هذه القوى، فإنه لا يمكن تصور أن الأوضاع يمكن أن تصبح أفضل».


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السعودي يبحث تعزيز التعاون مع رئيس «دافوس»

الخليج وزير الخارجية يستقبل مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يبحث تعزيز التعاون مع رئيس «دافوس»

 استقبل الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، في مقر الوزارة بالرياض، الاثنين، مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» كلاوس شواب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد 
جانب من انطلاق فعاليات المنتدى العالمي الاقتصادي في الرياض أمس (واس)

مشاركة دولية واسعة في «دافوس الرياض»

انطلقت في العاصمة السعودية الرياض، أمس (الأحد)، أعمال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي، برعاية الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، وبمشاركة دولية واسعة.

هلا صغبيني ( الرياض) مساعد الزياني ( الرياض )
الخليج ولي العهد السعودي مستقبلاً أمير الكويت اليوم في الرياض (واس)

محمد بن سلمان يستعرض التطورات وتعزيز العلاقات مع مشعل الأحمد والسوداني

التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع أمير الكويت ورئيس الوزراء العراقي كل على حدة وذلك على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي المنعقد في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاركون في حلقة نقاش جانبية خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض في 28 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

حزمة مشاريع عراقية جاهزة للتنفيذ تعرض خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض

قال مصدر حكومي مطّلع إن العراق سيقدم خلال المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في الرياض حزمة من المشاريع الجاهزة للتنفيذ أمام كبريات الشركات المشاركة في المنتدى.

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي وعدد من المعنين بالتحضير للمنتدى (صفحة وزارة الاقتصاد والتخطيط على «إكس»)

تحضيرات اجتماع منتدى الاقتصاد العالمي في الرياض بين الإبراهيم وبرينده

ناقش وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغي برينده، التحضيرات الجارية للاجتماع الخاص بالمنتدى الذي سيُعقد في المملكة في…

«الشرق الأوسط» (الرياض)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.