«الشرق الأوسط» في موسم الجوائز (5): ترشيحات الأوسكار يغلب عليها العنصر الرجالي والنجاح التجاري

الموضوع السوري يعود إلى الواجهة هذا العام أيضاً

TT

«الشرق الأوسط» في موسم الجوائز (5): ترشيحات الأوسكار يغلب عليها العنصر الرجالي والنجاح التجاري

بإعلان الترشيحات الرسمية لجوائز الأوسكار يبدأ العد التنازلي للجائزة التي ما زالت، رغم كل ما أحيطت به من مصاعب، الحدث الذي يتخطى كل الأحداث السينمائية ولو مرّة في العام.
من بين تلك المصاعب بالطبع أن أكثر من عشر مؤسسات أخرى تعلن جوائزها في الفترة ذاتها. بالتالي فإن معظم هذه الجوائز تذهب للأفلام نفسها التي تعاود الإطلال من نافذة ترشيحات الأوسكار وجوائزه، كذلك الحال بالنسبة للسينمائيين الذين يظهرون، مرشحين أو فائزين، في هذه المناسبة وتلك قبل وصول القطار الذي يستقلونه للمحطة الأخيرة.
ما يمكن أن يُضاف الآن بعد الإعلان عن الترشيحات هو النظر إلى ما تعنيه لأصحابها وللمتابعين على اختلاف آرائهم تجاه الأوسكار وهي آراء متفاوتة بين الإعجاب المطلق وصولاً إلى السخرية والرفض المطلقين كذلك.

- القضية وجهة نظر
الارتياب في قيمة الجائزة ليس جديداً. مارلون براندو ذاته رفضها فما البال برعيل كبير من المتابعين الذين يتساءلون كيف يمكن لهم احترام وتقدير جائزة حُجبت عن مبدعين أمثال ألفرد هيتشكوك وستانلي كوبريك أو أندريه تاركوفسكي.
ذات الارتياب يمتد اليوم ليشمل ترشيحات الأوسكار في قسم الأفلام التسجيلية. هناك فيلمان عن الموضوع السوري مليئان بالمشاهد اليومية للصراع الدائر. الفيلمان هما «الكهف» لفراس فياض و«لأجل سما» لوعد الخطيب وإدوارد ووتس.
ولم ينتظر المتابعون العرب طويلاً قبل أن ينقسموا، كما الحال دائماً، بين مؤيد ومعارض. المؤيدون يباركون خطى السينما السورية «الكاشفة للنظام» التي «تعرض للعالم مشاهد عن المحنة التي يتعرض لها الشعب السوري»، والمعارضون يتحدثون عن مؤامرة سياسية بين هذه الأفلام وأكاديمية العلوم والفنون السينمائية الأميركية لتشويه صورة الواقع.
ما هو واقع بالفعل هو أن الموضوع السوري لم يعد ملكية سورية بحتة من حيث التداول. المشكلة بحد ذاتها كبيرة ومتفاقمة وتتداخل فيها رؤوس كثيرة. لذلك من السهل على صانعي الأفلام المعارضة بيع المنتج إلى الخارج بما يحمله من مشاهد تعكس سياسة الموقع المعارض للحكومة السياسية ونظامها. فالعالم ما زال يريد أن يعرف، ربما ليس بالنسبة التي كانت عليه أبان السنوات الثلاث أو الأربع الأولى من المحنة، ماذا يدور وكيف، وبعضه يريد أن يشاهد المعاناة التي ترسمها تلك الأفلام بريشة تكاد تكون سوريالية من حيث تفاصيل الواقع الذي تعرضه.
في المقابل، لا تستطيع السينما المصنوعة بموافقة أو تأييد الحكومة مضاهاة ما وصلت إليه الأفلام المعارضة لبضعة أسباب جوهرية. من بينها أنها إذ تتحدث عن معاناة شعب كامل (كحال أفلام جود سعيد) لا توفر نقداً فعلياً لأي اتجاه في تلك الحرب. تملك موضوعات مثيرة للاهتمام لكنها مسالمة ومهادنة أكثر قليلاً مما يجب لإثارة الاهتمام خارج الحدود.
سبب قوي آخر هو أن أفلام النظام منتجة من قِبل النظام الذي لا علاقة مشادة بينه وبين شركات التوزيع العالمية وممولي الأفلام من الشركات الأوروبية. إنها «مشموسة» بكونها تنتمي إلى النظام من دون النظر إلى ما يمكن لها أن تضيفه. الأهم من كل ذلك، هو أنها مقصّرة في تحقيق فيلم ضد أعداء الدولة بالنبرة والقوّة ذاتيهما التي تتمتع بها الأفلام «الثورية». فيلم واحد يغوص سياسيا ليكشف تطرف بعض الفصائل أو ليبحث عميقاً في العلاقة بين تركيا وبين تلك الفصائل كفيل بفتح باب ربما لا يكون أكثر من ثغرة لكن من المحتمل له أن يؤدي إلى طرح وجهة النظر المناوئة.
الحال، إذا ما أردنا التمحيص، هو أن كلا من «لأجل سما» و«الكهف» ليسا فيلمين سوريين. نعم الموضوع سوري لكن الإنتاج ليس كذلك. «الكهف» هو إنتاج دنماركي- أميركي (ما بين Danish DocumentaryProductions وNational Geographich Documentary Films). «لأجل سما» هو بريطاني (إنتاج Chanel 4 News). القول بأنهما فيلمان سوريان هو كالقول بأن فيلم «موت على النيل» هو فيلم مصري لمجرد أن تصوير هذا الفيلم الأميركي تم في مصر، أو أن فيلم سيرجيو ليوني «الجيد والسيء والبشع» أميركي لكونه فيلم وسترن.
حال نصرف النظر عن هذه الحقيقة ونتخذ موقفاً حيادياً من الصراع بأسره، يمكن لنا النظر إلى كل من هذين الفيلمين على نحو تقييمي خال من العواطف والانفعالات مؤيدة كانت أو معارضة.

- تحليل الترشيحات
جائزة أفضل فيلم تسجيلي، التي تضم هذين الفيلمين، لا تشغل كثيراً بال السينمائيين الغربيين ولا الجمهور حول العالم. ما تم شرحه أعلاه هو خصوصية عربية من ناحية وشعور بالحماسة والأمل يعتمل صدور صانعي الفيلمين سوريين وأجانب. أما الاهتمام الأكبر فيبقى في إطار الفيلم الروائي ومن دخل محراب ترشيحاته وماذا سيقع له في التاسع من الشهر المقبل عندما تعلن النتائج.
دفع المقترعون (أكثر من 9000 سينمائي) صوب دورة مهمّة وحاسمة بالنسبة للأفلام التسعة المرشحة في مجال أفضل فيلم تبدأ بـ«فورد ضد فيراري» وتنتهي بـ«فطري» وتشمل بينهما «الآيرلندي» و«جوجو رابت» و«جوكر» و«نساء صغيرات» و«حكاية زواج» و«1917» و«ذات مرة في هوليوود».
ثلاثة من هذه الأفلام من بطولة ممثلين نراهم مرشحين لأوسكار أفضل تمثيل أول وهم ليوناردو ديكابريو عن «ذات مرة في هوليوود» وأدام درايفر عن «حكاية زواج» وواكين فينكس عن «جوكر». الآخران في قائمة الخمسة هما أنطونيو بانديراس عن «ألم ومجد» وجوناثان برايس عن «البابوان».
في المقابل النسائي، فيلمان من تلك المرشحة لأوسكار أفضل فيلم تسببا في ترشيح بطلتيهما لأوسكار أفضل تمثيل أول هما ساويرس رونان عن «نساء صغيرات» وسكارلت جوهانسن عن «حكاية زواج».
يُعاد ذكر «الآيرلندي» في قائمة الممثلين المساندين إذ تم ترشيح آل باتشينو وجو بيشي عن هذا الفيلم، كما تم ترشيح براد بت عن «ذات مرّة في هوليوود» ولدينا توم هانكس عن «يوم جميل في الجيرة» وأنطوني هوبكنز عن «البابوان».
بالنسبة للممثلات فإن «حكاية زواج» يحمل لورا ديرن كمرشحة لأفضل ممثلة مساندة ونجد اسم سكارلت جوهانسن عن فيلم «جوجو رابت» وفلورنس بوف عن «نساء صغيرات». المرشحتان الرابعة والخامسة يأتي بهما إنتاجان من خارج قائمة أفضل فيلم وهما كاتي بايتس عن «رتشارد جووَل» ومارغوت روبي عن «بومبشل».
أخيراً، في ترشيحات المخرجين، نلاحظ أن كل المرشحين الخمسة لهذه الجائزة المهمة وصلوا بفضل أفلامهم التي دخلت الترشيحات بدورها. هذا عادة لا يحدث بهذا القدر من الشمولية إذ نجد دوماً مخرجين مرشحين لجائزة أفضل إخراج عن أفلام لم يجر ترشيحها لجائزة أفضل فيلم.
تبعاً لذلك، يتنافس كل من مارتن سكورسيزي عن «الآيرلندي» وتود فيليبس عن «جوكر» وسام مندِز عن «1917» وكونتِن تارنتينو عن «ذات مرة في هوليوود» وبونغ دجون هو عن «طفيلي».
في الظاهر فإن كل هذه الأفلام تردد ذكرها في جوائز الغولدن غلوبز وفي ترشيحات المخرجين ومديري التصوير وجمعية كتاب السيناريو. لكن هذا ليس سوى جزء من تحصيل الحاصل، فمن الطبيعي ألا يستقدم الأوسكار أفلاماً لم يتم لها الحضور في موسم الجوائز.
لكن الصورة خلف الصورة أكثر إثارة.
على سبيل المثال، فإن ترشيح «جوكر» لتسعة أوسكارات (بينها ما تم ذكره)، هو أعلى قدر من الترشيحات التي نالها فيلم مستوحى من مصادر شخصيات الكوميكس.
كذلك فإن هناك فيلمان من التسعة المرشحة لأفضل فيلم من إنتاج نتفلكس («حكاية زواج» و«الآيرلندي») بينما السبعة الأخرى لشركات سينمائية بالفعل. هذه الأفلام جمعت فيما بينها 747 مليون دولار في أميركا وكندا والمكسيك (الدول التي تشكل شمال القارة الأميركية) يتقدمها «جوكر» (الذي حصد 334 مليون دولار محلياً ومليار و70 مليون دولار عالميا) ثم «ذات مرة في هوليوود» وهذا الأخير يستحق وقفة في هذا المجال.
عادة ما تخفق أفلام كونتِن تارنتينو في خطف أكثر من 50 إلى 150 مليون دولار نسبة لاختلافها عن الإنتاجات السائدة. فيلمه الأخير هذا بقي مختلفاً لكنه جمع 372 مليون دولار حول العالم.

- عالم من الرجال
ملاحظة أخرى شديدة العلاقة، ستة من الأفلام المرشحة (وستكون لنا وقفات مع كل سباق على حدة) تتمحور حول وحدة الرجال وطموحات بعضهم. ثلاثة أفلام فقط تضم عناصر العائلة وما يدور في أرجائها من مشاكل أو حكايات.
العالم ما زال رجالي الحضور على الشاشة من خلال «الآيرلندي» وشخصياته التي تعيش في عالم الجريمة والشعور بالذنب. القتل والقتل المضاد. هنا المرأة لا حضور لها إلا من خلال لقطات صامتة. عينان تتكلمان لكن الفم (كما عند شخصية ابنة روبرت دي نيرو) مغلق.
«فورد ضد فيراري» يدور حول فارسي سباق سيارات. تنافسهما. مراجعهما كشخصيتين تطمحان للفوز كل على الآخر، ناهيك عن باقي المتسابقين، يدفع الحكاية إلى الأمام. المرأة موجودة في حدود. بطلا الفيلم مات دامون وكرستيان بايل يشتركان في أن أي منهما لم ينل ترشيحاً في قائمة أفضل ممثل أول.
«1917» لا نساء فيه على الإطلاق. هو عن جنديين يحاولان إيصال رسالة لجنرال يزمع القيام بمغامرة ستكلفه كل جنوده. عليهما تحذيره.
في «جوجو رابِت» حكاية كوميدية حول هتلر وصبي يتعرف على عناصر الفتنة العنصرية التي تُحاك. المرأة محدودة في الدور الذي تؤديه سكارلت جوهانسن.
ثم هناك «جوكر» حول ذلك اللامنتمي الذي كان يبحث عن إثبات موهبة ما في إسعاد الآخرين قبل أن ينتهي معادياً لكل البشر باستثناء امرأتين: أمه التي تموت قبل بلوغ الفيلم منتصفه وجارته الوحيدة التي تتفهمه. على أهمية دوريهما، هما حالتان بعيدتان عن جوهر الصراع القائم.
أما «ذات مرّة في الغرب» فهو عن صديقين (الثنائي الوارد في «فورد ضد فيراري» متكرراً). الأول ممثل يودع أيام عزّه والثاني يحاول منع جريمة قتل من جماعة تشارلز ماسون. هناك وجود نسائي شبه وحيد متمثل بالشخصية التي تؤديها مارغوت روبي إذ تلعب دور الممثلة الناشئة شارون تايت التي قُتلت (خارج الفيلم) على أيدي أتباع ماسون.
الفيلمان الباقيان يحملان تعويضاً عن هذا الخلل في التوازن (خلل غير مقصود وبل طبيعي كحال معظم الإنتاجات السينمائية حول العالم) فـ«حكاية زواج» عن عائلة من زوجين يتنازعان بعدما اقتنعا بضرورة الطلاق، و«طفيلي» يدور في رحى عائلي كامل يشمل 8 شخصيات (تنتمي لأسرتين). أما «نساء صغيرات» فكله عن النساء تبعاً لرواية لويزا ماي إلكوت والرجال حفنة قليلة في الخلفية.
من سيفوز... من سيبقى جالساً في مكانه كديكور طبيعي للحفل الكبير فإن ذلك موعده بعد أسابيع قليلة. خلال هذه الأسابيع نعود إلى هذا السباق وسواه بالتحليل، فلربما نصل إلى نقطة قريبة من النتائج المرجوّة.


مقالات ذات صلة

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

شؤون إقليمية الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

يتناول الفيلم تأثير فساد نتنياهو على قراراته السياسية والاستراتيجية، بما في ذلك من تخريب عملية السلام، والمساس بحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
يوميات الشرق المخرج الإيراني أصغر فرهادي الحائز جائزتَي أوسكار عامَي 2012 و2017 (إدارة مهرجان عمّان السينمائي الدولي)

أصغر فرهادي... عن أسرار المهنة ومجد الأوسكار من تحت سماء عمّان

المخرج الإيراني الحائز جائزتَي أوسكار، أصغر فرهادي، يحلّ ضيفاً على مهرجان عمّان السينمائي، ويبوح بتفاصيل كثيرة عن رحلته السينمائية الحافلة.

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق تمثال «الأوسكار» يظهر خارج مسرح في لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

«الأوسكار» تهدف لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار

أطلقت أكاديمية فنون السينما وعلومها الجمعة حملة واسعة لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (لوس انجليس)
يوميات الشرق الممثل الشهير ويل سميث وزوجته جادا (رويترز)

«صفعة الأوسكار» تلاحقهما... مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية تُغلق أبوابها

من المقرر إغلاق مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية بعدما شهدت انخفاضاً في التبرعات فيما يظهر أنه أحدث تداعيات «صفعة الأوسكار» الشهيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ

هل تخلّت «الأوسكار» عن أفلام «نتفليكس» وأخواتها؟

مع أنها حظيت بـ32 ترشيحاً إلى «أوسكار» 2024 فإن أفلام منصات البث العالمية مثل «نتفليكس» و«أبل» عادت أدراجها من دون جوائز... فما هي الأسباب؟

كريستين حبيب (بيروت)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».