العمانيون يشيّعون السلطان قابوس... وخليفته يتعهد بمواصلة نهجه

هيثم بن طارق أكد أن مسقط ستواصل مساعيها لحل الخلافات بالطرق السلمية

السلطان هيثم بن طارق يحمل جثمان السلطان الراحل قابوس بن سعيد خلال مراسم التشييع في مسقط أمس (رويترز)
السلطان هيثم بن طارق يحمل جثمان السلطان الراحل قابوس بن سعيد خلال مراسم التشييع في مسقط أمس (رويترز)
TT

العمانيون يشيّعون السلطان قابوس... وخليفته يتعهد بمواصلة نهجه

السلطان هيثم بن طارق يحمل جثمان السلطان الراحل قابوس بن سعيد خلال مراسم التشييع في مسقط أمس (رويترز)
السلطان هيثم بن طارق يحمل جثمان السلطان الراحل قابوس بن سعيد خلال مراسم التشييع في مسقط أمس (رويترز)

شيّع العمانيون، أمس، زعيمهم السلطان قابوس بن سعيد إلى مثواه الأخير بمسقط رأسه في صلالة بمحافظة ظفار (جنوب)، فيما تعهد خليفته ابن عمه السلطان هيثم بن طارق آل سعيد بمواصلة نهجه الإصلاحي، وذلك في خطاب عقب تنصيبه سلطاناً إثر انتقال سلس للسلطة.
وافتقدت المنطقة برحيل السلطان قابوس قائداً مخضرماً يحظى بالثقة، نجح في الحفاظ على علاقات خارجية متوازنة. وبث التلفزيون العماني الرسمي صوراً لموكب الجنازة في شارع السلطان قابوس الذي يحده النخيل، وسط وجود أمني مكثف. ونُقل النعش ملفوفاً بالعلم العماني إلى جامع السلطان قابوس الكبير بالعاصمة مسقط حيث أقيمت صلاة الجنازة بمشاركة المئات. وتقدم السلطان الجديد صفوف المصلين. ووُري جثمان السلطان قابوس الثرى بأحد مدافن عائلته. وأعلنت عُمان الحداد لمدة ثلاثة أيام وتنكيس الأعلام.
وتعهد السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان الجديد، في خطاب أذاعه التلفزيون أمس، بمواصلة السياسة الخارجية التي قال إنها تقوم على التعايش السلمي والحفاظ على العلاقات الودية مع كل الدول مع استمرار جهود التنمية في السلطنة. وأضاف أن مسقط ستواصل مساعيها لحل الخلافات بالطرق السلمية.
وشدد السلطان ‫هيثم، في أول تصريح له بعد توليه الحكم، على الثوابت التي اختطّها السلطان قابوس في التعايش السلمي بين الأمم وحسن الجوار. وأكد ثبات السلطنة على سياستها الراسخة والتزامها بكل الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية القائمة.
وقال سلطان عُمان الجديد إن السلطنة ستظل كما عهدها العالم مساهِمة في حل الخلافات بالطرق السلمية، ومواصلة دورها عضواً فاعلاً في منظمة الأمم المتحدة والعمل على تحقيق السلم والأمن الدوليين. كما أكد العمل على تحقيق التكامل الاقتصادي والرقيّ بحياة المواطنين والنأي بهم عن الصراعات الخارجية.
وتم تعيين السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، أمس، بعد أن دعا مجلس الدفاع الأعلى في السلطنة مجلس العائلة المالكة للانعقاد لتحديد من تنتقل إليه ولاية الحكم في البلاد.
ونعى العمانيون على مواقع التواصل الاجتماعي السلطان قابوس الذي كان يقوم بجولات ميدانية منتظمة في أنحاء البلاد للتحدث مع المواطنين وعادةً ما كان يقود سيارته بنفسه في المواكب.
وصية السلطان
ومنذ تداعي صحة السلطان قابوس، إثر إصابته بمرض السرطان في 2014، ورحلته العلاجية الطويلة في ألمانيا، فُتح النقاش مجدداً بخصوص مسألة خلافته وآلية انتقال السلطة في عمان. وليس للسلطان قابوس أبناء ولا أشقاء. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2011 عُدلت بمرسوم سلطاني آلية خلافته عبر إشراك رئيسي مجلس الدولة (نوع من مجلس الشيوخ مكون من 86 عضواً معيناً) ومجلس الشورى المكون من 86 نائباً منتخباً ورئيس المحكمة العليا، في قرار اختيار خلفه.
وحسب الدستور الصادر في 1996، يعيِّن السلطان في رسالة يفتحها مجلس العائلة، خليفته الذي يجب أن يكون من أفراد الأسرة (أي من آل البوسعيدي).
وكان يُعتقد على نطاق واسع أن السلطان قابوس وضع وصيته التي تحمل اسم الخليفة الذي يرجّح اختياره داخل خزانة، بقصره في مسقط، كما يضع نسخة ثانية من الوصية بقصره في صلالة، بمحافظة ظفار.
ويجتمع مجلس العائلة، في حال شغور منصب السلطان، للاتفاق على خليفة له خلال مدة أقصاها ثلاثة أيام، وحين يفشل هذا المجلس في الاتفاق، يتعين على مجلس الدفاع الذي يتألف من كبار القادة العسكريين والمسؤولين عن الدفاع بمشاركة رؤساء مجالس الدولة والشورى والمحكمة العليا تأكيد خيار السلطان الذي تضمنته وصيته التي لم تُعلن سوى صباح السبت.
وتنصّ المادة السادسة من النظام الأساسي للدولة على أنه «يقوم مجلـس العائلة المالكة، خلال ثلاثة أيام من شغور منصب السلطان، بتحديد مَن تنتقل إليه ولاية الحكم. فإذا لم يتـفق مجلس العائلة المالكة على اختيار سلطـان للبلاد، قام مجلس الدفاع بالاشتراك مع رئيسي مجلس الدولة، ومجلس الشورى، ورئيس المحكمة العليا، وأقدم اثنين من نوابه، بتثبيت مَن أشار به السلطان في رسالته إلى مجلس العائلة». وحسب وصية السلطان الراحل، التي فُتحت صباح أمس، تبيّن أنه أوصى بهيثم بن طارق بن تيمور، خليفة له، وهو ما تم.
الوسيط السياسي
وحسب موقعها في رأس الخليج العربي، المطلّ على مضيق هرمز وبحر عُمان، اختطّت السلطنة في عهد قابوس بن سعيد موقعاً يقيها أمواج الصراعات السياسية التي نشطت في منطقة الخليج منذ 1979. واختار السلطان قابوس لبلاده أن تبقى حاضرة في المشهد السياسي الخليجي والعربي محافظةً على خط الحياد الإيجابي والعمل على بناء دبلوماسية نشطة في تشييد جسور الحوار والتواصل بين الفرقاء المتصارعين، خصوصاً الولايات المتحدة وإيران، حسبما تؤكد تصريحات مسؤولي السلطنة.
فعلى صعيد إيران، كانت سلطنة عُمان وثيقة الصلة بطهران، واستضافت محادثات علنية في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، بين الولايات المتحدة وإيران، وضمت، إلى جانب البلدين، منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، وهي المحادثات التي أعقبت سلسلة حوارات سرية بين الجانبين الأميركي والإيراني. كما قامت عُمان بوساطات متتالية أسهمت في الإفراج عن معتقلين يحملون الجنسية الأميركية في إيران.
وكان السلطان قابوس أول زعيم عربي، وأول زعيم عالمي، اجتمع مع الرئيس الإيراني حسن روحاني بعد توليه الرئاسة. وبالنسبة إلى إسرائيل، فقد شهد الأسبوع الأخير من أكتوبر 2018 استقبال السلطان قابوس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في زيارة معلَنة لسلطنة عُمان، سبقتها زيارة للرئيس الفلسطيني محمود عباس لمسقط في 22 أكتوبر 2018، كما زار الوزير المسؤول عن السياسة الخارجية في عُمان يوسف بن علوي، رام الله، وقابل الرئيس الفلسطيني.
ولا تقيم سلطنة عُمان علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، لكنها تحتفظ بخط اتصال دبلوماسي نشط. ففي عام 1994، زار رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحاق رابين، السلطنة، وفي عام 1995 استضاف رئيس الوزراء المؤقت شيمعون بيريس، وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، في القدس، بعد عدة أيام من اغتيال رابين. وفي عام 1996 وقّع الجانبان اتفاقية لفتح مكاتب تمثيلية تجارية. وتم إغلاق هذه المكاتب في أكتوبر عام 2000 بعد أسابيع من اندلاع الانتفاضة الفلسطينية.
كما كانت الدبلوماسية العمانية متمايزة عن نظيراتها في الخليج ودول عربية أخرى بشأن العلاقات مع سوريا، حيث احتفظت مسقط بعلاقات وثيقة معها رغم مقاطعة بقية الدول العربية.
نهضة عُمان
ومنذ تسلمه العرش في 23 يوليو (تموز) عام 1970، خلفاً لوالده، نقل السلطان قابوس بلاده إلى مصاف الدولة العصرية، مستنيرةً بقيم الماضي وتطلعات المستقبل. كما أحدث نهضة شاملة غيّرت وجه عُمان، وجعلتها واحدة من أكثر الدول تقدماً وحداثة، حيث شرع في تنفيذ مشروعات تنموية رفعت مستوى معيشة المواطن العماني، وابتدأ بالتعليم، حيث كان عدد المدارس بداية عام 1970 ثلاث مدارس فقط، وكانت البلاد لا تضم سوى مستشفيين فقط يقعان في مسقط وصلالة.
كما أرسى السلطان قابوس دعائم الوحدة الوطنية بوصفها ركيزة راسخة تنطلق منها وترتكز عليها جهود التنمية المستدامة في شتى المجالات، وإعلاء قيم العدالة والمواطنة والمساواة، وتدعيم أركان دولة المؤسسات التي ينعم فيها المواطن والمقيم بالأمن والأمان، وتتحقق فيها للجميع أجواء الطمأنينة وصون الحقوق.
تقلّد السلطان قابوس أغلب المناصب في عُمان؛ فهو سلطان البلاد، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، ووزير المالية، ووزير الشؤون الخارجية، ورئيس المجلس الأعلى للتخطيط، ورئيس البنك المركزي، وللسلطنة تجربة في المشاركة السياسية، وكان أبرز ما شهدت البلاد العام الماضي (2019) انتخابات مجلس الشورى العماني في 27 أكتوبر 2019 بمشاركة واسعة أسفرت عن مجلس غالبيته وجوه جديدة وبتمثيل نسائي. وقد تم يوم 3 نوفمبر 2019 عقد جلسة استثنائية لمجلس الشورى بأعضائه الفائزين في الانتخابات، لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه تمهيداً لبدء أنشطة المجلس. كما عيّن السلطان قابوس بن سعيد في السابع من نوفمبر 15 سيدة ضمن أعضاء مجلس الدولة العماني (الغرفة التشريعية الأولى في سلطنة عمان)، الذي يتكون من 86 عضواً.
ويتمتع مجلس عمان بصلاحيات تشريعية ورقابية تضمنها النظام الأساسي للدولة الصادر بمرسوم سلطاني في 6 نوفمبر 1996 وتعديلاته، وهي اختصاصات وصلاحيات تمكّن مجلس الشورى ومجلس الدولة من القيام بمهامهما في إطار التكامل المؤسسي للدولة العصرية، وبما يحقق مشاركة فاعلة من المواطنين عبر المجلسين في عملية صنع القرار وتوجيه التنمية الوطنية لتحقيق حياة أفضل للمواطن العماني.



«الرقابة» السعودية: إيقاف قاض وضباط وموظفين تورطوا بقضايا فساد

الهيئة أكدت استمرارها في رصد وضبط المتعدين على المال العام ومستغلي الوظيفة لمصالحهم (الشرق الأوسط)
الهيئة أكدت استمرارها في رصد وضبط المتعدين على المال العام ومستغلي الوظيفة لمصالحهم (الشرق الأوسط)
TT

«الرقابة» السعودية: إيقاف قاض وضباط وموظفين تورطوا بقضايا فساد

الهيئة أكدت استمرارها في رصد وضبط المتعدين على المال العام ومستغلي الوظيفة لمصالحهم (الشرق الأوسط)
الهيئة أكدت استمرارها في رصد وضبط المتعدين على المال العام ومستغلي الوظيفة لمصالحهم (الشرق الأوسط)

أعلنت «هيئة الرقابة ومكافحة الفساد» السعودية، الخميس، إيقاف قاض وكاتب عدل وضباط وموظفين في جهات حكومية وخاصة بعد مباشرتها عدة قضايا جنائية خلال الفترة الماضية، مؤكدة أن العمل جارٍ لاستكمال الإجراءات النظامية بحق مرتكبيها.

وأوضحت الهيئة في بيان، أنه جرى بالتعاون مع وزارة العدل، القبض على قاضٍ بمحكمة عامة لحظة تسلمه مبلغ 670 ألف ريال من أصل مليون ريال مقابل إنهاء قضية منظورة لمواطن بشأن نزع مالي بقيمة 19 مليون ريال بمساعدة قاضٍ آخر يعمل بالمحكمة ذاتها «تم إيقافه»، كذلك كاتب عدل ومواطن لحصولهما على 4 ملايين و461 ألفاً و500 ريال لإفراغ أرض بطريقة غير نظامية.

وأشارت إلى إيقاف موظف بكلية صناعية لاستيلائه على مكافآت شهرية عائدة لطلاب منتهية علاقتهم بها بلغت قيمتها مليوناً و492 ألفاً و72 ريالاً من خلال قيامه بالتلاعب في كشوفات الصرف بإضافة حسابات بنكية لأقاربه ومعارفه، واشتراكهم معه مقابل حصولهم على نصف المبلغ، وموظف بشركة متعاقدة مع هيئة حكومية لحظة تسلمه 150 ألف ريال من مالك كيان تجاري متعاقد مع الشركة بمشروع صيانة تابع للهيئة مقابل صرف مستحقات مالية بمبلغ يفوق 800 ألف ريال.

وأضافت الهيئة أنه تم بالتعاون مع وزارة الداخلية، القبض على ضابط برتبة رائد يعمل بـ«مديرية السجون» لحظة تسلمه 60 ألف ريال من أصل 100 ألف ريال من وكيل موقوف أجنبي بسجن الإبعاد مقابل إطلاق سراحه وعدم إبعاده، وضابط صف بمركز شرطة لحصوله على 100 ألف ريال من مقيمين لحفظ قضيتهم وعدم إحالتها للنيابة العامة، وموظف سابق بالأحوال المدنية لتسلمه 20 ألف ريال لإصدار تعميد لكيان تجاري بالشراء المباشر بطريقة غير نظامية، وضابط صف يعمل بالدوريات الأمنية لاستيقافه مقيماً والاستيلاء على 30 ألف ريال.

ونوّهت بإيقاف موظفين اثنين يعملان بأمانة محافظة لحصولهما على 15 ألف ريال من مواطن «وسيط - تم إيقافه» لإنهاء إجراءات معاملة إصدار شهادة إشغال موقع يملكه رجل أعمال «تم إيقافه»، وعمدة حي لحظة تسلمه 800 ريال للتصديق على نموذج كفالة لمواطن، وموظف بـ«هيئة المواصفات» لحظة تسلمه 6 آلاف ريال لإنهاء إجراءات معاملة بطريقة غير نظامية، وموظف بإحدى الهيئات الملكية لإصداره خطاباً من بلدية موجهاً لمحكمة عامة يتضمن معلومات غير صحيحة تثبت ملكيته لعقار، وترتب على ذلك صدور صك لصالحه بذلك.

وبيّنت أنه جرى بالتعاون مع رئاسة أمن الدولة، إيقاف موظف يعمل بقوات الأمن الخاصة لاستيلائه على أجهزة حاسب آلي وملحقاتها من مقر عمله، كما تم بالتعاون مع «وزارة الشؤون الإسلامية»، إيقاف موظف يعمل بالوزارة لتلاعبه في مسيرات رواتب المتعاقدين لاختلاس مبالغ مالية من خلال إضافة حسابات بنكية لأقارب زميل يعمل معه «تم إيقافه» بغرض التمويه عن مصدرها واقتسام المبالغ بينهما.

وأكدت الهيئة استمرارها في رصد وضبط كل من يتعدى على المال العام أو يستغل الوظيفة لتحقيق مصلحته الشخصية أو للإضرار بالمصلحة العامة ومساءلته حتى بعد انتهاء علاقته بالوظيفة؛ كون جرائم الفساد المالي والإداري لا تسقط بالتقادم، مشددة على مضيها في تطبيق ما يقتضي به النظام بحق المتجاوزين دون تهاون.