أوكرانيا وكندا تطالبان بتحقيق «كامل ومفتوح» في إسقاط الطائرة بإيران

زيلينسكي يتوقع «اعترافاً كاملاً بالذنب وتعويضاً» من طهران

حطام طائرة الركاب الأوكرانية التي سقطت في إيران (أ.ف.ب)
حطام طائرة الركاب الأوكرانية التي سقطت في إيران (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا وكندا تطالبان بتحقيق «كامل ومفتوح» في إسقاط الطائرة بإيران

حطام طائرة الركاب الأوكرانية التي سقطت في إيران (أ.ف.ب)
حطام طائرة الركاب الأوكرانية التي سقطت في إيران (أ.ف.ب)

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في بيان، اليوم (السبت)، إن بلاده تتوقع تحقيقاً واعترافاً كاملَيْن بالذنب وتعويضاً من إيران، بعد إسقاط طائرة ركاب أوكرانية.
وكانت طهران قد اعترفت في وقت سابق بأنها أسقطت طائرة «دون قصد»، في حادث راح ضحيته 176 شخصاً، وعبّرت عن «أسفها بشدة»، بعدما أنكرت إسقاط الطائرة في بادئ الأمر، وسط تداعيات الضربات الصاروخية الإيرانية على أهداف أميركية في العراق.
وقال زيلينسكي: «إيران اعترفت بالذنب في إسقاط الطائرة الأوكرانية. لكننا نُصِرّ على اعتراف كامل بالذنب»، حسبما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.
وأضاف زيلينسكي: «نتوقع من إيران تأكيدات على استعدادها لإجراء تحقيق كامل ومفتوح لتقديم المذنبين إلى العدالة، وإعادة جثث القتلى، ودفع تعويض، وتقديم اعتذارات رسمية عبر القنوات الدبلوماسية».
https://twitter.com/ZelenskyyUa/status/1215891529321066497
وكان التلفزيون الرسمي الإيراني، قد أعلن اليوم (السبت)، أن الطائرة الأوكرانية حلَّقت قرب منطقة عسكرية حساسة، وأُسقطت نتيجة «خطأ بشري».
ومن جهته، طالب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بـ«الشفافية» لإجراء «تحقيق تام ومعمق» حتى يتم تحديد المسؤوليات، بعد اعتراف إيران بإسقاط الطائرة المدنية التي كانت تقل العديد من الكنديين.
وقال ترودو في بيان: «أولويتنا تبقى إيضاح هذا الملف بشفافية وعدالة»، مضيفاً أنها «كارثة وطنية، وجميع الكنديين في حداد. سنواصل العمل مع شركائنا حول العالم لنحرص على إجراء تحقيق تام وشفاف»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وكان وزير الخارجية الكندي فرنسوا فيليب شامباني أعلن، أمس (الجمعة)، أن عدد الضحايا الكنديين في تحطم الطائرة البوينغ يبلغ 57 قتيلاً وليس 63، كما ورد سابقاً.
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد ذكر، اليوم (السبت)، أن بلاده تشعر بأسف «عميق» لإسقاط طائرة مدنية أوكرانية، معتبراً ذلك «مأساة كبرى وخطأ لا يُغتفر». وكتب روحاني في تغريدة على «تويتر»: «التحقيق الداخلي للقوات المسلحة خلص إلى أن صواريخ أُطلِقت للأسف عن طريق الخطأ أدت إلى تحطم الطائرة الأوكرانية وموت 176 شخصاً بريئاً»، موضحاً أن «التحقيقات مستمرة لتحديد» المسؤولين «وإحالتهم على القضاء».
قبل ذلك، قدّم وزير الخارجيّة الإيراني محمد جواد ظريف، اليوم (السبت)، «اعتذارات» بلاده عن كارثة طائرة «البوينغ» الأوكرانيّة، من دون أن يعفي واشنطن من المسؤولية. وكتب ظريف في تغريدة على «تويتر»: «يوم حزين». وأضاف أن «خطأ بشريّاً في فترة الأزمة التي تسببت بها نزعة المغامرة الأميركية أدّى إلى الكارثة».
وصدر الاعتراف الأول عن القوات المسلحة الإيرانية التي تحدثت عن «خطأ بشري» تسبب بكارثة الطائرة. وقالت في بيان نشرته «وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية» إن الطائرة بدت «هدفاً معادياً (...)، وأصيبت بطريقة غير مقصودة».
وأضاف البيان :«في وضع أزمة ويتسم بالحساسية، أقلعت الرحلة الأوكرانية رقم (752) من مطار الإمام الخميني (في طهران)، وعند الانعطاف دخلت بطريقة خاطئة في دائرة هدف معادٍ، بعد أن اقتربت من مركز عسكري حساس تابع لـ(الحرس الثوري)» بينما كان «الجيش في تلك اللحظات في أعلى مستويات التأهب».
وكانت طهران نفت حتى الآن بشكل قاطع فرضية رجحتها دول عدة، خصوصاً كندا، بأن الطائرة أصيبت بصاروخ.
وكانت الولايات المتحدة أيضاً قد رجَّحت أن تكون الطائرة أُسقطت بصاروخ. وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إنّ بلاده تعتبر أن الطائرة تعرضت «على الأرجح» لصاروخ إيراني.
ووقعت الكارثة التي أسفر تحطمها عن مقتل جميع ركابها الـ176. معظمهم من الإيرانيين الكنديين، ولكن أيضاً بينهم أفغان وبريطانيون وسويديون وأوكرانيون، بعد ساعات قليلة من إطلاق طهران صواريخ على قواعد يستخدمها الجيش الأميركي في العراق.
وأعلنت طهران التي قطعت علاقاتها بأوتاوا، في 2012، أنها تنتظر وصول فريق كندي مكلف «الاهتمام بالشؤون المتعلقة بالضحايا الكنديين». لكن وزير الخارجية الكندي أعلن أن إيران منحت تأشيرتي دخول لاثنين فقط من أعضاء فريق يضم 12 ممثلاً كندياً يُنتظر وصولهم على أراضيها، معبراً عن أمله في «تسوية مسألة التأشيرات العشر الأخرى بسرعة».


مقالات ذات صلة

قتيل بتحطم طائرة شحن في ليتوانيا... والشرطة لا تستبعد «فرضية الإرهاب»

أوروبا حطام طائرة شحن في باحة منزل قرب مطار فيلنيوس بليتوانيا (أ.ف.ب) play-circle 00:39

قتيل بتحطم طائرة شحن في ليتوانيا... والشرطة لا تستبعد «فرضية الإرهاب»

قال مسؤولون من المطار والشرطة والإطفاء إن طائرة شحن تابعة لشركة «دي إتش إل» تحطمت قرب مطار فيلنيوس في ليتوانيا.

«الشرق الأوسط» (فيلنيوس)
أوروبا صورة مثبتة من مقطع فيديو يظهر تحطم الطائرة

مقتل طيارين بتحطم طائرة عسكرية في بلغاريا

قال وزير الدفاع البلغارى أتاناس زابريانوف اليوم (الجمعة) إن طائرة تدريب عسكرية تحطمت في بلغاريا، مما أسفر عن مقتل الطيارين.

«الشرق الأوسط» (صوفيا )
أوروبا زيلينسكي في مؤتمر صحافي... وتظهر خلفه المقاتلة «إف-16» (أ.ب)

تحطم طائرة أوكرانية من طراز «إف-16»

نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤول أميركي قوله إن طائرة أوكرانية من طراز «إف-16» تحطمت.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم قاذفة استراتيجية روسية فوق المياه المحايدة لبحر بيرنغ في هذه الصورة الثابتة المأخوذة من مقطع فيديو تم إصداره في 14 فبراير 2023 (رويترز)

طيار قتيل في تحطم القاذفة الروسية في سيبيريا

قُتل أحد طياري قاذفة روسية تحطمت في منطقة إيركوتسك في سيبيريا الروسية، على ما قال الحاكم المحلي إيغور كوبزيف.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا طائرتان مقاتلتان فرنسيتان من طراز «رافال» تحلقان خلال مناورة عسكرية دولية مع البحرية الهندية في 11 مايو 2017 قبالة سواحل بريست غرب فرنسا (أ.ف.ب)

اصطدام مقاتلتين من طراز «رافال» في شمال شرقي فرنسا

اصطدمت طائرتان مقاتلتان من طراز رافال أثناء تحليقهما في الجو، قبل أن تسقطا على الأرض وتتحطما في شمال شرقي فرنسا، اليوم (الأربعاء).

«الشرق الأوسط» (باريس)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.