الصين لا ترى فقداناً لزخم النمو

بيانات قوية في ختام العام تعزز النظرة الإيجابية

عمال في مصنع للمعكرونة في إقليم خنان بالصين (رويترز)
عمال في مصنع للمعكرونة في إقليم خنان بالصين (رويترز)
TT

الصين لا ترى فقداناً لزخم النمو

عمال في مصنع للمعكرونة في إقليم خنان بالصين (رويترز)
عمال في مصنع للمعكرونة في إقليم خنان بالصين (رويترز)

نمت أنشطة المصانع في الصين للشهر الثاني على التوالي في ديسمبر (كانون الأول)، في الوقت الذي عززت فيه إجراءات التحفيز التي اتخذتها بكين الطلب المحلي ورحب المصدرون بهدنة في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة... بينما لا ترى بكين أن النمو الذي حققه الناتج المحلي الإجمالي بنسبة ستة في المائة في الربع الثالث من هذا العام لم يكن على الإطلاق إشارة إلى فقدان الزخم.
وقال المكتب الوطني للإحصاءات في الصين الثلاثاء إن مؤشر مديري المشتريات استقر دون تغيير عند 50.2 نقطة في ديسمبر مقارنة مع نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، ليظل فوق مستوى الخمسين الفاصل بين النمو والانكماش على أساس شهري. وكان محللون استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا أن تسجل القراءة الرئيسية في ديسمبر 50.1 نقطة. وأنهى ارتفاع المؤشر في نوفمبر انكماشا سجله على مدى ستة أشهر متتالية.
وكان التلفزيون الرسمي الصيني نقل عن رئيس الوزراء لي كه تشيانغ في الآونة الأخيرة قوله إن اقتصاد الصين قد يواجه المزيد من الضغوط في 2020 مقارنة مع ما واجهه هذا العام، لكن الحكومة ستتخذ خطوات لإبقاء النمو ضمن نطاق معقول. وتباطأ النمو في الربع الثالث إلى ستة في المائة وهو أدنى مستوى في نحو 30 عاما.
وأشارت بيانات مكتب الإحصاء إلى ارتفاع المؤشر الفرعي لناتج قطاع الصناعات التحويلية خلال شهر ديسمبر بمقدار 0.6 نقطة ليصل إلى 53.2 نقطة، في حين تراجع المؤشر الفرعي للطلبيات الجديدة بمقدار 0.1 نقطة، ليهبط إلى 51.2 نقطة.
وارتفع المؤشر الفرعي لطلبات التصدير خلال شهر ديسمبر إلى أكثر من 50 نقطة لأول مرة منذ منتصف عام 2018، حيث سجل 50.3 نقطة، مقابل 48.8 نقطة خلال الشهر السابق عليه. واستمر مؤشر طلبات الاستيراد أقل من 50 نقطة مسجلا 49.9 نقطة.
واستقر مؤشر التوظيف في قطاع الصناعات التحويلية عند مستوى 47.3 نقطة دون تغيير خلال شهر ديسمبر، في حين ارتفع مؤشر توريدات الموردين بمقدار 0.6 نقطة ليصل إلى 51.1 نقطة.
ومن المقرر صدور بيانات مؤشر مديري مشتريات القطاع الخاص في الصين ككل غدا الخميس، حيث يتوقع المحللون استقرار المؤشر عند مستوى 51.8 نقطة في ديسمبر الماضي.
في المقابل، بلغ مؤشر مديري المشتريات لقطاع الصناعات غير التحويلية بالصين 53.5 نقطة في شهر ديسمبر، منخفضا عن 54.4 نقطة المسجلة خلال شهر نوفمبر الماضي، حسبما ذكرت مصلحة الدولة للإحصاء الثلاثاء.
وفي غضون ذلك، سجلت مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية في الصين نمواً قوياً في عام 2019 في ظل النمو المطرد لسوق الاستهلاك. وأظهرت بيانات من وزارة التجارة يوم الاثنين أنه من المتوقع أن تتجاوز مبيعات السلع الاستهلاكية 41.1 تريليون يوان (نحو 5.89 تريليون دولار) في عام 2019 بزيادة 8 في المائة على أساس سنوي.
ومن المتوقع أن ترتفع إيرادات صناعة إعداد الطعام بنسبة 9.4 في المائة على أساس سنوي، في حين سترتفع نسبة استهلاك الخدمات 0.7 نقطة مئوية على أساس سنوي. وقالت وزارة التجارة إنه من المتوقع أن تغطي سوق التوصيل السريع في الصين أكثر من 90 في المائة من المناطق الريفية بالبلاد هذا العام، ومن المتوقع أن يتجاوز معدل نمو واردات تجارة التجزئة الإلكترونية عبر الحدود 30 في المائة.
ومع صدور البيانات القوية، ذكرت الهيئة العليا للتخطيط الاقتصادي في الصين، أن نمو الاقتصاد الصيني سيظل مستقرا وقويا بفضل الأسس الاقتصادية القوية والمرونة طويلة الأمد. وأوضحت في بيان أن «النمو الذي حققه الناتج المحلي الإجمالي بنسبة ستة في المائة في الربع الثالث من هذا العام لم يكن على الإطلاق إشارة إلى فقدان الزخم، حيث إن النمو يتم تحقيقه على خلفية حجم اقتصادي أكبر»، مضيفة أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني في 2018 يُعتبر مكافئا لحجم الاقتصاد بالكامل في 1997.
وفي وسط تباطؤ اقتصادي عالمي دفع المنظمات الدولية إلى تقليل توقعاتها للنمو في 2019 و2020، من المتوقع أن يكون التوسع الاقتصادي الذي شهدته الصين هو الأسرع بين جميع الاقتصادات التي تتجاوز تريليون دولار، بحسب تقرير لوكالة «شينخوا».
وأشار البيان إلى أن أسس الاقتصاد الكلي تقدم المزيد من الأدلة على الاستقرار، حيث تم خلق 12.79 مليون فرصة عمل حضرية جديدة في الـ11 شهرا الأولى من هذا العام، متجاوزة هدف هذا العام. وارتفع الدخل الشخصي المتاح في الثلاثة أرباع الأولى من هذا العام بنسبة 6.1 في المائة، بأسرع من حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، بينما واصل نمو استهلاك الطاقة لكل وحدة من وحدات الناتج المحلي الإجمالي التراجع خلال نفس الفترة. موضحا أيضا أن سوق المستهلكين المزدهرة والتحديث الهيكلي الجاري أثبتا أنهما محركان محتملان للنمو المستمر.
وأضاف البيان أن «الصين التي بها أكثر من 400 مليون نسمة من أصحاب الدخول المتوسطة، تعزز سوقا للمستهلكين بعدة الشرائح، حيث يساعد الطلب الأرقى في دعم منتجات وخدمات ذات جودة. وإلى جانب هذا، ما زالت هناك أسواق غير مستغلة للسلع الاستهلاكية المعمرة والخدمات العامة. وقد استمر التحديث الهيكلي بوتيرة سريعة، حيث تلعب صناعة الخدمات دورا أكبر ويتوسع الاستثمار في قطاعات مثل صناعة التكنولوجيا المتقدمة بشكل أسرع من متوسط الصناعات».


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأحد، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفعالية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس يون سوك-يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت.

وأكدت الوزارة أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، دعا زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي-ميونغ، إلى تشكيل «مجلس استقرار وطني» يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية وسبل تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن التحدي الأكثر إلحاحاً هو تراجع الاستهلاك بسبب الطلب المحلي غير الكافي، وتقلص دور الحكومة المالي. وأضاف لي أن معالجة هذا الأمر تتطلب مناقشة عاجلة لموازنة إضافية يمكن أن تشمل تمويلاً لدعم الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى استثمارات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، لمواجهة تحديات نقص الطاقة.

وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب المعارض، قد مرر مشروع موازنة 2025 بقيمة 673.3 تريليون وون، متجاوزاً اقتراح الحكومة الذي بلغ 677.4 تريليون وون، وذلك دون التوصل إلى اتفاق مع حزب «قوة الشعب» الذي ينتمي إليه الرئيس يون والحكومة.

من جهته، أعلن بنك كوريا -في بيان- أنه سيعتمد على كافة الأدوات السياسية المتاحة بالتعاون مع الحكومة، للرد على التحديات الاقتصادية، وتفادي تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق العملات الأجنبية. وأكد البنك ضرورة اتخاذ استجابة أكثر نشاطاً مقارنة بالفترات السابقة من الإقالات الرئاسية، نظراً للتحديات المتزايدة في الظروف الخارجية، مثل تصاعد عدم اليقين في بيئة التجارة، وازدياد المنافسة العالمية في الصناعات الأساسية.

كما أكدت الهيئة التنظيمية المالية في كوريا الجنوبية أن الأسواق المالية قد تشهد استقراراً على المدى القصير، باعتبار الأحداث السياسية الأخيرة صدمات مؤقتة؛ لكنها ستوسع من الموارد المخصصة لاستقرار السوق إذا لزم الأمر.

من جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم في كوريا الجنوبية ارتفاعاً للجلسة الرابعة على التوالي يوم الجمعة؛ حيث بدأ المستثمرون يتوقعون تراجع حالة عدم اليقين السياسي بعد تصويت البرلمان على إقالة الرئيس يون. كما لم يتوقع المستثمرون الأجانب أن تؤثر الاضطرابات السياسية الأخيرة بشكل كبير على نمو الاقتصاد أو تصنيفه الائتماني لعام 2025، إلا أنهم أشاروا إلى تأثيرات سلبية محتملة على معنويات السوق، مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي، واستمرار عمليات بيع الأجانب للأسواق المحلية.

غرفة تداول بأحد البنوك في سيول (رويترز)

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ»، أفاد 18 في المائة فقط من المشاركين بأنهم يعتزمون تعديل توقعاتهم بشأن نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي لعام 2025، بسبب الأحداث السياسية الأخيرة، بينما أكد 82 في المائة أن توقعاتهم ستظل دون تغيير. كما توقع 64 في المائة من المشاركين أن يظل التصنيف الائتماني السيادي كما هو، في حين توقع 27 في المائة خفضاً طفيفاً. ووفقاً للاستطلاع، يُتوقع أن يتراوح سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي بين 1.350 و1.450 وون بنهاية الربع الأول من 2025.

أما فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فقد زادت التوقعات بتخفيضات مسبقة من قبل بنك كوريا؛ حيث توقع 55 في المائة من المشاركين عدم حدوث تغييرات، بينما توقع 27 في المائة تخفيضاً في الأسعار قريباً. وتوقع 18 في المائة تخفيضات أكبر. وأشار كيم سونغ-نو، الباحث في «بي إن كي للأوراق المالية»، إلى أن تحركات السوق ستعتمد بشكل كبير على قرارات لجنة السوق الفيدرالية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث قد يسهم أي تخفيض لأسعار الفائدة من جانب الولايات المتحدة في تعزيز توقعات تخفيض الفائدة في كوريا الجنوبية في الربع الأول من 2025.

وقد أكد كيم أن العوامل السياسية ليست المحرك الرئيسي للأسواق المالية؛ مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية عادة ما تكون لها تأثيرات قصيرة الأجل على الأسواق. وأضاف أن الركود الاقتصادي -وليس الأحداث السياسية- هو المصدر الرئيس للصدمات المالية الكبيرة.

كما أشار كثير من المسؤولين الماليين إلى أن إقالة الرئيس يون قد تعود بالفائدة على الاقتصاد الكوري الجنوبي. وفي مقابلة إعلامية، أكد محافظ هيئة الرقابة المالية، لي بوك هيون، أن عزل الرئيس سيكون خطوة إيجابية للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معرباً عن اعتقاده بأن القضاء على حالة عدم اليقين السياسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق استقرار الاقتصاد، وفق صحيفة «كوريا تايمز».

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية من المتوقع أن يصل إلى 2.2 في المائة في 2024 بدعم من صادرات أشباه الموصلات، في حين يُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 2 في المائة في 2025 مع اقتراب الاقتصاد من إمكاناته الكاملة. وأكد الصندوق أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والمخاطر تميل إلى الاتجاه السلبي.

وبينما يظل التضخم قريباً من هدف بنك كوريا البالغ 2 في المائة، شدد الصندوق على ضرورة تطبيع السياسة النقدية تدريجياً في ظل هذه الظروف، مع الحفاظ على تدخلات محدودة في سوق الصرف الأجنبي لمنع الفوضى. كما أشار إلى أهمية تعزيز التوحيد المالي في موازنة 2025 لمواجهة ضغوط الإنفاق الطويلة الأجل، مع التركيز على السياسات المتعلقة بمخاطر العقارات.

كما أشار إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل لدعم النمو وسط التحولات الهيكلية؛ مشيراً إلى ضرورة معالجة تراجع القوة العاملة من خلال تحسين الخصوبة، وزيادة مشاركة النساء في العمل، وجذب المواهب الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز تخصيص رأس المال، وتحسين مرونة المؤسسات المالية.