هيثم عبد الرزاق: «بغداد في خيالي»... ينقل أحلام المهاجرين وآمالهم

قال لـ«الشرق الأوسط» إنّه لا يمكنه العيش بعيداً عن بلاده

هيثم عبد الرزاق في لقطة من فيلم «بغداد في خيالي»
هيثم عبد الرزاق في لقطة من فيلم «بغداد في خيالي»
TT

هيثم عبد الرزاق: «بغداد في خيالي»... ينقل أحلام المهاجرين وآمالهم

هيثم عبد الرزاق في لقطة من فيلم «بغداد في خيالي»
هيثم عبد الرزاق في لقطة من فيلم «بغداد في خيالي»

بعدما لعب بطولة عدة مسرحيات ناجحة، وحصد جوائز عدة كأفضل ممثل، إضافة إلى تقديمه عدداً من المسلسلات الناجحة في التلفزيون العراقي، خاض الممثل العراقي هيثم عبد الرزاق البطولة السينمائية للمرة الأولى، عبر فيلم «بغداد في خيالي» الذي شهدت الدورة الأخيرة من مهرجان لوكارنو السينمائي في سويسرا عرضه العالمي الأول، كما شارك أخيراً في مهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ41، وضمن مسابقة «آفاق عربية». والفيلم إنتاج مشترك بين كل من سويسرا وألمانيا وبريطانيا والعراق، ويطرح أزمة المهاجرين العراقيين في أوروبا، وبينما يحاول البعض نسيان ماضيه والانسلاخ عنه، متبعاً المثل القائل «إذا كنت في روما، فافعل مثلما يفعل الرومان»، يظل هناك آخرون ينغمسون في ماضيهم رافضين مجتمعهم الجديد، وبين هؤلاء وهؤلاء تظل كل محاولات البحث عن الحب والسعادة والاستقرار مهددة لدى كل من كُتب عليه أن يعيش بعيداً، بينما بغداد بماضيها المشرق لا تزال في خياله.
هيثم عبد الرزاق، أحد أبطال الفيلم، أستاذ الفن المسرحي في جامعة بغداد، تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن الفيلم قائلاً إنّ «الفيلم يؤكد أنّ الذين اضطروا لهجرة مدينتهم لأسباب سياسية تظل بغداد حاضرة في خيالهم وفي حياتهم، ويتعرض الفيلم لمجموعة من المهاجرين العراقيين الذين يعيشون في لندن، والذين يجتمعون في مقهى (أبو نواس) الذي تمتلكه عراقية مهاجرة، وأجسد من خلاله شخصية توفيق الكاتب الذي اضطر لمغادرة بغداد بعد تعرضه للتنكيل خلال الحكم السابق، واتهامه بالانتماء للحزب الشيوعي».
وعن كيفية اختياره لبطولة الفيلم، يقول هيثم: «كنت أعرض مسرحية في ألمانيا، وأخبرني أحد الزملاء أنّ شركة إنتاج تبحث عن ممثل عراقي بمواصفات معينة، وأن يكون قد تجاوز الخمسين من عمره، وطلبوا صورتي، فأعطيتهم إياها ونسيت الأمر تماماً. وبعد عامين، فوجئت برسالة عبر بريدي الإلكتروني تخبرني بترشيحي للفيلم، وبدأوا يتحدثون معي عبر (سكايب) عن الفيلم، والدور الذي سأؤديه، وبعد ذلك قالوا لي: مبروك، تم اختيارك لأداء شخصية (توفيق)».
وقبل بدء تصوير الفيلم، كانت هناك مرحلة تحضير طويلة لإعداد الممثلين للتصوير، يوضحها هيثم قائلاً: «أرسلوا لي سيناريو الفيلم، وكان الحوار يتضمّن بعض الأجزاء باللغة الإنجليزية، فطلبوا منّي الالتحاق بمعهد لإجادتها والتمكن منها، وفعلت ذلك، وبدأت العمل بشكل مكثف على الشخصية، وتعايشت معها لفترة طويلة، واستدعيت شخصيات أعرفها عاشت ظروف الدور نفسها لمعرفة كواليس الغربة والابتعاد عن الوطن كافة».
وعن أجواء تصوير الفيلم، يقول: «بدأنا التصوير في مدينة بون في ألمانيا، ثم انتقلنا إلى سويسرا، وأغلب المشاهد صوّرناها في لندن، ولم نصور في العراق سوى مشاهد معدودة. وكانت أجواء التصوير إيجابية للغاية، وشعرت بمتعة كبيرة منذ بداية التصوير، لأنّ الفيلم كان كمن يتحدث عن تاريخ أمة. ففي بلادنا، نعيش الغربة أيضاً، وليس عند هجرتنا فقط».
ويتعرض الفيلم لظاهرة التطرف الديني لشاب عراقي يعيش في لندن، ويرتكب جرائم قتل باسم الدين، بإيعاز من متطرف جنّده، ويؤكد هيثم: «تسعى جماعات الإرهاب لاستقطاب الشّباب وتجنيدهم ليكونوا يدها التي تبطش بها داخل مجتمعاتنا، ولا بد أن نهتم ببناء الشباب ثقافياً ودينياً حتى لا تُخترق عقولهم». وتختتم مشاهد الفيلم بلقطة بانورامية لبغداد، بينما البطلة تحتضر، وتحلم بأن تستعيد مدينتها ألقها ومجدها القديم، وهو ما يقرّه هيثم، قائلاً: «إنّه الحلم الأكبر الذي نتمنى أن يكون موجوداً في بغداد التي أنتمي إليها، ولم أغادرها في كل الأحوال، فلم أخرج من بغداد إلا لأيام بحكم عملي، وقد عشت كل أحداثها منذ الحرب العراقية الإيرانية حتى الاحتلال الأميركي والصّراعات الداخلية، ولا يمكنني رغم ذلك أن أعيش بعيداً عنها، حتى لو قامت بها حرب عالمية ثالثة... بغداد أراها دوماً امرأة جميلة، سيرتها عطرة، لكنها تعرضت لإهمال كبير».
ويمارس هيثم الفن بروح الهواية، وعن ذلك يقول: «بحكم عملي أستاذاً جامعياً، أُدرّس الفن لأجيال جديدة، وأشعر بالتفاؤل لمستقبل الفن في بلادي، فلدينا مواهب شابة تفجرت، وستحتل مكانها بعد أن صقلتها التجارب المرّة التي عشناها، والتي تكفي زاداً إبداعياً لـ200 عام».


مقالات ذات صلة

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.