مفاهيم خاطئة ومعلومات مغلوطة حول اللاجئين السوريين في النمسا

TT

مفاهيم خاطئة ومعلومات مغلوطة حول اللاجئين السوريين في النمسا

ضمن الاحتفال العالمي أمس، بـ«يوم المهاجر»، نشر معهد «إنتيغرال» النّمساوي المتخصّص في أبحاث السوق، تقريراً بعنوان «أساطير وخرافات حول الهجرة واللجوء إلى النمسا».
يقرّ التقرير أنّ التغير المناخي والمهاجرين وطالبي اللجوء بالإضافة إلى المطالب بحماية الحدود هي المواضيع النمساوية المفضلة سياسياً، التي لا تزال تتصدّر كلّ الحملات الانتخابية سواء اتحادية أو إقليمية أو انتخابات مجالس البلدية المحلية.
فيما يتعلق بقضايا اللجوء، يشير التقرير إلى ما يصفه بالكثير من الفهم الخاطئ والمعلومات الرقمية المغلوطة التي تُتداول كأنّها أساطير يرويها كلٌّ حسب هواه. ومن تلك الأحاديث أنّ طوفان اللاجئين لم ينقطع وإنّما هو في تزايد، رغمّ أنّ المعلومات الموثقة تؤكد أنّ طلبات اللجوء لعام 2018 لم تزد على 14 ألفاً فقط، بينما الشّائع والمتداول حتى في وسائل إعلام تنقل عن سياسيين يؤكد أنّ العدد يصل إلى 57 ألفاً.
وحتى حصول اللاجئين على وظائف لم يخرج عن دائرة المعلومات الخاطئة. وفي هذا السياق يشير التقرير إلى أنّ نسبة 44% من طالبي اللجوء الذين يحق لهم العمل بالنمسا، حصلوا فعلياً على وظائف أخرجتهم من نطاق البطالة وليس كما يُتداول خطأً أنّ النسبة لم تتجاوز 21% فقط. وأنّ اللاجئين لا يزالون ومنذ وصولهم في عام 2015 يكلّفون النمسا الكثير من المال وأنّ خمسهم فقط يعمل، وأربعة أخماس تعيش عالة على مال العون الاجتماعي.
ومما أشار إليه التقرير الذي نُشر أمس، بعد استطلاع نسبة علمية موثقة أنّ 9% فقط «29,561» من العاطلين بالنمسا هم من اللاجئين، وأنّ اللاجئين لا يأخذون الوظائف النمساوية، وغالباً ما يعمل المهاجرون من أصول شرقية في الزراعة والبناء. إلى ذلك أشار التقرير إلى أنّ فرص العمل تكون أوسع في الولايات النمساوية الغربية حيث تقل نسبة البطالة.
وفي هذه النقطة بالذات يشير التقرير إلى أنّ عدد السوريين الذين يبحثون عن عمل حالياً، يقلّ كثيراً عن عدد الأفغان الذين وصلوا بعد وضع قوانين لا تسمح للاجئ بالعمل إلّا بعد انتهاء مراحل قبول طلبه.
ويقول اللاجئون السوريون تحديداً، إنّ مؤهلاتهم العلمية كانت السبب الأساس في حصولهم على فرص عمل أسرع من بقية اللاجئين من جنسيات أخرى.
جدير ذكره أنّ المعلومات المتداولة عموماً، تشير إلى أنّ 89 ألف طالب لجوء، قد وصلوا إلى النمسا في عام 2015، ضمن أكبر موجات نزوح بشري طلباً للأمن والأمان تصل إلى أوروبا الغربية منذ الحرب العالمية الثانية.
«خرافة» أخرى، حسب وصف التقرير، تقول إنّ ثلث اللاجئين لديهم خلفية هجرة وإنّهم يأتون من دول مسلمة، فيما يصحّح التقرير مفيداً بأنّ 30% فقط لديهم خلفية هجرة، وأنّ نسبة المهاجرين مقارنةً بالنمساويين لا تتجاوز 23%، حيث يمثل الألمان 30% منها، والأتراك نسبة 22%، والسوريون يشكّلون 13% فقط.
ويُرجع التقرير معظم ما يُتداول خطأً إلى إحساس شعبي عام بأنّ النمسا لم تصل إلى ما وصلت إليه اليوم من فراغ، وأنّ الرفاهية التي يعيشها سكانها تعود لجهدهم وخشيتهم من فقدانها، وأنّ بعض السياسيين يستغلون هذه الأحاسيس والأوهام لمكاسبهم الشخصية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».