«رقصة حياة» فرناندو مونتانو نجم الباليه الملكي اللندني

الراقص الكولومبي فرناندو مونتانو أحد نجوم فرقة الباليه الملكي بلندن - مونتانو خلال رقصة على خشبة مسرح لندني
الراقص الكولومبي فرناندو مونتانو أحد نجوم فرقة الباليه الملكي بلندن - مونتانو خلال رقصة على خشبة مسرح لندني
TT

«رقصة حياة» فرناندو مونتانو نجم الباليه الملكي اللندني

الراقص الكولومبي فرناندو مونتانو أحد نجوم فرقة الباليه الملكي بلندن - مونتانو خلال رقصة على خشبة مسرح لندني
الراقص الكولومبي فرناندو مونتانو أحد نجوم فرقة الباليه الملكي بلندن - مونتانو خلال رقصة على خشبة مسرح لندني

ليس هناك صدف في الحياة. ولد الراقص الكلاسيكي فرناندو مونتانو في السادس من مارس (آذار) عام 1986 في مدينة بوينافينتورا المطلة على الميناء الذي حمل اسمها في كولومبيا. وفي نفس اليوم (مع اختلاف العام) وُلد عبقريان آخران هما الرسام والمهندس والنحات مايكل أنجلو بوناروتي، والأديب الحائز على جائزة نوبل غابرييل غارسيا ماركيز.
بعد سنوات كثيرة، وأيضاً في إيطاليا، حيث وُلد مايكل أنجلو، بدأت حياة فرناندو المهنية الذي يعد واحداً من نجوم الباليه الملكي في لندن حاليا. وفي كوبا حيث أمضى الكاتب غارسيا ماركيز سنوات كثيرة أصبح فرناندو راقصاً محترفاً.
خلال مقابلتنا في شرفة دار الأوبرا الملكية في «كوفنت جاردن» بوسط لندن، سالت فرناندو عن السمات المشتركة لثلاثتهم غير يوم الميلاد الواحد مع هذين الفنانين، وجاء الجواب سريعا: «الثلاثة منا جاءوا من قرى منسية».
يعترف فرناندو بأنه عندما اكتشف أنه ولد في اليوم نفسه الذي ولد فيه هؤلاء العباقرة «بدأ الحلم يكبر» بداخله.
فقد وُلد فرناندو في منطقة فقيرة للغاية في كولومبيا ابتليت بالعنف وتهريب المخدرات ونقص الخدمات العامة. منذ صغر سنه، قاده تصميمه وأحلامه إلى العمل الجاد في المسارح لإقناع الجماهير بموهبته وكسب تصفيقهم.
منذ أربعة عشر عاماً انضم فرناندو إلى فريق الباليه الملكي وأصبح ناجحاً في عمله لكن حياته لم تكن لحناً سلساً نظراً لما انطوت عليه من صعوبات وتحديات.
بدأ يتعلم الباليه متأخراً في عمر الـ12 واعتقد الكثيرون أنه لن ينجح كراقص محترف بسبب قدمه المسطحة، وهو العيب الكفيل بجعل بلوغ الكمال المطلوب لهذا الفن الرائع حلم شبه مستحيل. لكن والديه، ورغم الصعوبات الاقتصادية التي يمكن تخيلها والكثير من الصعوبات الأخرى غير الظاهرة، أدركا موهبة الصبي الصغير الذي كان يحب رقص التانغو ولعب كرة القدم.
رقص فرناندو كثيراً وبإتقان لا تشوبه شائبة حتى وصل إلى كوبا في سن الرابعة عشرة بعد فوزه بمنحة دراسية للتدريب في مدرسة الباليه الوطنية الكوبية المرموقة.
كانت أوقاته في هافانا سعيدة لكنها لم تخل من الصعاب. ويكفي فقط أن تتذكر الحصار الاقتصادي الذي فرض على تلك الجزيرة في ستينات القرن الماضي، والذي لا يزال قائماً حتى اليوم، وهو ما يعني أنه في بعض الأحيان لم يكن لديه ما يكفي من الطعام واضطر للرقص جائعاً وكان أحياناً يضطر إلى ملء معدته بالمياه حتى لا تظل فارغة.
«ومع تجدد الحصار عدة مرات، وحتى لو كان لديك بعض المال، لم يكن هناك طعام لتشتريه. أتذكر أن سيدة جاءت من الريف وكان وجودها غير قانوني وكانت مهددة بالسجن حال رأتها الشرطة. كانت تحضر لنا الأساسيات مثل الجبن والحليب والقليل من الدجاج والأسماك، إذ لم يكن الطعام الذي يصرف ببطاقة التموين ذات الحصص المحددة ليكفينا مطلقا».
كوبا بلد التباينات، فبينما يعيش السكان ببضعة دولارات شهرياً، فإن الحياة الثقافية المتاحة مجاناً لا تُرى مثيل لها سوى في العواصم الكبرى مثل نيويورك وباريس ولندن. لذلك نشأ فرناندو وسط مهرجانات السينما والمسرح الشهيرة والبيئة الثقافية التي جعلت هافانا فريدة من نوعها، ولذلك فإن «الناس هناك مثقفون إلى حد بعيد».
موهبة فرناندو ساعدته لأن يكون قريباً من السلطة، سواء في كوبا أو لندن. ومن أوقاته في الجزيرة الكاريبية، يتذكر أنه غالباً ما رقص في المظاهرات السياسية لفيديل كاسترو، ووصف الزعيم بأن «الكل يذوب في حبه. لقد كان مهيباً، وكان يتمتع بجاذبية شخصية وكان صوته قوياً وحلوا في الوقت نفسه».
رقص فرناندو في إنجلترا للعائلة المالكة وحظي بالشرف والمعاملة نفسها التي يلقاها في بلده. وعندما زار أمير ويلز وزوجته كاميلا كولومبيا عام 2014، كان فرناندو هو النجم.
بعد خمس سنوات في كوبا، انتقل في سن التاسعة عشرة إلى إيطاليا. كان ميناؤه الأول مدينة تورينو حيث عاش مختبئاً في دير. وكان التباين كبيراً، كان رائعا ومختلفا.
عاش في ميلانو حيث طور شغفه بالأزياء في عاصمة الموضة وخضع لاختبار للوصول إلى لندن واختير على الفور. ويقول: لقد «تعلمت أن أكون أكثر روعة في رأي الجميع: تعلمت كيف تكون ملابسي، وكيف تكون حركاتي، كانت هذه هي لغتي الثرية». أضاف: «إيطاليا جعلتني فناناً أكبر، فقد بدأت أكتسب حساسية في حركاتي، ليس لكونها رياضية بل لأنها أكثر فنية ورشاقة».
في لندن جاء احترافه وكمال أسلوبه، وأعظم نجاحاته. لم يكن الأمر سهلاً لأنه لأول مرة في حياته المهنية فكر في نفسه بطريقة مختلفة. فقد كان لون بشرته لافتا ومن المستحيل أن يمر أمامك من دون أن تلحظه.
أضاف: «هنا بدأت ألحظ أنه ليس هناك الكثيرون من السود في فن الباليه، وكنت الوحيد الذي اضطر إلى ارتداء شعر مستعار أشقر»، مضيفا: «لقد عانيت من الماكياج»، فقد حاولوا جعله يبدو أكثر بياضاً.
يعترف فرناندو بأنه لم يشعر بالغبن رغم تعرضه للتنمر. فمع ذلك، وبعيداً عن العقبات التي اعترضت أحلامه، فقد منحه ذلك التحدي قوة وشجاعة ومثابرة.
قدم فرناندو هذا العام سيرته الذاتية بصدق وسرد من خلالها ذكريات تحرك القارئ إلى حد البكاء ليس بسبب المآسي التي عاشها، لكن بسبب قوته وتفانيه في تحقيق أحلامه. فقصته تظهر أن رغبات القلب العميقة تتحقق بالانضباط والمثابرة.
مثل غارسيا ماركيز ومن قبله مايكل أنجلو، يأمل فرناندو أن يترك «علامة إيجابية في هذا العالم»، خصوصاً في بلده كولومبيا.
في خضم بروفاته اليومية التي تستغرق أربع ساعات والمشاريع التي يعمل على إنجازها، يقوم فرناندو بتأسيس قاعدة للأطفال والفنانين الشباب والرياضيين الذين يحتاجون إلى رعاية ليصبحوا محترفين. فرناندو يريد أن يكون ملاكاً للآخرين كما كان له ملائكته الذين مدوا له يد العون.



فنانون مصريون يتجهون للإنتاج السينمائي والدرامي

ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)
ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)
TT

فنانون مصريون يتجهون للإنتاج السينمائي والدرامي

ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)
ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)

انضمت الفنانة المصرية ياسمين رئيس لقائمة الممثلين الذين قرروا خوض تجربة الإنتاج السينمائي من خلال فيلمها الجديد «الفستان الأبيض» المنتظر أن يشارك في النسخة السابعة من مهرجان الجونة السينمائي، المقرر انطلاقها يوم 24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

وأظهر «التريلر» الدعائي للفيلم، الذي تقوم ببطولته ياسمين رئيس مع أسماء جلال، اسم رئيس كمنتج شريك في الفيلم مع المنتج محمد حفظي بأولى تجاربها في مجال الإنتاج الفني، وهو الفيلم الذي كتبته وتخرجه جيلان عوف، فيما تدور الأحداث حول قصة فتاتين تُضطر إحداهن للبحث عن فستان زفافها عشية العرس، لكن رحلة البحث تتحول لرحلة من أجل اكتشاف الذات.

تقول ياسمين رئيس إن خوضها للتجربة ارتبط بقوة المشروع والسيناريو الذي اطلعت عليه، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أنها اتخذت القرار لإعجابها بالفكرة والمعالجة وطريقة تقديمها، مشيرة إلى أن رغبتها في خروج الفيلم للنور ورؤية الجمهور شخصية «وردة» التي تقدمها بالأحداث في الصالات السينمائية جعلها تنخرط كشريكة في الإنتاج لدعم المشروع.

ويشيد الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين بخطوة ياسمين رئيس للمشاركة في الإنتاج، معرباً عن أمله في أن يتجه الفنانون للانخراط في تجارب إنتاجية تقدمهم بشكل مختلف.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «كثيراً من الفنانين خاضوا تجربة الإنتاج وقدموا تجارب مهمة سينمائياً، سواء فيما يتعلق بالأدوار التي قدموها أو حتى بالقضية التي تناولوها، منهم الفنان الراحل فريد شوقي الذي خاض تجربة الإنتاج بفيلم (جعلوني مجرماً) الذي تسبب في تغيير القوانين وقتها».

وياسمين رئيس ليست الممثلة الأولى التي تخوض تجربة الإنتاج هذا العام، فقد سبقتها الفنانة هند صبري بمشاركتها كمنتج فني لمسلسلها «البحث عن علا 2» الذي انطلق عرضه الشهر الماضي على منصة «نتفليكس».

هند وظافر في مشهد من «البحث عن علا 2» (نتفليكس)

ويملك عدد من الفنانين شركات إنتاج في الوقت الحالي أو شركاء فيها مع آخرين من بينهم أحمد حلمي، ومنى زكي، ومحمد هنيدي، وإلهام شاهين، بالإضافة إلى بعض صناع السينما، منهم المخرجان رامي إمام وطارق العريان، بالإضافة إلى المؤلف صلاح الجهيني.

وأوضح الناقد المصري محمد عبد الخالق أن «مشاركة الفنانين في الإنتاج لا يكون الهدف منها ضخ الأموال فحسب، ولكن مرتبط برغبة الممثل في تقديم التجربة بمستوى وشكل معين ربما لا يلقى الحماس من المنتج بحماس الممثل نفسه الذي تكون لديه حرية أكبر بالعمل عندما يكون منتجاً أو شريكاً في إنتاج العمل الفني».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن هند صبري قدمت هذا النموذج في مسلسل (البحث عن علا) بجزأيه، فلم يكن ذلك مرتبطاً بضخ الأموال في الإنتاج بقدر اهتمامها بمتابعة جميع التفاصيل الفنية الخاصة بالعمل، من الكتابة والتصوير والنقاش مع الكتاب بمنظور الممثلة والمنتجة وصولاً لتسليم الحلقات وبدء عرضها».

وخاضت الفنانة إلهام شاهين تجربة الإنتاج من خلال عدة أفلام؛ أبرزها «يوم للستات» الذي حصد العديد من الجوائز في المهرجانات التي شارك بها، لكن إلهام أكدت في تصريحات تلفزيونية سابقة أن تجربة الإنتاج جعلتها تخسر على المستوى المادي بسبب اهتمامها بأدق التفاصيل، رغم تصريحها بمساندة زملائها لها بتخفيض أجورهم في الأعمال التي أنتجتها.

وأكدت إلهام أن الخسائر التي تعرضت لها على المستوى الإنتاجي كانت سبباً في عدم قدرتها على إنتاج أعمال أخرى كانت ترغب في تقديمها من بينها فيلم «حظر تجول» الذي استمر معها لمدة عام، ولم تستطع إنتاجه إلى أن تحمست له شركة أخرى قامت بإنتاجه.

ويختتم محمد عبد الخالق حديثه بالتأكيد على أن «مشاركة الفنانين في العملية الإنتاجية أمر إيجابي؛ لأنهم سيكونون قادرين على تقديم أعمال فنية تبقى في ذاكرة السينما والدراما، دون التركيز على الربح المادي».