«الشحن الجوي» يكمل عاماً من «الهبوط الاضطراري»

TT

«الشحن الجوي» يكمل عاماً من «الهبوط الاضطراري»

أصدر الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» البيانات المتعلقة بالأسواق العالمية للشحن الجوي، والتي أظهرت انخفاض مستويات الطلب (المُقاسة بطن الشحن لكل كيلومتر) بمعدّل 3.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق. وتشير هذه النتائج إلى بداية ضعيفة لموسم ذروة الشحن الجوي التقليدي، ويمر الانخفاض بأحجام الشحن على أساس سنوي في شهره الثاني عشر على التوالي.
في المقابل، سجّلت سعة الشحن، (المقاسة بأطنان الشحن المتوفرة لكل كيلومتر) ارتفاعاً بنسبة 2.2 في المائة على أساس سنوي خلال شهر أكتوبر الماضي، وبذلك يتجاوز النمو الذي حققته السعة على النمو في معدلات الطلب للشهر الثامن عشر على التوالي.
وقال تقرير «إياتا»: واجهت حركة الشحن الجوي خلال العام الماضي بعض المشاكل الناجمة عن التأثيرات السلبية للحرب التجارية بين الولايات المتّحدة الأميركية والصين، إضافة إلى التدهور في حركة التجارة العالمية وتباطؤ النمو الاقتصادي على نطاق واسع.
وتعليقاً على التقرير، قال ألكساندر دو جونياك، المدير العام والرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للنقل الجوي: «لم يحمل موسم ذروة الشحن الجوي هذا العام بداية موفّقة، حيث انخفض الطلب بنسبة 3.5 في المائة في أكتوبر، ومن المتوقع أن يبقى هذا المستوى على حاله حتى نهاية عام 2019، وتعد هذه النتائج هي الأسوأ منذ الأزمة المالية العالمية، حيث شهد قطاع الشحن الجوي عاماً صعباً للغاية».
وشهدت شركات الطيران في منطقتي آسيا والمحيط الهادي والشرق الأوسط انخفاضا حاداً في معدلات النمو السنوية لإجمالي أحجام الشحن الجوي خلال شهر أكتوبر، في حين كان الانخفاض أقل حدة بالنسبة لشركات الطيران في أميركا اللاتينية وأوروبا. بينما كانت أفريقيا المنطقة الوحيدة التي شهدت نموّاً في معدلات الطلب على الشحن الجوي، بالمقارنة مع معدلاتها في شهر أكتوبر من العام الماضي.
وشهدت شركات الطيران في آسيا والمحيط الهادي تراجعاً في الطلب على الشحن الجوي بنسبة 5.3 في المائة في أكتوبر مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق. علما بأن ذلك ترافق مع ارتفاع سعة الشحن بنسبة 0.6 في المائة، إذ أثّرت الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة والأزمة بين كوريا الجنوبية واليابان سلباً على المنطقة. ولا تزال الأوضاع المضطربة في مطار هونغ كونغ الدولي، وهو أكبر مركز لشحن البضائع في العالم، تؤثر على نشاط عمليات الشحن الجوي.
ومع ذلك، يعدّ تحسن العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة والنمو الاقتصادي القوي الذي تشهده القوة الاقتصادية الكبرى في المنطقة من التطورات الإيجابية.
وكشفت شركات الطيران الأوروبية عن انخفاض حجم الطلب على الشحن الجوي بنسبة 1.5 في المائة في أكتوبر، قياساً بالفترة ذاتها من العام الماضي، ما يعكس تحسناً واضحاً بالمقارنة مع الانخفاض الذي شهده شهر سبتمبر (أيلول) والذي بلغ 3.5 في المائة. وتعود زيادة الطلب كذلك على تجاوز النشاط الاقتصادي للمعدّل المتوقّع في الربع الثالث من العام الحالي ضمن عدد من الدول ذات الاقتصاد القوي. في حين ازدادت سعة الشحن بواقع 2.8 في المائة على أساس سنوي.
أما شركات الطيران في منطقة الشرق الأوسط فشهدت انخفاضا في أحجام الشحن الجوي بنسبة 6 في المائة، ليشكل ذلك الانخفاض الأكبر في الطلب على الشحن الجوي على مستوى كافة المناطق في شهر أكتوبر، علما بأن ذلك ترافق مع ارتفاع سعة الشحن بنسبة 0.9 في المائة، إلّا أن أحجام الشحن الجوي المعدّلة موسمياً عاودت النمو بشكلٍ طفيف، ما يشير إلى تطوّر إيجابي بالنسبة لشركات الشحن الجوي الكبرى في المنطقة، وذلك في ظلّ التحديات التشغيلية والصعوبات التي تواجهها هذه الشركات على المستوى الجغرافي والسياسي.
في حين، سجّلت شركات الطيران الأفريقية أسرع معدلات النمو على مستوى كافة المناطق خلال أكتوبر الماضي، مع زيادة في الطلب بلغت 12.6 في المائة قياساً بالفترة ذاتها من العام السابق، إذ ساهمت العلاقات التجارية والاستثمارية القوية مع آسيا في تحقيق هذا الأداء الإيجابي. وازدادت أحجام الشحن الجوي على المسارات الآسيوية - الأفريقية الأساسية بمعدّل 23 في المائة سنوياً.



«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)
رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)
TT

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)
رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

علا التصفيق في قاعة الجلسة العامة لمؤتمر «كوب 29»، في باكو، بعد إعلان الاتفاق على تمويل عالمي جديد بقيمة 300 مليار دولار سنوياً لمساعدة الدول الأكثر فقراً على التعامل مع آثار تغيُّر المناخ، رغم انتقادات الدول النامية التي رأت أنه غير كافٍ. وأشاد الرئيس الأميركي جو بايدن بالاتفاق «التاريخي» بوصفه «خطوة مهمة» في مكافحة الاحترار المناخي، متعهِّداً بأن تواصل بلاده عملها، رغم موقف خلفه، دونالد ترمب، المشكك في تغيّر المناخ.

وعندما قرعت مطرقة رئيس مؤتمر المناخ، مختار باباييف، للاتفاق الجديد، امتلأت القاعة بالتصفيق. وقام بعض المندوبين بتحية الاتفاق وقوفاً في قاعة الجلسة العامة لمؤتمر «كوب 29».

رئيس مؤتمر «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية (أ.ب)

الاتفاق الذي جاء بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة يهدف إلى توفير قوة دافعة للجهود الدولية الرامية إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري في عام من المتوقَّع أن يكون الأكثر حرارة على الإطلاق. ومن شأنه توفير 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035، مما يعزِّز التزام الدول الغنية السابق بتوفير 100 مليار دولار سنوياً لتمويل المناخ بحلول عام 2020. وسوف تذهب هذه المبالغ إلى البلدان النامية التي تحتاج إلى الأموال اللازمة للتكيف مع ظاهرة الاحتباس الحراري في المستقبل، ودفع ثمن الأضرار الناجمة عن الطقس المتطرف الناتج عن تغيُّر المناخ.

الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)

ورغم أن هذا المبلغ لا يقترب من المبلغ الكامل الذي طالبت به البلدان النامية (1.3 تريليون دولار)، فإنه يعادل 3 أمثال قيمة صفقة قيمتها 100 مليار دولار سنوياً من عام 2009، التي شارفت على الانتهاء.

ودعا الاتفاق الدول غير المتقدِّمة إلى تقديم مساهمات مالية لكن على أساس «طوعي»، وفق النص.

كذلك، يتضمن الاتفاق أمراً جديداً؛ إذ أصبح يمكن الآن احتساب التمويل المناخي الذي تساهم فيه البلدان غير المتقدمة عبر بنوك التنمية متعددة الأطراف، ضمن هدف الـ300 مليار دولار، وهو أمر لقي ترحيباً من الأوروبيين.

ضوء أخضر لائتمانات الكربون

توصَّلت الدول إلى اتفاق نهائي بشأن القواعد العامة لإطلاق أسواق تجارة الكربون، وذلك بعد ما يقرب من عقد من الزمان على اقتراحها لأول مرة. وسيسمح الاتفاق للدول والشركات بتداول أرصدة خفض انبعاثات الكربون لتعويض آثار الكربون.

وقال كيفن كونراد، رئيس وفد مجموعة من البلدان ذات الغابات الكثيفة، بما في ذلك بوليفيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية: «يمكن للأسواق المنظمة بشكل صحيح أن تصبح قوة من أجل الخير، وتبدأ في عكس إخفاقات السوق التي تسبب الدمار البيئي والجوي».

وقد أثارت ولادة السوق هتافات وتصفيقاً حاراً من قِبَل مفاوضي الأمم المتحدة في الجلسة الأولى من الجلسة العامة الأخيرة.

وستتمكن الدول والشركات من تداول الأرصدة التي من المفترَض أن تمثل طناً واحداً من ثاني أكسيد الكربون الذي تم توفيره أو إزالته من الغلاف الجوي، وذلك بموجب آليات تخضع لرقابة فضفاضة من قبل الأمم المتحدة ومصمَّمة لتجنب الحساب المزدوج لخفض الانبعاثات.

وجعل البلد المضيف أذربيجان من مسألة تجارة انبعاثات الكربون أولوية؛ حيث ضغطت بنجاح في اليوم الأول من القمة التي استمرَّت أسبوعين من أجل أن تتبنى الدول عنصراً أولياً من عناصر السوق العالمية.

ويضع الاتفاق الأساس لقمة المناخ العام المقبل، التي ستُعقَد في غابات الأمازون المطيرة في البرازيل؛ حيث من المفترض أن ترسم البلدان خريطة العقد المقبل من العمل المناخي.

صفقة في الاتجاه الصحيح

وقال بعض الوفود إن هذه الصفقة تسير في الاتجاه الصحيح، مع الأمل في تدفق المزيد من الأموال في المستقبل.

وأشاد الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سيمون ستيل، بالنتيجة باعتبارها بوليصة تأمين للإنسانية رغم المفاوضات الشاقة.

وقال: «كانت رحلة صعبة، لكننا توصلنا إلى اتفاق. وسوف يعمل هذا الاتفاق على استمرار نمو طفرة الطاقة النظيفة وحماية مليارات الأرواح. ولكن مثل أي بوليصة تأمين، فإنها لن تنجح إلا إذا تم دفع الأقساط بالكامل وفي الوقت المحدد».

الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ سيمون ستيل مصفقاً (أ.ب)

كما أشاد المفوض المسؤول عن مفاوضات المناخ، فوبكه هوكسترا، بـ«بداية حقبة جديدة» للتمويل المناخي. وقال: «عملنا بجدّ معكم جميعاً لضمان توفير مزيد من الأموال على الطاولة. نحن نضاعف هدف الـ100 مليار دولار 3 مرات، ونعتقد أن هذا الهدف طموح، وأنه ضروري وواقعي وقابل للتحقيق».

من ناحيته، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الاتفاق يشكل «أساساً» يمكن البناء عليه. وقال في بيان: «كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحاً من أجل التحدي الكبير الذي نواجهه»، داعياً «الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساساً لمواصلة البناء عليه».

ورحَّب وزير الطاقة البريطاني، إد ميليباند، بدوره في الاتفاق، واصفاً إياه بأنه «اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة من أجل المناخ»، وقال: «ليس هذا كل ما أردناه نحن أو الآخرون، لكنها خطوة إلى الأمام لنا جميعاً».

أما وزيرة الانتقال البيئي الفرنسية، أنييس بانييه روناشيه، فقد أعربت عن أسفها لأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أذربيجان «مخيب للآمال»، و«ليس على مستوى التحديات».

«المجموعة العربية»

أما ممثل السعودية (متحدثاً نيابة عن المجموعة العربية) توفيق البراء، فقال: «ترى (المجموعة العربية) أننا بحاجة إلى مزيد من التأكيد على المبادئ الأساسية في جهود التخفيف، كجزء من عملنا في إطار اتفاقية باريس واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ».

أضاف: «تشمل هذه المبادئ المساواة والمسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة، فضلاً عن الإصرار على أهمية أن تقود الدول النامية هذه الجهود على الصعيد العالمي». وتابع: «يتضمن هذا أيضاً الاعتراف بالمسارات المختلفة التي تعكس الظروف والقدرات المختلفة لكل دولة، فضلاً عن أهمية احترام سيادة كل دولة، وكذلك الطموح في المساهمات المحدَّدة على المستوى الوطني، التي تشكل المحور والعمود الفقري لـ(اتفاقية باريس)، لأنها تعكس طموحات وتطلعات وظروف كل دولة... نحن بحاجة إلى تمكين البلدان من تحديد مساراتها الخاصة».

وختم قائلاً: «يجب علينا أيضاً أن ندرك أن حلاً واحداً لا يمكن أن يحل جميع التحديات المختلفة التي نواجهها بشكل جماعي أثناء تقدمنا في رحلة التنمية الخاصة بنا».

بايدن: الاتفاق تاريخي

وصف الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، اتفاق «كوب 29» بأنه «نتيجة تاريخية أخرى»، مضيفاً أنه لا يمكن لأي أحد عكس التحول الجاري إلى الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة. وقال، في بيان أصدره الأحد، إن الاتفاق يُعدّ «هدفاً طموحاً» في مجال تمويل المناخ. وأضاف أن هذا الاتفاق سيساعد في جمع مستويات مختلفة من التمويل، وخلق أسواق للسيارات الكهربائية الأميركية ومنتجات أخرى صديقة للمناخ. وفي إشارة غير مباشرة إلى الرئيس المنتخَب دونالد ترمب، الذي تعهَّد بزيادة التنقيب عن النفط بمجرد توليه المنصب في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، قال بايدن: «بينما قد يسعى البعض إلى إنكار أو تأجيل ثورة الطاقة النظيفة الجارية في أميركا وحول العالم، فإنه لا أحد يمكنه عكسها - لا أحد».

الدول النامية تنتقد

في المقابل، أثار الاتفاق حالة من الإحباط لدى الدول النامية المستفيدة منه، ووصفته بأنه غير كافٍ على الإطلاق؛ فقد أعرب رئيس مفاوضي المجموعة الأفريقية، علي محمد، عن أسفه على الالتزام المالي «الضعيف جداً والمتأخر جداً» في هذا الاتفاق، وقال إن «الالتزام بحشد مزيد من التمويل بحلول عام 2035 ضعيف جداً ومتأخر جداً وغامض جداً لناحية تنفيذه».

وأضاف: «نغادر باكو، ونحن نعلم أننا أحرزنا تقدماً في بعض المجالات، ولكن ما حققناه بعيد عما كنا نأمله».

أحد الحضور يتفاعل خلال الجلسة العامة الختامية (أ.ب)

كما قال إيفانز نجيوا من ملاوي (الذي يرأس مجموعات البلدان الأقل نمواً) إن الاتفاق بشأن تمويل المناخ في باكو «ليس طموحاً بما فيه الكفاية». وأضاف في الجلسة العامة: «هذا الهدف ليس ما كنا نأمله بعد سنوات من المناقشات».

وقالت ممثلة الوفد الهندي شاندني راينا في الجلسة الختامية للقمة بعد دقائق من التوقيع على الاتفاق: «يؤسفني أن أقول إن هذه الوثيقة ليست أكثر من مجرد خداع بصري. وفي رأينا لن تعالج ضخامة التحدي الذي نواجهه جميعاً».

تشارك شاندني راينا من الهند في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (رويترز)

وكان من المقرَّر أن تنتهي مفاوضات «كوب 29» يوم الجمعة، لكنها استغرقت وقتاً إضافياً حيث كافح ممثلو ما يقرب من 200 دولة للتوصل إلى توافق في الآراء.

وانقطعت المحادثات، يوم السبت، حيث انسحبت بعض البلدان النامية والدول الجزرية في إحباط. وقالت تينا ستيغ، مبعوثة المناخ في جزر مارشال: «نغادر بجزء صغير من التمويل الذي تحتاج إليه البلدان المعرضة لتغير المناخ بشكل عاجل. إنه ليس كافياً على الإطلاق، لكنه بداية».