صندوق النقد يشيد بالإصلاحات الاقتصادية الصينية

 كريستالينا غيورغيفا، المدير العام لصندوق النقد الدولي
كريستالينا غيورغيفا، المدير العام لصندوق النقد الدولي
TT

صندوق النقد يشيد بالإصلاحات الاقتصادية الصينية

 كريستالينا غيورغيفا، المدير العام لصندوق النقد الدولي
كريستالينا غيورغيفا، المدير العام لصندوق النقد الدولي

قالت كريستالينا غيورغيفا، المدير العام لصندوق النقد الدولي، في مقابلة حديثة مع وكالة أنباء «شينخوا» الصينية، إن الصين أصبحت محركا رئيسيا لنمو الاقتصاد العالمي، وإن صحتها الاقتصادية لها أهمية عالمية. وأضافت غيورغيفا، التي قامت بأول زيارة لها للصين منذ توليها منصب المدير العام لصندوق النقد الدولي، الأسبوع الماضي، أن الاقتصاد العالمي على طريق تسجيل أقل نمو خلال العقد الماضي، وعلى الرغم من أن معدل نمو الصين يتباطأ، فما زال في النطاق المستهدف.
كما أشادت غيورغيفا بالتدابير التي اتخذتها الحكومة الصينية لدعم الاقتصاد، ومن بينها تقليل الضرائب والرسوم، وخصومات صغيرة لأسعار الفائدة، والإصلاح الهيكلي في جانب العرض، والتي ترى غيورغيفا أنها «جيدة للنمو الآن وللمنافسة أيضا في المستقبل».
وقالت مديرة صندوق النقد: «ما فعلته الصين هو بالضبط ما أوصى به صندوق النقد الدولي»، معربة عن ثقتها في تحول الصين من النمو الاقتصادي عالي السرعة إلى النمو عالي الجودة، ومن نمو يدفعه التصنيع إلى نمو يدعمه الاستهلاك وقطاع الخدمات.
ووقع صندوق النقد الدولي ولجنة تنظيم المصارف والتأمين الصينية، اتفاقية يوم الخميس الماضي حول التعاون الفني بينهما في دعم إصلاحات القطاع المالي الصيني. وقالت غيورغيفا إن الصندوق يتوقع المزيد من التعاون مع السلطات الصينية في الشؤون المالية، التي يمكن أن تكون خبرة الصندوق نافعة فيها.
وفيما يتعلق بإصلاحات الصندوق المستقبلية، قالت غيورغيفا إن إصلاحات الحصة والحوكمة سوف تستمر في المراجعة العامة السادسة عشرة التي ستبدأ العام المقبل وتنتهي في 2023.
وقررت المؤسسة الدولية التي تضم 189 عضوا، زيادة الحصص في 2010، وتم تطبيق هذا القرار في 2016، وتم تحويل نحو ستة في المائة من الحصص إلى الأسواق الناشئة، ومن بينها الصين والهند.
وقالت المديرة العامة لصندوق النقد التي ولدت في بلغاريا: «باعتباري أول مدير عام لصندوق النقد الدولي يأتي من سوق اقتصادية ناشئة، أشعر بشدة أنه يجب علينا توفير مساحة لصوت ومشاركة جميع الدول».
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خفضت المؤسسة العالمية التي مقرها واشنطن، توقعاتها للنمو العالمي في 2019 إلى ثلاثة في المائة، وهو أقل معدل منذ الأزمة المالية 2008، مشيرة إلى تزامن التباطؤ والتوقعات المستقبلية غير المستقرة.
وتوقعت منظمة التجارة العالمية أن تظل تجارة البضائع العالمية أقل من المعدل خلال الربع الأخير من هذا العام (2019) بسبب زيادة الرسوم الجمركية.
وقالت غيورغيفا إن «الاحتكاكات التجارية أثرت على الثقة. والشكوك هي أكبر عدو للاستثمار»، مشيرة إلى أنه إذا تم التعامل مع وجهات النظر المختلفة والاحتكاكات من خلال «مناقشات بناءة» سيتم استعادة ثقة الشركات. كما تحدثت عن التحديات التي تواجه العولمة، قائلة إن التغيرات السريعة التي تحدث في التكنولوجيا وسلاسل القيمة العالمية أضافت حالة من القلق. لهذا اضطرت حكومات ومنظمات، من بينها صندوق النقد، إلى إعطاء المزيد من الاهتمام للناس الذين يتركون في الخلف واتخاذ تدابير لتخفيف التأثير الاجتماعي. وأضافت غيورغيفا أن «هناك الكثير من التحديات التي لا تستطيع دولة مواجهتها بمفردها، ولهذا فإن الشعور بوجود مجتمع عالمي مهم للغاية».
وفي سياق ذي صلة، كشفت دراسة لمؤسسة «أويلر هيرميس» المتخصصة في مجال التأمين على الائتمان التجاري، أن التجارة العالمية في البضائع والخدمات، حققت نموا بنسبة 1.5 في المائة فقط في العام الحالي، وهو أدنى معدل نمو لها في السنوات العشر الماضية.
جاء ذلك وفقا لما أعلنه الفرع الألماني المملوك لمؤسسة «أويلر هيرميس» الدولية، في هامبورغ مساء الأحد. وتعتمد معدلات النمو على كمية البضائع المتداولة.
وعلى مستوى قيمة البضائع المتداولة، يتوقع الخبراء أن تسجل هذه القيمة بحلول نهاية العام الحالي تراجعا بنسبة 1.7 في المائة، ويُعْزَى هذا التراجع بالدرجة الأولى إلى الانخفاض القوي في أسعار المواد الخام.
وقد أدى ضعف التجارة العالمية في الصادرات إلى خسائر بقيمة وصلت إلى 420 مليار دولار، وأظهرت الدراسة أن الصين هي الخاسر الأكبر بـ67 مليار دولار، تلتها ألمانيا بـ62 مليار دولار.
ومن أجل إتاحة المقارنة بين أداء قطاع التصدير للدول المختلفة، فقد احتسب خبراء «أويلر هيرميس» قيمة الصادرات للدول المختلفة بالدولار الأميركي، وبما أن الدولار قد ارتفعت قيمته بصورة كبيرة خلال العام الحالي، فقد تراجعت نسبيا قيمة صادرات منطقة اليورو.
وإلى جانب ضعف النمو الاقتصادي، رأى الخبراء أن جزءا كبيرا من تراجع نمو التجارة العالمية يمكن أن يُعْزَى مباشرة إلى الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين والذي أدى إلى حدوث اضطرابات كبيرة وارتفاع للرسوم الجمركية.
وأوضحت الدراسة أن العام الحالي شهد إرساء 1291 عائقا تجاريا جديدا، وكان هذا العدد وصل في العام الماضي إلى مستوى قياسي عند 1382 عائقا.


مقالات ذات صلة

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

الاقتصاد نائبة البرلمان الفرنسي أميليا لكرافي (الشرق الأوسط)

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن إطار «رؤية 2030»، تتجه الأنظار نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين السعودية وفرنسا.

أسماء الغابري (جدة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)

تحسن نشاط القطاع الخاص اللبناني بعد وقف إطلاق النار

رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)
رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)
TT

تحسن نشاط القطاع الخاص اللبناني بعد وقف إطلاق النار

رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)
رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)

سجّل مؤشر مديري المشتريات الرئيسي الصادر عن بنك «لبنان والمهجر» التابع لـ«ستاندرد آند بورز» ارتفاعاً ملحوظاً في ديسمبر (كانون الأول) 2024، مسجلاً 48.8 نقطة، مما يعكس تحسناً واضحاً في الأوضاع الاقتصادية اللبنانية بعد انخفاض مؤشرات الإنتاج، والطلبيات الجديدة، وطلبيات التصدير في الشهر السابق.

كما شهدت الشركات اللبنانية تحسناً كبيراً في مستويات الثقة بمستقبل الأعمال إلى مستويات قياسية بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأظهرت المؤشرات الفرعية للمؤشر خلال الشهر الأخير من العام ارتفاعاً كبيراً، لا سيما في مؤشر الإنتاج المستقبلي. وقدمت الشركات المشاركة في المسح توقعات كانت الأكثر إيجابية في تاريخ المسح بشأن النشاط التجاري، مشيرةً إلى انتعاش النشاط التجاري خلال الاثني عشر شهراً المقبلة مدعومةً بوقف إطلاق النار.

في الوقت نفسه، أظهر المسح انخفاضاً في معدلات الانكماش في مؤشرات الإنتاج، والطلبيات الجديدة، وطلبيات التصدير الجديدة، مما يعكس تحسناً جزئياً في بعض القطاعات الفرعية في الاقتصاد اللبناني. كما استقر مؤشر التوظيف بشكل عام، ولم تسجل مستويات المخزون أي تغييرات ملحوظة.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات للشهر الثاني على التوالي من 48.1 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 إلى أعلى مستوى في ثمانية أشهر بواقع 48.8 نقطة في ديسمبر 2024. ومثَّلت هذه القراءة تعافياً لقراءة المؤشر من أدنى مستوى له في أربعة وأربعين شهراً في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وأشارت إلى أدنى تدهور في النشاط الاقتصادي لشركات القطاع الخاص اللبناني منذ أبريل (نيسان) 2024.

وأشارت بيانات المسح إلى انخفاض مستوى النشاط التجاري في شركات القطاع الخاص اللبناني، رغم أن معدل الانخفاض تراجع إلى أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2024. وتماشياً مع ذلك، سجل إجمالي الطلبيات الجديدة الانخفاض الأدنى في تسعة أشهر في الشهر الأخير من السنة. وفي كلتا الحالتين، تعد قراءتا هذين المؤشرين أعلى مما كانت عليه في أكتوبر من العام الماضي، بعد تصاعد الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل.

وتراجع معدل الانخفاض في طلبيات التصدير الجديدة بشكل حاد خلال فترة المسح الأخيرة، وكان معدل الانكماش الأدنى في عشرة أشهر. وأشار ذلك إلى انخفاض ملحوظ في معدل انكماش الأعمال الواردة من العملاء الدوليين.

وفي ضوء مؤشرات على تعافي ظروف المبيعات، قلَّصت شركات القطاع الخاص اللبناني من أنشطتها الشرائية بدرجة طفيفة في ديسمبر. وفي الواقع، لم يطرأ أي تغيير على مخزونات مستلزمات الإنتاج، مشيرةً إلى استقرار مستويات المخزون. وأشارت الأدلة المنقولة إلى تحسين بعض الشركات لمخزونها لتلبية الطلب المرتفع.

وشهدت أوضاع التوظيف في لبنان استقراراً خلال فترة المسح الأخيرة نظراً لعدم تسجيل أي تغيير في أعداد موظفي شركات القطاع الخاص اللبناني في ديسمبر. وفي المقابل، حافظت تكاليف الموظفين التي تتحملها الشركات اللبنانية على ثباتها. ورغم ذلك، أشارت البيانات الأخيرة إلى أن الضغوط على التكاليف كانت ناتجة عن ارتفاع أسعار الشراء. وأشار أعضاء اللجنة إلى زيادة أتعاب الموردين. ومع ذلك، كان معدل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الأدنى في ثلاثة أشهر.

ورفعت شركات القطاع الخاص اللبناني أسعار سلعها وخدماتها سعياً إلى تمرير أعباء النفقات التشغيلية المرتفعة إلى عملائها. وبما يتماشى مع اتجاه أسعار مستلزمات الإنتاج، تراجع معدل تضخم أسعار مستلزمات الإنتاج إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر.

وتعليقاً على نتائج مؤشر مديري المشتريات، قال حلمي مراد، محلل البحوث في بنك «لبنان والمهجر»: «من المثير للاهتمام أن الشركات المشاركة في المسح قدمت توقعات إيجابية بشأن النشاط التجاري خلال الاثني عشر شهراً المقبلة، حيث سجل مؤشر الإنتاج المستقبلي أعلى قراءة بواقع 61.8 نقطة. وربطت الشركات التوقعات الإيجابية باتفاق وقف إطلاق النار بين (حزب الله) وإسرائيل، فيما كانت الآمال أن الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 9 يناير (كانون الثاني) 2025 ستسفر عن اختيار رئيس جمهورية جديد أحد العوامل التي ساهمت في تقديم التوقعات الإيجابية».

وأضاف: «نأمل أن يتبع ذلك تشكيل حكومة جديدة لتنفيذ الإصلاحات الضرورية لجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية. ومن المشجع أيضاً أن تقرير البنك الدولي الأخير كشف عن أن خسائر النشاط الاقتصادي بسبب الحرب في لبنان، التي بلغت 4.2 مليار دولار، كانت أدنى من الخسائر المتوقعة سابقاً».